1 بدلا من المقدمات أقر وأعترف أن هذه الورقة عندي منذ يونيو الماضي. بالتحديد 24 يونيو الماضي. وقد نحيتها جانباً لاعتبارات كثيرة. اجتماع لم نعرف عنه أي شئ. بل وطلب من الحاضرين اعتباره اجتماعاً سرياً. ما قيمة نشر الورقة علي الناس؟ والخروج بها إلي العلن؟ ألا يعد ذلك تطفلاً علي الأمر؟ تغير الموقف بعد أن بدأت الكتابة عن الاجتماع. كالعادة كانت هناك معلومات كثيرة غير دقيقة. وجدت العذر لأصحابها لأن الأمر لم يتم في العلن كما تعودنا في العمل العام في مصر. ولذلك اتخذت قراري بالخروج عن الصمت ونشر النص الكامل للورقة. ليس بهدف فتح الحوار حولها. فهذا أمر يقوم به أصحاب الورقة. ولكن احتراماً لحق القراء - والمثقف في المقدمة منهم - في معرفة ما يجري. خصوصاً عندما يتصل الأمر بمستقبل الثقافة في مصر. وهو العنوان الذي اختاره طه حسين عنواناً لكتابه: «الوثيقة». الصادر سنة 1938، فمستقبل الثقافة يمكن ترجمته إلي مستقبل جماعة المثقفين في مصر الآن. وقد دهشت من المجتمعين بسبب هذه الشجاعة النادرة. فمن يملك الكلام الآن عن مستقبل مصر. الذي لا تلخصه سوي كلمة واحدة: «المجهول». الذي يوشك أن يبتلع كل ما هو معلوم في حياتنا. أليست جرأة؟ هذا نص الورقة التي كان عنوانها: «مستقبل الثقافة في مصر وتحته مباشرة: ورقة نقاش». وفي أعلي الصفحة شعار الحزب الوطني الديمقراطي. وتحته مكتوب: «الحزب الوطني الديمقراطي». الأمانة العامة. أمانة السياسات. أولا:مقدمة أكد الحزب الوطني في مبادئه الأساسية علي أهمية المكون الثقافي في عملية التنمية، وأن خطط الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي لا يمكن أن تتحقق بالشكل المأمول إلا في وجود منظومة من القيم الدافعة للتنمية. كما أكد انحياز الحزب لقيم الديمقراطية التي ترفض التطرف وتتبني الاعتدال، وتلتزم بمبدأ المواطنة كأساس للمساواة التامة بين جميع المصريين بغض النظر عن الدين أو العقيدة أو الأصل أو الجنس. ويؤمن الحزب بأهمية دور الدولة في رعاية الثقافة، وتوفير البيئة الملائمة للإبداع، وتحديث البنية الثقافية بما يرسخ منظومة من القيم الثقافية الدافعة للتقدم والنهضة، ومواجهة التيارات الداعية للجمود والتعصب والانغلاق. كما يؤمن الحزب بأن دور مصر الثقافي يمثل أحد عناصر قوتها الشاملة، وأن التأثير الثقافي لمصر يتجاوز حدودها الجغرافية، وأن مصر تتمتع بمزية نسبية تتعلق بالقدرات الإبداعية لأبنائها التي أفرزت منتجات ثقافية متميزة في مجالات الفكر والأدب والفن بأشكاله المتعددة. وأكد الحزب أهمية تنمية دور مصر الثقافي واستعادة الريادة الثقافية المصرية في المجالات المختلفة. وتبني الحزب وحكومته عدداً من السياسات التي استهدفت تحقيق المزيد من التنمية الثقافية في العديد من المجالات منها الحفاظ علي الوثائق العامة باعتبارها جزءاً من الحفاظ علي تاريخ وتراث الأمة. وقد قامت حكومة الحزب بتطوير دار الوثائق القومية وإنشاء عدة مراكز لترميم الوثائق والمخطوطات. وفي مجال الكتاب؛ تم زيادة إصدارات هيئات النشر الحكومية، وترجمة العديد من أهم الكتب من وإلي اللغة العربية، والتوسع في إقامة معارض الكتاب بالمحافظات، والمشاركة في المعارض الدولية. كما تم تبني مشروع القراءة للجميع ومكتبة الأسرة، والذي أدي إلي تطوير آلاف المكتبات المدرسية، وتأسيس المكتبات العامة ومكتبات الطفل بالمحافظات، والمكتبات النموذجية بالقري والمناطق المحرومة والنائية، بالإضافة إلي إعادة إحياء الإبداعات المصرية وإعادة نشر أهم المؤلفات وتسهيل وصولها للقارئ بتكلفة محدودة. وقد زاد عدد العناوين التي أصدرتها مكتبة الأسرة علي 2300 عنوان، صدر منها ما يقرب من خمسين مليون نسخة كتاب. بتكلفة وصلت إلي 110 ملايين جنيه في أربعة عشر عاماً. وفي مجال السينما؛ تم تحديث عدد من الاستوديوهات وترميم دور العرض السينمائي وزيادة عدد قاعات العرض، والاهتمام بتوزيع الأفلام بالخارج وفتح منافذ جديدة للتوزيع، وتخفيض ضريبة الملاهي علي تذاكر السينما لتصل إلي 5% فقط بعد أن كانت 20%، ودعم الإنتاج السينمائي الجاد والمتميز. ومع كل ما سبق، يظل هناك المزيد الذي يأمل الحزب في تحقيقه. 3 ثانيا:التحديات لا تزال الثقافة المصرية تواجه العديد من التحديات التي تحتاج التعامل معها، ومنها غلبة أُحادية النظرة في رؤية عدد من القضايا الخلافية، وإقحام الدين فيما لا علاقة له به، وانفجار عصر الفتاوي العشوائية. كما تشمل تلك التحديات سعي البعض إلي اختزال الهوية في بعد واحد دون الاعتراف بأن الأبعاد الأخري لها تأثيرها ومكانتها، فقد أصبحت المجتمعات كلها متعددة الهوية، وإن غلبت عليها صبغة ما، وتطورت هذه الحقيقة للتعددية الجديدة إلي إيجاد مناخ ثقافي ثري في هذه المجتمعات. هناك أيضاً التحديات المتعلقة بالحاجة إلي فهم جديد للتراث القديم وتطويره لمواكبة العصر الذي نعيش فيه، والحاجة إلي المزيد من الاهتمام بالثقافة العلمية المعاصرة التي أصبحت المقياس الحقيقي لحيوية الثقافات، وتفعيل الإمكانيات الهائلة المتوافرة في أجيال الشباب لضمان الدخول بالمجتمع المصري وبثقافته العامة إلي أبواب المستقبل. إن الأوضاع الراهنة للثقافة في مصر تتطلب بدورها رؤية لإصلاح ثقافي شامل، واستنهاض القوي الكامنة في المجتمع المصري بصورة تتلاءم مع روح العصر، وإطلاق الإبداع المصري، ومعالجة المشاكل التي تواجه عدداً من مجالات التنمية الثقافية في مصر، ونذكر منها: الكتاب، والسينما، والمسرح، والأغنية، والوثائق والثورة الرقمية. 1- الكتاب: تجابه صناعة النشر في مصر مشكلات عديدة، من بينها؛ وجود الكثير من هيئات ودور للنشر تعيش علي ميراث قديم، أو تقتات علي نشر الكتاب الجامعي، أو تستغل حفنة مما تبقي من أسماء عربية لامعة في عالم الكتابة دون أن تخرج أجيالاً جديدة. وتواجه هذه الصناعة تحدياً كبيراً يتعلق بالثورة الرقمية وعالم التواصل الإلكتروني، والذي يحتاج إلي صياغة نموذج تجاري وتسويقي جديد، وتطوير الإطار القانوني للملكية الفكرية بما يواكب هذه المعطيات الإلكترونية. وتواجه صناعة الكتاب والنشر في مصر العديد من التحديات الأخري من أجل تعظيم قدراتها التنافسية واستعادة أسواقها التصديرية، ومنها الأعباء الجمركية والضريبية علي مستلزمات إنتاج الكتاب، والتشريعات المنظمة لحركة تصدير الكتاب، والتحديات المرتبطة بسياسات توزيع الكتاب وعدم وجود كيانات مكتملة القدرات للقيام بهذا الدور بما يضمن وصول الكتاب لكل ربوع مصر، وعدم التحديد الواضح لدور الدولة ودور القطاع الخاص بما يحقق التكامل بينهما. كما تشمل تلك التحديات الحاجة لتعظيم دور المؤسسات الثقافية في دعم المبادرة وتشجيع الموهبة واكتشاف القدرات الإبداعية وتبنيها، والحاجة لتعظيم سبل الاستفادة من البنية التحتية المتوافرة لدي المؤسسات القومية والحكومية الكبري كنواة لتحقيق طفرة تنقل صناعة النشر إلي آفاق جديدة للمنافسة. 2 - السينما: تواجه صناعة السينما المصرية عدداً من التحديات، أهمها عدم مواكبتها الجديد في تكنولوجيا الإنتاج السينمائي، وصعوبة التمويل خاصة مع التكلفة العالية للأفلام الجيدة، وقلة عدد دور العرض في مصر بما لا يسمح بضمان التوزيع الجيد للفيلم المصري، فضلاً عن سيطرة القنوات التليفزيونية العربية علي بث الأفلام عليها. كما تشمل تلك التحديات ندرة الأفلام التاريخية، والتي تعد وسيلة مهمة لتعريف الجماهير العريضة بتاريخها أو تراثها، والحاجة لتطوير المعهد العالي للسينما والأرشيف القومي للسينما. يضاف إلي ذلك التحديات المتعلقة بالسياسات الضريبية والجمركية لهذه الصناعة، وتحديات تسويق الفيلم المصري في الخارج، وحقوق الملكية، فضلاً عن ضرورة إطلاق الخيال والإبداع لتقديم إنتاج سينمائي مختلف. 3 - المسرح: يمر المسرح المصري بعدد من التحديات أهمها: اختفاء الفرق المسرحية الجادة، وضعف المسرح الجامعي، وتركز المسارح في القاهرة ومحدودية عددها في الإسكندرية وشبه غيابها في مختلف أقاليم ومدن وقري مصر خاصة في الصعيد، وغلبة الإنتاج المسرحي التجاري الذي ينزع نحو نشر أفكار تتسم بالسطحية، والهبوط بالذوق العام، مع ضعف وجود مسرح منافس جاد يناقش قضايا المجتمع، خاصة مع تراجع مستوي الكتابة المسرحية وعزوف عدد كبير من الأدباء عن طرق الأدب المسرحي. 4 - الأغنية: اشتهرت مصر بأغانيها ومطربيها ومطرباتها، واحتضنت المواهب الغنائية العربية، ولكن الأغنية في مصر الآن تعاني من تحديات متعددة الأبعاد، أهمها أزمة في النص الغنائي تحول الأغنية إلي صناعة تخاطب قطاعات معينة من الجمهور وفق ما يعتبره البعض مطلب السوق، بعيداً عن الرغبة في صناعة أغنية تقوم علي نص جيد، وتأثير بعيد المدي، وواكب ذلك الكثير من التراجع في الوعي الفني، وانخفاض في معدلات الذوق الموسيقي. يضاف إلي ذلك التحديات المرتبطة بالملكية الفكرية وسرقة الكثير من الأغاني من جانب مواقع الإنترنت التي تقوم ببثها، وانتشار النسخ المقلدة للأعمال الغنائية، وهو ما يؤثر سلباً في منتج العمل الغنائي وكاتب النص والمطرب أو المطربة. 5 - الوثائق: يُعد الحفاظ علي الوثائق العامة والرسمية للدولة جزءاً من الحفاظ علي تاريخ وتراث الأمة. ويواجه هذا المجال عدداً من التحديات المهمة التي تتعلق بالحفاظ علي الوثائق وتداولها، أهمها الحاجة لوضع رؤية لمنهج التوثيق علي المستوي الوطني، ومراجعة وتطوير التشريعات والقرارات المتعلقة بالمحافظة علي الوثائق بهدف تطوير القواعد المتعلقة بجميع الوثائق وتنظيمها وحفظها وإدارتها وتيسير الاطلاع عليها. 6 - الثورة الرقمية: نعيش اليوم في ظل ثورة تكنولوجية في الاتصالات والمعلومات، قوامها الثورة الرقمية بكل ما تتضمنه من سرعة، وتوحيد القالب والتواصل وكفاءة الإنتاج وسهولة النسخ والتوزيع والتخزين. ويطرح هذا الأمر بعض التحديات مثل النشر الإلكتروني، والقرصنة الفكرية. ولكنه في الوقت نفسه يقدم العديد من الفرص التي تتيح استخدام الثورة الرقمية في توثيق التراث، ودعم الثقافة التفاعلية، وتنمية الثقافات المحلية، وتقوية التعددية الثقافية، والتواصل الثقافي مع الأجيال الشابة. 4 ثالثا:الإصلاح الثقافي فى مصر :البناء المتكامل إن الهدف الرئيسي للإصلاح الثقافي هو استعادة الحيوية الثقافية المصرية في كل ميادين الثقافة. وهناك العديد من المقترحات لتحقيق ذلك. ومن المهم صياغتها في إطار مشروع متكامل للنهوض بالثقافة المصرية المعاصرة. ومن هذه المقترحات ما طرحه الحزب في مؤتمره السنوي الأخير من سياسات للنهوض بصناعة النشر والكتاب وصناعة السينما والحفاظ علي الوثائق ومن أهمها تشجيع المبادرات الفردية ومبادرات القطاع الخاص للإسهام في النهوض بصناعة النشر وتصدير الكتاب، وتوفير الحماية الكاملة للكتاب المصري في الداخل والخارج، وتنشيط حركة تسويق الكتاب داخلياً وخارجياً، ووضع رؤية واضحة لسبل الانطلاق في مجالات النشر الإلكتروني، وتفعيل مبادرات الترجمة من وإلي العربية، وتزويد المكتبات المدرسية والجامعية والمكتبات العامة بأحدث الإصدارات. وفي مجال النهوض بالسينما، طرح الحزب عدداً من السياسات منها دعم تمويل إنتاج الأفلام ذات الجودة الفنية العالية، وتحديث الأستوديوهات والمعامل، وتشجيع شباب السينمائيين وتبني تجاربهم السينمائية، وتقديم التسهيلات لإنشاء دور عرض جديدة وخاصة في الأقاليم والمدن العمرانية الجديدة، وفي المراكز التجارية التي تنشأ بالأقاليم، وفتح أسواق خارجية للفيلم المصري، وتوفير الحماية الكاملة للفيلم المصري في الداخل والخارج، وتقديم التسهيلات اللازمة لبعثات تصوير الأفلام الأجنبية في مصر. كما تبني الحزب عدداً من السياسات لدعم الحفاظ علي الوثائق منها تشكيل لجنة قومية لتحديد استراتيجية للحفاظ علي الوثائق العامة، وتحديد الجهات المشاركة في هذا المشروع الوطني واختصاصاتها، والمعايير والإجراءات المتعلقة بعمليات الحفاظ والتوثيق، ومراجعة الإطار التشريعي المنظم للحفاظ علي الوثائق القومية، وتطوير هذا الإطار بشكل يتضمن تعريفاً واضحاً للوثيقة، وإلزام الجهات بحفظ الوثائق وفقاً لنظام علمي محدد، ووضع القواعد المنظمة للاطلاع علي الوثائق. ويمكن إضافة عدد من المقترحات الأخري، ومنها علي سبيل المثال إعادة هيكلة مهرجان القراءة للجميع، وإقامة بوابة مصر الثقافية علي شبكة الإنترنت، وإعادة كتابة تاريخ مصر من عصور ما قبل التاريخ حتي الآن، وإقامة مسابقات في جميع مجالات الثقافة والفنون علي المستوي الوطني، وتشجيع المجتمع المدني علي العمل في تنشيط الحياة الثقافية، وإعادة النظر في وظيفة المتاحف والمكتبات العامة لتتحول إلي مؤسسات فاعلة في المجتمع، ودعم دور المراكز الثقافية المصرية بالخارج. إن الثقافة بمفهومها العريض ليست نتائج المؤسسات التابعة لوزارة الثقافة وحدها، بل هي نتيجة تفاعل بناء مع كل من وزارات التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي والإعلام والمؤسسات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني. ويتطلب طريق الإصلاح الثقافي توفير الكوادر الجديدة التي يجب أن تدعمها موارد كافية لتحديث المؤسسات، وتمكينها من التعامل مع المتغيرات المعاصرة والثورة التكنولوجية التي تعيشها. وتحتاج العديد من المؤسسات الثقافية الحكومية إلي دعم مادي وتحرير إداري، فالعمل الثقافي لا يتم في إطار تحكمه البيروقراطية والروتين القاتل للإبداع والتجديد. 5 خاتمة يؤكد الحزب علي إيمانه بأهمية البعد الثقافي في عملية التنمية، وحق المواطن المصري في الحصول علي الخدمات الثقافية التي تساهم في تشكيل عقله ووجدانه. وأهمية غرس ثقافة التنمية من خلال نشر القيم التي تساعد علي إطلاق القدرات الكاملة لدي المواطن وعلي حفز الإبداع بكل صوره، وترسيخ قيم المواطنة والدولة المدنية الحديثة وبما يعزز فرص التقدم، ويواجه التيارات الداعية للجمود والتعصب والانغلاق. ومما سبق فإن طرح هذه الورقة لبعض القضايا الخاصة بمستقبل الثقافة في مصر هو مجرد مسودة أولية تثير عدداً من النقاط التي تستحق المناقشة، وبداية للحوار حول قضايا التنمية الثقافية بأبعادها الشاملة. وسوف يستمر الحزب في الحوار والتفاعل مع جميع القوي والمؤسسات الثقافية بهدف بلورة رؤية وسياسات تدعم استمرار خطوات تحديث البنية الثقافية وتعظيم المكون الثقافي في جهود التنمية الشاملة. 6 بدلا من الخواتيم لديَّ معرفة بمن حضروا هذا اللقاء. لكني أخشي أن تخونني الذاكرة. والذاكرة خوانة. سأترك الأسماء الآن. وأتوقف أمام تساؤلاتي المشروعة: من الذي اختار هذه المجموعة لحضور هذا اللقاء؟ خصوصاً أنهم مثلوا جهات معينة. الحزب الوطني ممثلاً في لجنة السياسات. بعض قيادات وزارة الثقافة. بعض وجوه العمل الثقافي العام. الذي نطلق عليه المجتمع المدني. أو الجمعيات الأهلية. هذا علاوة علي أن مكتبة الإسكندرية توشك أن تكون المنبع الذي بدأت منه فكرة الورقة. لكن الذين اجتمعوا وخرجوا من الاجتماع لم يعرف أي منهم المصب الذي يمكن أن يصب فيه مثل هذا العمل. بعض من حضروا الاجتماع كانت لديهم شجاعة الكلام علي طريقة التسريبات. عرفت أن أكثر الأفكار التي حظيت بمناقشات كثيرة هي فكرة إلغاء وزارة الثقافة. لست أدري من الذي طرح فكرة إلغاء وزارة الثقافة هل هو الدكتور عبد المنعم سعيد أم المهندس محمد الصاوي أم المهندس إبراهيم المعلم من قناعة ثابتة لديه. وأن أكثر من ردوا علي فكرة إلغاء وزارة الثقافة كان الدكتور فوزي فهمي أحمد والدكتور جابر عصفور. أيضاً كان لافتاً للنظر حضور المهندس محمد عبد المنعم الصاوي. صاحب ساقية الصاوي. والدلالات التي يمكن أن تخرج من هذا الحضور. أيضاً كانت هناك تلميحات لفكرة عقد مؤتمر موسع. وأن هذا الاجتماع يوشك أن يكون اجتماعاً تمهيدياً له. فماذا سيكون مصير مؤتمر فاروق حسني للمثقفين المصريين وهو المؤتمر الأصل الذي يجري له الإعداد منذ شهور مضت وتوجد لجنة لوضع جدول أعماله ووضع ثوابته؟ وقبل أن ينعقد مؤتمر فاروق حسني دعا عدد من المثقفين المصريين المستقلين لعقد مؤتمر آخر. رفضوا أن يقال عنه المؤتمر البديل أو المؤتمر الموازي.واعتبروه الأصل والأساس. فهل سيعقد فاروق حسني مؤتمره أم ماذا؟ فاروق حسني كانت لديه مدفعيته الثقيلة للرد علي هذا المؤتمر الذي لم يدع لحضوره. باعتباره وزيراً للثقافة في حكومة الحزب الوطني الديمقراطي. فقد ظهر في برنامج العاشرة مساء في مساء نفس انعقاد يوم الاجتماع. ورد بسلسلة من الأحاديث الجريئة والمهمة. لعل أهم ما قاله أن دخول السياسة في الثقافة يفسدها كثيراً. فهل كان فاروق حسني يرد علي مؤتمر جمال مبارك؟ أم أنها كلها صدف تجمعت في وقت واحد؟ وعموماً لو سألت فاروق حسني عن مؤتمر جمال مبارك. لقال لك رداً طبيعياً إنه مع أي إضافة للعمل الثقافي المصري من أجل مصر حاضراً ومستقبلاً. ومن أجل ثقافة مصر بعيداً عن كل الأفراد. رغم ندرة الكتابة عن المؤتمر إلا أنني لاحظت علي سيد ياسين عندما رد علي جريدة الكرامة. بعد أن تناولت الموضوع. انطلاقاً من موقفها الثابت. كان عنيفاً وقاسياً واستخدم مفردات كانت جديدة علي قاموسه الكتابي.