«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شركات الاستشارات القانونية العالمية تواجه الأزمة
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 05 - 2009

يمكننا أن نلمح من خلال إحدى نوافذ المقر الأنيق لشركة ألين آند أوفرى فى سبيتالفيلدز شرق لندن مقبرة تحت الأرض تعود إلى العصور الوسطى، جرى ملؤها بآلاف الهياكل العظمية على مدى قرون. وتظل هذه المقبرة شاهدا على الموت الجماعى الذى قد يتخيله العاملون فى شركة «ماجيك سيركل» الرائدة فى مجال القانون، وهم فى طريقهم إلى العمل. فكما حدث فى العديد من شركات القانون المثيلة، قلصت «ماجيك سيركل» الوظائف بمعدلات لم تشهدها هذه الصناعة على مدى تاريخها. فإلى جانب صغار المحامين والإداريين، جرى التخلص من نحو 10% من الشركاء الذين يشتركون فى ملكية الشركة.
ويقر ديفيد مورلى أحد الشركاء الرئيسيين بأنه «تعد حدود تطبيق هذا النهج غير مسبوقة. لكننا نعيش لحظات غير مسبوقة فيما يتعلق بالوضع الاقتصادى. وتتفهم الأغلبية الساحقة من الشركاء أن الزمن قد تغير وأننا يجب أن نتغير معه».
وقد حطمت عملية الطرد الواسعة تلك ربما إلى الأبد صورة مهنة القانون التى كانت تعد مهنة مثالية بالنسبة للطبقة الوسطى، حيث تجمع بين ارتفاع الأجر والاستقرار فى العمل.
وقد ازدهر هذا النموذج خلال الانتعاش الطويل الذى شهده مجال الخدمات التمويلية، حينما كان المحامون يقومون بمهمة القابلة فى خدمة المصرفيين النشيطين من صناع الصفقات.
لكن شركات القانون القوية فى لندن ونيويورك، التى حققت أرباحا طائلة خلال سنوات الرخاء، تقوم حاليا بعملية غير مسبوقة، وغير متوقعة، من التخلص من المهنيين، نتيجة أزمة الائتمان. وأصبح الأمان الوظيفى، الذى يمثل أحد المعايير الأساسية التى تعتمد عليها الطبقات الوسطى التى تعمل فى مجالات القانون والمحاسبة والاستشارات، يذوى بسرعة أكبر كثيرا مما كان يتوقع الكثيرون. وفى مجال القانون، وجد الشركاء الذين عادة ما كانت تصل أرباحهم السنوية إلى مليون جنيه إسترلينى (1.5 مليون دولار 1.1 مليون يورو) فجأة أنفسهم بلا عمل، مثلهم بالضبط مثل المصرفيين الذين لم يتصوروا أن أسلوب حياتهم قد يتعرض لأخطار كبيرة.
وفى ظل هذا الوضع، شهدت مهنة القانون تحولا من كونها ملاذا ذا عوائد مريحة إلى نموذج أقرب إلى الشركات متعددة الجنسيات. وخلال العقد الماضى، تمتعت الشركات الرائدة بنجاح تجارى ساحق، عبر ربط ثرواتها بثروات مؤسسات التمويل التى قامت بالصفقات الكبرى فى فترة الرواج. وكانت تداعيات أزمة الائتمان هى أول اختبار يتعرض له ذلك النظام الذى بدا أنه يعمل جيدا خلال فترات الرواج، وهو ما جعل المحامين الذين مازالوا فى وظائفهم ينتظرون بعصبية كى يروا ما إذا كانوا قد راهنوا على المهنة الخاطئة.
ويقول ماتيو رودس المحامى السابق الذى يعمل الآن مديرا لموقع رول أون فرايدى الشهير الذى يستهدف المحامين: «يوجد شعور حقيقى بأنه لا يجب المخاطرة، فإذا كان لديك وظيفة، ابق كما أنت. فهل لديك خيارات أخرى»؟
ويجرى حاليا تطبيق برامج لتقليص الوظائف مثل التى طبقتها ألين آند أوفرى فى مناطق أخرى من العالم. ففى الولايات المتحدة، التى تعد سوق القانون الأكبر فى العالم، أُجبرت شركة هيلر إيهرمان فى سان فرانسيسكو، وثاتشر بروفيت آند وود التى مقرها نيويورك وتعمل منذ 160 عاما، على الإغلاق. وقد تضمنت الممارسات التى اتبعتها الشركات على جانبى الأطلنطى سلسلة من إجراءات تخفيض التكاليف، مثل تجميد الأجور وإرجاء تعيين المتدربين.
وكانت معدلات الحد من الوظائف كبيرة فى بريطانيا، التى تمثل موطن غالبية شركات القانون الأكبر والأكثر انتشارا على الصعيد الدولى، والتى لعبت دورا مركزيا فى التوسع الكبير الذى طال سيتى أوف لندن خلال سنوات رواج الائتمان. وتقع كليفورد تشانش ولينكليترز وألين آند أوفرى حاليا تحت رحمة عملية إعادة الهيكلة، التى قد تؤدى إلى التخلص من العديد من الشركاء وصغار المحامين. أما فريش فيلدز براكهاوس ديرينجر، التى تعد إحدى مكونات ماجيك سيركل، فهى لم تقم بعمليات فصل مؤخرا بالرغم من أنها قامت بتخفيض عدد شركائها بمقدار الخمس بين عامى 2006-2008. ومن بين الشركات الخمس المكونة لماجيك سيركل، يبدو أن سولتر أند ماى وحدها التى بخلاف الشركات المنافسة لها، لم تقم بتوسع كبير على الصعيد العالمي تجنبت تقليصا واسع النطاق للشراكة.
وكانت الصدمة عميقة بالنسبة للشركاء الذين أجبروا على الخروج. ويشير القائمون على عمليات التوظف إلى ارتفاع الطلب من جانب الشركاء السابقين الذين، كما يطرح كيفين كوبر من بالم ليجال انترناشيونال كونسلتينج، «وجدوا أنفسهم فى وضع لم يتخيلوه أبدا». ويصف كوبر الصدمة التى تعرض لها أحد الخبراء فى التوريق، الذى طُلب منه أنه يرحل عقب خمسة أعوام فقط من تحوله إلى شريك، قائلا : «لقد شعر بذل رهيب. كان يعتقد أن المرء بوسعه الاستقرار فى وظيفته منذ أن يصبح شريكا وهو فى بداية الثلاثينيات، إلى أن يصبح فى الخامسة والخمسين».
ومنذ زمن طويل، كان على العمال المفصولين الاعتياد على التعامل مع المشاعر، التى تمتد فقدان الثقة فى النفس إلى الشعور بخذلان الزملاء، والآن أصبح الشركاء الذين جرى التخلص منهم يحدثون أصدقاءهم والقائمين على التوظيف عن خبرات مثيلة. وتدفع بعض الشركات لهؤلاء الشركاء المفصولين فى مقابل الحصول على نصائح حول سوق الوظائف. وكما يطرح السيد كوبر: «لم يتصور أى من هؤلاء أنه يمكن أن يتعرض لحرج أن يمد يده متسائلا: هل لديك أى دور يمكن أن أقوم به»؟
لقد أقنط هذا الموقف الشركاء بعد سنوات حققت خلالها شركاتهم أرباحا كانت مثار حسد حتى الشركات المدرجة فى سوق المال. فقد ارتفع الربح السنوى الذى يحققه كل شريك فى لينكليترز، التى تعد واحدة من شركات التمويل القوية التابعة لماجيك سيركل، إلى أكثر من الضعف فى السنوات الأربع السابقة على 2008 من 674 ألف جنيه إسترلينى إلى 1.44 مليون جنيه إسترلينى. وإلى وقت قريب، حتى يونيو من العام الماضى، أعلنت منافستها فريش فيلدز أن أرباحها السنوية ارتفعت بمقدار 40%.
لكن دائما ما تخبئ زهور النجاح تلك سؤالا حول ما إذا كانت تحوى فى داخلها بذور دمارها. ويمارس صانعو الصفقات ضغطا فيزيقيا على المحامين، خاصة الصغار منهم، الذين يسعون لأن يصبحوا شركاء. وتتمثل الحقيقة البديهية فى أنه بمجرد أن يشرب المصرفيون فى بنوك الاستثمار نخب الانتهاء من صفقة، يبدأ المحامون عملهم المضنى، الذى يراه العملاء حقا لهم.
لكن، كما هو الحال مع الشركات فى مناطق العالم الأخرى، للمكاسب المرتفعة ثمن يتعين دفعه؛ ذلك أن شركات القانون التى تشبه النوادى فى طبيعتها تتجه بلا رحمة نحو المؤسسية. ويتحدث أحد الشركاء الذين تركوا فريش فيلدز فى 2006 عن تطوير ثقافة «سباق التسلح»، حيث يصبح السعى وراء الربح شرطا لا غنى عنه بين شراكات تخشى من أن يطيح بها المنافسون. ويضيف: «يوجد إحساس بأن الشركة أصبحت مختلفة تماما عن تلك التى كان الشركاء يعتقدون أنهم التحقوا بها».
وينتاب شركاء آخرون أحساسا عادة ما يكون غامضا بأن رواج السوق كان يكمن فيه عنصر غير صحى يتعلق بدرجة اعتماد الشركات الرائدة على النشاط التمويلى. وكانت البنوك والشركات التى واجهت صعوبات خلال الأزمة، من بين العملاء الأساسيين للأنشطة الرائدة التى قامت بها شركات القانون.
وكان طبيعيا أن يركز المحامون نشاط عملائهم على الأسواق غير المألوفة مثل المعاملات المالية المستقلة والأوراق المالية المضمونة بالأصول. وحتى فى ظل أوقات الرواج، أدى ذلك إلى شعور بعض الشركاء بالتوتر مما أبعد عددا قليلا منهم.
ويقول أحد الذين تركوا ماجيك سيركل إلى شركة أصغر العام الماضي: «لم تكن المسألة أنى شعرت ببدء المشاكل، لكنى شعرت منذ وقت طويل جدا بأننا نعتمد بدرجة مفرطة على عدد قليل جدا من العملاء».
لعل الأمر وثيق الصلة بذلك هو أن الثقافة الجديدة رفعت من حدة التوتر المتعلق بنظام توزيع المكافآت فى شركات القانون، الذى كان يتسم بالغرابة. وعلى خلاف نظام المكافآت الأمريكى القائم على أسلوب «كل كما يحلو لك» الذى يأخذ خلاله المحامون مكاسب الصفقات التى يقومون بها، اتبعت الشركات، التى تتخذ من بريطانيا مقرا رئيسيا لها، نظاما تصاعديا يقوم على الشرائح المغلقة، يصل خلاله الدخل إلى أقصاه بعد 15 أو 20 سنة من الشراكة.
لم يكن ذلك من قبيل تطبيق الأساليب الاشتراكية، لكنه حد من الفروق عبر خلق سقف، وحصر كافة مكاسب الشركاء فى فئات ضيقة نسبيا. وفى ظل هذا النظام، كان قادة شركات القانون، الشريك المدير والشريك من الدرجة الأولى، وهما بمعنى ما يمثلان المعادل للرئيس التنفيذى للشركة ورئيس الشركة لن يربحوا أكثر من أقرانهم ذوى الخبرات نفسها. وقد عزز ذلك من الإحساس بالشراكة باعتبارها ليست عملية هيراركية، حيث إن الرؤساء هم بمثابة الأول بين متساويين، ليسوا رؤساء بالمعنى السائد فى الشركات.
وبدأ هذا النظام يفقد جاذبيته، حيث ارتفع دخل الشريك بشكل هائل. وفجأة اتسعت فئات الدخل بطريقة دراماتيكية بالمقاييس المطلقة، وأصبح الشركاء من ذوى الدخول الأعلى يكسبون الملايين كل عام. فعلى سبيل المثال، كان الشريك صاحب الدخل الأعلى فى لينكليترز العام الماضى يتلقى 3.4 جنيه إسترلينى. وقد تكون هذه المكاسب أقل من تلك التى تقدمها بنوك الاستثمار، لكنها تتفق ومستوى ما يحصل عليه العديد من كبار التنفيذيين فى الشركات.
وكان ذلك يهدد بخلق توترات فى داخل الشراكات، والأهم من ذلك، بين صغار المحامين الذين يعملون لفترات طويلة لأجل التقدم فى سلم الدخل. وفى الوقت الذى اتجهت فيه الشركات إلى تقليص الشراكات، وجد المحامون العقد غير المكتوب، الذى يعدهم بنصيب فى الكعكة إذا عملوا بجد، يتمزق. ولم تكن مفاجأة أن العديد منهم وليس من فقدوا وظائفهم فحسب كانوا تعساء للغاية. وقد تلقى رول أون فرايدى العديد من الشكاوى من صغار المحامين الذين أشاروا إلى تنامى الفروق بين الدخول خاصة عندما يقوم المحامى الصغير بالقيام بالجهد الأساسى. وقد تذمر أحد هؤلاء المحامين إزاء قيام الشركة التى يعمل بها بدفع ملايين للشركاء الرئيسيين فى مقابل «لعب الجولف والتعارف».
ويقول معظم الشركاء الرئيسيين إن الغضب الراهن إزاء تقليص الوظائف ليس علامة على أن نظام الشراكة والافتراضات المرتبطة به قد ماتت، لكن الآراء تختلف حول كيفية تطوره.
وفى ألين آند أوفرى، يعد السيد مورلى، رئيس الشركة الذى التحق بها عام 1890 ويصف نفسه باعتباره ينتمى إلى خلفية «طبقة وسطى صلبة» واحدا من بين كثيرين يقرون بأن طبيعة الشراكة قد تغيرت. ويقول إن التغير هو انعكاس للزمن الراهن، ويشك فى أن المحامين الشبان والمنضمين الجدد سوف تردعهم هذه المشكلات. وعلى العكس، قد يجدون أنه من الأمور الإيجابية أن الشركاء «لا يجلسون هناك فحسب ويحتلون مقاعد قد يشغلونها هم فى النهاية».
ولم تعد شركات القانون تسكن فى بيوت لعظام الموتى، حيث يكون الطريق الوحيد المتاح للمحامى الصغير كى يصبح شريكا هو أن يلبس حذاء رجل ميت. ويقول السيد مورلى إن شركات القانون الكبرى مثل ألين آند أوفرى أصبحت «تتخذ نهجا أكثر ديناميكية وأكثر ميلا للتعامل مع المهنة بشكل تجارى. فما هو الخطأ فى ذلك»؟
تداعيات أزمة الائتمان
يبحث المحامون الغربيون عن عمل فى الشرق الأوسط وأفريقيا.
أدى انهيار صناعة التمويل الغربية بشركات القانون الرائدة إلى التكالب لإيجاد أماكن تجعل بالإمكان أن يجد العاملون لديها قدرا معقولا من العمل.
وأصبحت شركات القانون الكبرى فى الولايات المتحدة وبريطانيا، التى تسيطر على مهنة القانون فى العالم، تتركز فى مناطق أفضل مثل الشرق الأوسط وأفريقيا.
ويمثل التوسع المستهدف فى مناطق مختلفة من العالم المرحلة الأخيرة لكن غير المخططة التى تمر بها تلك الصناعة، التى ظلت إلى وقت قريب أكثر بطأ فيما يتعلق بالتدويل.
وتقول كاترين جريفيت، رئيسة تحرير مجلة «ذا لوير» البريطانية المتخصصة فى القانون: «إنهم يدرسون الخرائط وعليهم استخدام الخيال المتاح لديهم. وهم يعيدون ترتيبها مع مرور الوقت، ومن الممكن أن تنجح طريقة ما».
ويأتى هذا الرحيل بعد التراجع الحاد للأعمال القانونية المرتبطة بالشركات، الذى نتج عنه عمليات واسعة النطاق للتخلص من العمالة فى العديد من الشركات. ويقدم موقع ذا أمريكان لوير «قائمة للتسريح» يتم تجديدها بشكل مستمر، وتتضمن العديد من الشركات. وتشير المجلة إلى أن 10 شركات رائدة على الأقل سرحت 10% أو أكثر من العاملين لديها، وهو ما يمثل 1000 وظيفة.
وكما تلاحظ مجلة أمريكان لوير : «هذه الأيام يبدو أن المحن التى تواجه وول ستريت تتساوى مع خسائر شركات القانون».
ولا تعد الصورة أفضل كثيرا فى القارة الأوروبية، بما فى ذلك دول شرق ووسط أوروبا، حينما ضرب الركود فى مجال القانون العديد من العواصم، من مدريد وحتى برلين. فالشركات العالمية الكبرى التى لها وجود قوى فى منطقة اليورو، مثل فريش فيلدز براكهاوس ديرينجر، تنشر عشرات من المحامين المتخصصين فى الصفقات بين الشركات، فى مجالات أكثر حيوية مثل إعادة الهيكلة.
وأدى الاضطراب فى الأسواق الغربية والاضطراب المتزايد فى شرق أوروبا ووسط آسيا بشركات القانون الكبرى إلى القيام بعمليات فى مناطق أخرى من العالم. ويقول محاميو الشرق الأوسط إن تدفق شركات القانون ذات الوزن الثقيل والمتوسط الأمريكية والبريطانية أصبح مكثفا. ومؤخرا، فى مارس الماضى، نقلت كليفورد تشانس، أكبر شركة قانون فى العالم، اثنين من الشركاء يعملان فى مجال العقارات من لندن إلى الإمارات.
ويعد مثال الشرق الأوسط شيقا لأنه يبين كيف أصبحت شركات القانون أكثر قدرة على الابتكار وقد يعتبر البعض أنها أكثر يأسا فى البحث عن الصفقات وقت الركود. وتتحول دبى، التى تعد سوقا كبيرة فى حد ذاتها، حاليا إلى نقطة انطلاق إقليمية فى ظل المشكلات التى تواجه أنشطة العقارات والتجارة والاقتصاد القائم على السياحة بها. والآن، يتدفق المحامون الذين تطل نوافذ مكاتبهم على أوناش لا تتحرك ومشاريع إنشائية غير مكتملة، إلى مناطق مجاورة، تتدفق منها أموال النفط، وخاصة أبو ظبى والسعودية.
بينما لا يشك أحد فى وجود فرص تجارية حقيقية فى تلك المناطق، يثق المحامون بالدرجة نفسها فى أنه لن يكون متاحا لديهم قدر يكفى من العمل. ويبدو أن كل شريك رئيسى يعتقد بوجود عدد أكبر من اللازم من شركات القانون هناك، وأن شخصا ما سوف يقاسى، بالرغم من أن كل واحد من هؤلاء يثق بأنه لن يكون ذلك الشخص.
Michael Peel
FINANCIAL TIMES


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.