غادرت مصر عقب وفاة عبد الناصر ولم أعد إليها إلا عقب وفاة السادات، ودخلت نادي القصة مترددا لأول مرة في حياتي أسأل عن الرواية التي كتبتها أثناء غربتي بعنوان »كيراك« وقدمها عني في غيابي أحد أقربائي، ففوجئت بشهادة موقعة من رئيس النادي الكاتب الكبير: توفيق الحكيم يصفني فيها بالأديب و بفوزي بالجائزة الأولي في الرواية وكتب اسمي علي اللوحة الذهبية بالنادي مع كبار الكتاب ممن سبقوني، فخفف ذلك من لوعة الغربة و أزال أشجانها. من هنا فقد آمنت بأن في مصر أناس شرفاء يمنحون جوائزهم لمن لا يعرفونهم إلا من خلال أعمالهم المتميزة، فآليت علي نفسي أن أرد الجميل بالوسيلة التي هيأني الله لها كمحام، وهي الدفاع عنهم بساحات المحاكم و أمام النيابات، طوال ربع قرن مضي علي عضويتي لنادي القصة و اتحاد الكتاب، وقفت مع كل كاتب مظلوم مدافعا في مواجهة السلطة الغاشمة دون أجر أتقاضاه سوي رضوان الله و محبة الزملاء، حصلت لبعضهم علي البراءة أذكر من الراحلين: عبد العال الحمامصي وناهد شريف أمام نيابة أمن الدولة العليا، ومن الأحياء : اللواء شرطة حسن فتح الباب و اللواء شرطة حمدي البطران، والشاعر:أمين الديب، انتهاء بنفي الإتهام عن الأديبين الكبيرين: جمال الغيطاني و د: أحمد مجاهد ، وحفظ التحقيق في البلاغ الذي قدم ضدهما بنيابة أمن الدولة العلياعن مسئوليتهما في نشر مجلد ألف ليلة و ليلة التي برئت ساحتها ، مع دفاعي عن مجلة " إبداع" بالإشتراك مع الهيئة العامة للكتاب إنتهاء بوقف تنفيذ قرار غلقها و عودتها إلي الحياة مرة أخري . من أولي المعارك التي صادفتني عقب التحاقي بعضوية اتحاد الكتاب، أن انتخابات الجمعية العمومية لأعضاء مجلس الإدارة كان يجري فرز أصوات الناخبين في سرية و بحجرة مغلقة دون رقيب أو حسيب، فقمت برفع دعواي لأول مرة أمام القضاء الإداري الذي رفضها لوجود نص المادة 30/2 من قانون اتحاد الكتاب رقم 65/1975 و التي اشترطت للطعن في قرارات الجمعية العمومية أو مجالس الإدارة ضرورة أن يوقع مائة عضو ممن حضروا الجمعية العمومية علي عريضة الدعوي كشرط لقبول الدعوي مما ترتب عليه عدم قبول دعواي، لكنني صممت علي الطعن مرة أخري في انتخابات تالية ورفع طعني إلي المحكمة الدستورية العليا التي نظرته بالطعن رقم193/23 ق دستورية و حكم فيه بجلسة 1/12/2002 بعدم دستورية النص المذكورة لمخالفته لنص المادة68 من الدستور، وبذا فقد انفتح الباب علي مصراعيه أمام جميع الكتاب للطعن فرادي في قرارات الجمعية العمومية أو مجالس الإدارة، مما مكن الأديب: علي سالم في الطعن علي قرار الجمعية العمومية لاتحاد الكتاب الصادر بفصله من عضوية الاتحاد بهذا التوقيت وحكم لصالحه بالعودة لعضوية الاتحاد، لكنه اختار بعد ذلك تقديم استقالته بمحض إرادته من عضوية الاتحاد، وطالب بصرف معاش اتحاد الكتاب و ما زالت دعواه الأخيرة منظورة أمام المحكمة الإدارية العليا لم يبت فيها بعد. في دراستي المتأنية لقانون اتحاد الكتاب رقم 65/1975 وجدته منقولا نقلا يكاد أن يكون حرفيا من قانون الجمعيات القديم أشبه باتحاد الجمعيات منه بالنقابة برغم نص مادته الأولي علي أنه نقابة، وتحولت تبعيته من وزارة الشئون الاجتماعية إلي وزارة الثقافة بالعديد من النصوص التي تخضع الاتحاد لرقابتها بالمخالفة لقواعد النقابات التي تجعلها حرة في مواجهة السلطة للحصول علي أكبر قدر من الحقوق لأصحابها، ولقد توالي علي رئاسة الاتحاد العديد من رموز الثقافة منهم: ثروت أباظة و فاروق خورشيد وفاروق شوشة وعبد العال الحمامصي انتهاء برئاسة الكاتب: محمد سلماوي الذي تولي رئاسته للدورة الثالثة حتي الآن،وذهبت إلي مجلس الشعب مع الزملاء من مجلس إدارة اتحاد الكتاب لحضور مناقشات مشروع القانون المقترح الذي أعد في عجالة متضمنا النذر اليسير من حقوق الكتاب، وهناك كانت " مذبحة القانون" حيث تم حذف العديد من الحقوق المقترحة دون مقاومة تذكر، مما جعلني أنسحب من المناقشات لعدم جدواها، وبرغم الوعود التي توالت عن قرب صدور هذا القانون المشوه، فلم يصدر منه شئ حتي الآن، أفضل لو بقي هناك إلي الأبد ، فهو و العدم سواء. لابد أنه كجزاء علي عملي الصالح فقد كافأتني الأقدار بفوزي بجائزة الدولة التشجيعية في أدب الرحلات عام 1996 عن روايتي بعنوان" آخر العائدين من بني هلال"، من عدد 6 محكمين لم يسبق لي أن عرفت أحدهم - طبعت هذا العام فقط بالهيئة العامة للكتاب - تبرعت بالعائد المادي للجائزة لإنشاء جائزة سنوية جرت وتجري بين طلبة مدارس الجمهورية منحني ريادتها الدكتور: حسين كامل بهاء الدين ، الوزير الأسبق للتربية والتعليم، جرت للعام الخامس عشر علي التوالي باسم" جائزة عمر الفاروق للقصة القصيرة " تيمنا بسيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه، و تباركا بحفيدي عمر و كان في عمره عامان، في دلالة واضحة للتواصل بين الأجيال، أقوم بإختيار الفائزين ومنح جوائزها المالية الأولي سنويا بالاشتراك مع رفيق الدرب الكاتب: يعقوب الشاروني، وبإشراف السيدة الفاضلة: سيدة عبد الرحمن المدير العام للمكتبات بوزارة التربية والتعليم. وتوالت المعارك إلي أن توليت شرف الدفاع عن قضايا اتحاد الكتاب التي ترفع منه أو عليه بتوكيل من رئيس الاتحاد الكاتب: محمد سلماوي، قمت بتولي قضاياه ومحامي مكتبي بجد و عناية و إخلاص طوال ما يزيد عن السنوات الأربع الماضية، كسبت جميع قضاياه التي قدرت بعشرات القضايا دون أي أجر أتقاضاه، لم أخسر سوي قضيتين فقط أحداهما رفعتها ضد مدينة الإنتاج الإعلامي للمطالبة بحقوق الملكية الفكرية للكتاب بعد أن وعدوني بإمدادي بالمستندات المثبتة للدعوي، لم أحظ بأي مستند منها حتي الحكم في الدعوي بعدم القبول، و الأخري رفعها الكاتب : علي سالم ضد اتحاد الكتاب بالمطالبة بصرف معاشه بعد استقالته ، حكم فيها لصالحه استنادا لطلب أضافته المحكمة من تلقاء نفسها لم يطلبه المدعي، وما زالت الدعوتان منظورتين أمام محكمة النقض والإدارية العليا والأمل كبير في صدور الحكم لصالح الاتحاد بمشيئة الله . في أواخر عام 2011 تقدمت بطلب إعفائي من القضايا التي ترفع من أو علي الإتحاد، لأسباب خاصة لا أريد الخوض فيها حرصا مني علي مشاعر الكثيرين، لكنني برغم ذلك ما زلت أتابع سير القضايا التي نظرت و باشرتها أثناء تولي الدفاع فيها حتي الآن حرصا مني علي عدم ضياع حقوق الاتحاد، و أتابع بحب وجهد و إخلاص " مشروع التأمين القانوني للدفاع عن جميع أعضاء اتحاد الكتاب "، الذي تقدمت به وبموافقة من الجمعية العمومية للاتحاد الماضية، وبالإشتراك مع عدد 15 محاميا أغلبهم أعضاء اتحاد الكتاب بشتي المحافظات بدرجة نقض و استئناف عالي، قاموا بالدفاع عن العديد من الزملاء ، وما زال المشروع في بداياته مبشرا بالنجاح. لكن معركتي الكبري كانت مع جوائز الدولة، فحين منحت الجائزة التشجيعية عام 1996 كان عائدها المادي ألف جنيه، رفعت عقب ذلك بالقانون رقم 24/1998 أضعافا مضاعفة، حتي أصبح عائد أدناها خمسين ألف جنيه، و أقصاها أربعمائة ألف جنيه، مما أسال لعاب الكثيرين و جعلهم يتكالبون ويتصارعون علي نيلها، في ظل خطة محكمة من النظام السابق لإخضاع الكتاب لسلطان الدولة، عن طريق المنح والمنع، حتي لقد أسماها البعض " جوائز الوزير »و سميت« جوائز نهاية الخدمة" بعد أن توالي منحها للمرضي والعجزة والمتوفين، دون مراعاة للمواد الست التي وردت بالقانون رقم 24/1998 والتي تحتم إنشاء لجان متخصصة تضم إلي عضويتها عددا من الحاصلين علي جوائز الدولة، تكون مهمتها : النظر في الترشيحات، .. والتأكد من مطابقتها للشروط المعلنة، ومن بينها مانصت عليه الفقرة 6 مكرر2 : »أن بكون لهذا الإنتاج قيمة علمية أو فنية أو أدبية ممتازة تشهد له بالأصالة و القدرة علي الابتكار والتوجيه« ، وعليه فقد بادر الرعيل الأول من المترشحين للجوائز خاصة جائزة التفوق بتقديم عددا كبيرا من مؤلفاتهم استجابة لما نصت عليه شروط المسابقة في ذلك الوقت : أن يقدم كل مرشح عدد 4 نسخ من كل كتاب، بلغت العشرات من الكتب أثقل ظهر الفاحصين حتي لقد ألقوها علي الأسطح و في الممرات دون فحص، واختاروا النهج الذي اتبعوه طوال السنوات الماضية حتي الآن بالمخالفة للقانون ، وهو الإكتفاء بفحص السير الذاتية للمرشحين و جلهم يبالغ في تدبيجها بمهارات وبطولات غير ثابته وغير مؤكدة، حتي لقد أصبحت المعرفة الشخصية و الشهرة هما المعيارين الغالبين في الاختيار، خاصة من نصف أعضاء المجلس المعينين بحكم وظائفهم من وزارات بعيدة كل البعد عن المجال الأدبي، وهكذا فقد جأر بالشكوي العديد من كبار كتابنا من بينهم عدد من أعضاء المجلس الأعلي للثقافة أنفسهم مطالبين بالعدالة المفقودة في منح جوائز الدولة، قمت بجمع عدد منها وقدمته مع العديد من المستندات التي تجمعت لدي علي مر السنين، وقدمتها ضمن خمس حوافظ مستندات في الدعوي المرفوعة مني هذا العام قيدت برقم53428/66 قضاء إداري، نظرت آخر جلساتها أمام الدائرة الأولي وقف تنفيذ بتاريخ 18/12/2012 كان من المنتظر أن تقدم الجهة الإدارية ردها علي الدعوي الأمر الذي نكصت عنه ، فقررت المحكمة إعطاءها آخر أجل لجلسة 12/2/ 2013 للرد علي أسبابي التي أوضحتها بالدعوي و مؤداها:أولا: القرار المطعون عليه مشوب بعيب عدم الإختصاص. ثانيا: مخالفة القرار المطعون عليه للقانون. ثالثا:إنعدام أسباب القرار المطعون عليه. رابعا: الخطأ في فهم الواقع المؤدي للخطأ في تطبيق القانون. خامسا: القرار المطعون عليه مشوب بعيب الإنحراف بالسلطة. سادسا: إنعدام الشفافية و مخالفة مبدأ المساواة أمام القانون .أتوقف عن الخوض في تفاصيلها إحتراما وانتظارا مني لحكم قضائنا العادل.