ما تقوم به إسرائيل فى غزة هو عمليات تطهير عرقى لم يعد هناك بيت لاهيا، ولابيت حانون، والآن بيت جباليا، نحن نطرد العرب.. يبدو الحديث هنا عن واقع لم يعد مجهولا أمام العالم، لكنه يكتسب أهميته من أنه لا يصدر - كما حدث - عن محكمة دولية ولا عن مؤسسات عالمية تعرف حقيقة حرب الإبادة الإسرائيلية وتدينها بكل صدق.. لكنه يصدر الآن عن «موشيه يعلون» قائد جيش إسرائيل الأسبق، ووزير الدفاع حتى 2016، ولهذا تهتز إسرائيل ويسارع وزراء مثل«بن غفير» للهجوم على الجنرال المتقاعد والسياسى المعتزل، ويسارع حزب «الليكود»الذى يقوده مجرم الحرب نتنياهو إلى وصف حديث «يعلون» الذى كان ذات يوم أحد أبرز قيادات الحزب بأنه «هدية للمحكمة الجنائية الدولية ولمعسكر أعداء إسرائيل»!! المحكمة الجنائية الدولية لم تنتظر حديث «يعلون»، وقائمة الاتهام التى استوجبت إصدار مذكرتى الاعتقال لنتنياهو ووزير دفاعه السابق جالانت تتضمنان من الجرائم ضد الإنسانية ما يحتم محاكمة قادة إسرائيل جميعا كمجرمى حرب.. وما تشهده غزة «وخاصة فى الشمال» لا يقتصر فقط على التطهير العرقى بل يمتد إلى الإبادة الجماعية التى لن يفلت من يرتكبونها من العقاب . حديث «يعلون» ليس هدية للمحكمة الجنائية ولكنه صفعة توجه لمن يحاولون تعطيل العدالة وحماية مجرمى الحرب. ولا يتورعون عن تهديد المحكمة وقضاتها بمعاقبتهم إذا أصروا على تطبيق العدالة!! الجنرال المتقاعد «يعلون» يعرف جيدا ما يقول، وقد أكد أنه لم يتحدث من فراغ، وأن قيادات عسكرية إسرائيلية تحارب فى غزة قد اعترفت له بارتكاب جرائم حرب هناك، وقد لا يكون مهتما بمصير مجرم الحرب نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية، ولكنه يعرف جيدا حجم جرائم الحرب التى تتم فى غزة والضفة، ومخططات التهجير والتطهير العرقى عند نتنياهو وحلفائه، ويعرف أيضا أن قوائم الاتهام الدولية لن تتوقف عند نتنياهو وجالانت، بل ستشمل حتما العديد من المسئولين وقيادات الجيش. تحدث الرجل عما يعرفه لكنه يتحدث إلى من لا يسمعون إلا أنفسهم، ولا يصدقون إلا أوهامهم، ويتحدثون علنا عن تهجير نصف الفلسطينيين من وطنهم وترك النصف الآخر للقتل بالرصاص أو التجويع، ولا يرون جريمة فى كل ذلك.. بل يرون الجريمة هى أن تدين مجرمى الحرب وقتلة الأطفال، وأن تطلب العدالة أو حتى أن تعترف بأنك رأيت الدم على أيدى القتلة، وأن الجريمة مستمرة!!