من بين أسوأ المشاهد المتكررة التي تعكس غياب الفهم الصحيح لمنهج الحوار ذلك الذي يتكرر- وبإصرار- من جانب بعض الذين يغطون عجزهم عن مجاراة محاوريهم علي الشاشات الفضائية نتيجة غياب القدرة علي مصارعة الرأي بالرأي وتفنيد الحجة بالحجة من خلال اللجوء إلي إشهار أسلحة الاستعلاء علي محاوريهم. إن مثل هذه النوعية المتضخمة بالغرور يغيب عنها أن الحوار هو فن استعمال الكلمات وحسن تداولها, ومن يملك ناصية القدرة علي توظيف علمه وثقافته يكسب جولة الحوار دونما حاجة إلي تكرار التنبيه إلي أنه الأكثر علما والأوسع معرفة! إن من يتعالون علي غيرهم من الناس يكونون في عجلة من أمرهم وتصدر عنهم أحكام باطلة بسبب غرورهم وعدم استعدادهم للاعتراف الصادق بجهلهم لبعض الأمور.. ثم إن هؤلاء يهيئ لهم غرورهم الزائد, وعدم الاعتراف بمقدرة الآخرين أن التشبث بالرأي, وعدم المرونة في تقبل الرأي الآخر أو حتي مجرد الاستماع إليه يضمن لهم كسب جولة الحوار دون عناء! إن المحاور الحقيقي هو الذي يملك القدرة علي إقناع الآخرين بوجهة نظره دونما حاجة إلي التعالي عليهم أو تجاهل آرائهم, وذلك أمر لا يتأتي فقط بوفرة المعلومات المحشوة في رأسه, وإنما بما اكتسبه أيضا من الملاحظة والتفكير والصلة الشخصية الوثيقة بأناس من جميع الطبقات. و مع أنه يفترض في الذي يعمل بالسياسة أن يكون مثقفا, ومؤهلا, ومتواضعا فإن البعض يغيب عنهم أن مخاطبة الجماهير فن سياسي رفيع بعضه موهبة, وبعضه تواضع, وأغلبه حسن اقتراب من مشاعر الرأي العام. خير الكلام: إذا امتلك الغني فضيلة الشكر لأصحاب الفضل عليه يعيش مهابا باحترام الخصوم قبل الأصدقاء! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله