محاولات التعتيم أو التقليل من خطورة الاجتياح الإسرائيلى للضفة الغربية لا يمكن أن تحجب الحقيقة.. داخل إسرائيل يجرى تهميش أخبار الاجتياح بتعليمات رسمية- لكن الغريب أن تمتد محاولة لتعتيم وخلط الأوراق إلى الخارج.. خاصة إلى أمريكا التى تعرف جيداً أن الضفة «والقدسالمحتلة» هى قلب الصراع، وأن إسرائيل لا تخفى استهدافها ضم الضفة وتهجير أصحاب الأرض الفلسطينيين، كما تعرف أمريكا أيضًا أن ما قدمته فى عهد ترامب السابق بصفقة القرن والتطبيع الإبراهيمى المشبوه والقرار الباطل بالاعتراف بإسرائيلية القدس.. كل ذلك كان تأكيدًا لشراكة أمريكية فى مخطط التوسع الإسرائيلى مازالت فاعلة حتى اليوم رغم اختلاف الإدارات والخلافات فى التفاصيل التى لا تفسد للشراكة قضية!!. تدرك الولاياتالمتحدة كما تدرك دول العالم جميعاً وفى المقدمة بعض دول أوروبا التى مازالت تمد إسرائيل بالسلاح خطورة الاجتياج الإسرائيلى. وقبله الانتهاكات الإسرائيلية للمقدسات الإسلامية والمسيحية وفى المقدمة المسجد الأقصى، ومع ذلك تكتفى واشنطون وحلفاؤها - كالعادة- ببيانات لا قيمة لها عن الأسف أو القلق «!!» وتضيف واشنطون قراراً «يصدر فى نفس يوم الاجتياح» بفرض عقوبات على بعض المستوطنين فى الضفة الغربية كانوا قد هاجموا قرية فلسطينية وطردوا سكانها وقتلوا وأصابوا بعضهم فى حماية قوات الجيش ورجال الأمن.. وهو قرار كان يمكن أن تكون له قيمة لولا أن الكل يدرك أن مصيره هو نفس مصير قرار سابق فرضت فيه أمريكا محتويات «رمزية» على وحدة «نيتسح يهودا» العسكرية فى الجيش الإسرائيلى بتهم مماثلة، ثم عادت واشنطون وألغتها بعد أن اطمأنت إلى أن الإرهاب اليهودى انتهى والعدالة الإسرائيلية بألف خير!. لو كانت الولاياتالمتحدة تريد حقاً أن تعاقب الإرهاب الإسرائيلى لكانت العقوبات قد توجهت إلى الأصل.. إلى بين غفير وسيموتريتش ونتنياهو نفسه وهم الرعاة الرسميون لإرهاب المستعمرين «المستوطنين». ولكانت قد فعلت شيئًا لوقف بناء المستعمرات «المستوطنات» على الأرض الفلسطينية المغتصبة بدلاً من الاكتفاء بالحديث عن عدم شرعيتها ثم الاستمرار فى دعم إسرائيل وتحويل المستعمرات!! ولو كانت واشنطون جادة فى معاقبة الإرهاب الإسرائيلى لأوقفت- على الأقل- ضغوطها الهائلة على محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية بدلاً من التليويح بفرض العقوبات على القضاة الدوليين إذا أدانوا اسرائيل بارتكاب الإبادة الجماعية أو أصدروا مذكرات الاغتيال بحق نتنياهو ووزير دفاعه!!. الآن تريد إسرائيل «وتساعدها أمريكا والحلفاء الاقربون» أن تبعد الأضواء عن جريمتها فى الضفة الغربية واستهدافها المتصاعد للمسجد الأقصى، واستمرارها فى تنفيد مخططها الأساسى وهو ضم الضفة واستكمال لتهويد القدس وتهجير سكان الضفة. وهو ما أكده وزير خارجية الكيان الصهيونى الذى أراد أن يُذّكر الإسرائيليين قبل أن يُذّكر العالم أن لاسرائيل وزير خارجية اسمه «كاتس» وليس «بلينكن» كما كان البعض يظن «!!» فقالت تصريحاته «الدبلوماسية جداً» إن إرهاب المستعمرين المستوطنين ليس إلا فرع صغير تابع لإرهاب الدولة الإسرائيلية من قبل قيامها على يد العصابات الإرهابية- وحتى اليوم!!. إرهاب الدولة الرسمى فى إسرائيل يعلن بلا مواربة وعلى لسان وزير خارجيته، أن نموذج غزة يجب تطبيقه فى الضفة.. كل شىء متوقع من احتلال فاش وعنصرى قضيته الأساسية ضم الضفة وليس احتلالها أو تدميرها فقط. لا الصمت ولا التواطؤ يجدى هنا، لا بديل عن إيقاف الإرهاب الاسرائيلى وفرض الشرعية الدولية، لم يعد ممكناً التغطية على جرائم الاحتلال الاسرائيلى وتصرفاته النازية، ولم يعد ممكناً أن يستمر الانحياز الأمريكى وإسرائيل تهدد باجتياح الضفة- لموقف يتمناه نتنياهو وعصابته المتطرفة بأن تتهيأ الظروف لتحقيق وعد ترامب الجنونى بتوسيع إسرائيل التى يزعجه أن يراها صغيرة على الخريطة!. العقوبات «الحقيقية» على إرهاب الدولة الإسرائيلية مطلوب، وبسرع، ومن كل دول العالم والمؤسسات الدولية وفى المقدمة الدول العربية والإسلامية، العقوبات الحقيقية قادرة على منع الانفجار وإنقاذ المنطقة والعالم.