بعد أن اطمأن مجرم الحرب «نتنياهو» ولو مؤقتا على بقاء حكومته وتمرير الميزانية الجديدة، وقف يؤكد المضى فى حروبه الداخلية والخارجية، ويقول بكل صفاقة إنه يعمل مع الرئيس ترامب على تنفيذ خطته لإخراج سكان غزة بمحض إرادتهم!!.. أما كيف يتم ذلك، فهو واضح للعالم كله.. حيث حصار الجوع يتفاقم، وآلة القتل الإسرائيلية تواصل قتل الأطفال والنساء وقصف خيام النازحين وما تبقى من مستشفيات، وجيش الاحتلال يقول إنه سيشرف على عمليات التهجير التى أصبح لها إدارة رسمية، بينما تتلاحق التهديدات الإسرائيلية.. بالمزيد من القتل والدمار، وتتلاحق معها التأكيدات الأمريكية بدعم كل ما تفعله إسرائيل فى غزة والذى لا عنوان له إلا الإبادة الجماعية والتطهير العرقي! تاريخ الكيان الصهيونى حافل بالمذابح الجماعية وتخيير الفلسطينيين بين القتل أو التهجير لكن الأوضاع الآن تكتسب أبعاداً أخطر بكثير منذ أن أصبح التهجير القصرى لأهل غزة مشروعاً أمريكياً كان الكثيرون يظنون أنه قد تم التراجع عنه بعد تصريح الرئيس الأمريكى بأن أحداً لن يطرد أحداً من غزة.. لكن الواقع على الأرض وتصريحات مجرم الحرب نتنياهو بأنه يعمل مع الرئيس الأمريكى على تنفيذ خطته من أجل إخراج سكان غزة بمحض إرادتهم، لا تعنى إلا أن الخطر قائم والمخطط مستمر، والتنفيذ يتم بالقتل والتجويع وتدمير كل أسباب الحياة فى غزة «وفى الضفة الغربية أيضا»!! لكى يكون الهروب من الموت هجرة طوعية كما يروج مجرمو الحرب فى محاولة بائسة لإخفاء مسئوليتهم عن أبشع الجرائم فى حق الإنسانية كلها! عندما طرح الاقتراح الأمريكى الخائب لتهجير أهل غزة الشهير بمشروع «ريفييرا الشرق الأوسط» كان المبرر لمواجهة الاعتراضات الفورية من الفلسطينيين المتمسكين بوطنهم، ومن مصر التى تدرك خطورة المؤامرة على أمنها وأمن المنطقة.. كان المبرر أنه المشروع الوحيد على الطاولة!!.. وعندما قدمت مصر رؤيتها لإعمار غزة فى وجود الفلسطينيين وبمشاركتهم فى بناء غزة كجزء لا ينفصل عن دولة فلسطين وبعد أن تبنت القمة العربية خطة مصر ثم تبنتها الدول الإسلامية.. كان التسويف - حتى الآن- هو سيد الموقف الأمريكي، ثم كان الرد هو الانقلاب على اتفاق الهدنة، والعودة الإسرائيلية لحرب الإبادة، وبتأييد حماسى من واشنطن يطلق يد نتنياهو فى مخططاته التى تعارضها الغالبية العظمى فى إسرائيل نفسها! أشرنا مراراً إلى أن قرارات القمة العربية الطارئة التى صدرت بالإجماع، هى بداية تحرك سياسى عربى لابد أن يتواصل، وأن يستخدم كل أوراق القوة العربية فى مواجهة الخطر الذى لم يعد مقصوراً على فلسطين، بل أصبح يهدد الجميع. الأوراق العربية كثيرة وقوية ومؤثرة- والأهم مع قرارات القمة الطارئة- أن لدينا الخطة «الوحيدة والشاملة» لإيقاف العدوان الهمجى الإسرائيلى وبدء إعمار غزة كجزء من دولة فلسطين المستقلة التى لابديل عن قيامها كشرط أساسى للسلام والاستقرار فى كل المنطقة. التحرك العربى الواسع والسريع مطلوب «أولا» لوقف حرب الإبادة والتطهير العرقى والتهجير القسرى للفلسطينيين، ومطلوب «ثانياً» لتحويل خطة الإعمار المصرية العربية إلى خطة دولية تحظى بتأييد الأممالمتحدة وتذهب إلى مجلس الأمن حيث سيكون استخدام «الفيتو» دليل إدانة وتواطؤ مع الجريمة الإسرائيلية وضد كل القوانين وكل قرارات الشرعية الدولية، فلنضع الجميع أمام مسئولياتهم.. وأيضا أمام مصالحهم التى لا يمكن أن تؤمنها العربدة الإسرائيلية وإشعال الحرائق فى المنطقة وتعرض الأمن القومى العربى لأفدح المخاطر!! تبقى نقطة أخيرة.. المتغيرات فى العلاقات الدولية تتلاحق، والنظام الدولى بمجمله رهن التغيير، والحقيقة الأساسية هنا أن ما نملكه من إمكانيات ذاتية هى وحدها القادرة على حماية الأمن العربى وتحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة، وفرض الشرعية الدولية على كل الأطراف، الحق والقانون والعدالة معنا ومع الحق الفلسطيني، ومصالح كل القوى فى العالم لا يمكن أن تكون مع التطهير العرقى والإبادة الجماعية، ولا مع دولة مارقة مثل إسرائيل ما كان لها أن تمضى فى جرائمها لولا الدعم غير المشروع من قوى كبرى لا بد أن تدرك أن هذا الدعم يفقدها الكثير من مكانتها.. ومن مصالحها.