الاتحاد الأوروبي يعزز استثماراته في الطاقة الكهرومائية في آسيا الصغرى    عاجل- السيسي يدعو المستشار الألماني للمشاركة في احتفالية اتفاق غزة ويؤكد التزام مصر بخطة ترامب للسلام    الأمن العام اللبناني: تفكيك شبكة تعمل لصالح إسرائيل خططت لأعمال إرهابية من تفجيرات واغتيالات بالداخل    وكيل المخابرات المصرية السابق: إسرائيل فشلت فشلا ذريعا بمعرفة مكان شاليط    لامين يامال يهدد برشلونة بالرحيل إلى باريس سان جيرمان    إصابة شخص باختناق جراء حريق بمخزن خردة بنطاق حي غرب المنصورة    رفعت فياض يكتب: تزوير فاضح فى درجات القبول بجامعة بى سويف الأهلية قبول طلاب بالطب وطب الأسنان والآداب بالمخالفة حتى وصلوا للسنة الثالثة    سمير فرج يكشف عن خطة مكافحة «مرض الخنادق» في حرب أكتوبر    انتهاء اليوم الثالث من تلقي أوراق الترشح في انتخابات مجلس النواب 2025    سوريا: إلغاء الشيوخ الأمريكي قانون قيصر خطوة نحو تصويب العلاقات    مياه كفر الشيخ: انقطاع المياه لمدة 12 ساعة عن مركز ومدينة بلطيم اليوم    الحضرى يشيد بدور الرئيس السيسى فى إيقاف الحرب على غزة واتفاق شرم الشيخ    نائب محافظ المنيا يتفقد أعمال تطوير ميدان النيل ومجمع المواقف    نيابة العامرية تطلب تحريات العثور على جثة فتاة مقتولة وملقاة بالملاحات في الإسكندرية    الداخلية تكشف حقيقة فيديو "التحفظ على دراجة نارية دون سبب" بالجيزة    13 فيلما عالميا بمسابقة الأعمال الروائية الطويلة في مهرجان الجونة السينمائي    قصر ثقافة الطفل يحيي ذكرى انتصارات أكتوبر    إيهاب فهمى عن إيقاف الحرب على غزة بعد اتفاق شرم الشيخ: مبادرة ومباراة رائعة    وزير الصحة يوجه بتكثيف المرور الميداني ل12 محافظة لإتمام 28 مشروعا صحيا    اليوم العالمي للصحة النفسية.. هل نمنح عقولنا ما تستحقه من رعاية واهتمام؟    خبير قضايا الجرائم الإلكترونية: دليل سريع لتأمين الراوتر وكلمات المرور    مواهب مصرية في الملاعب الأوروبية تنضم للمنتخبات    الخارجية الفرنسية: علينا تقديم الدعم اللازم لاتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار بغزة    "سلامتك تهمنا".. حملة من «النقل» لمواجهة السلوكيات الخطرة على قضبان السكة الحديد    أكشن وأحداث غير متوقعة.. موعد وقنوات عرض مسلسل المؤسس أورهان الموسم الأول    كاتب "نهاية العالم" يحصد نوبل للآداب 2025|الهنغاري لاسلو كراسناهوركاي    برلماني: الرئيس السيسى صنع الفارق فى المنطقة    النقض تحدد 22 أكتوبر لنظر طعن مضيفة متهمة بقتل ابنتها على حكم سجنها 15 سنة    وكيل صحة القليوبية يتابع استعدادات التشغيل الكامل لمستشفى طوخ المركزي الجديدة    إقبال واسع على تقديم طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب بمحكمة جنوب القاهرة    الزمالك: ندرس ضم مدرب عام مصري لجهاز فيريرا    مكتب رعاية المصالح الإيرانية يهنئ المنتخب بتأهله لكأس العالم: إنجاز للأبطال المصريين    فرنسا: العنانى قاد بحملته الدقيقة تحديد رؤية دولية لدور يونسكو والإصلاحات اللازمة    أحمد عمر هاشم يستحضر مأساة غزة باحتفال الإسراء والمعراج الأخير    هالاند لاعب شهر سبتمبر في الدوري الإنجليزي    ياسر ريان: الرئيس السيسي عاملنا هيبة فى الخارج وموقفه تاريخى فى اتفاق شرم الشيخ    شيخ الأزهر والمفتى ووزير الأوقاف يعزون المهندس إبراهيم محلب فى وفاة شقيقته    الخبراء تطالب بحوار مجتمعي قبل فرض ضريبة على المشروبات الغازية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة الأقصر    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    مصر تستعد لتطبيق التوقيت الشتوي وبداية فصل الشتاء 2025    «الداخلية»: ضبط شخص اعتدى على زوجة شقيقه وحطم محتويات شقتها بالدقهلية    قرار جديد من الجمارك المصرية.. إعفاء لهاتف واحد فقط لكل مسافر كل 3 سنوات    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    إيرادات فيلم "فيها إيه يعني" تتجاوز ال30 مليون جنيه خلال 9 أيام عرض بالسينمات    الحسابات الفلكية تكشف أول أيام شهر رمضان المبارك لعام 1447 هجريًا    الطرح الجديد لوحدات «جنة» و«سكن مصر» 2025.. أسعار مميزة وأنظمة سداد مرنة للمواطنين    «الخريف موسم العدوى».. كيف تحمي نفسك من الفيروسات الهوائية؟ (فيديو)    شرط يمنع التقدم لحج القرعة هذا العام.. تعرف عليه    إعلام إسرائيلى: الحكومة ستجرى تصويتا هاتفيا على استبدال أسماء 10 أسرى فلسطينيين    إقبال ملحوظ في انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء القليوبية ببنها    لليوم الثالث.. استمرار تلقي أوراق طالبي الترشح لانتخابات مجلس النواب    تعرف على أسعار حديد التسليح في السوق اليوم الجمعة    الأهلي يجيب.. هل يعاني أشرف داري من إصابة مزمنة؟    ترامب يدعو إلى طرد إسبانيا من «الناتو»    أمطار لمدة 24 ساعة .. بيان مهم بشأن حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    انخفاض كبير في عيار 21 بالمصنعية.. مفاجأة ب أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة    وليد صلاح: عقدنا اجتماعا مع مانشيني.. وتوروب مناسب لكل معاييرنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شركات الاستشارات القانونية العالمية تواجه الأزمة
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 05 - 2009

يمكننا أن نلمح من خلال إحدى نوافذ المقر الأنيق لشركة ألين آند أوفرى فى سبيتالفيلدز شرق لندن مقبرة تحت الأرض تعود إلى العصور الوسطى، جرى ملؤها بآلاف الهياكل العظمية على مدى قرون. وتظل هذه المقبرة شاهدا على الموت الجماعى الذى قد يتخيله العاملون فى شركة «ماجيك سيركل» الرائدة فى مجال القانون، وهم فى طريقهم إلى العمل. فكما حدث فى العديد من شركات القانون المثيلة، قلصت «ماجيك سيركل» الوظائف بمعدلات لم تشهدها هذه الصناعة على مدى تاريخها. فإلى جانب صغار المحامين والإداريين، جرى التخلص من نحو 10% من الشركاء الذين يشتركون فى ملكية الشركة.
ويقر ديفيد مورلى أحد الشركاء الرئيسيين بأنه «تعد حدود تطبيق هذا النهج غير مسبوقة. لكننا نعيش لحظات غير مسبوقة فيما يتعلق بالوضع الاقتصادى. وتتفهم الأغلبية الساحقة من الشركاء أن الزمن قد تغير وأننا يجب أن نتغير معه».
وقد حطمت عملية الطرد الواسعة تلك ربما إلى الأبد صورة مهنة القانون التى كانت تعد مهنة مثالية بالنسبة للطبقة الوسطى، حيث تجمع بين ارتفاع الأجر والاستقرار فى العمل.
وقد ازدهر هذا النموذج خلال الانتعاش الطويل الذى شهده مجال الخدمات التمويلية، حينما كان المحامون يقومون بمهمة القابلة فى خدمة المصرفيين النشيطين من صناع الصفقات.
لكن شركات القانون القوية فى لندن ونيويورك، التى حققت أرباحا طائلة خلال سنوات الرخاء، تقوم حاليا بعملية غير مسبوقة، وغير متوقعة، من التخلص من المهنيين، نتيجة أزمة الائتمان. وأصبح الأمان الوظيفى، الذى يمثل أحد المعايير الأساسية التى تعتمد عليها الطبقات الوسطى التى تعمل فى مجالات القانون والمحاسبة والاستشارات، يذوى بسرعة أكبر كثيرا مما كان يتوقع الكثيرون. وفى مجال القانون، وجد الشركاء الذين عادة ما كانت تصل أرباحهم السنوية إلى مليون جنيه إسترلينى (1.5 مليون دولار 1.1 مليون يورو) فجأة أنفسهم بلا عمل، مثلهم بالضبط مثل المصرفيين الذين لم يتصوروا أن أسلوب حياتهم قد يتعرض لأخطار كبيرة.
وفى ظل هذا الوضع، شهدت مهنة القانون تحولا من كونها ملاذا ذا عوائد مريحة إلى نموذج أقرب إلى الشركات متعددة الجنسيات. وخلال العقد الماضى، تمتعت الشركات الرائدة بنجاح تجارى ساحق، عبر ربط ثرواتها بثروات مؤسسات التمويل التى قامت بالصفقات الكبرى فى فترة الرواج. وكانت تداعيات أزمة الائتمان هى أول اختبار يتعرض له ذلك النظام الذى بدا أنه يعمل جيدا خلال فترات الرواج، وهو ما جعل المحامين الذين مازالوا فى وظائفهم ينتظرون بعصبية كى يروا ما إذا كانوا قد راهنوا على المهنة الخاطئة.
ويقول ماتيو رودس المحامى السابق الذى يعمل الآن مديرا لموقع رول أون فرايدى الشهير الذى يستهدف المحامين: «يوجد شعور حقيقى بأنه لا يجب المخاطرة، فإذا كان لديك وظيفة، ابق كما أنت. فهل لديك خيارات أخرى»؟
ويجرى حاليا تطبيق برامج لتقليص الوظائف مثل التى طبقتها ألين آند أوفرى فى مناطق أخرى من العالم. ففى الولايات المتحدة، التى تعد سوق القانون الأكبر فى العالم، أُجبرت شركة هيلر إيهرمان فى سان فرانسيسكو، وثاتشر بروفيت آند وود التى مقرها نيويورك وتعمل منذ 160 عاما، على الإغلاق. وقد تضمنت الممارسات التى اتبعتها الشركات على جانبى الأطلنطى سلسلة من إجراءات تخفيض التكاليف، مثل تجميد الأجور وإرجاء تعيين المتدربين.
وكانت معدلات الحد من الوظائف كبيرة فى بريطانيا، التى تمثل موطن غالبية شركات القانون الأكبر والأكثر انتشارا على الصعيد الدولى، والتى لعبت دورا مركزيا فى التوسع الكبير الذى طال سيتى أوف لندن خلال سنوات رواج الائتمان. وتقع كليفورد تشانش ولينكليترز وألين آند أوفرى حاليا تحت رحمة عملية إعادة الهيكلة، التى قد تؤدى إلى التخلص من العديد من الشركاء وصغار المحامين. أما فريش فيلدز براكهاوس ديرينجر، التى تعد إحدى مكونات ماجيك سيركل، فهى لم تقم بعمليات فصل مؤخرا بالرغم من أنها قامت بتخفيض عدد شركائها بمقدار الخمس بين عامى 2006-2008. ومن بين الشركات الخمس المكونة لماجيك سيركل، يبدو أن سولتر أند ماى وحدها التى بخلاف الشركات المنافسة لها، لم تقم بتوسع كبير على الصعيد العالمي تجنبت تقليصا واسع النطاق للشراكة.
وكانت الصدمة عميقة بالنسبة للشركاء الذين أجبروا على الخروج. ويشير القائمون على عمليات التوظف إلى ارتفاع الطلب من جانب الشركاء السابقين الذين، كما يطرح كيفين كوبر من بالم ليجال انترناشيونال كونسلتينج، «وجدوا أنفسهم فى وضع لم يتخيلوه أبدا». ويصف كوبر الصدمة التى تعرض لها أحد الخبراء فى التوريق، الذى طُلب منه أنه يرحل عقب خمسة أعوام فقط من تحوله إلى شريك، قائلا : «لقد شعر بذل رهيب. كان يعتقد أن المرء بوسعه الاستقرار فى وظيفته منذ أن يصبح شريكا وهو فى بداية الثلاثينيات، إلى أن يصبح فى الخامسة والخمسين».
ومنذ زمن طويل، كان على العمال المفصولين الاعتياد على التعامل مع المشاعر، التى تمتد فقدان الثقة فى النفس إلى الشعور بخذلان الزملاء، والآن أصبح الشركاء الذين جرى التخلص منهم يحدثون أصدقاءهم والقائمين على التوظيف عن خبرات مثيلة. وتدفع بعض الشركات لهؤلاء الشركاء المفصولين فى مقابل الحصول على نصائح حول سوق الوظائف. وكما يطرح السيد كوبر: «لم يتصور أى من هؤلاء أنه يمكن أن يتعرض لحرج أن يمد يده متسائلا: هل لديك أى دور يمكن أن أقوم به»؟
لقد أقنط هذا الموقف الشركاء بعد سنوات حققت خلالها شركاتهم أرباحا كانت مثار حسد حتى الشركات المدرجة فى سوق المال. فقد ارتفع الربح السنوى الذى يحققه كل شريك فى لينكليترز، التى تعد واحدة من شركات التمويل القوية التابعة لماجيك سيركل، إلى أكثر من الضعف فى السنوات الأربع السابقة على 2008 من 674 ألف جنيه إسترلينى إلى 1.44 مليون جنيه إسترلينى. وإلى وقت قريب، حتى يونيو من العام الماضى، أعلنت منافستها فريش فيلدز أن أرباحها السنوية ارتفعت بمقدار 40%.
لكن دائما ما تخبئ زهور النجاح تلك سؤالا حول ما إذا كانت تحوى فى داخلها بذور دمارها. ويمارس صانعو الصفقات ضغطا فيزيقيا على المحامين، خاصة الصغار منهم، الذين يسعون لأن يصبحوا شركاء. وتتمثل الحقيقة البديهية فى أنه بمجرد أن يشرب المصرفيون فى بنوك الاستثمار نخب الانتهاء من صفقة، يبدأ المحامون عملهم المضنى، الذى يراه العملاء حقا لهم.
لكن، كما هو الحال مع الشركات فى مناطق العالم الأخرى، للمكاسب المرتفعة ثمن يتعين دفعه؛ ذلك أن شركات القانون التى تشبه النوادى فى طبيعتها تتجه بلا رحمة نحو المؤسسية. ويتحدث أحد الشركاء الذين تركوا فريش فيلدز فى 2006 عن تطوير ثقافة «سباق التسلح»، حيث يصبح السعى وراء الربح شرطا لا غنى عنه بين شراكات تخشى من أن يطيح بها المنافسون. ويضيف: «يوجد إحساس بأن الشركة أصبحت مختلفة تماما عن تلك التى كان الشركاء يعتقدون أنهم التحقوا بها».
وينتاب شركاء آخرون أحساسا عادة ما يكون غامضا بأن رواج السوق كان يكمن فيه عنصر غير صحى يتعلق بدرجة اعتماد الشركات الرائدة على النشاط التمويلى. وكانت البنوك والشركات التى واجهت صعوبات خلال الأزمة، من بين العملاء الأساسيين للأنشطة الرائدة التى قامت بها شركات القانون.
وكان طبيعيا أن يركز المحامون نشاط عملائهم على الأسواق غير المألوفة مثل المعاملات المالية المستقلة والأوراق المالية المضمونة بالأصول. وحتى فى ظل أوقات الرواج، أدى ذلك إلى شعور بعض الشركاء بالتوتر مما أبعد عددا قليلا منهم.
ويقول أحد الذين تركوا ماجيك سيركل إلى شركة أصغر العام الماضي: «لم تكن المسألة أنى شعرت ببدء المشاكل، لكنى شعرت منذ وقت طويل جدا بأننا نعتمد بدرجة مفرطة على عدد قليل جدا من العملاء».
لعل الأمر وثيق الصلة بذلك هو أن الثقافة الجديدة رفعت من حدة التوتر المتعلق بنظام توزيع المكافآت فى شركات القانون، الذى كان يتسم بالغرابة. وعلى خلاف نظام المكافآت الأمريكى القائم على أسلوب «كل كما يحلو لك» الذى يأخذ خلاله المحامون مكاسب الصفقات التى يقومون بها، اتبعت الشركات، التى تتخذ من بريطانيا مقرا رئيسيا لها، نظاما تصاعديا يقوم على الشرائح المغلقة، يصل خلاله الدخل إلى أقصاه بعد 15 أو 20 سنة من الشراكة.
لم يكن ذلك من قبيل تطبيق الأساليب الاشتراكية، لكنه حد من الفروق عبر خلق سقف، وحصر كافة مكاسب الشركاء فى فئات ضيقة نسبيا. وفى ظل هذا النظام، كان قادة شركات القانون، الشريك المدير والشريك من الدرجة الأولى، وهما بمعنى ما يمثلان المعادل للرئيس التنفيذى للشركة ورئيس الشركة لن يربحوا أكثر من أقرانهم ذوى الخبرات نفسها. وقد عزز ذلك من الإحساس بالشراكة باعتبارها ليست عملية هيراركية، حيث إن الرؤساء هم بمثابة الأول بين متساويين، ليسوا رؤساء بالمعنى السائد فى الشركات.
وبدأ هذا النظام يفقد جاذبيته، حيث ارتفع دخل الشريك بشكل هائل. وفجأة اتسعت فئات الدخل بطريقة دراماتيكية بالمقاييس المطلقة، وأصبح الشركاء من ذوى الدخول الأعلى يكسبون الملايين كل عام. فعلى سبيل المثال، كان الشريك صاحب الدخل الأعلى فى لينكليترز العام الماضى يتلقى 3.4 جنيه إسترلينى. وقد تكون هذه المكاسب أقل من تلك التى تقدمها بنوك الاستثمار، لكنها تتفق ومستوى ما يحصل عليه العديد من كبار التنفيذيين فى الشركات.
وكان ذلك يهدد بخلق توترات فى داخل الشراكات، والأهم من ذلك، بين صغار المحامين الذين يعملون لفترات طويلة لأجل التقدم فى سلم الدخل. وفى الوقت الذى اتجهت فيه الشركات إلى تقليص الشراكات، وجد المحامون العقد غير المكتوب، الذى يعدهم بنصيب فى الكعكة إذا عملوا بجد، يتمزق. ولم تكن مفاجأة أن العديد منهم وليس من فقدوا وظائفهم فحسب كانوا تعساء للغاية. وقد تلقى رول أون فرايدى العديد من الشكاوى من صغار المحامين الذين أشاروا إلى تنامى الفروق بين الدخول خاصة عندما يقوم المحامى الصغير بالقيام بالجهد الأساسى. وقد تذمر أحد هؤلاء المحامين إزاء قيام الشركة التى يعمل بها بدفع ملايين للشركاء الرئيسيين فى مقابل «لعب الجولف والتعارف».
ويقول معظم الشركاء الرئيسيين إن الغضب الراهن إزاء تقليص الوظائف ليس علامة على أن نظام الشراكة والافتراضات المرتبطة به قد ماتت، لكن الآراء تختلف حول كيفية تطوره.
وفى ألين آند أوفرى، يعد السيد مورلى، رئيس الشركة الذى التحق بها عام 1890 ويصف نفسه باعتباره ينتمى إلى خلفية «طبقة وسطى صلبة» واحدا من بين كثيرين يقرون بأن طبيعة الشراكة قد تغيرت. ويقول إن التغير هو انعكاس للزمن الراهن، ويشك فى أن المحامين الشبان والمنضمين الجدد سوف تردعهم هذه المشكلات. وعلى العكس، قد يجدون أنه من الأمور الإيجابية أن الشركاء «لا يجلسون هناك فحسب ويحتلون مقاعد قد يشغلونها هم فى النهاية».
ولم تعد شركات القانون تسكن فى بيوت لعظام الموتى، حيث يكون الطريق الوحيد المتاح للمحامى الصغير كى يصبح شريكا هو أن يلبس حذاء رجل ميت. ويقول السيد مورلى إن شركات القانون الكبرى مثل ألين آند أوفرى أصبحت «تتخذ نهجا أكثر ديناميكية وأكثر ميلا للتعامل مع المهنة بشكل تجارى. فما هو الخطأ فى ذلك»؟
تداعيات أزمة الائتمان
يبحث المحامون الغربيون عن عمل فى الشرق الأوسط وأفريقيا.
أدى انهيار صناعة التمويل الغربية بشركات القانون الرائدة إلى التكالب لإيجاد أماكن تجعل بالإمكان أن يجد العاملون لديها قدرا معقولا من العمل.
وأصبحت شركات القانون الكبرى فى الولايات المتحدة وبريطانيا، التى تسيطر على مهنة القانون فى العالم، تتركز فى مناطق أفضل مثل الشرق الأوسط وأفريقيا.
ويمثل التوسع المستهدف فى مناطق مختلفة من العالم المرحلة الأخيرة لكن غير المخططة التى تمر بها تلك الصناعة، التى ظلت إلى وقت قريب أكثر بطأ فيما يتعلق بالتدويل.
وتقول كاترين جريفيت، رئيسة تحرير مجلة «ذا لوير» البريطانية المتخصصة فى القانون: «إنهم يدرسون الخرائط وعليهم استخدام الخيال المتاح لديهم. وهم يعيدون ترتيبها مع مرور الوقت، ومن الممكن أن تنجح طريقة ما».
ويأتى هذا الرحيل بعد التراجع الحاد للأعمال القانونية المرتبطة بالشركات، الذى نتج عنه عمليات واسعة النطاق للتخلص من العمالة فى العديد من الشركات. ويقدم موقع ذا أمريكان لوير «قائمة للتسريح» يتم تجديدها بشكل مستمر، وتتضمن العديد من الشركات. وتشير المجلة إلى أن 10 شركات رائدة على الأقل سرحت 10% أو أكثر من العاملين لديها، وهو ما يمثل 1000 وظيفة.
وكما تلاحظ مجلة أمريكان لوير : «هذه الأيام يبدو أن المحن التى تواجه وول ستريت تتساوى مع خسائر شركات القانون».
ولا تعد الصورة أفضل كثيرا فى القارة الأوروبية، بما فى ذلك دول شرق ووسط أوروبا، حينما ضرب الركود فى مجال القانون العديد من العواصم، من مدريد وحتى برلين. فالشركات العالمية الكبرى التى لها وجود قوى فى منطقة اليورو، مثل فريش فيلدز براكهاوس ديرينجر، تنشر عشرات من المحامين المتخصصين فى الصفقات بين الشركات، فى مجالات أكثر حيوية مثل إعادة الهيكلة.
وأدى الاضطراب فى الأسواق الغربية والاضطراب المتزايد فى شرق أوروبا ووسط آسيا بشركات القانون الكبرى إلى القيام بعمليات فى مناطق أخرى من العالم. ويقول محاميو الشرق الأوسط إن تدفق شركات القانون ذات الوزن الثقيل والمتوسط الأمريكية والبريطانية أصبح مكثفا. ومؤخرا، فى مارس الماضى، نقلت كليفورد تشانس، أكبر شركة قانون فى العالم، اثنين من الشركاء يعملان فى مجال العقارات من لندن إلى الإمارات.
ويعد مثال الشرق الأوسط شيقا لأنه يبين كيف أصبحت شركات القانون أكثر قدرة على الابتكار وقد يعتبر البعض أنها أكثر يأسا فى البحث عن الصفقات وقت الركود. وتتحول دبى، التى تعد سوقا كبيرة فى حد ذاتها، حاليا إلى نقطة انطلاق إقليمية فى ظل المشكلات التى تواجه أنشطة العقارات والتجارة والاقتصاد القائم على السياحة بها. والآن، يتدفق المحامون الذين تطل نوافذ مكاتبهم على أوناش لا تتحرك ومشاريع إنشائية غير مكتملة، إلى مناطق مجاورة، تتدفق منها أموال النفط، وخاصة أبو ظبى والسعودية.
بينما لا يشك أحد فى وجود فرص تجارية حقيقية فى تلك المناطق، يثق المحامون بالدرجة نفسها فى أنه لن يكون متاحا لديهم قدر يكفى من العمل. ويبدو أن كل شريك رئيسى يعتقد بوجود عدد أكبر من اللازم من شركات القانون هناك، وأن شخصا ما سوف يقاسى، بالرغم من أن كل واحد من هؤلاء يثق بأنه لن يكون ذلك الشخص.
Michael Peel
FINANCIAL TIMES


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.