أسعار الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس 2025    انفجاران عنيفان يهزان صنعاء إثر قصف إسرائيلي استهدف محطة كهرباء    السعودية ترحب بقمة ألاسكا وتؤكد دعمها للحوار الدبلوماسي    الأرصاد تحذر من سقوط أمطار على هذه المدن    وفاة شاب صعقا بالكهرباء داخل منزله بالأقصر    طلاب الثانوية العامة يبدأون امتحان مادة اللغة الثانية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    قوات الاحتلال تُضرم النار في منزل غربي جنين    "محاولة التخلص منه وصدمة والدته".. 15 صورة وأبرز المعلومات عن عائلة محمود الخطيب    القافلة السادسة عشرة.. شاحنات المساعدات تتدفق من مصر إلى قطاع غزة    هل شعر بقرب الأجل؟.. منشور عن الغرق لتيمور تيمور يصدم محبيه: «كنت حاسسها وموت شهيد»    خالد الغندور يكشف ردًا مفاجئًا من ناصر ماهر بشأن مركزه في الزمالك    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم في مصر الأحد 17 أغسطس 2025 بعد خسارة 1.7% عالميًا    اليوم، البورصة المصرية تطلق رسميا أول تطبيق لها على الهواتف المحمولة    حياة كريمة.. 4 آبار مياه شرب تقضى على ضعفها بقرية الغريزات ونجوعها بسوهاج    السيسي يوجه بزيادة الإنفاق على الحماية الاجتماعية والصحة والتعليم    مشيرة إسماعيل تكشف كواليس تعاونها مع عادل إمام: «فنان ملتزم جدًا في عمله»    100 عام على ميلاد هدى سلطان ست الحسن    للتخلص من الملوثات التي لا تستطيع رؤيتها.. استشاري يوضح الطريق الصحيحة لتنظيف الأطعمة    صربيا تشتعل، متظاهرون يشعلون النار بالمباني الحكومية ومقر الحزب الحاكم في فالييفو (فيديو)    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 17 أغسطس 2025    مصرع سيدة وإصابة 9 آخرين فى حادث مرورى بين سيارة أجرة وتروسيكل بالإسكندرية    7 شهداء فى غارة على ساحة المستشفى المعمدانى بمدينة غزة    الأهلي يعلن تفاصيل إصابة محمد علي بن رمضان لاعب الفريق    10 صور لتصرف غريب من حسام عبد المجيد في مباراة الزمالك والمقاولون العرب    خروج يانيك فيريرا من مستشفى الدفاع الجوى بعد إجرائه بعض الفحوصات الطبية    وزير خارجية روسيا يبحث مع نظيريه التركي والمجري نتائج قمة ألاسكا    وكيل صحة سوهاج يصرف مكافأة تميز لطبيب وممرضة بوحدة طب الأسرة بروافع القصير    رويترز: المقترح الروسي يمنع أوكرانيا من الانضمام للناتو ويشترط اعتراف أمريكا بالسيادة على القرم    مصرع شابين وإصابة آخر في حادث انقلاب دراجة بخارية بأسوان    تدق ناقوس الخطر، دراسة تكشف تأثير تناول الباراسيتامول أثناء الحمل على الخلايا العصبية للأطفال    8 ورش فنية في مهرجان القاهرة التجريبي بينها فعاليات بالمحافظات    في تبادل إطلاق النيران.. مصرع تاجر مخدرات بقنا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب.. موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 والكليات والمعاهد المتاحة فور اعتمادها    منافسة بنكية ساخنة على رسوم تقسيط المشتريات تزامنًا مع فصل الصيف    «بأمان».. مبادرات وطنية لتوعية الأهالي بمخاطر استخدام الأطفال للإنترنت    رئيس جامعة المنيا يبحث التعاون الأكاديمي مع المستشار الثقافي لسفارة البحرين    الداخلية تكشف حقيقة مشاجرة أمام قرية سياحية بمطروح    لأول مرة بجامعة المنيا.. إصدار 20 شهادة معايرة للأجهزة الطبية بمستشفى الكبد والجهاز الهضمي    رئيس الأوبرا: واجهنا انتقادات لتقليص أيام مهرجان القلعة.. مش بأيدينا وسامحونا عن أي تقصير    المصرية للاتصالات تنجح في إنزال الكابل البحري "كورال بريدج" بطابا لأول مرة لربط مصر والأردن.. صور    تعليق مثير فليك بعد فوز برشلونة على مايوركا    نجم الزمالك السابق: سنندم على إهدار النقاط.. ومن المبكر الحكم على فيريرا    «أوحش من كدا إيه؟».. خالد الغندور يعلق على أداء الزمالك أمام المقاولون    مي عمر على البحر ونسرين طافش بفستان قصير.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    كيف تتعاملين مع الصحة النفسية للطفل ومواجهة مشكلاتها ؟    «زي النهارده».. وفاة البابا كيرلس الخامس 17 أغسطس 1927    "عربي مكسر".. بودكاست على تليفزيون اليوم السابع مع باسم فؤاد.. فيديو    يسري جبر يوضح ضوابط أكل الصيد في ضوء حديث النبي صلى الله عليه وسلم    عاوزه ألبس الحجاب ولكني مترددة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز إخراج الزكاة في بناء المساجد؟.. أمين الفتوى يجيب    حزن ودعوات| المئات يشيعون جثمان «شهيد العلم» في قنا    القائد العام للقوات المسلحة: المقاتل المصري أثبت جدارته لصون مقدرات الوطن وحماية حدوده    وزير الأوقاف: مسابقة "دولة التلاوة" لاكتشاف أصوات ذهبية تبهر العالم بتلاوة القرآن الكريم    الشيخ خالد الجندي: الإسلام دين شامل ينظم شؤون الدنيا والآخرة ولا يترك الإنسان للفوضى    الإصلاح والنهضة يواصل تلقي طلبات الترشح لعضوية مجلس النواب عبر استمارة إلكترونية    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحديث التجارة الداخلية المصرية

الإعلان أخيرا عن إطلاق وزارة التجارة والصناعة لبرنامج طموح لتحديث التجارة الداخلية علي امتداد الخريطة الجغرافية لمصر في جميع المحافظات‏ وليس فقط في القاهرة والإسكندرية. بل علي امتداد عواصم المحافظات والمدن التابعة لكل محافظة بشكل فكر عصري حضاري لتطوير وتحديث قطاع اقتصادي شديد الأهمية عاني كثيرا من التخلف والإهمال وخلال السنوات الأخيرة دخل في مواجهة تحديات كبيرة من خلال المراكز التجارية المنتشرة‏,‏ ومن خلال فروع الشركات العالمية التي يتنامي وجودها وانتشارها وتتوسع في سيطرتها يوما بعد يوم علي جزء حيوي من السوق ومعاملاتها ويرجع ذلك إلي ارتكازها علي قواعد عصرية وحديثة ليس فقط في أساليب عرض البضائع والسلع ولكن أيضا لاعتمادها نظم الإدارة الحديثة وأساليب التنظيم والتسويق المتطورة وقدرتها علي تخفيض التكاليف بكافة صورها وأشكالها بما يتيح لها الفرصة لأن تكون أكثر قدرة علي المنافسة سعريا وأكثر قدرة علي المنافسة من حيث تشكيلة السلع والبضائع المتنوعة والمتعددة وما تعنيه من قدرة أكثر وأفضل علي تلبية جانب كبير من احتياجات التسوق في مكان واحد بكل ما يؤدي إليه ذلك من سهولة ويسر في التسوق‏.‏
ويوضح المحاسب إبراهيم المغربي رئيس برنامج تحديث التجارة الداخلية بالغرفة التجارية للقاهرة أن البرنامج الذي يتبناه المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة لا يقتصر فقط علي مجرد الاهتمام بالشكل والديكور الداخلي والخارجي للمحلات التجارية‏,‏ ولا يستهدف فقط أساليب العرض وتطويرها‏,‏ ولكنه برنامج شامل ومتكامل يستهدف الارتقاء بكامل منظومة التجارة الداخلية المصرية بجميع مكوناتها وعناصرها من خلال منظومة شاملة للتحديث تهتم بالتجارة الداخلية في ذاتها وتهتم أيضا بالإطار العام المجتمعي والجغرافي والبيئي الذي تعمل من خلاله وتخدمه المحلات التجارية بما يحقق في النهاية تطويرا حضاريا وجماليا وإنسانيا لجميع المواقع والأماكن التي يشملها التحديث والتطوير‏,‏ مع الاهتمام في نفس الوقت بالابعاد التاريخية والأثرية للأسواق التجارية القديمة باعتبارها جزءا من التراث التجاري والحضاري للمدن المختلفة ولا يعني الحفاظ علي الطابع التاريخي والحضاري ترك الأمور علي حالها الراهن الذي يسوده العشوائية وعدم التنظيم وعدم الانضباط ولا تتوافر فيه الظروف الصحية والبيئية وظروف السلامة والأمان اللازمة لممارسة العمل والنشاط‏,‏ ولكنه يعني تحسينها بما يتوافق مع المعايير العصرية الحديثة والاشتراطات والمواصفات المتطورة‏.‏
ويشير إلي أن ذلك المفهوم الواسع لتحديث التجارة الداخلية تطلب منذ اللحظة الأولي إنشاء جهاز مستقل لتحديث التجارة الداخلية وفصل مهامه تماما عن جهاز تحديث الصناعة بحكم اختلاف آليات ومتطلبات التحديث في قطاع التجارة الداخلية عن الآليات والمتطلبات المطبقة في نطاق تحديث الصناعة وحتي يمكن ضمان الاستفادة من الإمكانيات والطاقات المتوافرة بالفعل‏,‏ وضمان إشراك مجتمع التجارة في المسئولية والتنفيذ لإعطاء دفعة قوية وسريعة للبرنامج‏,‏ فقد تقرر أن تتولي الغرف التجارية في كل محافظة المسئولية المباشرة للتعامل مع التجار‏,‏ في نطاق كل مشروع يتم تنفيذه‏,‏ وأن تكون الغرف التجارية هي همزة الوصل مع جهاز تحديث التجارة‏,‏ الداخلية كما تم الاتفاق علي أن يتم من خلال الاتفاق المشترك بين الغرف والجهاز تحديد أولويات التنفيذ والنطاق الجغرافي للتحديث مع إشراك المحليات والمسئولين بالمحافظة والمسئولين عن التنسيق الحضاري‏,‏ والجهات المختلفة التي تتولي عمليات التحديث للشوارع والأرصفة وتوفير أماكن الانتظار المطلوبة للسيارات وغيرها من الاحتياجات‏,‏ والمتطلبات في مناقشة مخطط تنفيذ التحديث‏,‏ وتوفير الاعتمادات والتمويل اللازم لخدمة هدف التطوير الجغرافي الشامل للمكان‏.‏
وحول توفير التمويل اللازم للتحديث بحكم ضخامته في ظل أهدافه الشاملة والمتكاملة يوضح المحاسب إبراهيم المغربي أن المشروع يتم تطبيقه في كل محافظات مصر في المدن الرئيسية كعينة اختبارية في أحد الشوارع التجارية المهمة وتتحمل وزارة التجارة والصناعة‏40%‏ من التكلفة الخاصة بالاعمال الاستشارية والفنية والبرامج التنفيذية وتتحمل الغرف التجارية‏40%‏ ويتحمل التجار‏20%‏ فقط من تكاليف الاستشارات الهندسية والفنية والبرامج التدريبية للتأهيل والتحديث والتطوير لنظم العمل وأساليبه في النطاق الخاص بالمحل التجاري‏,‏ ولتيسير توفير التمويل للتجار فقد عقد جهاز تحديث التجارة الداخلية اتفاقا مع الصندوق الاجتماعي للتنمية لتمويل تحديث واجهات المحلات بفائدة منخفضة تبلغ‏7%‏ متناقصة مع منح التجار فترة معقولة للسداد لتوفير وسيلة سهلة ومريحة لسداد فاتورة التحديث التي أصبحت هاجسا يؤرق كل تاجر يرغب في البقاء في السوق والمنافسة مع سلاسل المحلات التجارية الكبري والأسواق التجارية والأسماء العالمية المشهورة في عالم التجارة التي تغزو مدينة القاهرة ومدينة الإسكندرية بمعدلات سريعة ومتزايدة في جميع الأنشطة التجارية‏.‏
ويشير رئيس برنامج تحديث التجارة الداخلية بالقاهرة إلي أن الغرفة التجارية للقاهرة من خلال أكاديمية التجزئة التي انشئيت لتأهيل وتدريب ورفع كفاءة مجتمع التجارة ستقوم بدور حيوي في مساندة برنامج تحديث التجارة الداخلية يساهم في الإسراع بتطبيقه وتنفيذه حيث تتولي تدريب وتأهيل التجار والعاملين لديهم المشاركين في البرنامج وفقا لتوقيتاته الزمنية المحددة وقد تم بالفعل اختيار مشروع التحديث الأول بالقاهرة ليكون نطاقه شارع سليم الأول بحي الزيتون وحرصت اللجنة المسئولة ومجلس إدارة غرفة القاهرة علي تلقي مقترحات المستفيدين من المشروع وكذلك المقترحات الخاصة بالجوانب المكملة للمشروع في ضوء طبيعة القاهرة كمدينة تاريخية مما تطلب مشاركة جهاز التنسيق الحضاري لترميم بعض المباني التاريخية في هذه الشوارع وكذا محافظة القاهرة للمشاركة في تطور أرصفة الشوارع التي بها هذه المحلات‏,‏ حيث لا يصح أن تظل واجهات المحلات وأرصفة الشوارع مهلهلة ولها أكثر من منسوب في الارتفاع‏,‏ بل تطرق الأمر إلي اقتراحات بعمل اماكن لراحة لكبار السن ومراعاة المعاقين وكبائن للتليفونات وأماكن لانتظار السيارات‏.‏
ومع بدايات المشروع فإن لجان تحديث التجارة الداخلية تدرس حاليا اقتراحات مهمة يتم استكمال الدراسات اللازمة لها لتطوير بعض أسواق القاهرة التاريخية وأهمها سوق باب اللوق أول مول تجاري في مصر وكذا سوق العتبة‏,‏ وهي أسواق تحتاج إلي هيئة التنسيق الحضاري بالمشاركة مع محافظة القاهرة‏,‏ لأن إقامة وتشغيل الشوارع التجارية بما يتوافق مع مفهوم التحديث يتطلب تكلفة قد لا تكون في موازنات أجهزة الحكم المحلي لذلك تم اقتراح عمل مخطط عام لكل شارع يدخل برنامج التحديث من أجل تجميل وجه القاهرة التجاري مع اسناد إدارة هذه الشوارع من خلال الأحياء إلي شركات الدعاية والتسويق المتميزة لتنسيق أسلوب الإعلانات لتوفير التمويل اللازم للتطوير والتحديث‏.‏
الأصولية الرأسمالية وإجادة صناعة التفرقة العنصرية الاقتصادية
مع مجزرة الكيان الصهيوني علي قافلة الحرية التركية العالمية والحديث العالمي المكثف عن جرائم إبادة الجنس البشري في ظل ما تمارسه الدولة العبرية المارقة ضد الفلسطينيين العرب من ابادة جماعية وصولا الي التجويع والحصار المميت والقاتل لقطاع غزة وما استدعاه كل ذلك من أحاديث حول النظام العنصري البغيض في جنوب افريقيا وتكراره بتفصيلاته الدقيقة علي الفلسطينيين أصحاب الارض الأصليين من قبل سلطة احتلال غاشمة تجاهر بعدم احترام القانون الدولي والتعدي الدائم علي كافة قواعده مع كل تلك الأحاديث فإن الأزمة المالية العالمية الكارثية وتداعياتها وسقوط كافة النظريات العنصرية المقيتة المتعصبة التي صنعت نموذج الدولة العبرية المارقة ونظام جنوب افريقيا العنصري الأبيض طرحت علي سطح الأحداث معاناة الكثير من دول العالم من الابرتاهيد الاقتصادي في ظل الحقبة الماضية لسطوة الاصولية الرأسمالية علي مصير العالم ودوله وشعوبه لصالح القلة القليلة من الدول والشعوب التي استخدمت سلاح الاصولية الاقتصادية البشع والاجرامي لنهب الثروة العالمية وضمان السطوة والنفوذ‏.‏
وحول ملامح وابعاد وتطبيقات الابرتايد الاقتصادي وعدم فنائه والحرص علي بقائه وتكريسه بالرغم من سقوط الابرتايد السياسي في جنوب افريقيا وتحول الابرتايد الاقتصادي الي علامة مسجلة للسطوة والنفوذ المطلق والدائم حتي مع تغير لون الحاكمين من الأبيض للاسود وانتقال الحكم من شكل المستعمر الأبيض الي حكم أهل البلد الأصليين يوضح الخبير الاقتصادي المرموق شريف دلاور صاحب المساهمات الفكرية المهمة في نقد الأصولية العالمية ان تطبيقات الابرتاهيد الاقتصادي ونفوذه يظهر بوضوح من خلال تجربة جنوب افريقيا بعد الاستقلال ومن خلال البرنامج السياسي لقادة التحرر والاستقلال وما لحق به من تغييرات عاصفة علي أرض الواقع في التطبيق العملي ومجرد متابعة تاريخية بسيطة لأهم الأقوال والأحداث يمكن تفسير كل الأمور بدرجة عالية من الشفافية والوضوح بعيدا عن كل ضغوط الصخب الاعلامي والفكري العالمي المدروس والمخطط لخدمة عدم اكتشاف الحقيقة والعيش في ظلمات فقدان الوعي‏.‏
ولتكن بداية الرصد قبل اسبوعين من اطلاق سراحه في‏11‏ فبراير‏1990‏ بعد قضاء‏27‏ عاما في السجن حيث أكد نلسون مانديلا الزعيم التاريخي الوطني علي مبدأ حزبه المؤتمر الوطني الافريقي في برنامجه ميثاق الحرية علي أنه لاحرية بدون إعادة توزيع أي توزيع الثروة علي الأفارقة حيث أن نظام الابرتاهيد التمييز العنصري لم يكن مجرد نظام سياسي بل ايضا اقتصادي اتاح لنخبة صغيرة من البيض السيطرة علي مناجم افريقيا الجنوبية ومزارعها ومصانعها كنتيجة لمنع الأغلبية السوداء من حق امتلاك الأرض‏,‏ واليوم بعد سنوات طويلة من الاستقلال والتحرر فإن شعب جنوب افريقيا له حق التصويت وله الحقوق المدنية وله الأغلبية في الحكم ورغم ذلك فعلي الصعيد الاقتصادي فاقت جنوب افريقيا دول العالم كأكثر المجتمعات غير العادلة في توزيع الثروة‏!‏ كيف حدث ذلك؟ لقد اعتمدت حكومة لوكليرك العنصرية البيضاء في الفترة الانتقالية برنامجا للإصلاح الهيكلي مع صندوق النقد والبنك الدولي معتمدا علي مبادئ توافق واشنطن الذي يعد روشتة اليمين المحافظ والاصولية الرأسمالية للاصلاح الاقتصادي مدعية لمانديلا ورفاقه بأن الموضوعات الاقتصادية هي شأن فني بحت وأعطيت استقلالية كاملة للبنك المركزي عن باقي الحكومة مما قيد حركة حزب المؤتمر الوطني الافريقي عندما تولي السلطة فيما بعد بالوفاء بوعوده المذكورة في ميثاق الحرية وهو الأمر الذي دفع باتريك بوند مستشار مانديلا الاقتصادي في السنوات الأولي لحكم الحزب المؤتمر الي القول بأننا تولينا الدولة ولكن أين السلطة؟‏!‏ فأحلام ميثاق الحرية لتوزيع الأرض صارت مستحيلة حيث أضيف في اللحظة الأخيرة من المفاوضات بند ينص في الدستور الجديد علي حماية الملكية الخاصة بكل أشكالها وأصبح معه الاصلاح الزراعي المأمول من المستحيلات‏,‏ ورغبة الحكومة الجديدة في فرض قيود علي النقد لمنع المضاربة اصطدمت باتفاق ال‏850‏ مليون دولار الذي أبرمته الحكومة البيضاء مع صندوق النقد‏,‏ وحتي هدف رفع حد الأجر الأدني لسد فجوة التمييز العنصري غير ممكن لتعارضه مع اتفاقية صندوق النقد بالحد من الأجور‏,‏ وبرنامج ايجاد فرص عمل لملايين العاطلين لم ير النور كنتيجة لإغلاق مئات المصانع طبقا للاتفاقية مع الجات التي تمنع الدعم عن المصانع والتي سبق ان اعتمدت عليه ونفس الشيء بالنسبة لمرض الايدز واسع الانتشار الذي واجه حماية حقوق الملكية الفكرية للعلامات التجارية لكبري الشركات الدوائية العالمية هي تعني ان تكاليف العلاج باهظة وفوق قدرة الحكومة والاشخاص علي تدبير الأموال ورغم كل ذلك وبالاضافة الي الحجم الكبير للدين الخارجي والمحلي الذي ورثته الحكومة عن حكومة التمييز العنصري والذي تآكلت معه الموازنة العامة للدولة فإن السنوات الأولي لحكم حزب المؤتمر شاهدت انفاقا عاما لبناء مائة الف وحدة سكنية للفقراء وادخال الماء والكهرباء وخطوط التليفون لملايين المنازل غير انه تحت تأثير الدين الموروث وبضغط من المؤسسات الدولية لخصخصة تلك الخدمات اجبرت الحكومة علي رفع الأسعار وزيادة معاناة الفقراء الذين هم الغالبية العظمي من المواطنين‏,‏ وأنه وبعد عقد كامل من حكم الأغلبية فإن المياه والكهرباء انقطعت مرة اخري عن ملايين السود لعدم قدرتهم علي دفع الفواتير في عام‏2004‏ علي سبيل المثال فإن‏40%‏ من الخطوط التليفونية الجديدة قطع عنها الاتصال‏,‏ وأما بالنسبة للبنوك والمناجم والصناعات الاحتكارية التي وعد مانديلا بتأميمها فمازالت تحت السيطرة الحاكمة لأربع شركات قابضة كبري يمتلكها البيض والتي تسيطر ايضا علي‏80%‏ من بورصة جوهانسبرج‏,‏ ففي عام‏2005‏ لم يكن لنصيب السود غير‏4%‏ من الشركات المسجلة في البورصة‏,‏ وكما ان‏70%‏ من الارض في‏2006‏ يحتكرها البيض والذين يمثلون قرابة‏10%‏ من السكان فقط وسقطت وعود إعادة توزيع الثروة في مستنقع الوهم‏.‏
ومنذ عام‏1990‏ وحتي اليوم فإن متوسط عمر المواطن في جنوب افريقيا انخفض ب‏13‏ سنة‏!‏ ولقد لعب مبيكي الذي تولي الرئاسة بعد مانديلا وقبل الرئيس الحالي زوما دورا مهما في اقناع مانديلا وحزب المؤتمر بتبني أفكار توافق واشنطن ومدرسة شيكاغو الاصولية في تحرير كامل للاقتصاد وقطع العلاقات نهائيا مع ميثاق الحرية وهو الميثاق الذي أعطي الشرعية لحزب المؤتمر الوطني الافريقي وقياداته‏,‏ وأعلن مبيكي عن خطته الاقتصادية في عام‏1996‏ وهي الخطة التي فشلت تماما في جذب الاستثمار وانتهت بخفض حاد للعملة الوطنية‏.‏
وتستمر حتي اليوم عمليات نهب خزائن جنوب افريقيا المستمرة حتي الان في ظل قيود الموروث من الماضي الذي يجبر الحاضر علي ان يكون‏40%‏ من مدفوعات الدين الحكومي تذهب للمعاشات السخية لموظفي الحكومات البيضاء اثناء الحكم العنصري‏,‏ وارتفع خلال حكم حزب الأغلبية السوداء عدد الفقراء أقل من دولار واحد يوميا من‏2‏ مليون في‏1994‏ الي‏4‏ ملايين في‏2006,‏ ونسبة البطالة بين السود من‏23%‏ في‏1991‏ الي‏48%‏ في‏2002‏ ومن تعداد‏35‏ مليون مواطن اسود فإن‏5000‏ منهم فقط تفوق ايراداتهم السنوية‏60‏ الف دولار‏,‏ وفقد‏2‏ مليون مواطن اسود منازلهم ومليون تم تسريحهم من عملهم في المزارع‏,‏ ويعيش‏50%‏ من المواطنين في العشوائيات نصفها بدون ماء وكهرباء‏!‏ ولا غرابة اذن في انتشار الجريمة والفساد الاخلاقي ولا غرابة ايضا الطنطنة في دوائر عالم الرأسمالية الأصولية حول التجربة الفريدة للديمقراطية في هذا البلد؟‏!‏
وتتواصل حلقات الابرتاهيد الاقتصادي من خلال نموذج العراق ويشير خبير الاقتصاد الدولي شريف دولار الي ان ثلاث كلمات كانت وراء الغزو الأمريكي للعراق‏:‏ البترول اسرائيل شركة هاليبرتن لقد أدرك المحافظون الجدد انه لا يمكن عمليا احتلال العالم العربي كله ولكن يمكن علي غرار ما حدث في تشيلي في السبعينيات وروسيا في التسعينيات تطبيق التجربة الأصولية في بلد واحد يصلح كعامل حفاز لبقية الدول المجاورة‏,‏ وتلك هي النقطة المحورية في نظرية النموذج‏ModelTheory‏ فبعد ثمانية أيام فقط في انتهاء الغزو واحتلال العراق أعلن الرئيس بوش خطته لإقامة خلال عشر سنوات منطقة حرة بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط‏,‏ وكلفت ليز تشيني ابنة نائب الرئيس ديك تشيني بالاشراف علي هذا المشروع لسابق خبرتها في روسيا‏.‏
ولقد شاهد احتلال العراق العودة للتقنيات الأولي للسوق الحرة المنفلتة‏,‏ فتم سرقة‏80%‏ من أصل‏17000‏ قطعة أثرية في المتحف الوطني العراقي‏,‏ تعبر عن ذاكرة ثقافة وتاريخ الأمة لآلاف من السنين‏,‏ وأغرقت البلد بسيل من السلع الاستهلاكية الرخيصة المستوردة وبالأغذية المعلبة‏,‏ وكانت مهمة بريمر حاكم العراق المدني انشاء الشركة العراقية‏,‏ فقام بإصدار أوامره بخصخصة‏200‏ شركة عامة كانت توفر للشعب العراقي مستلزماته من الأسمنت والورق الي زيت الطعام وسن قوانين جديدة للسماح للأجانب بشراء هذه المصانع بجانب مؤسسات التوزيع ايضا‏,‏ وحق الأجانب في تملك‏100%‏ من الاصول العراقية وتحويل‏100%‏ من الارباح للخارج علاوة علي تخفيض الضرائب علي ارباح الشركات من قرابة‏45%‏ الي‏15%‏ وكما سمح للاجانب بالتأجير وحق الانتفاع لمدة‏40‏ سنة قابلة للتجديد‏,‏ غير انه لم يسمح بخصخصة قطاع البترول الذي بقي تحت السيطرة المباشرة لسلطة الاحتلال تصرف كيف ما تشاء من ايراداته السنوية التي تبلغ‏20‏ مليار دولار‏!‏ وخلال شهور قليلة تم التعاقد مع بنك‏HSBC‏ لفتح فروع في جميع انحاء العراق‏,‏ وافتتحت محلات ماكدونالد في بغداد‏,‏ وتولت‏C‏ ي‏t‏ي‏group‏ توفير قروض للشركات بضمان مبيعات العراق المستقبلية في البترول وتعاقدت شركات شل وأكسون موبيل و‏BP‏ علي تدريب العراقيين في مجال استخراج البترول‏,‏ فلم تذهب أموال العراق لبناء مصانع وايجاد فرص عمل حتي العمالة تم استيرادها من الخارج ولم تسهم‏17‏ شركة اسمنت قطاع عام في اعادة الاعمار والتي كانت تقوم بتشغيل الاف العراقيين لان اوامر بريمير صدرت بعدم تمويل اية شركة قطاع عام الي حين خصخصتها‏,‏ وكما قام بريمر بتسريح نصف مليون عراقي من أعمالهم بينهم الاطباء والمهندسون والمدرسون والجنود بحجة انتمائهم البعثي‏,‏ وقام بالتعاقد مع شركة هالبرتن ب‏20‏ مليار دولار لتوريد الوقود لكل العراق‏,‏ وتم تمرير عقود دون اي سند لشركات كارلايل وبكتل وبارسونز وبلاك ووتر‏,‏ حققت من خلالها ارباحا خيالية لا مثيل لنسبتها من دول العالم اجمع‏,‏ ومقابل‏140‏ الف جندي امريكي وصل عدد المقاولين الاجانب الي‏120‏ الف أي قرابة مقاول اجنبي لكل جندي احتلال طبقا للاسوشيتدبريس وكل هؤلاء المقاولين قاموا بتشغيل عشرات الالاف من الأجانب ولم يشترك غير‏1500‏ عراقي فقط في عملية اعادة الاعمار اثناء ثلاث سنوات ونصف السنة هذه مدة حكم بريمر وكان الفساد هو الطابع المسيطر علي كل عقود المقاولة فلقد كشف جهاز المحاسبات الامريكي في نهاية مدة بريمر عن‏87‏ حالة من التدليس في عقود الشركات الامريكية بالعراق‏!‏
‏***‏
نتيجة منطقية ومعروفة للابرتاهيد الاقتصادي والاصولية الرأسمالية تكشف عنها كل التطبيقات لكارثة‏..‏ لا استثمار‏,‏ لا مساءله مع فيض من الأموال المنهوبة المهربة للخارج علاوة علي فساد وطائفية وتطرف ديني وارهاب فرق الموت‏:‏ هذه هي حصيلة عراق بوش وتشيني وبريمر‏,‏ وهي الخاتمة المنطقية للأصولية الرأسمالية للمحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية والبنتاجون في ذلك الوقت‏.‏؟‏!‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.