الفيس بوك أصبح مرآة تعكس كل مايدور في المجتمع, بل وتحركه أيضا وآخر موضوع تناقشه مواقع التواصل الاجتماعي حاليا هو الدعوة لمقاطعة المنتجات الأمريكية تعبيرا عن الغضب الشعبي من تطورات أزمة التمويل الأجنبي وخروج المتهمين الأمريكيين دون مثولهم أمام القضاء المصري, الدعوة شملت مقاطعة مطاعم الوجبات السريعة الموجودة علي أرض مصر وكل مايدخل البلاد من منتجات أمريكية, ومع توقع حدوث تأثير محدود علي الاقتصاد الأمريكي في حالة الاستجابة لهذه المبادرة فإن اطلاقها هو رسالة من مصر لأكبر قوة في العالم تؤكد أن المعونة لاتفيدنا وقطعها لن يضرنا.. وهذا مايؤكده الناشطون الداعون إلي المقاطعة ومنهم سارة كمال وهي طالبة بالفرقة الثانية إدارة أعمال بالجامعة الأمريكية, التي تقول ان هذه المبادرة ليست هجوما علي ماما أمريكا وإنما نوع من أنواع تفريغ شحنة الغضب واثبات الذات والكرامة أمام الدول المتفرقة. لقد جاءت هذه الفكرة عدة مرات من قبل أثناء الرسوم المسيئة للرسول وقاطعنا المنتجات الدنماركية, ولأن الآن أصبح التواصل سهلا عن طريق شبكة المعلومات الإنترنت الفيس بوك فقد اجتمع نحو5 آلاف عضو علي تفعيل مبادرة مقاطعة المنتجات الأمريكية وبدأنا في نشر هذه المبادرة ليس بين طلاب الجامعات فحسب, بل في جميع النوادي الاجتماعية والمؤسسات رغبة في محاولة الاستغناء عن المنتجات والمطاعم الأمريكية التي احتلت مصر وإن كانت هذه المنتجات تنحسر في بعض الألبان والجبن والبسكويت والقمح والخبز وحلويات الأطفال, فهي ليست منتجات حيوية يعتمد عليها المواطن المصري فيمكن الابتعاد والاستغناء عنها لأنها من الرفاهية الزائدة والنهوض بالاعتماد علي الصناعة والمنتجات المصرية حتي إذا كانت تحتاج إلي النهوض بالمستوي الصناعي والتعديل. ويري الدكتور إبراهيم آدهم الخبير الاقتصادي ان مقاطعة المنتجات الأمريكية ليست الحل. أولا: أنا ضد ربط الاقتصاد بالسياسة لأن هناك مايسمي بمصالح وعلاقات ثابتة بين الدول المتقدمة والكبري ولكي تحترم مصر وتكن مثل الدول الكبري فيجب احترام سيادتها والاتفاقات الدولية لأننا عنصر متكامل مع العالم الخارجي ونحن مرتبطون باتفاقية الجاتGat واتفاقات المناطق الحرة والتجارية فتسييس المعاملات الاقتصادية ينتج عنه خسارة وضررا لصادراتنا مع الدول المتنازع معها ونشوب خلافات فبالتالي أري حل جميع النزاعات بين الأفراد لأن هذا الأمر يساعد علي تشجيع صادراتنا في الخارج واحترام الآخرين لنا. ولابد من الاهتمام بمنتجاتنا المصرية والتصدير للدول الأخري مع أهمية وضع خطة إحلالية لتحل محل السلع الأمريكية المستوردة, كما ان حملات المقاطعة الشعبية التي يبادرون بها كنوع من انواع الخروج عن الصمت والغضب للمنتجات الأمريكية, فهو أمر مقبول لأن في اعتقادي انه لن ينجم عنه أي خسارة اقتصادية فادحة أو حتي مشكلات بين الدولتين ولايؤثر علي العلاقات بينهم. أما الدكتورة آية ماهر أستاذة الموارد البشرية بالجامعة الألمانية وعضوة المجلس الأعلي للثقافة تقول: مبدأ عام أنا ضد مقاطعة أي أفراد أو أي شعوب مهما اختلفنا في التوجهات والآراء ولكن في هذه المرحلة الحرجة التي يعاني منها الاقتصاد المصري من تدني فيجب علي كل مواطن مصري شراء وتفضيل المنتج المصري علي المنتج الأجنبي حتي ولو بجودة أقل ومن هنا يجب عملية الإثار وليس فكرة معاداة أي منتج أجنبي ولكن أولا تتطلب العملية ثقافة نشر الانتماء للمنتج المصري وهو إشعار المواطن المصري بأهمية مشاركته بشراء المنتج المصري وماسوف يعود من ذلك برفع المستوي المعيشي وليس من العداء نزعم أو نعلن مبادرة مقاطعة المنتجات الأجنبية. فمنذ عهد عبد الناصر كانت توجد منتجات قومية مثل الغزل والنسيج والحديد والصلب كانت تمثل ثروة قومية لمصر وكان لايدعم أي دخول لمنتجات أجنبية علي الرغم من ضعف المنتج المحلي وكان هذا تضحية الشعوب وعلينا الآن ان نضحي من أجل وطننا الغالي وانجاح ثورة25 يناير. وعلي الجانب الآخر, يوجه الدكتور محمد المنسي أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة دعوة إلي تحكيم العقل والنظر إلي ماحدث أخيرا في العلاقات مابين مصر وأمريكا ينبغي ألا يخضع إلي منطق الانفعال أو منطق اللحظة أو منطق المكسب والخسارة أو منطق القطعة لأن العلاقات بين الدول أكبر من كل ذلك فهي علاقات لايقوم بها افراد عاديون إنما يقوم بها مسئولون لديهم خبرة طويلة في التعامل مع الأزمات والمشكلات الطارئة حتي لاتتحول إلي تصعيد يؤدي إلي القطيعة والخسارة فالازمات التي تنشأ بين الدول ينبغي ان تدار بطريقة حرفية وليس بطريقة اصطياد الاخطاء أو حتي التجاوزات فهناك قواعد لابد من الاحتكام لها عند تقييم العلاقات بين الدول وليس من بين هذه القواعد بكل تأكيد الحماس أو الانفعال أو الغضب الشديد الذي لايتيح الرؤية الصائبة للحدث والطريقة الأمثل في التعامل معه.