كيف تسهم المخطوطات القبطية في كتابة التاريخ؟.... هذا السؤال مطروح علي الباحثين والمثقفين.. في البداية يعرف الدكتور ماجد صبحي أمين وحدة البحث والنشر بالمركز الثقافي القبطي المخطوط القبطي . بانه كل ماكتب بخط اليد ويحتوي علي نص مسيحي سواء اكان مكتوبا باللغة القبطية فقط او القبطية والعربية أو العربية وحدها او كان مترجما من القبطية, وبالتالي فان المخطوط القبطي ينتمي الي التراث الثقافي القبطي المكتوب أصلا باللغة القبطية او المترجم عنها.. ويشير ايضا الي مخطوطات قبطية وصلت إلينا بلغات أخري كالسريانية والحبشية لكنها تظل مأخوذة من أصل قبطي قديم ربما تعرض للفقد او التلف ويقول: ان من اقدم المخطوطات القبطية التي وصلت الينا بردية شيستر بري رقم965 المحفوظة بدبلن( أيرلندا) وهي عبارة عن أجزاء من سفر أشعيا النبي مكتوبة أصلا باللغة اليونانية وتتضمن خمسين تفسيرا لمعاني الكلمات باللغة القبطية وذلك باللهجة الفيومية ويرجع هذا المخطوط الي اوائل القرن الثالث الميلادي, ويضيف أن من بين اقدم المخطوطات كذلك التي تعود الي الفترة الزمنية ذاتها بردية بودمر رقم6 المحفوظة بجنيف في سويسرا وتحوي اجزاء من سفر الأمثال. وتصنف المخطوطات القبطية وفق كلام الدكتور صبحي تبعا لموضوعاتها مثل نصوص الكتاب المقدس والقوانين الكنسية وسير القديسين والمواعظ والصلوات والطب والسلالم( القواميس) والأدب وغيرها.. ويشير الي ان مصر لم تعرف مؤرخا رسميا للدولة من الأقباط, لكن هذا لاينفي أن هناك من الأقباط من اهتم بكتابة التاريخ مثل يوحنا النيقوسي الذي كتب في القرن السابع الميلادي تاريخ دخول العرب الي مصر وجرجس بن العميد الذي كتب تاريخ الأيوبيين. هذا علاوة علي المخطوطات التي تناولت تاريخ الكنيسة القبطية وأبرزها كتاب ساويرس بن المقفع أسقف الأشمونيين في القرن العاشر الميلادي. ويقول الدكتور صبحي انه لايمكن دراسة تاريخ مصر بصورة كاملة دون الأخذ في الاعتبار مخطوطة ابن المقفع والتي تناولت تاريخ القرون التسعة السابقة عليها مترجما وثائق من القبطية الي العربية كانت موجودة في مكتبة دير ناهيا بالجيزة, وهو الدين الذي اندثر وجري تدميره في عهد المماليك البحرية.. ويضيف: تكمن اهمية تاريخ البطاركة لإبن المقفع في انه لايحوي فقط تاريخ الكنيسة القبطية بل يتطرق الي علاقات القبط بالمجتمع والدولة وتاريخ المسيحية في بلاد النوبة والحبشة وفي الخمس مدن الغربية( شمال ليبيا حاليا) ويشير الدكتور صبحي ايضا الي اهمية مخطوط بطرس بن الراهب في كتابة تاريخ مصر. ويوضح ان المخطوطة تعود الي القرن الثالث عشر وهي مكتوبة باللغة العربية, وتعكف مجموعة من العلماء المصريين المقيمين في الخارج علي تحقيقها ونشرها مما سيكون له اثره في كتابة فترات مهمة من تاريخ مصر وبخاصة فترة الدولة الأيوبية. كما يلفت الانتباه الي مخطوطة قبطية أخري مهمة في التاريخ للفترة الأيوبية وهي مخطوطة أخبار الأيوبيين للمكين جرجس بن العميد, والذي كان يلقب بكتاب الجيوش المنصورة, حيث كان يعمل في ديوان الجيش وقريبا من الأحداث في القرن الثالث عشر الميلادي. ويشدد أمين وحدة البحث والنشر بالمركز الثقافي القبطي علي أن الدراسة التاريخية المنصفة لابد لها ان تعتمد علي أكثر من مؤرخ واحد وأكثر من وجهة نظر واحدة ومن هنا تكتسب المخطوطات القبطية اهميتها في اعادة كتابة التاريخ, وكان الدكتور صبحي قد تقدم بورقة بحثية الي سيمنار التاريخ السنوي للجامعة الأمريكية هذا العام بعنوان الروايات غير الرسمية للتاريخ.. نماذج من حواشي المخطوطات القبطية.. وعرض في ورقته لانواع الحواشي المختلفة علي المخطوطات ومن بينها مايضيفه مؤلف المخطوط او الناسخ أو شخص حاز المخطوط أو قرأه.. ومن بين انواع الحواشي التي اشار اليها الحواشي التاريخية التي تتضمن احداثا سياسية او اجتماعية او ظواهر طبيعية.. ويقول ان هناك مخطوطا باسم مواعظ للقديس يوحنا ذهبي الفم يعود الي القرن الرابع الميلادي, وقد جري تداول المخطوط في القرن الثامن عشر الميلادي ليكتب عليه شخص يدعي إبراهيم الناسخ أحداثا تتصل بالحملة الفرنسية مثل الغلاء والطاعون. الدكتور صبحي في حواره مع الأهرام يطالب باعادة النظر في قانون حماية المخطوطات رقم8 لسنة2009 وبخاصة المادة الحادية عشرة والتي تنص علي جواز استيلاء الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية علي أي مخطوطة تري ضمها اليها.. ويقول: أي مصلحة قومية في انتزاع التراث من مكانه.. ففي الابقاء علي التراث في مواقعه طالما يظل متاحا لاطلاع الباحثين والدارسين تشجيع للسياحة المحلية.