على عكس قمم عربية سابقة كان يسدل الستار عليها مع إلقاء البيان الختامى لها.. فإن قمة القاهرة الاستثنائية هي- بالضرورة- نقطة بداية لتحرك عربى لا بديل عنه من أجل وضع مقررات القمة موضع التنفيذ، ومن أجل خلق الإجماع الدولى على برنامج العمل الذى طرحته الخطة المصرية «التى أصبحت عربية وإسلامية»، التى تجسد الرفض الإجماعى لمخططات التهجير القسرى للفلسطينيين، ثم- وهذا هو الأهم- تضع ذلك فى إطار الحل الشامل الذى ينحاز للشرعية الدولية والحق الفلسطيني، بقيام دولة فلسطين المستقلة التى تضم غزة والضفة الغربية والقدس العربية عاصمة فلسطين ورمز هويتها. العقبات كثيرة، لكننا فى معركة مصيرية بالنسبة للوطن العربى كله، ونحن مسلحون بالحق وبأوراق قوة عديدة وقادرة على هزيمة غطرسة القوة الغاشمة. إحدى أوراق القوة الآن هى أننا نملك خطة عمل عربية هى الوحيدة المطروحة على الساحة الدولية الآن فى مواجهة هذا التحالف «الخارج على الشرعية والقانون» بين احتلال صهيونى نازى يمارس الإبادة الجماعية، وبين دعوات من خارج العصر للتطهير العرقى والتهجير القسرى لملايين الفلسطينيين الصامدين على أرضهم رغم كل ما يواجهونه من جرائم احتلال صهيونى نازى يرفض كل محاولات السلام ولا يعد إلا بالقتل أو التهجير!! القمة العربية وما شهدته من إجماع على مواجهة الخطر غير المسبوق على الأمن العربى كانت البداية، وبعدها جاء اجتماع وزراء خارجية المؤتمر الإسلامى، بينما تستعد القاهرة لمؤتمر المانحين من أجل إعمار غزة فى الشهر المقبل. ومازال أمامنا الكثير لحشد التأييد الأوروبى والإفريقي، وللحوار مع كل القوى الكبري، ثم لوضع الخطة العربية فى إطار قانونى دولى من خلال الأممالمتحدة. جهد كبير مطلوب يحتاج للجنة متابعة على أعلى مستوى تعمل مع مصر والجامعة العربية لتنسيق التحرك العربى واستخدام أوراق القوة العربية، والحفاظ على وحدة الصف فى مواجهة التحركات المضادة من العدو والقوى الداعمة له! الحديث عن «الإعمار» يستلزم حتما إيقاف حرب الإبادة وإلزام إسرائيل بتنفيذ تعهداتها فى اتفاق هدنة غزة والمضى إلى المرحلة الثانية. الولاياتالمتحدة «الضامنة» للاتفاق قادرة على لجم الهوس الإسرائيلى بدلا من إطلاق يده ليبدأ حرب التجويع، والتهديد بالمزيد من الدمار والقتل فى غزة وفى الضفة معًا. قرارات القمة العربية كانت فى مجملها رسالة للسلام، ولا ينبغى أن يكون الرد عليها هو محاولة «خلط الأوراق» لسد الطريق نحو الحل العادل وإشاعة الفوضى فى كل المنطقة. واشنطون تدرك قبل غيرها أن حديث التهجير القسرى لابد أن يغلق من جانبها لأنه بحث عن المستحيل.. الرئيس ترامب نفسه كان قد قال إن الأمر بالنسبة له قد أصبح مجرد «توصية»، وليس قرارا أمريكيا، ومع ذلك يفاجئنا البيت الأبيض بأنه مازال متمسكًا ب»رؤيته» فى مواجهة الخطة العربية»!!» بحجة أن الخطة العربية «تتجاهل» أن غزة المدمرة ليست صالحة للسكن.. يعنى غير صالحة لسكن أهلها، لكنها صالحة للمنتجعات وملاعب الجولف وحدوتة «ريفيرا الشرق» التى تشترط التهجير القسرى قبل الإعمار»!!» وواشنطون التى تكشف الآن- بصورة رسمية- عن مفاوضاتها السرية «المباشرة» مع «حماس» هى واشنطون التى مازالت تهدد أهل غزة وليس حماس!! بالجحيم.. ربما لعقابهم على تمسكهم بأرضهم ورفضهم لأى حديث عن التهجير، أو ربما لمجرد «خلط الأوراق» فى مواجهة موقف عربى موحد وتوافق فلسطينى يفرض نفسه!! القمة العربية تجاوزت بنجاح ظروفًا عربية صعبة، وسجلت حضورًا عربيًا بعد غياب طال وكانت له آثاره الوخيمة. كل ذلك مهم، لكن الأهم هو التحرك العربى بعد القمة من أجل تطبيق قراراتها، ولكى يصل الصوت العربى الواحد إلى الجميع بالرسالة المطلوبة بأن لعبة خلط الأوراق لن تنجح، وبأن يد العرب ممدودة بالسلام العادل وليس لسلام إبراهام وتطبيعه المجاني»!!» وبأن العرب قد تعلموا من أخطاء الماضى ونكباته، وعلى «الآخرين» أيضًا أن يتعلموا من حروبهم الفاشلة، وصفقاتهم الخاسرة بدلًا من التهديد ب»الجحيم» الذى سيكونون أول ضحاياه!