بعد عشرات السنين تتزايد معاناة الفلسطينيين يومًا بعد يوم، حتى أصبح رصد الانتهاكات التى يرتكبها الاحتلال ضدهم بمثابة مهمة مستحيلة لكثرة الأحداث. ومنذ أيام أصدر المركز الفلسطينى لحقوق الإنسان تقريرًا حول الانتهاكات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة خلال أسبوع واحد (من 9 إلى 15 يوليو 2009) اقترفت خلاله قوات الاحتلال انتهاكات خطيرة ضد الفلسطينيين يرتقى العديد منها إلى «جرائم حرب وفقاً للقانون الدولى». وانتقد التقرير التقاعس الدولى ال»مخجل» الذى أسهم فى استمرار انتهاك حقوق المدنيين الفلسطينيين، عبر التخاذل عن القيام بأى تدابير فعالة تضمن احترام إسرائيل لقواعد القانون الدولى الإنسانى والقانون الدولى لحقوق الإنسان. ومن بين الانتهاكات التى رصدها التقرير، استخدام القوة لمواجهة الاحتجاجات السلمية ضد استمرار أعمال البناء فى جدار الفصل العنصرى، لتفريق المتظاهرين فى العديد من القرى الفلسطينية المحاذية للجدار، مما أسفر عن إصابة 5 متظاهرين فى قرية نعلين يوم الجمعة 10 يوليو، فضلاً عن إصابة العشرات بحالات اختناق جراء استنشاقهم الغاز الذى استخدمته القوات لتفريق المتظاهرين. واستمرت قوات الاحتلال فى اقتحام واعتقال الفلسطينيين بشكل يومى فى معظم محافظات الضفة، وخلال الفترة التى يغطيها التقرير، نفذت أكثر من 11عملية توغل اعتقلت خلالها 10فلسطينيين بينهم طفل. وفى قطاع غزة، نفذت قوات الاحتلال عمليتى توغل محدودتين فى بيت حانون، جرفت خلالها الأرض وسط إطلاق نار عشوائى باتجاه الأراضى الزراعية والمنازل السكنية. ورصد التقرير الإجراءات التى اتخذتها قوات الاحتلال لتهويد مدينة القدس، معتبرًا أن الانتهاكات تتزايد لدرجة غير مسبوقة بهدف طرد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين وتهجيرهم. وخلال الأسبوع الذى يغطيه هذا التقرير، جرفت قوات الاحتلال منزلين الأول فى حى الأشقرية، فى بلدة بيت حنينا، شمالى مدينة القدسالشرقية، والثانى فى حى واد حلوة، فى بلدة سلوان، جنوبى البلدة القديمة. يعود المنزل الأول لعائلة المواطن علاء شويكى، بينما يعود المنزل الثانى لعائلة المواطن جميل مسالمة، وهو منزل مقام منذ أكثر من 100 عام. كما جرفت سلطات الاحتلال أكثر من 300 قبر إسلامى فى مقبرة «مأمن الله» بالقرب من باب الخليل فى المدينة، وجمعت الهياكل العظمية من مختلف القبور ودفنتها فى قبر جماعى واحد فى سياق أعمال بلدية الاحتلال لتجريف المقبرة ومحو آثارها من أجل إقامة متحف إسرائيلى. وتعود الجثامين فيها إلى الجنود المسلمين الذين شاركوا فى جيش صلاح الدين الأيوبى إبان فتح بيت المقدس، وقبور لعلماء مسلمين دفنوا فيها على مر العصور. وفى قطاع غزة، استمر تدهور الأوضاع الإنسانية، والمعيشية والاقتصادية للسكان، خاصة مع ارتفاع حدة الفقر (80%) والبطالة (60%)، وفى ظل التوقف التام لجميع المرافق الاقتصادية الإنتاجية، بما فيها المرافق الصناعية والزراعية والخدمية. ورغم مرور 5 أشهر على انتهاء العدوان الإسرائيلى، ظلت الخدمات متدهورة بسبب استمرار تشديد الحصار الشامل. وتزداد الأوضاع الإنسانية تدهوراً مع استمرار حظر دخول أى مواد أولية خاصة بالبناء والإعمار. كما واصلت سلطات الاحتلال ملاحقة الصيادين ومنعهم من ممارسة مهنتهم عبر إطلاق القوات البحرية نيرانها عشوائيًا عليهم واعتقالهم. ولم تقتصر الانتهاكات على قطاع غزة، بل استمرت أيضا فى الضفة. ورغم الادعاءات الإسرائيلية بتخفيف القيود على حركة السكان المدنيين، وإزالة بعض الحواجز العسكرية، فإنها لاتزال تتحكم بحركتهم بشكل مطلق. كما تفرض قيودها التعسفية على مدينة القدسالمحتلة، وتمنع دخول المواطنين الفلسطينيين من سكان الضفة وغزة إليها إلا وفق تصاريح خاصة تصدرها، وعلى نطاق ضيق جداً، وفى حالات يحتاج أصحابها للعلاج فى مستشفيات المدينة. وحاليا يوجد 630 حاجزاً تعوق حركة الفلسطينيين، من ضمنهم 93 حاجزًا عسكريًا معززاً بالجنود، و537 حاجزاً مادياً بخلاف ما بين 60 و80 حاجزاً «طياراً» أو مؤقتاً تنصبها قوات الاحتلال فى أنحاء مختلفة من الضفة الغربية كل أسبوع. والأسوأ أن قرابة 65% من الطرق الرئيسية فى الضفة والتى تؤدى إلى 18 تجمعاً سكانياً فلسطينياً مغلقة أو مسيطر عليها من قبل الاحتلال، كما تحظر إسرائيل على الفلسطينيين استخدام ما مجموعه 500 كيلومتر من الطرق فى الضفة، ولا تسمح لهم بالوصول إلى نحو ثلث مساحة الضفة، بما فيها القدسالمحتلة، دون الحصول على تصاريح تصدرها قوات الاحتلال.