داود عبد السيد "عندما انتهيت من قراءة الصفحة الأخيرة من "مالك الحزين"، لم أغلق الرواية ولكن رجعت إلي الصحفة الأولي مرة أخري لأعيد القراءة" هكذا تحدث المخرج السينمائي الكبير داود عبد السيد عن بداية ولادة فيلم "الكيت الكات". لم يكن داود يعرف أصلان مرة شخصية ولكنه كان يعرف كتاباته من أيام مجلة "جاليري 68"، وبعد أن انتهي داود من قراءته الثانية لرواية أصلان، كان تصوره عن الرواية كفيلم قد بدأ في الاكتمال فبدأ في كتابة المعالجة السينمائية التي صارت واحداً من أمتع أفلام السينما المصرية والذي عرض في 1991. لم يعترض أصلان الذي استغرق في كتابة الرواية ما يقرب من تسعة أعوام ونصف منذ ديسمبر 1972 وحتي ابريل 1981 كما يتذكر داود علي تغيير الاحداث ووظائف الشخصيات من الرواية إلي الفيلم، وعندما قرأ السيناريو لم يحاول التدخل فيما صنعه عبد السيد. أسأل داود: لماذا لم تحاول مواصلة العمل علي كتابات أصلان؟ يجيب: اذا راجعت تاريخ كتابات أصلان في تلك الفترة ستجد أنه كاتب مقل، ربما في الفترة الاخيرة، لأنه كان يكتب في الصحف تزايد هذا المعدل بعض الشيء، ولكن عندما تراجع معدل اعماله الابداعية ستجد بينها فترات طويلة. كما أن غالبية اعماله كانت قصصا قصيرة، وعندما أصدر "عصافير النيل" قرر مجدي أحمد علي تنفيذها. يحب داود قراءة الروايات والاستمتاع بالجيد منها، لكن ليس كل الروايات الجيدة تصلح بالنسبة لداود كسينما "من الممكن أن أقرأ رواية ممتعة جدا، ولكن لا أريد تحويلها إلي صورة، مع "مالك الحزين" شعرت بذلك فورا". يذكر داود افتتاح أصلان روايته بعبارة للشاعر الفرنسي بول فاليري "أوصيك بالدقة لا بالوضوح"، وبالنسبة لدواد تعد هذه العبارة مفتاحا لقراءة اعمال صاحب" مالك الحزين" "اذ عندما يكتب ابراهيم فهو يكتب بدقة ويتتبع التفاصيل كأنه كاميرا، فأنت لا تخرج بعد انتهائك من قراءة أي من أعمال أصلان بمعني واضح، ولكنك تخرج بحالة معينة، أو بفهم شديد لبيئة ومكان الشخصية التي تدور حولها الاحدث" ويتابع عبد السيد "لا يكتب أصلان عن القضايا الكبري، وفي اعماله حتي لن تجد صراعات كبيرة أو ذات درامية عالية، أظن ان اصلان كان يري ان قضيته هي الحياة ذاتها، وان الفن ليس من وظيفته أن يصدر أحكاما أو يروج لايديولوجية أو عقيدة معينة، ولكن الفن يزيد من خبرتك بالحياة، ليس عن طريق القاء محاضرات عن الحياة ولكن بجعلك كمتلق- تعيش تجارب لم تعشها في حياتك اليومية، يغني أحاسيسك بمشاعر جديدة، هذه هي كتابة إبراهيم أصلان بالنسبة لي، وهذا هو الجانب الذي أحبه في كتابته، هي كتابة مشغولة بالحياة، أكثر من انشغالها بشيء آخر".