تدهور وضع إسرائيل دوليا عقب ما حدث مع اسطول الحرية وخوفا من مقاطعة اقتصادية اوروبية لها جعل النية تتجه حاليا الي تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة تضم حزب كاديما. وأبرز الساعين الي هذا الامر هو الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز الذي ينتقد في محادثاته المغلقة سلوكيات حكومة نتانياهو. وقد التقي بيريز في الفترة الاخيرة مع ثلاثة من وزراء حزب الليكود وطرح عليهم فكرة توسعة الائتلاف الحالي التي حظيت بتأييد فوري, وأكثر ما يثير قلق بيريز هو بوادر المقاطعة الاقتصادية ضد اسرائيل من جانب بعض الهيئات والمنظمات خاصة في أوروبا الشمالية والتي يمكن أن تتزايد وتصل في نهاية الأمر الي مقاطعة رسمية. وتسيطر علي بيريز كما يكشف المقربون منه حالة امتعاض من سياسة الحكومة الحالية التي أظهرت اسرائيل كرافضة للسلام, وهو لايعبر عن موقفه هذا علنيا حتي لايستفيد من ذلك منتقدو اسرائيل في الخارج. وشواهد الأمور في الفترة الأخيرة تدل علي أن حصار الاقتصاد الاسرائيلي قادم لامحالة, فنصف النرويجيين تقريبا يريدون مقاطعة اسرائيل, وفي ايطاليا ينزلون البضائع الاسرائيلية من فوق أرفف المحلات, والأتراك يعلنون عن تجميد صفقات تجارية مع اسرائيل والفلسطينيون يقاطعون منتجات المستوطنات, أما السويد فتبيع أسهم شركة إسرائيلية وفي الأيام الأخيرة أعلنت سلسلة محلات سوبر ماركت ايطالية رفضها بيع أي منتجات اسرائيليية, وزعماء الطلبة في جامعة باركلي الأمريكية ينادون باتخاذ موقف ضد الشركات التي تبيع الأسلحة لاسرائيل, أما استطلاعات الرأي فقد أظهرت أن النرويجيين يستعدون لمقاطعة اسرائيل, ومؤيدو الفلسطينيين ينادون عبر الفضائيات الدولية الجميع سواء أكانوا حكومات أو منظمات أو شركات أو حتي أفراد بمقاطعة المنتجات الاسرائيلية, أما الانترنت فمليء بمواقع تطالب بمقاطعة إسرائيل اقتصاديا وبها بيانات مفصلة لفضح ممارسات إسرائيل وارشادات للمستهلك الراغب في المقاطعة0 وعلي الجانب الآخر فإن إسرائيل لا تكتفي بدور المشاهد لما يحدث فهناك إدارة خاصة في وزارة الخارجية الإسرائيلية لمحاربة المقاطعة الاقتصادية برئاسة' ديجاي شينفايس' الذي يري أن هدف من يدعون للمقاطعة جعل إسرائيل دولة منبوذة, وفي نفس الاطار هناك حملة ضد المقاطعة يتولاها إسرائيليون ويهود. لكن الغريب في الأمر أن هناك إسرائيليين يطالبون بمقاطعة إسرائيل إقتصاديا مثل الدكتور نيف جوردون من جامعة بن جوريون الذي نشر مقالا في لوس أنجلوس تايمز طالب فيه بمقاطعة إسرائيل, والدكتور إيلان بابا من جامعة حيفا الذي ساعد في محاولات فرض مقاطعة أكاديمية بريطانية علي إسرائيل, والبروفيسور' حنا كرونفلاد' من جامعة باركلي والتي دعت إلي فرض مقاطعة علي شركة جنرال إليكتريك لبيعها منظومة أسلحة لإسرائيل. وجامعة باركلي التي تنتهج الخط اليساري بها عدد من الاكاديميين الإسرائيليين واليهود الذين يعملون بصورة فعالة ضد إسرائيل ومنذ نحو اسبوعين تم الإعلان عن أن دويتش بنك وهوأكبر بنوك ألمانيا باع أسهم شركة ألبيت الإسرائيلية التي تسوق تجهيزات معدة للجدار العازل, النشطاء المؤيدون للفلسطينيين اعتبروا هذا نجاحا كبيرا ونتيجة لجهودهم في إقناع البنك لكن إسرائيل تقول ان البيع تم لصالح أحد عملاء البنك وليس لأي اعتبارات سياسية. وتتعدد أساليب النشطاء المؤيدين للفلسطينيين فمنهم من ينظم المظاهرات أمام السفارات الإسرائيلية والمؤسسات الحكومية والمالية ونشر المقالات التي تنادي بالمقاطعة. يري الدكتور جئ هيرفز استاذ العلاقات الدولية بالجامعة العبرية أنه إذا ما قررت دول أوربا أوالاتحاد الاوروبي فرض عقوبات اقتصادية علي إسرائيل فإن الأمر سيكون بمثابة مشكلة كبيرة لأنه لا توجد اليوم جمارك علي السلع الإسرائيلية المصدرة لدول اوروبا وطبقا لحكم المحكمة الاوروبية في فبراير الماضي فإن المنتجات الإسرائيلية التي تخرج من مصانع الضفة الغربية والجولان لا تباع علي أنها سلع أومنتجات إسرائيلية وبالتالي فلن تحصل علي إعفاء جمركي مثل الذي تحصل عليه المنتجات الإسرائيلية في اطار اتفاقية التجارة الحرة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي.