حمدى الجمل الحياة فى مصر متوقفة على طرح قانون الاستثمار الجديد، وربما الحياة السياسية المصرية ترواح مكانها بسبب هذا القانون، لأن قانون الاستثمار الجديد من المفترض ألا يكرر جرائم وخطايا الماضى، والتى تتجسد فى بيع مصر بالرخص المجانى فى سوق النخاسة. أصول مصر وثرواتها قدرت فى عام 1996 تقريبا بنحو 800 مليار جنيه حسب تصريحات الدكتور عاطف عبيد وزير قطاع الأعمال وقتها، لكن عند بيع هذه الأصول قامت الحكومة بالتخلص منها وليس بيعها ومثال ذلك شركة البراجيل البخارية وشركة موبينيل التى تم إهداؤها بالأمر المباشر لرجل الأعمال نجيب ساويرس وشركة إيديال إلى عائلة سلام، وبنك الإسكندرية إلى اليهود الإيطاليين والعيب فى قصة بيع بنك إسكندرية أن الدولة دفعت نحو 9 مليارات جنيه لتنظيف المحفظة الاستثمارية للبنك من الديون المعدومة والمشكوك فى تحصليها وباعت البنك بقيمة 11 مليار جنيه، مع الاحتفاظ بنحو 20٪ من أسهم البنك للعاملين مما يعنى أن الحكومة باعت البنك «ببلاش». وحتى لا ندفع فاتورة سبق أن دفعناها فى الماضى، فإنه ثمة معايير يجب أن تكون محددة وواضحة فى قانون الاستثمار الجديد الذى سيخرج إلى النور قبل المؤتمر الاقتصادى الذى سيعقد فى مارس المقبل. وإن كان المؤتمر الاقتصادى يعد طوق النجاة لكل مشاكل مصر الاقتصادية، ولن أبالغ إن قلت مشاكل مصر السياسية، لأن مشاكل مصر الاقتصادية أخذت أبعادا سياسية، فإن قانون الاستثمار هو روح هذا المؤتمر وإن لم يقنع القانون المستثمرين، فإن المؤتمر سيفشل ولن تأتى الاستثمارات إلى مصر. وحتى ينجح المؤتمر فإن القانون لابد أن يكون واضحا فى إزالة الالتباس القائم حول مفهوم الاستثمار فى مصر؟ والإجابة عن هذا السؤال هل الاستثمار فى مصر يعنى نهب ثروات البلاد والعباد والأجيال المقبلة، تحت مسمى الاقتصاد الحر؟ أم أن الاستثمار يعنى الحفاظ على مصالح الدولة والشعب مع التأكيد على حق المستثمر فى الربح والنمو. ولتلافى كل العوار فى القوانين السابقة، وكذا كل المشاكل لابد أن يفصل القانون على أن الأراضى المصرية لكل المستثمرين العرب والأجانب والمصريين، ستكون بحق الانتفاع ومقابل إيجار محدد يدفع سنويا بنسبة معينة يتفق عليها وفقا لآليات السوق، ولا يحق للمستثمرين التنازل عن هذه الأرض فى حال تعثر المشروع. أن ينص القانون على التزام المستثمر أو رجل الأعمال تدبير موارد الطاقة اللازمة له بعيدا عن الدولة وليس هناك دعم للطاقة لأن المستثمر سيبع منتجاته بالسعر العالمى فى مصر، لذا فمن الطبيعى أن يحصل على الطاقة بالسعر العالمى. أن ينص القانون بأنه فى حالة وجود خلافات أو مشاكل فإن المحاكم المصرية هى المسئولة وهى المختصة بالحكم فيها ولا يوجد ما يسمى التحكيم الدولى، لأن من يعمل فى مصر لابد وأن يتعامل وفقا للقوانين المصرية. أن يحدد القانون أوجه الاستثمار فى مصر بعيدا عن القطاع العام، حيث لن يسمح ببيع أى شركة من شركات القطاع العام تحت مسمى الخصخصة، كذلك حدد القانون المجالات التى يحظر فيها الاستثمار الأجنبى فى مصر، والصناعات الخاصة بالدولة المصرية. يحدد قانون الاستثمار الشكل الضريبى بوضوح مع تحديد قيمة الضرائب التصاعدية وشبه كل فئة وكل صناعة. أن تلتزم الدولة المصرية بتعهداتها وعند وجود خلل فى العقود يحاكم المسئول المصرى بعيدا عن المستثمر إلا إذا كان هناك ما يستوجب محاكمته. أن يكون معيار التنمية المستدامة هدفا حقيقيا ويلزم القانون كل المستثمرين بالحفاظ على البيئة، وأن تكون العقوبات واضحة ومحددة ورادعة. أن تقوم وزارة الاستثمار نيابة عن المستثمر بإنهاء كل الإجراءات الخاصة بالحصول على ترخيص مزاولة العمل مقابل مبلغ محدد، وأن تقوم وزارة الاستثمار بالتعامل مع كل المؤسسات والوزارات بدلا من المستثمر، وذلك بغية القضاء على الروتين والرشوة والفساد. هذه النصوص من شأنها أن تحد من المعوقات الحالية بغلق الفساد وتشجع المستثمرين وتضمن حقوق الدولة، إضافة إلى الاستفادة من جميع قوانين الاستثمار فى كل دول العالم وتمصير ما يخدم الاستثمار فى مصر.