فى الولاية الأولى للرئيس ترامب، ومع إطلاق «صفقة القرن» كان الوعد الأمريكى بتحويل غزة إلى سنغافورة جديدة فى المنطقة، بعد بضع سنوات كانت غزة تواجه حرب الإبادة الإسرائيلية المدعومة كلياً من أمريكا وتواجه الدمار الشامل والقتل الممنهج!!.. وفى الوقت الذى يتوقف فيه القتال ويعود الأمل فى إنهاء الحرب، يأتى اقتراح الرئيس الأمريكى ترامب بتحويل غزة إلى «ريفييرا الشرق الأوسط» بعد أن تسيطر عليها أمريكا وتفرض التهجير القسرى على الشعب الصامد على أرضه والمتمسك بفلسطين وطناً ودولة حرة «وقدساً لابد أن تتحرر من أسرها»! من وهم سنغافورة الى مؤامرة، الريفييراً طريق واحد يستهدف تصفية قضية فلسطين، فى المرة الأولى كان الرهان على حصار فلسطين باتفاقيات «سلام إبراهام» والآن يتجاوز الأمر ما كان يتمناه غلاة التطرف الصهيوني، ويصبح المطلوب هو تطهير غزة «وبعدها الضفة حتماً» من مواطنيها لتتحول إلى منتجعات سياحية وملاعب جولف وناطحات سحاب لغير أهلها «كما يتصور ترامب» أو إلى مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية تهدد أمن المنطقة كلها وتبدأ رحلة تغيير خرائط المنطقة «وفقاً للتصور الصهيونى وخططه المعلنة»! حتماً ستفشل مؤامرة التهجير كما فشلت صفقة القرن المشبوهة أمام صمود شعب فلسطين على أرضه، ورفض مصر والأردن أى محاولة لاقتلاع شعب فلسطين من وطنه، والموقف العربى والدولى الذى يجمع على أن غزة ستظل جزءا لا يتجزأ من دولة فلسطين، وأن أى حديث عن التهجير القسرى هو جريمة حرب لا يمكن تمريرها ستفشل المؤامرة لكن علينا أن نستعد لكل الاحتمالات، وأن نتعامل بهدوء الواثقين مع تطورات الموقف الذى سيترك آثاره على الصراع فى المنطقة لفترة لن تكون قصيرة. ستفشل المؤامرة.. لكنها- حتى لو تراجع ترامب- تفتح الباب أمام الكيان الصهيونى ليواصل المحاولة. وقد رأينا بالفعل وزير الدفاع الإسرائيلى يعلن أنه أعطى التعليمات للجيش بتحضير الخطط لفتح المجال أمام الهجرة «التى يسميها طوعية»!! إلى خارج غزة!! ورأينا دعوات اليمين الإسرائيلى الى ان يشمل التهجير الضفة الغربية التى ستظل الهدف الأساسى للتوسع الأسرائيلي.. علماً بأن ترامب قال إنه سيتخذ قراره خلال أربعة أسابيع فى ضم الضفة الغربية أو أجزاء منها الى إسرائيل!! ستفشل المؤامرة.. لأن الصمود الفلسطينى والرفض المصرى والعربي، والإدانة الدولية، والمعارضة حتى داخل أمريكا.. كلها عوامل تفرض التراجع وتجعل تنفيذ الاقتراح الخائب مستحيلا فى عصر لم يعد فيه مجال لعودة الاستعمار، ولم تعد أمريكا نفسها على استعداد لدخول حرب جديدة فى المنطقة وهى التى لم تكسب حرباً منذ الحرب العالمية الثانية ! ومع ذلك.. فإن الخطر سيظل كبيراً مع إعلان أمريكا «بهذا الاقتراح الخائب» عن موقف يتجاوز كل الحدود فى الانحياز لإسرائيل «الكبري» بكل ما يعنيه ذلك من مخاطر تتجاوز فلسطين وتمتد لكل الوطن العربي، وينسف كل ادعاءات بالسعى للسلام إذا كان المنطلق هو ان إسرائيل «صغيرة على الخريطة» وأنها ستحصل على أسلحة أمريكية لم تحصل عليها من قبل، فى نفس الوقت الذى يقول فيه ترامب نفسه إنه غير واثق فى استمرار اتفاق وقف إطلاق النار الذى كان يتباهى بأنه هو من جعل نتنياهو يوافق عليه!! الطريق واحد من أوهام «سنغافورة الجديدة» الى صفقة «ريفييرا» الشرق الأوسط.. طريق واحد وفشل محتوم.. لكننا أمام موقف أمريكى جديد ينحاز لإسرائيل الكبرى وليس لإسرائيل التى يراها البعض صغيرة فى الخرائط، ويرى إمكانية لأن تكون غزة من الأملاك الأمريكية «وأن تقبل مصر والأردن التهجير القسرى للفلسطينى إليهما»! ستفشل المؤامرة، وسيسقط الاقتراح الخائب لكن ستبقى آثاره الوخمية، وفواتيره الباهظة التى ستدفعها امريكا قبل أى طرف آخر. غزة الصامدة ليست «سنغافورة جديدة» أو «ريفييرا الشرق الأوسط».. إنها جزء لا يتجزأ من فلسطين، الوطن والدولة والشعب الصامد على أرضها هذه هى الحقيقة التى ستظل مصر تؤمن بها، وترفض أى عدوان عليها لأنه- فى نفس الوقت- عدوان عليها وتهديد لأمنها.