لا تغيير حقيقياً فى سياسة ترامب فى المنطقة مع ولايته الثانية. الرئيس الأمريكى يتصور أن «صفقة القرن» التى أطلقها فى ولايته الأولى كانت إنجازاً عبقرياً حتى بعد أن اتضحت نتائجها وأدخلت المنطقة كلها فى قلب الخطر. يعود ترامب فى ولايته الثانية بالنسخة الأحدث والأسوأ والأخطر من صفقته الكارثية. ويدخل شريكاً وداعماً للمشروع الصهيونى فى الأساس لتهجير الفلسطينيين من وطنهم. ويبدأ من غزة حيث يطلب تهجير مليون ونصف المليون من سكانها فى عملية يطلق عليها تطهير غزة!! كان هذا هو الهدف الأساسى من حرب الإبادة التى شنتها إسرائيل على غزة. وكان موقف مصر الحاسم فى رفض هذا المخطط الذى يستهدف تصفية القضية الفلسطينية هو الداعم الأساسى لنضال وصمود الشعب الفلسطينى على أرضه وإفشال المؤامرة رغم كل الضغوط ومع قسوة التضحيات الآن وفى الوقت الذى يترقب فيه الاشقاء الفلسطينيون العودة إلى المناطق التى أجبروا على النزوح منها فى غزة، ومع فشل آلة القتل الإسرائيلية فى كسر إرادة الشعب الصامد على أرضه.. يكشف الرئيس ترامب عن «صفقته» التى تتجاوز حتى ما كان يصل إليه الهوس الصهيونى ممثلاً فى أمثال بن غفير وسيموتريتش.. وبدلاً من إدراك الحقيقة التى فرضت نفسها على العالم كله، والاعتراف بأن الطريق للسلام فى المنطقة لن يقوم إلا مع نيل شعب فلسطين حقوقه المشروعة وأولها وأهمها حقه فى دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو وبعاصمة هى القدس العربية.. بدلاً من ذلك يأتى الحديث عن التطهير العرقى والتهجير القسرى للشعب الفلسطينى!! ليس تطهير غزة من أهلها هو المطلوب، وإنما المطلوب تطهير الكيان الصهيونى من عنصريته ومن جنون التوسع واغتصاب الأرض وقتل الأبرياء، المطلوب تطهير الكيان الصهيونى من مجرمى الحرب والرافضين لإنهاء الاحتلال، هذا هو التطهير المطلوب وليس تطهير غزة من أصحاب الأرض لكى يطمئن المستوطنون، ولكى لا تصبح إسرائيل صغيرة على الخريطة ولكى لا يكون فى الخريطة مكان لفلسطين.. أو هكذا يتوهمون!! شعب فلسطين الصامد لم يقدم كل هذه التضحيات الجسام لكى يقبل التهجير من أرضه.. وموقف مصر الثابت والحاسم فى رفض هذه المخططات (ومعها الأردن الشقيق) لابد أن يتحول إلى موقف عربى واحد يرفض الصفقات المشبوهة، ويقطع الطريق على أى حديث عن تهجير الفلسطينيين من وطنهم، ويعيد التأكيد على أن إنهاء الاحتلال الإسرائيلى هو مفتاح الحل، وقيام الدولة الفلسطينية على حدودها المشروعة لا بديل عنه، وأن حواديت السلام الإبراهيمى وغيرها ينبغى أن تتوقف وأن السلام لا تصنعه الصفقات المشبوهة!!