لقد أصبح مفهوما علي نطاق واسع أن التليفونات المحمولة تطور الحياة الاقتصادية والاجتماعية في أفريقيا ولكن الشركات التي تقدر هذا التحول ليست معروفة بالقدر الكافي.. وعموما فإنه بعد موجة الصفقات التي تمت خلال الثمانية عشر شهرا الأخيرة صارت هناك في الشرق الأوسط وأفريقيا خمس شركات أكثر تميزا عن غيرها في مجال شبكات تشغيل التليفون المحمول. وقد تعلمت هذه القوي الاقليمية الخمس كيف تكسب مبالغ لا بأس بها من أفقر مناطق العالم. وتقول مجلة الإيكونوميست إن هذه الشركات تتسابق علي اجتذاب المشتركين وتنافس بعضها في هذا المجال بشراسة.. ومع ذلك يمكن القول بأن هذا التنافس سوف يثير في تلك الصناعة حركة اندماج ستكون لها اَثارها في المستقبل. وشركات التليفون المحمول الخمس الكبري في الشرق الأوسط وأفريقيا هي شركة MTN بجنوب أفريقيا وشركة MTC الكويتية وشركة أوراسكوم المصرية وشركة اتصالات الإماراتية وشركة فوداكوم وهي شركة بريطانية جنوب أفريقية مشتركة. ويري جون تيفيل خبير مكنزي أن عملية الاندماج المتوقعة سوف تسفر عن ثلاث أو أربع شركات كبري لتشغيل التليفون المحمول في أفريقيا والشرق الأوسط وستصبح الشركات الوطنية أمامها مجرد ذرات صغيرة. ويقول فوثيو مانهليكو رئيس شركة MTN جروب الجنوب أفريقية إن كل شركات تشغيل التليفون المحمول لديها طموح للعمل في مختلف أسواق المنطقتين وشركة MTN نفسها تعمل الاَن في 21 بلدا أفريقيا. ويقول مارك بيولز رئيس شركة ميلكوم إنترناشيونال التي تعمل في 17 بلدا ناميا تحت اسم تيجو إن المسألة واضحة فهناك نمو كبير في هذه الصناعة وربحية عالية وإيرادات نقدية مرتفعة وسوف يستمر هذا النمو في أسواق أفريقيا والشرق الأوسط لسنوات طويلة قادمة ولذلك فالمنافسة عاتية.. وحتي الاَن فإن حجم الإيرادات لشركات التليفون المحمول في هذا الاقليم يناهز ال 25 مليار دولار كل عام، أما معدل الزيادة في أعداد المشتركين فسوف يصل إلي 40% هذا العام ويتجاوز ال 100% في بعض بلدان أفريقيا والشرق الأوسط. أما الإيرادات فإنها تزيد بمعدل 20 50% سنويا وتصل هوامش الربح إلي نحو 40% وفي كثير من البلدان تعد شركات تشغيل التليفون المحمول من أكبر الشركات وأكثرها تمويلا لحصيلة الضرائب.. والأمر المدهش أن سوق الاقليم لا يزال سوقا شابا حيث إن من يقتنون التليفون المحمول فيه أقل من 15% من السكان حتي الاَن. وعموما فإن الشركات العاملة في أفريقيا والشرق الأوسط شركات محلية حيث إن الشركات الأجنبية الكبري إما لم تدخل الاقليم أصلا أو انسحبت منه بعد أزمة شركات الاتصالات عام 2001 وتركت المجال للشركات المحلية لتمرح فيه.. وفي الفترة الأخيرة دخلت الشركات الشرق أوسطية السوق الأفريقي علي موجة من البترودولارات أما الشركات الأوروبية فلا يوجد منها فيه سوي شركة ميلكوم من لكسمبورج وفوداكوم وهي شركة مشتركة بين فودافون البريطانية وتيلكوم الجنوب أفريقية. وتعد MTN كبري شركات تشغيل التليفون المحمول في أفريقيا بعد قيامها في مايو الماضي بشراء شركة انفستكوم وهي شركة تمتلك حصصا في العديد من شركات تشغيل التليفون في الشرق الأوسط، وتؤكد إدارة MTN أنها ستركز علي أسواق أفريقيا والشرق الأوسط حيث إن فرص النمو أكبر وأوسع.. أما شركة MTC فإنها تتوسع من الشرق الأوسط إلي أفريقيا.. وقد قامت الشركة في عام 2005 بشراء شركة سيلتيل التي تدير شبكات التليفون المحمول في شرق أفريقيا بوجه خاص ودفعت فيها 4.3 مليار دولار وبعدها اشترت MTC حصة في الشركة الوطنية النيجيرية وتجهز حاليا 4 مليارات دولار إضافية لإجراء المزيد من الاكتسابات. وحتي نوفمبر الماضي كانت فوداكوم ممنوعة بحكم اتفاقية إنشائها من التوسع شمال خط الاستواء ولكن بعد إسقاط هذا القيد اتجهت فوداكوم إلي التوسع في أسواق الجزائر ونيجيريا وغانا وأنجولا. وتقول الإيكونوميست إن شركة اتصالات الإماراتية تتوسع في غرب أفريقيا من خلال أتلانتيك تيلكوم التي اشترتها في ابريل ،2005 كما تتوسع في باكستان وأفغانستان ومصر حيث دفعت 8.2 مليار دولار كشريك في رخصة الشركة المصرية الثالثة للتليفون المحمول التي ستعمل قريبا. أما شركة أوراسكوم فقد انسحبت من 12 شركة أفريقية وتركز الاَن علي الأسواق المزدحمة بالسكان والشابة نسبيا.. وقد صارت لها عمليات في الشرق الأوسط وباكستان وبنجلاديش وتخطط للعمل في السعودية العام القادم، وللشركة استثمارات أخري في أوروبا خاصة في السوق الإيطالي. وقد بدأت شركات السعودية وقطر وعمان تدخل حلبة المنافسة علي أسواق أفريقيا والشرق الأوسط كما أن بعض شركات هذا الاقليم صارت لها اهتمامات بالاستثمار في أسواق جنوب وشرق أوروبا وينتظر أن تكون منافسا لا يمكن إهماله للشركات الأوروبية بسبب نموذج التشغيل منخفض التكاليف الذي تتبعه.