شهدت الساحة الدبلوماسية الدولية في الأيام الأخيرة تصعيدًا غير مسبوق في التوتر بين إسرائيل وعدد من العواصم العالمية، وذلك عقب حادثة إطلاق النار التحذيري من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي على وفد دبلوماسي يضم ممثلين عن أكثر من عشرين دولة خلال زيارتهم لمخيم جنين في الضفة الغربية يوم 21 مايو 2025. هذه الواقعة أثارت موجة غضب واستنكار دوليين، وأدت إلى استدعاء عدد من الدول لسفراء إسرائيل لديها، بالإضافة إلى احتجاجات رسمية واسعة. وبدأت الأزمة عندما أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي "طلقات تحذيرية" في الهواء أثناء مرور وفد دبلوماسي رسمي يضم سفراء ودبلوماسيين من دول أوروبية وعربية وآسيوية، إضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الأوروبي، في محيط مخيم جنين. وبحسب الادعاءات والمزاعم الإسرائيلية، فقد انحرف الوفد عن المسار المتفق عليه مسبقًا ودخل منطقة لم يتم التنسيق بشأنها، ما دفع الجنود لإطلاق النار في الهواء لإبعادهم. لم تسفر الحادثة عن إصابات أو أضرار مادية، إلا أن رمزية الحدث وخطورته الدبلوماسية أثارت ردود فعل حادة من قبل العديد من العواصم الأوروبية والعربية. وأجمعت الدول التي شارك ممثلوها في الوفد على أن ما حدث انتهاك صارخ للأعراف والقوانين الدولية التي تضمن الحصانة والحماية للدبلوماسيين. وصدرت بيانات إدانة واستنكار من وزارات الخارجية في دول عدة، مع استدعاء سفراء إسرائيل لديها لتقديم تفسيرات رسمية، أو توجيه احتجاجات شديدة اللهجة. فرنسا كانت من أوائل الدول التي أعلنت استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس، ووصفت الحادثة بأنها "غير مقبولة"، وطالبت بتوضيحات رسمية، معبرة عن دعمها الكامل لطاقمها الدبلوماسي الذي كان ضمن الوفد. بلجيكا أيضًا أعربت عن صدمتها الشديدة من تعرض أحد دبلوماسييها لإطلاق النار، وطلبت من إسرائيل تقديم بيان مقنع حول ملابسات الحادثة، كذلك استدعت كندا السفير الإسرائيلي في أوتاوا، وأكد رئيس الوزراء الكندي أن الحادث "غير مقبول تمامًا" وطالب بتحقيق فوري وشفاف. إيرلندا عبرت عن صدمتها الشديدة ووصفت ما حدث بأنه "عمل عدائي وترهيبي"، وأكدت أنها ستطالب إسرائيل بضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث. كذلك إيطاليا وإسبانيا أصدرتا بيانات إدانة شديدة، واستدعتا السفراء الإسرائيليين لديهما، وطالبتا بتحقيق فوري. النرويج أدانت الحادثة بشدة، وأكدت أن ما حدث يمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي، وطالبت إسرائيل بضمان حماية الدبلوماسيين. ألمانيا أدانت ما وصفته ب"الهجوم غير المبرر" على دبلوماسييها، وأكدت أن إطلاق النار على وفد دبلوماسي أمر غير مقبول على الإطلاق. بالإضافة إلى ذلك، استدعت البرتغال، هولندا، المملكة المتحدة، اليابان، الهند، الأردن، المغرب، البرازيل، روسيا، والصين سفراء إسرائيل أو قدمت احتجاجات رسمية، نظرًا لمشاركة دبلوماسييها في الوفد أو تضامنًا مع الدول المتضررة. موقف الاتحاد الأوروبي الاتحاد الأوروبي أصدر بيانًا شديد اللهجة على لسان ممثل السياسة الخارجية كايا كالاس، أكد فيه أن "أي تهديد لحياة الدبلوماسيين أمر غير مقبول"، وطالب إسرائيل بتحقيق عاجل ومحاسبة المسؤولين عن الحادثة. كما دعت الأممالمتحدة إلى تحقيق شفاف، وأكدت على ضرورة احترام الحصانة الدبلوماسية وضمان حرية حركة الدبلوماسيين في الأراضي الفلسطينية. في سياق متصل، شهدت الأزمة تطورًا إضافيًا مع إعلان إسرائيل استدعاء سفرائها من إيرلندا، النرويج، وإسبانيا، ليس بسبب حادثة جنين تحديدًا، بل كرد فعل على إعلان هذه الدول الثلاث نيتها الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين في 28 مايو 2025. هذا التصعيد المتبادل زاد من حدة التوتر الدبلوماسي بين إسرائيل وعدد من العواصم الأوروبية، وألقى بظلاله على الموقف الدولي من السياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية. تعد واقعة إطلاق النار على الوفد الدبلوماسي في جنين سابقة خطيرة في العلاقات الدبلوماسية الدولية، إذ لم تقتصر ردود الفعل على الاستنكار، بل اتخذت طابعًا عمليًا باستدعاء السفراء وتهديد العلاقات الدبلوماسية. كما أظهرت الحادثة حجم التوتر المتزايد بين إسرائيل والمجتمع الدولي، خاصة في ظل تصاعد الانتقادات لسلوك جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.