كان الله فى عون المشاهدين الذين تطاردهم أغلب الفضائيات بكل ما هو غث ورخيص مع غياب فاضح لأولوية القضايا الجديرة بالاهتمام هذه الأيام. كان الله فى عون المشاهدين الذين يتحملون سجالات فارغة ويستمعون إلى بيانات ومفردات غير موثقة دون إدراك أن الرأى العام بات أكثر وعيا وأعمق نضجا من بعض الذين يطلون على الناس عبر الشاشات. وهنا أسمح لنفسى – كمشاهد – بأن أقول إننا فى مرحلة دقيقة تتطلب وعيا بكل معطياتها وتحدياتها، ومن ثم ينبغى الانتباه إلى خطورة وأهمية ما يقال عبر هذه الشاشات. إن القيمة الحقيقية لأى وسيلة إعلامية وفى مقدمتها ساحة البث الفضائى يتمثل فى القدرة على بث رسالة تعود على الناس وعلى الوطن بالفائدة المرجوة استنادا إلى معلومات وبيانات واضحة ومحددة خالية من الهمهمات غير المفهومة أو التحليلات والتفسيرات الملتبسة والمعقدة ثم إنه من غير المعقول على سبيل المثال أن تحظى قضية انسحاب تركى آل شيخ من ساحة الاستثمار الرياضى فى مصر باهتمام إعلامى يفوق مؤتمر قمة شرم الشيخ ويغطى على جريمة الدرب الأحمر الإرهابية. وفى ظل حرب نفسية شرسة يتعرض لها المشاهد المصرى من قنوات الفتنة والتحريض فإننا بحاجة إلى رسالة إعلامية بسيطة تكتسب ببساطتها وصدق محتواها قلوب وعقول الناس.. وما أبعد الفارق بين متحدث يدرك أهمية معايشته للناس وإيمانه بصحة القضايا التى تعبر عنهم وبين آخر لا يهمه سوى أن يستعرض بعض المعلومات المحشوة فى رأسه وكأنه يرتدى ثوب الأستاذ الذى يقف محاضرا أمام طلاب يجلسون أمامه فى مدرج العلم وهم أشبه بمستمعى فن المنولوج فى مسارح روض الفرج القديمة أيام زمان باعتباره مجرد كلام فى الهواء! وفى الإعلام بوجه عام والإعلام المرئى بوجه خاص تتسع مساحة الاحترام للشاشات التى تدرك أهمية اختيار المتحدثين والضيوف ممن يملكون صحيح المعلومات ولديهم القدرة على حسن إيصالها للمشاهد بفن استعمال أنسب الكلمات وأبسط المفردات!. خير الكلام: لا تمدح من يعلم فى قرارة نفسه أنه لا يستحق مديحك!. [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله