■ كتبت: سمر صلاح الدين مع توقيع اتفاق شرم الشيخ، وبعد أشهر من الحرب المدمرة فى غزة، وما خلفته من كارثة إنسانية، ومع اعتراف العالم بإدارة مصر لهذا الملف برؤية واضحة وكفاءة مهنية عالية، يبقى سؤال جوهرى: كيف يمكن حماية هذا الاتفاق من الانهيار أو التلاعب، وضمان ألا يُفرغ من مضمونه، بحيث يظل مرتبطًا بحقوق الشعب الفلسطينى المقررة فى القانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة؟! ما شهدته اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك من تحول نوعى فى الموقف الدولى، والذى تجلّى فى موجة الاعترافات الغربية بدولة فلسطينية، والانتصار الدبلوماسى العربى بالحصول على تصويتٍ بأغلبية ساحقة لصالح قرار يُعيد التأكيد على حقها فى العضوية الكاملة، وكذلك الرأى الاستشارى لمحكمة العدل الدولية فى 2024، الذى أكد أن الاحتلال الإسرائيلى غير قانونى ويجب إنهاؤه فورًا، ومع تحرك المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق فى جرائم الحرب والانتهاكات المرتكبة فى غزة كل ذلك قد خلق بيئة قانونية دولية صالحة لتحصين أى اتفاق سلام قادم، وجعل من الصعب تجاوز الأسس القانونية للقضية الفلسطينية. ◄ اقرأ أيضًا | أكمنة ثابتة ومتحركة| «التأمين العالي» سر اختيار شرم الشيخ لاستضافة «قمة السلام» ◄ الشرعية الدولية وهو ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي من ضرورة إضفاء الشرعية الدولية على اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل عبر مجلس الأمن، كما شدد الرئيس على أهمية نشر قوات دولية فى قطاع غزة لتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار. وفق المادة (102) من ميثاق الأممالمتحدة لا يكون لأى معاهدة أو اتفاق دولى أثر قانونى داخل الأممالمتحدة إذا لم يتم تسجيله، لذا فإن إيداع اتفاق شرم الشيخ فى الأمانة العامة يمنحه صفة الوثيقة الدولية القابلة للاحتجاج أمام محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن، ويمنع التلاعب بصياغته. وهو ما أوضحه لنا السفير بركات الفرا سفير فلسطين الأسبق بالقاهرة، مؤكدًا ضرورة حصول الاتفاق على قرار من مجلس الأمن الدولي، حيث لا يمكن لأحد أن يضمن إسرائيل ولا حتى أمريكا. ◄ الأممالمتحدة دعوة الرئيس السيسي عقب نشر قوات دولية فى قطاع غزة إلى رفع الأمر بإقراره فى مجلس الأمن تُعد أمرًا هامًا وضروريًا، بحسب ما يرى السفير محمد حجازى مساعد وزير الخارجية السابق لتحديد المهام والاتفاق على أجندة التحرك ومدته الزمنية. ويضيف حجازى أن إعطاء الطابع الأممى أيضًا يفيد بأن يكون من خلال مجلس الأمن، بما يمنح تواجدًا لروسيا والصين، لأنهما دولتان عضوتان فى المجلس، ففى ظل هذا الزخم الدبلوماسى، يكون العمل من خلال المسار الدولى مما يعطى للتحركات القادمة ثقلًا ومصداقية. ◄ ضمانات التنفيذ وفيما يتعلق بضمانات التنفيذ، يرى الدكتور صلاح عبد المعطي رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطينى، أن الأمر يرتبط بضرورة إلزامية هذا الاتفاق وإيجاد قوة حماية دولية لتنفيذه، فضلًا عن ضرورة إيجاد آليات للمساءلة والمحاسبة. أضاف من الناحية القانونية، فإن محاسبة مقترفى هذه الجرائم أمر مهم من كافة النواحى، لأن هناك مسئولية جنائية ومدنية على عاتق دولة الاحتلال وشركائها الذين دعموها فى حرب الإبادة الجماعية، ويؤكد أنه لا يجوز أن يكون الإعمار بديلًا عن المساءلة، فلا يجوز مقايضة حق بحق، فالإعمار حق، والمساءلة ومنع الإفلات من العقاب حق آخر، وبالتالى يحق للفلسطينيين متابعة محاسبة إسرائيل على جرائمها أمام القضاء الدولي، ولذلك لا يجوز بأى حال من الأحوال مساومة الفلسطينيين على هذا الأمر. ويكمل: "نحن أمام اتفاق نأمل أن ينجح، ونأمل أن يحظى بالشرعية الدولية والأممية، وكما يتم دعم مسار التعافى وإعادة الإعمار، يجب دعم المساءلة والمحاسبة وفق التزامات الأطراف بموجب اتفاقيات جنيف وقرارات المحكمة الجنائية الدولية الجارية، وإلا سنكون أمام عدوان جديد من قبل دولة الاحتلال إذا أفلتت من العقاب".