عام 2011 هو العام الاكثر تكلفة كما وصفته صحيفة "هاف بوست بيزنس" الامريكية بحصيلة خسائر قاربت 3تريليونات دولار. فالي جانب الثورات العربية التي اعادت رسم خريطة الشرق الاوسط ، والأزمة المالية التي تهدد امريكا وتكاد تعصف بالاتحاد الاوروبي ، شهد العام كوارث طبيعية وحروبا وارتفاعا قياسيا في أسعار الذهب والبترول كما يؤكد تقرير لوكالة اسوشيتد برس . فاجأ عام 2011 العالم كله بربيع عربي اجتز في طريقه ثلاثة أنظمة ديكتاتورية وقاربت فاتورته ال 56 مليار دولار طبقا لتقرير نشرته مجموعة جيوبوليستي الاستشارية حول الاثر الاقتصادي للتوترات السياسية في الشرق الاوسط. حوالي 20.6 مليار دولار من هذه الفاتورة مستنزفة من الناتج المحلي لهذه الدول و أكثر من 35مليارت خسائر في أموال ومنشآت الدول، وذلك طبقا لبيانات صندوق النقد الدولي . وبحسب التقرير تصدرت سوريا القائمة برصيد خسائر وصل الي 27.3 مليار دولار مع انخفاض معدل نموها من 5.5٪ العام الماضي الي 3٪ فقط هذا العام . ويقول الخبير الاقتصادي لاسن آشي من مركز "كارنيجي للدراسات" ان الاقتصاد السوري في وضع سيئ جدا.. وهذا الأمر يؤثر علي الذين يعملون في التجارة والصناعة والسياحة ، خاصة ان 11٪ من الأيدي العاملة في سوريا تعمل في قطاع السياحة الذي يمثل 12٪ من إجمالي الناتج المحلي .
في المركز الثاني تأتي ليبيا حيث قاربت خسائرها ال15 مليار دولار وذلك بسبب الحرب الاهلية التي تسببت في وقف امدادات البترول التي كانت تمد الاقتصاد الليبي ب 40 مليار دولار سنوياً . هذا علاوة علي الفاتورة الباهظة التي تتطلبها عملية اعادة اعمار البلاد والتي قدرها البعض بأكثر من ملياري دولار . تأتي مصر في المرتبة الثالثة بنزيف خسائر يقارب 10 مليارات دولار مع تآكل احتياطي النقد الاجنبي بنسبة 40٪ وارتفاع معدلات التضخم الي 9.1٪ ومعدلات البطالة الي 12٪ . وقّدر صندوق النقد معدل نمو مصر لهذا العام ب 2.1٪ فقط بعد 5.1٪ العام الماضي . وقدرت خسائر السياحة في عشرة أيام فقط بمليار دولار بينما وصلت خسائر قطاعات النقل لي 15 مليون جنيه وانخفض انتاج البلاد من الحديد بنسبة 40٪ وبلغ عجز الموازنة 8٪ . دعا ذلك صحيفة واشنطن بوست الي ان تحذر الاسبوع الماضي من شبح الانهيار الذي يهدد الاقتصاد المصري ، خاصة ان احتياطي النقد الاجنبي الذي انخفض ل 20 مليار دولار بالكاد يكفي لتغطية واردات البلاد لثلاثة أشهر قادمة. في اليمن أصابت التوترات السياسية الأنشطة الاقتصادية بالشلل التام خاصة في قطاعي النفط و السياحة لترتفع معدلات البطالة والفقر . في المقابل انخفضت قيمة صرف العملة اليمنية ليصل إلي 241 ريالا للدولار الواحد، وترتب علي ذلك ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية ما بين 20الي 25٪ . ربما كانت تونس هي الأوفر حظاً بين دول الربيع العربي ، فعلي الرغم من ان وزير التنمية احمد نجيب الشابي قّدر الخسائر الاقتصادية التونسية ب 3.52 مليار دولار ، الا ان تقارير صندوق النقد توقعت انطلاقة سريعة لهذا البلد الصغير الذي يبلغ حجم سكانه عشرة ملايين نسمة إذا استقر الموقف السياسي . كما توقع الصندوق أن تحقق تونس نموا اقتصاديا بنسبة 3.9 ٪ بدءا من عام 2012 بفضل قوة الصادرات الصناعية التونسية .وقد كان للثورات أثر في انخفاض معدلات الاستثمار في كامل المنطقة من 20 الي مليار دولار فقط أي بنسبة تصل الي 83٪ طبقاً لما قاله الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب . لكن النفط كان هو الفائز الاكبر وسط كل هذه الخسائر بعد ان ارتفع سعره لدرجة قياسية تجاوزت ال 30٪ مقارنة بالعام الماضي. في النصف الثاني من العام برزت الازمة المالية في اوروبا والتي بدأت بتجاوز ديون بعض الدول حاجز ال 100٪ من الناتج المحلي الإجمالي ومنها ايرلندا والبرتغال واسبانيا . بل ان بعض الدول تجاوزت ديونها هذا الحد لتصل الي 160٪ في اليونان و120٪ في ايطاليا . وقد أخذت الازمة التي بدأت باليونان في التفاقم خصوصاً في ظل التباطؤ الاقتصادي الامريكي الذي كان سببا في تفجير احتجاجات "احتلوا وول ستريت" . و قد كشفت المفوضية الأوروبية أن الأزمة المالية العالمية تكبد الاتحاد الأوروبي خسائر تصل إلي نحو 5ر2 تريليون دولار أي ثلاثة أضعاف ما ينفقه الاتحاد علي الاقتصاد . وقدّرت مصادر مصرفية خسائر البنوك الأوروبية التي تضمنتها خطة الانقاذ التي أقرتها منطقة اليورو في اتفاقية "إنقاذ اليورو" بنحو 377 مليار دولار. بينما قدرت مصادر أمريكية حاجة البنوك الأوروبية إلي تمويلات بنحو 778 مليار دولار للخروج من الأزمة . يضاف الي هذا الرصيد من الخسائر الفاتورة الباهظة التي دفعها الاتحاد وامريكا لحرب ليبيا والتي تجاوزت المليار دولار نصيب أمريكا منه 896 مليونا حسب ما ذكرت مجلة "فيسكال تايمز" الامريكية . وبعيدا عن السياسة كان للكوارث الطبيعية أيضاً نصيب كبير من النزيف الاقتصادي لهذا العام ، حيث اكدت دراسة أعدتها منظمة "سويس راي" ان الكوارث الطبيعية حول العالم تسببت في خسائر اقتصادية تقّدر ب350 مليار دولار و هو رقم وصفته شبكة "يورو نيوز" بالقياسي ، خاصة وان الخسائر الناتجة عن كوارث طبيعية العام الماضي لم تتجاوز ال 226 مليار دولار