من بين أهم ما كشفت عنه الأحداث التي شهدتها مصر منذ يوم25 يناير الماضي أن مصر لديها شباب يمتلك القدرة علي التعبير عن نفسه تحت مظلة الاستمساك بالحلم والأمل في صنع غد أفضل, متسلحا بالعلم وقدرة التواصل مع ثقافة العصر الإلكترونية, ولكن الشيء الذي ينقصه ونحن كجيل أكبر مسئولون عن ذلك هو غياب ثقافة الحوار. أتحدث عن مسئوليتنا كآباء وأمهات ومسئوليتنا كمجتمع خصوصا في مجالات التربية والتعليم والصحافة وسائر وسائل الإعلام عن عدم تأهيل هذا الجيل لثقافة الحوار ظنا بأن سياسة الإملاء والتلقين التي تربينا عليها يمكن أن تضمن الطاعة, وأن توفر الاحترام لمن هم أكبر سنا وأعلي مقاما بمثل ما تربينا عليه في عصر الراديو الواحد والصحيفة الرسمية وتليفون العمدة والبندر. وحتي بعد أن دخلنا إلي عصر الإنترنت والفضائيات لم نقدم لأبنائنا سوي وصلات الردح وندوات الجدل وبرامج التجريح والتشويه والتسفيه سواء بين بعضنا البعض أو تجاه القيادات والرموز الوطنية والتاريخية. إن الصراحة قد تكون لها طعم العلقم المر, ولكن ما جري علي مدي الأسبوعين الأخيرين يؤكد أن الأزمة التي واجهناها لم يكن لها أن تطول لو أننا اعتمدنا ثقافة الحوار منهجا في المدارس والجامعات ومن خلال مختلف وسائل الإعلام لتكون نموذجا وقدوة لهذه الأجيال, التي غاب عن بعضها الخط الفاصل بين حق الاحتجاج والغضب المشروع وبين التصلب والتشدد إلي حد عدم قبول الحوار. إننا لم نوجههم إلي أبسط أدبيات ثقافة الحوار خصوصا عند ممارسة حق السؤال وطرح التساؤلات علي الكبار والآباء فليس من اللياقة مثلا أن تجئ الأسئلة يغلب عليها صبغة الاستنطاق أو الاتهام بطريقة عدائية وإنما ينبغي أن تغلف الأسئلة حتي لو كانت معبأة بأشد الاتهامات بلغة لطيفة تفتح الشهية للرد الصادق دون استعلاء ودون غرور! ثقافة الحوار هي المدخل لتخفيف حدة التوتر وتأمين الهدوء الذهني الذي يضيق الفجوات ويقرب المسافات ويسد الثغرات! خير الكلام: حذار أن تفلت السكين من يدك فلا تجرح أحدا سواك! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله