هام جدا الجهد المصرى لحشد موقف عالمى من أجل سلام حقيقى فى المنطقة يوقف الحروب ويتصدى لمؤامرة التهجير القسرى لشعب فلسطين، ويقف بصلابة وراء قيام دولة فلسطين على حدودها التاريخية، ويعيد الاحترام لقرارات الشرعية الدولية قبل أن تسود الفوضى فى العالم كله. حشد الموقف العالمي، وفى المقدمة منه الموقف الأوروبي، ضرورى ومتاح بعد أن سقطت الأقنعة وتكشفت أبعاد حرب الإبادة التى شنتها إسرائيل، ومازالت تقاوم إنهاءها، بل وتعمل على توسيعها لاستكمال مخطط تهويد الضفة الغربية وهو الهدف الأساسى لحكومة زعماء عصابات التطرف الصهيونى التى يقودها مجرم الحرب نتنياهو التى ازداد سعارها للحرب والتوسع فى ظل الأجواء الخطيرة التى أثارها اقتراح التهجير القسرى لمواطنى غزة والحديث الخطير من قوى كبرى عن إمكانية تغيير الخرائط وتهويد الضفة الغربية!! زيارة الرئيس السيسى الأخيرة لإسبانيا، وقبلها جولته الأوروبية، والاتصالات المستمرة مع الدول الفاعلة فى أوروبا تأتى فى هذا الإطار.. تدعيم العلاقات بين مصر وأوروبا يظل هاما طوال الوقت.. الأهمية تزداد الآن مع التطورات التى تهدد استقرار المنطقة العربية واستقرار أوروبا أيضا. أوروبا تواجه الآن مخاطر التطورات الأخيرة فى حرب أوكرانيا وتجد نفسها فى حاجة لإعادة ترتيب أوراقها قبل أن ينكشف أمنها ويتهدد استقرارها. لكنها أيضا لا تستطيع تجاهل الخطر إذا اندلعت نيران حرب شاملة فى جوارها العربي، وتعرف جيدا أنها لن تكون بعيدة عن آثار النيران المشتعلة على أمنها ومصالحها. الموقف الأوروبى يزداد وعيا بالموقف العربى والحق الفلسطيني. كل أوروبا- باستثناءات لا تذكر- أعلنت معارضتها لأى تفكير فى التهجير القسرى للفلسطينيين، وأكدت أن قيام الدولة الفلسطينية هو الطريق الوحيد للسلام فى المنطقة. الشراكة الأوروبية ستكون ضرورية فى عملية الإعمار، لكنها أهم فى فرض الحل السياسى القائم على إنهاء الاحتلال الإسرائيلى والتصدى لمخططات التوسع الإسرائيلى التى ستشعل المنطقة. تحدثنا طويلا عن جهد عربى ينبغى أن يبذل فى أوروبا وفى كل أنحاء العالم لفضح جرائم إسرائيل وكشف عنصريتها وهجميتها، وللوقوف فى وجه الأكاذيب الصهيونية والابتزاز الإسرائيلى لدول هامة مثل ألمانيا، وتقديم الحقائق عن الحق الفلسطينى والموقف العربى. وللأسف لم يكن هناك إلا القليل من الجهد العربى فى هذا الصدد، ولأسباب نعرفها جميعا!! الآن يتغير الموقف.. الخطر يطال الجميع فى العالم العربى إذا جرت المؤامرة وبدأت حرب تغيير الخرائط فى ظل التهديدات الهوجاء بإطلاق الجحيم، والتهجير القسرى والتوسع فى حروب الإبادة!!.. بينما فى أوروبا على سبيل المثال كان كل ذلك طريقا لاكتشاف الوجه الحقيقى للكيان الصهيونى بكل عنصريته وعدوانيته وجرائمه النازية. يكفى فقط أن نذكر أن نتنياهو فى رحلته الأخيرة إلى أمريكا كان كل ما يشغله أن يضمن ابتعاد طائرته عن المجال الجوى لمعظم دول أوروبا التى أعلنت أنها ملتزمة بالقانون الدولى وستطبق أمر الاعتقال بحق نتنياهو كمجرم حرب مطلوب من العدالة الدولية!! الآن تغير الموقف.. فهل سيتأخر الفعل العربى أم سنرى تحركا عربيا موحدا لشراكة حقيقية مع أوروبا والعالم كله ضد عدوان إسرائيل، وضد مخطط نشر الفوضى فى المنطقة وتحويل تشريد الشعوب إلى سياسة رسمية، وتحويل قضايا الحرية وتقرير المصير إلى صفقات مشبوهة ومضروبة؟!.. الخطر وحد العرب، والمواجهة فرض عين على الجميع وهى فقط ما يمنع المؤامرة أن تكتمل، وما يوقف هذا الهوس، قبل أن ينشر الدمار والفوضى فى المنطقة.. وفى عالم لم يعد يتحمل المزيد!! لا أحد يريد الحرب، بل المطلوب هو إنهاء الحرب والسير فى طريق السلام والاستقرار. لا أحد يريد الدمار والفوضى بل نعمل - بكل الطرق - لكى نبنى ما دمره الأعداء، ولكى يكون العالم شريكا معنا فى الإعمار، وفى الصمود الفلسطينى على الأرض الفلسطينية، وفى العودة للشرعية ولحل الدولتين الذى لا بديل عنه لسلام المنطقة. لا أحد يريد الحرب، وما يملكه العرب من أوراق حاسمة كاف لمنعها ولإجبار الجميع على احترام القانون وتحقيق العدالة والانصياع للشرعية الدولية.. أو دفع الثمن الذى سيكون فادحا!! الخطر وحد العرب والعالم كله معهم إذا كانوا مع أنفسهم، وإذا أدرك الجميع أن قوتهم فى وحدتهم التى لا بديل عنها فى مواجهة الخطر!!