في أدبيات الديمقراطية كمفهوم عالمي توجد مجموعة محظورات ينبغي تجنبها في أي تنظيم ديمقراطي أهمها محاولة استخدام الممارسة الديمقراطية في غير موضعها أو اللجوء إلي أساليب مظهرية بعيدة عن جوهر الهدف المتبقي من الديمقراطية. أريد أن أقول بوضوح إنه ليست في الممارسة الديمقراطية أي شرعية لاستخدام الوسائل الشكلية فقط لإثبات الوجود علي الساحة السياسية من نوع الاحتجاج والانسحاب والمقاطعة أو عدم الاعتراف بحق الأغلبية في رسم وتطبيق السياسات التي صوت الشعب لصالحها عبر صناديق الانتخاب. وفي اعتقادي أنه كلما ترسخت قواعد الديمقراطية في أي مجتمع اتسقت مساحات الحوار وتعددت قنوات التواصل والاتصال, لأن لغة الحوار هي التي تعكس حيوية وحرية المجتمع وقدرته علي توفير كل الحقوق الديمقراطية, خصوصا حق إبداء الرأي وممارسة النقد وطرح البدائل دون تطاول ودون الانزلاق إلي توجيه الاتهامات بغير أدلة دامغة. والحقيقة أن الديمقراطية ليست مجرد لافتات وشعارات وبرامج للتمييز بين الأحزاب فقط وإنما هي في البداية والنهاية منهج للتفكير والسلوك يرتكز أساسا علي تقديم القدوة الطيبة وإثبات مصداقية الالتزام بالضوابط التي تتفق ومباديء الشرعية الدستورية واحترام سيادة القانون, لأن سيادة القانون هي أساس الحكم في أي مجتمع ديمقراطي يؤمن بالرأي والرأي الآخر ويحتكم إلي القضاء المتمتع بكامل الاستقلالية والحصانة. ورغم أن الديمقراطية وآلياتها هي التي تعكس عمق وحقيقة الحرية في أي مجتمع فإن هناك خطوطا حمراء لا ينبغي تجاوزها باسم الحرية خصوصا تلك التي تتعلق بحماية البعد الاجتماعي وتعزيز الوحدة الوطنية حفاظا علي تماسك وترابط المجتمع, بعيدا عن أي صراع فئوي أو تناحر طائفي ومذهبي من ناحية وضمان أمن المواطن علي حياته وحريته وممتلكاته من ناحية أخري. وليس هناك دولة لا تعاني من بعض إشكاليات في ممارسة الديمقراطية لكنها بالقطع لا ينبغي أن تؤثر علي مواصلة المسيرة والعمل علي تصحيحها, وعندما يقول الرئيس مبارك إنه كان يتمني وجودا أكبر لأحزاب المعارضة تحت قبة البرلمان فإنه كان يشير إلي أحد أهم أدبيات الديمقراطية كمفهوم عالمي يحض علي التنوع والتعددية, لأن غياب التمثيل الصحيح لكل القوي السياسية في المجتمع أمر يخاصم جوهر وفلسفة عملية التحول الديمقراطي التي يحلم بها الرجل لوطن يستحق صحيح الديمقراطية. ومن حسن الحظ أن المادة62 من الدستور بعد تعديلها عام2007 تفتح الباب أمام جواز وضع نظام انتخابي يجمع بين النظام الفردي ونظام القوائم الحزبية بأية نسبة بينهما يحددها القانون. *** خير الكلام: ** ثلاثية النجاح... عقل يفكر ويد تعمل وقلب يحب ولا يكره! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله