أفلام مهرجانات! هذه العبارة تعني عند الغالبية العظمى من صناع وجمهور السينما في مصر، أن هذه الأفلام ليست جماهيرية ولن يقبل عليها الجمهور، وبالتالي مصيرها المحتوم هو الفشل الذريع في شباك التذاكر.. وهو ما يجعل معظم صناع السينما يتخوفون ويحجمون عن المشاركة في المهرجانات خاصةً التي تقام بمصر وفي صدارتها بالطبع مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، والذي مازال يعاني منذ سنوات عديدة من الحصول على أفلام مصرية جيدة تصلح للعرض في مسابقاته المختلفة خاصةً المسابقة الدولية ومسابقة آفاق عربية. وها هو في دورته ال 46 التي اختتمت فعالياتها مساء أمس بدار الأوبرا المصرية، دون وجود فيلم مصري خالص مثل مصر في المسابقة الرسمية أو أفلام مصرية أخرى نافست بقوة في مسابقة آفاق عربية. والتي كان أبرزها من حيث الدعاية التي سبقته فيلم بعنوان: بنات الباشا.. الفيلم عرض بالمسرح الكبير بدار الأوبرا وسط إقبال غير مسبوق من الفنانين ونجوم وصناع الفيلم ورئيس المهرجان النجم الكبير حسين فهمي والصحفيين والنقاد والسينمائيين والجمهور في دورة مهرجان هذا العام، قبيل إسدال الستار على المهرجان بثلاثة أيام، وهو ما كان يبشر بمشاهدة فيلم من طراز رفيع. ولكن هيهات هيهات أتت الرياح بما لا تشتهي السفن هذه المرة أيضًا. القهر والكبت والحب والخيانة فيلم بنات الباشا، يمثل نهجا محمودا ومطلوبا بشدة من صناع السينما الذين لجأ بعضهم في السنوات الأخيرة إلى الاستعانة بالأعمال الروائية وتحويلها إلى شاشة السينما، وحققت معظم هذه الأفلام نجاحات جيدة فنيًا وجماهيريًا، منها تراب الماس، الفيل الأزرق، كيرة والجن للكاتب أحمد مراد، هيبتا، بضع ساعات في يوما ما لمحمد صادق.. وأحدث هذه الأفلام بنات الباشا المأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتبة نورا ناجي، صدرت عام 2018 ووصلت إلى القائمة القصيرة في جائزة ساويرس الثقافية. الفيلم كتب له السيناريو والحوار محمد هشام عبية في أول أعماله السينمائية منفردا بعد عدد من المسلسلات الناجحة وادي الجن، بطلوع الروح، رسالة الإمام، منتهي الصلاحية، البطولة لصابرين، زينة، أحمد مجدي، ناهد السباعي، مريم الخشت، الأردنية تارا عبود، ضيفتي الشرف سوسن بدر وسما إبراهيم، إخراج ماندو العدل، وإنتاج شركة Red Star باهو بخش وصفي الدين محمود. الفيلم يبدأ بداية قوية مثيرة بحادث تفجير كنسية مار جرجس بمدينة طنطا عام 2017 وباكتشاف 'منى' (صابرين) كبيرة العاملات بمركز الباشا للتجميل لجثة نادية -مريم الخشت إحدى الفتيات العاملات بالمركز، وكان من الطبيعي أن يتم إبلاغ الشرطة على الفور ولكن تعليمات وتحذيرات صاحب المركز نور الباشا- أحمد مجدي حالت دون ذلك، بحجة الخوف على سمعة المكان الذي يفتح باب رزق لكل العاملات فيه. وهنا نكتشف ونتعرف عن طريق الفلاش باك، على قصص مجموعة من الفتيات والنساء العاملات بالمركز والمترددات عليه، ينحدرن من خلفيات مختلفة ومتباينة ولكنهن جميعا يعانين من القهر والكبت والظلم والحرمان، في عالم تجرد من أبسط قواعد الإنسانية والرحمة، منهن مديرة المركز جيجي - زينة التي تعشق صاحب المركز نور الباشا، وتحلم بالزواج منه بعد الانفصال عن زوجها الصوري.. ومنى - صابرين المرأة الإسكندرانية التي وصلت إلى سن متقدمة ولكنها لم تتزوج لفقدها الثقة في الرجال على خلفيات وأحداث تعرضت لها في شبابها، نادية -الفتاة المنتحرة- مريم الخشت البريئة والتي حاولت مساعدة الجميع قدر طاقتها، وتارا عبود -ياسمين الفتاة السورية التي نزحت إلى مصر هربًا من ويلات الحرب في بلادها ولكنها رغم فقرها ترفض أن تبيع نفسها بورقة زواج عرفي لرجل أعمال في سن أبيها.. ونيهال -ناهد السباعي إحدى المترددات الدائمات على المركز، مطربة في الأفراح الشعبية تعطي نفسها لمن يدفع، وMiss فلك - سوسن بدر عجوز خرجت على المعاش كمفتشة في وزارة التربية والتعليم ولم تتزوج وماتت فجأة في المستشفى بعد اتهامها بضرب أحد الرجال الذين تندروا عليها في الشارع لارتدائها فستان زفاف وهي في هذه السن المتقدمة. كل هؤلاء النساء يعكسن أوضاع شرائح كثيرة جدا من النساء في مجتمعنا اللواتي يعانين من القهر والكبت والظلم والحرمان، تتقاطع علاقاتهن بصاحب المركز نور الباشا شدا وجذبا والذي يمتلك طموحات كبيرة في مشروعات كثيرة منها فرع جديد أكبر وأحدث لمركز تجميل الباشا بالقاهرة ومن أجل هذا يفعل كل شيء وأي شيء. تجربة غير مكتملة توقعنا مع البداية المثيرة للفيلم بحادث تفجير الكنيسة أن يكون للسياسة دور في الأحداث وأن تثير أيضًا صدمة العثور على جثة الفتاة نادية بالمركز، أجواء من الإثارة والغموض والتشويق حول موتها فهل هو انتحار أم قتل عمدا؟ لنصل في النهاية بعد سلسلة من الأحداث إلى إجابة ولكن سرعان ما جزمت العاملات بالمركز على أن الفتاة انتحرت.. وتم طرح التساؤل الجدلي عن مدى شرعية تغسيلها من قبل المغسلة -سما إبراهيم والعاملات بالمركز وهي قضية فرعية، ولكن بقي السؤال ما هي الأسباب والدوافع القوية التي جعلت هذه الفتاة البريئة المبتسمة دائما والمحبوبة من جميع العاملات بالمركز ومن زبائنه أيضًا، تقدم على الانتحار الذي هو محرم تماما شرعا؟! لم يعطِنا كاتب السيناريو والحوار محمد هشام عبية أي إجابة، ولم يستطع رسم شخصيات الفيلم بشكل قوي من حيث التاريخ والسمات الشخصية والدوافع والطموحات وأظنه وقع في فخ الإشكالية المعروفة الخاصة بضآلة مساحة الفيلم مقارنة بالرواية الأصلية، التي تتيح للمؤلف الوقت والمساحة الكافيين لهذا الأمر، وهو عذر غير مقبول بالطبع، فلجأ إلى الرمزية بشكل كبير، فجاءت شخصيات الفيلم غير واضحة المعالم ولا يوجد بينها روابط درامية محكمة ولا يجمعها سوى مكان الأحداث مركز تجميل الباشا. كل هذه العيوب انعكست بالطبع على إخراج الفيلم، ورغم محاولة المخرج ماندو العدل لعمل صورة بصرية جيدة لا تخلو من التشويق إلا أنه لم يفلح في صناعة فيلم مترابط ومحكم دراميا وجاءت نهاية الفيلم ضعيفة ومفاجئة. ولكن هذا لا ينفي جودة باقي العناصر الفنية من تصوير وإضاءة ومونتاج وديكور وملابس وماكياج أما عن التمثيل فكان في المجمل جيد إلى حد ما خاصةً من قبل القديرة صابرين في دور منى كبيرة العاملات بالمركز، والتي قدمت مشاهد صعبة بأحاسيس متباينة بمنتهى النضج والبراعة.. نصف حليم الآخر ونصف عادل السنهوري الآخر! من ليلى إلى قصر الباشا.. المرأة منتجة جريئة! وناهد السباعي الجريئة دائما في أدوارها، وإن عابها بعض المبالغات في الألفاظ والتعليقات غير المقبولة، الوجه المبشر الأردنية تارا عبود في دور ياسمين والتي عبرت عن محنتها كفتاة مغتربة نازحة من ويلات الحرب السورية بصدق وتمكن جيد، زينة كانت مقبولة في دور جيجي مديرة المركز الخائنة العاشقة لصاحبه نور الباشا، جسدت بعض المشاهد الجيدة وإن يؤخذ عليها كالعادة الصراخ غير المبرر والصوت العالي المبالغ فيه.. أحمد مجدي أو نور الباشا في أول بطولة سينمائية لم يكن سيئا وإن كان يحتاج إلى خبرات أكبر تجعله أكثر قدرة على إخراج تعبيرات أوضح وأكثر تباينا تناسب المواقف الدرامية المختلفة، وأخيرا ضيفتا الشرف سما إبراهيم وسوسن بدر، الأولى كانت من بين الأكثر تميزا في دور المغسلة، وكذلك الثانية في دور Miss فلك، رغم عدم وضوح البناء الدرامي للشخصية وملامحها. باختصار فيلم بنات الباشا تجربة سينمائية جريئة ومختلفة، ولكن الحلو ما يكملش.. كما يقول المثل الشعبي الشائع! ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا