مصر لم تعد تحتمل مزيدا من الكلام.. الناس أصابتها التخمة من ساعات الرغى الطويلة فى برامج التوك شو التى أصبحت بالنسبة للمصريين مثل القضاء والقدر الذى لا مفر منه. معظم الذين التقيتهم يتبرمون من هذا الإسهال الذى لا يقدم جديدا بالمعرفة ولا يمس أى وتر من أوتار المشاكل الاجتماعية والاقتصادية لعموم المصريين.. أصبح الحديث فى السياسة مهنة من لا مهنة له وأصبح الادعاء عنوانا للقفز على الحقيقة وتسميم العقول ببطولات زائفة لا مكان لها فى الضمير الوطنى الخالص. ولأن الكلام تحول إلى سلعة رائجة منذ 25 يناير 2011 فقد أصبح له محترفون يتقافزون عبر الشاشات والأولوية لمن لديه قدرة على الصياح وتوجيه الشتائم والاتهامات دون دليل وذلك أدى إلى انعدام الثقة لدى قطاعات عريضة من المشاهدين فى صحة وجدية معظم ما يذاع باستثناء الحالات الفريدة والموثقة بتسجيلات واضحة من نوع ما يعرضه الصحفى والإعلامى المجتهد عبد الرحيم على المتخصص فى شئون جماعات الإسلام السياسى والجماعات الإرهابية والتكفيرية المتطرفة بما يملكه من وثائق ومستندات فى الصندوق الأسود. والحقيقة أننى لا أريد أن أكون ظالما للفضائيات وحقها فى توسيع مساحة الانتشار والمتحدثين عبر شاشاتها وحقهم فى الاستفادة المادية والمعنوية ولكننى فى ذات الوقت لا يجب أن أتجاهل حالة الزهق التى بدأت تتسرب إلى النفوس وتهدد بضياع أفضل ما أفرزته الحالة المصرية فى السنوات الأخيرة من عودة الاهتمام بالشأن العام وهو أمر يجب أن يحسب لقوة تأثير الإعلام المصرى فى مزاج الرأى العام الذى استطاع أن يؤكد مفعوله تحت مظلة معادلة متوازنة ترتكز إلى حرص الإعلام على النجاح ورغبة الناس فى التغيير... وظنى أن هذه المعادلة تحتاج اليوم إلى مراجعة جديدة لصنع توازن جديد بين رغبة الفضائيات فى الانتشار ورغبة المجتمع فى رؤى جديدة وجادة تتوافق مع متطلبات مرحلة تاريخية جديدة . خير الكلام: لا أهمية للكلام فى غياب الفعل.. ولا خير فى الصمت تحت رايات العجز! http://[email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله