أيام حاسمة أمام العالم العربى بأكمله.. مع طرح الاقتراح الأمريكى الخطير بشأن تهجير الشعب الفلسطينى من غزة قسرياً.. تنتقل القضية الفلسطينية لمواجهة حرب التصفية، ويواجه العالم العربى كله خطر الفوضي، ويتهدد الأمن العربى بأكمله كما لم يحدث من قبل. الرفض العربى يجمع الكل، والصمود الفلسطينى رائع، لكن المهم هو بلورة الموقف العربى فى سياسة جامعة تترجم بحسم الرفض الشعبى والرسمى لأى حديث عن تهجير الفلسطينيين، وتضع مخططات دعم صمودهم على أرضهم، وتوقف أى محاولة لتهديد الأمن القومى العربي، وتنطلق من الموقف الحاسم الذى رفضت به مصر والأردن مؤامرة التهجير ومن موقف المملكة العربية السعودية فى مواجهة الوقاحة الإسرائيلية، لكى نكون أمام «لا» عربية واضحة وصارمة تعيد الحياة الى الفعل العربى فى مواجهة أخطر المؤامرات التى تهدد الجميع. مصر ستقدم مخططاتها لإعمار غزة فى وجود أهلها ومساندتهم، وبالتأكيد ستضع ذلك ضمن التصور الأشمل للحل العربى المطلوب.. أى فى إطار إنهاء الاحتلال الإسرائيلى ووحدة القطاع مع الضفة فى الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس كحلٍ وحيد يضمن أمن واستقرار المنطقة، وهو الحل الذى يفرضه الحق الفلسطينى والقرارات الدولية ويؤيده العالم كله فيما عدا أصحاب المشروع الصهيونى التوسعى ومن يريدون تحويل قضية تحرر فلسطين الى مشروع عقارى! استعادة الفعل العربى المشترك فى مواجهة المؤامرة أمر لا بديل عنه.. فالكل فى خطر إذا لم ندرك أننا لم نعد نواجه «حروب الوكالة»، بل عودة الاستعمار القديم الذى لن تتوقف أطماعه إذا لم نوقفها نحن ونواجهها بحسم وبإيمان بأننا قادرون على ذلك، وبأن عدونا هو الخاسر إذا أصر على التآمر! نحن لا نسعى للحرب، ولكن لن نسمح بالعدوان علينا أو تهديد أمننا أو الاعتداء على أرضنا. من يرى أن الكيان الصهيونى «صغير على الخارطة» فليمنحه من أرضه وليس من أرضنا، ومن يريد «ريفييرا جديدة» ومنتجعات سياحية وملاعب جولف، فعليه أن يفهم أنه يتحدث مع شعب يريد وطنه أولاً، ويريد دولته المستقلة لا تأشيرة الهجرة القسرية من أرض ما زالت ترتوى بدماء الشهداء. العالم كله يرفض مؤامرة التهجير القسرى حتى داخل أمريكا نفسها، كل استطلاعات الرأى تقول: إن غالبية الأمريكيين الكاسحة ترفض مؤامرة تهجير الفلسطينيين التى طرحها ترامب، بل إن قطاعاً كبيراً من اليهود فى أمريكا أو حتى فى إسرائيل يرفضون ذلك لأنه يقتل حل الدولتين، ويقتل -فى الوقت نفسه- أى فرصة لأن تكون إسرائيل كياناً طبيعياً فى المنطقة»!!».. فى بعض استطلاعات الرأى الأمريكية تبلغ نسبة المعترضين على اقتراح ترامب 74٪ من الأمريكيين. وبعيداً عن شلة المحيطين بالرئيس الأمريكى يتصاعد الحديث عن محاولة «التشويش» على أزمات الداخل بافتعال المعارك الخارجية، وعن مخاوف حقيقية من نتائج العشوائية فى اتخاذ قرارات تؤثر فى مصالح أمريكا وفى مكانتها فى العالم!! أمريكا المنقسمة على نفسها منذ سنوات تزداد أزماتها الداخلية والخارجية وهى ليست فى حاجة لحرب جديدة ضد عالم عربى لا يريد إلا السلام والعدالة، ورفع الظلم التاريخى الذى ما زال يعانى منه شعب فلسطين، هل الدخول فى عداء صريح مع العالم العربى هو ما سيعيد عظمة أمريكا أم أنه الطريق لتهديد مصالحها؟! هذا سؤال الأمريكيين أنفسهم.. أما العرب فليس أمامهم إلا مواجهة الخطر، ومقاومة مؤامرة التهجير القسرى لتصفية قضية فلسطين، وليس أمامهم إلا رفض أى حديث لا ينطلق من الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والإقرار بأن التهجير القسرى جريمة لن تمر، وأنه لا استقرار فى المنطقة إلا بإنهاء الاحتلال «وليس بعودة الاستعمار القديم!!».. وأن كل ما فعله اقتراح ترامب الخائب أنه أكد فشل المشروع الصهيونى لتكون النتيجة أن تقول أمريكا إنها ستأخذ الأمر بيدها.. لكن اليد قصيرة، والمخاطر كبيرة، والأمة العربية لن تسمح بنكبة جديدة وأمريكا «المأزومة» ليست فى وضع إملاء إرادتها وأن «لا» العربية الحاسمة قادرة على هزيمة المؤامرة!