أعتقد أننا نتفق جميعا علي أن الديمقراطية في جوهرها تمثل أفضل وعاء للحوار ولكن البعض لا يضع خطا فاصلا بين الحوار والجدل... وما أبعد الفارق بين الاثنين لأن الحوار رأي في مواجهة رأي آخر. أما الجدل فهو استبداد بالرأي وتشبث بالعناد لمجرد المعارضة والرفض فقط... فالديمقراطية أن تسمعني وأن أسمعك لا أن تصرخ في وجهي وأرد عيك بصراخ أشد! الديمقراطية هي الحوار ولكن بشرط ألا يفهم أحد أن الحوار هو الغاية لأنه مجرد وسيلة فقط لتقريب وجهات النظر من أرضية فهم المتحاورين بأن هدف الحوار هو الوصول إلي صيغة مشتركة تعكس استفادة ملموسة من الرأي والرأي الآخر. الديمقراطية إذن ليست الصوت الزاعق ولكنها الصوت المحسوس الذي يدخل أروقة الجدل والحوار مسلحا برؤية ثاقبة قادرة علي الفعل والتأثير في توجيه الدفة وتحديد المسار سواء عند منطقة صناعة القرار إذا كانت تعبيرا عن صوت الأغلبية أو توجيها للرأي العام وتوسيع مساحة خياراته إذا كانت تعبيرا عن صوت المعارضة. والديمقراطية هي سيادة القانون الذي يرتضي الجميع الخضوع له والاحتكام إليه بعد أن يكون القانون قد مر بالمراحل الديمقراطية قبل إصداره ونال الوقت الكافي من البحث والفحص والتمحيص تحت مظلة الحوار الموضوعي.. لأن هذه المراحل هي التي تكسب القوانين مزيدا من الحصانة ومزيدا من الاحترام. وإذا كان صحيحا أن الديمقراطية هي الأحزاب وأنه لا ديمقراطية بدون أحزاب فإنه ينبغي القول أيضا إن الديمقراطية لا تتحقق في أي مجتمع لمجرد أن به أحزابا متعددة ومتنافسة وإنما يجب أن يسبق ذلك وجود ديمقراطية حقيقية داخل كل حزب علي حدة لأن غياب الديمقراطية داخل الأحزاب ينسف أي مصداقية لهذه الأحزاب في تعاطيها مع المسألة الديمقراطية بشكل عام. والديمقراطية هي حرية الرأي وحرية الاجتهاد وحرية الإبداع ولكن بشرط أن تكون الحرية محكومة بضوابط أساسية ترتكز إلي قيم المجتمع وتقاليده وثقافته من ناحية وأن نتجنب المساس بحرية الآخرين وعدم المساس بالسمعة والشرف والنزاهة من ناحية أخري! وليتنا جميعا نتقي الله في مصر قبل أي شيء آخر لأن مصر ينبغي أن تظل دائما- أكبر من كل الأشخاص وأكبر من كل الأحزاب. وغدا نواصل الحديث.. خير الكلام: عليك أن تجادل خصمك بالحجة التي يخشاها وليس بالحجة التي تخشاها أنت! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله