نائب رئيس جامعة أسيوط يتفقد سير العملية التعليمية بكلية العلوم    رئيس جامعة بنها يشهد احتفالية يوم التميز العلمي بدورتها الحادية عشر    مؤتمر صندوق دعم مشروعات الجمعيات يناقش الابتكار المجتمعي من أجل حلول مستدامة    66 ألف طن بضائع مستوردة تصل إلى ميناء دمياط خلال 24 ساعة    وزير الاستثمار يستعرض مع وفد صندوق النقد الدولي جهود تحسين مناخ الاستثمار    أسعار الذهب في مصر تسجل أعلى مستوى تاريخيًا    رئيس إسرائيل يقر بتوصيته بالتوصل لصفقة إقرار بالذنب مع نتنياهو: إذا طُلب مني منحه عفوا فسأفكر في الأمر    السيسي يؤكد حرص مصر على تذليل العقبات أمام الاستثمارات الإماراتية    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلى    نادر فرج يقود هجوم الإسماعيلي أمام البنك الأهلي فى الدوري    نتائج بطولة السهم الفضي للقوس والسهم لموسم 2025-2026    مباشر من أمام المستشفى بعد نقل ضحايا حادث أتوبيس سمالوط    سقوط مدير مركز تعليمي غير مرخص في القاهرة.. يمنح شهادات الوهمية    انطلاق أعمال الملتقى العربي الخامس للتراث الثقافي في الشارقة.. صور    أكرم القصاص: العلاقات المصرية الإماراتية مثالية وتؤكد وحدة الموقف العربى    كريم الشناوي: صوت منير هو روح حكاية فيلم ضي    "الصحة" تستعرض تجربتها في المشروع القومي لكتابة تقارير الأشعة عن بعد    تحديد موعد مباراة ليفربول وكريستال بالاس في كأس الرابطة    القمة 131.. الداخلية تنفذ خطة محكمة لتأمين مباراة الأهلي والزمالك    ماكرون يرحب بفوز حزب مؤيدي أوروبا في انتخابات مولدوفا    محافظ أسوان: الزخم الثقافى والتراثى والفنى يبرز هوية المحافظة باحتفالات اليوم العالمى للسياحة    بينهم فدوى عابد.. عدد من نجوم الفن يشاهدون العرض اللبناني "جوجينج" بالهناجر    إسرائيل هيوم: الحرب المقبلة بين تل أبيب وطهران قد تكون أشد عنفا    صيدلة الجامعة الألمانية تنظم المؤتمر الرابع GEPPMA في الطب الشخصي والصحة الدقيقة    في جولة مفاجئة.. وكيل صحة شمال سيناء يتفقد المركز الحضري بالعريش    محافظ شمال سيناء يكشف سبل تعويض المتضررين من توسعة ميناء العريش البحري    بسبب سد النهضة.. عباش شراقي يكشف تطورات جديدة بشأن فيضان السودان الكبير    إيمان كريم: الشراكة مع الهيئة الإنجيلية فتحت مساحات واسعة للتنمية الاجتماعية    موعد مباراة الدحيل ضد الأهلي السعودي اليوم والقنوات الناقلة    معهد بحوث الإلكترونيات أول مؤسسة مصرية تحصل على شهادة إدارة الذكاء الاصطناعي ISO/IEC    وزير الري يتابع إجراءات تطوير الواجهات النيلية بالمحافظات    محافظ الأقصر يستقبل مدير صندوق مكتبات مصر للتأكيد على نشر الثقافة ودعم السياحة    أكاديمية الفنون: عودة مهرجان مسرح العرائس لمواجهة الألعاب الإلكترونية    السعيد:تعزيز علاقات التعاون فى المجالات البحثية والأكاديمية بين جامعتي القاهرة ونورث إيست الصينية    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الإثنين 2992025    عاجل- الإفتاء توضح حكم ممارسة كرة القدم ومشاهدتها وتشجيع الفرق    تكريم أكثر من 300 حافظ للقرآن في ختام النشاط الصيفي بمسجد جنة الفردوس بالشروق    السيطرة على حريق بمخبز سياحى فى المنوفية دون إصابات    خطة متكاملة لتطوير شوارع ديروط فى أسيوط ب160 ألف متر إنترلوك    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 سبتمبر 2025 في محافظة قنا    أبرزهم القهوة والكاكاو.. 7 مشروبات مفيدة للقلب في يومه العالمي    246 من حصار طولكرم .. حملة مداهمات لعشرات المنازل بالضفة والاحتلال يعتقل عشرات الفلسطينيين    «مدبولي»: نستهدف الاستعداد الجيد لتقديم أفضل الخدمات للحجاج المصريين خلال موسم الحج المقبل    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 في مصر للقطاعين العام والخاص.. هل تم تحديده رسميًا؟    حالة الطقس في السعودية اليوم الاثنين 29-9-2025 ونشاط الرياح المثيرة للغبار    بدء جلسات محاكمة 17 متهما ب «الهجرة غير الشرعية» بالمنيا    ضبط شخص بالإسكندرية بتهمة النصب على المواطنين بادعاء العلاج الروحاني    التشكيل الأهلي السعودي المتوقع أمام الدحيل القطري بدوري أبطال آسيا للنخبة    الدنمارك تحظر رحلات الطائرات المدنية المسيرة قبل قمة الاتحاد الأوروبى فى كوبنهاجن    أليجري بعد الفوز على نابولي: روح ميلان كانت رائعة.. ومودريتش يلعب بذكاء    تشكيل الهلال المتوقع لمواجهة ناساف في دوري أبطال آسيا    الصحة: 5500 متبرع بالدم خلال 4 أيام لدعم مرضى سرطان الدم ضمن الحملة القومية    الحوثيون يعلنون تنفيذ عمليات نوعية على أهداف للاحتلال    الأزهر للفتوى قبل لقاء القمة : التعصب الرياضي والسب حرام شرعا    «الداخلية» تنفي مزاعم إضراب نزلاء أحد مراكز الإصلاح: «أكاذيب إخوانية»    السكة الحديد تعتذر عن خروج عربات قطار عن القضبان.. وتؤكد: عودة الحركة كاملة خلال ساعات    142 يومًا تفصلنا عن شهر رمضان المبارك 2026    الأربعاء.. مجلس النواب يبحث اعتراض رئيس الجمهورية على قانون الإجراءات الجنائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"فوتوغرافيا" دانيال موردثينسكي:
أدباء خارج الإطار
نشر في أخبار الأدب يوم 10 - 10 - 2010

النظر إلي بورتريهات المصور الأرجنتيني دانيال موردثينسكي هو مدخل لأرض الحكايات.. منجم لقطات ومشاعر وعوالم مصفوفة بجوار بعضها البعض بعناية.
كل صورة هي قصة.. اقتراح بحكاية ما، بمدخل لأراضٍ ثرية لكتّاب قرأنا لكثيرين منهم. المصور هنا هو الرائي.. الشخص المتسم بالفراسة. القادر علي النفاذ بعدسته إلي ما داخل الشخصية، وما خلف الملامح الخارجية. تصبح الصورة بهذا المعني بمثابة تفسير ورؤية عميقة للشخصية.
نعم، كل صورة هي قصة. صحيح أنها لم تأخذ سوي ثوانٍ معدودة كي يتم التقاطها، إلا أنها تخترق حاجز الزمن، لتقبض علي جوهر الشخص، إن كان ثمة جوهر واحد. أو لتحكي لنا قصة عنه.. ربما تكون قصته، وربما لمحة من حياته وطبيعته. وربما وهذا لا يقلل منها، لمحة من البيرسونا التي يرغب في الظهور بها.
نحن المعتادين، علي الصور الجامدة، بالغة الجدية للكتّاب والمفكرين، سنؤخذ بكم اللعب والمرح في بوتريهات موردثينسكي، سنتلصص علي كتّاب أحببناهم اقتنصتهم الكاميرا في لحظات أخري خارجة عن المألوف.
تعرفت علي بورتريهات موردثينسكي أثناء مشاركتي في هاي فيستيفال ثاكاتيكاس الذي عقد في المكسيك منتصف يوليو الماضي، حيث وزعت إدارة المهرجان علي المشاركين فيه كتاباً
أصدرته يضم البورتريهات التي التقطها لمجموعة من الكتّاب الذين شاركوا في دورات الهاي فيستيفال في مدن مختلفة من العالم.
الكتّاب الذي قدّم له كل من بيتر فلورنس مدير الهاي فيستيفال، والروائي البيروفي ماريو بارجاس يوسا كان رفيقي ذات فجر بارد، وثاكاتيكاس لا تزال نائمة بعد. جلست في غرفتي بفندق الإمبريو أتصفح الكتاب الصغير بغلافه الأسود، فإذا بي أجد نفسي وجهاً لوجه أمام منجم من الرؤي والحكايات والتداعيات. في الصفحات الأولي صورة لجابرييل جارسيا ماركيز جالسا كعجوز هدّه التعب فوق سرير في غرفة فندق باردة. "جابو" العجوز الناظر للفراغ أمامه بدا كأنما يودع العالم بمظهر متعب، كان كأنه خرج لتوه من روايته الأخيرة "ذاكرة غانياتي الحزينات"، أو كأنه بطل »الحب في زمن الكوليرا« المتشبث بأطراف غرام مستحيل، في لحظة من لحظات انتظاره الطويل.
أما سلمان رشدي المشاكس أبداً فاحتل الصورة الأولي جالساً في حوض استحمام غرفته في فندق شارلستون بكارتاهينا في الأرجنتين، وقد أمسك بعنقود صغير من العنب الأحمر فاتحاً فمه كأنما سيلتهمه دفعة واحدة.
وكما يحضر سؤال الهوية بوضوح في أعمال حنيف قريشي نجده حاضراً أيضاً في صورته بعدسة موردثينسكي، إذ يرقد الروائي البريطاني من أصل باكستاني في فراشه وقد غطي جسده كله باستثناء الوجه ووضع جواز سفره البريطاني فوق صدره، فتبدو الهوية في صورته كما يمكننا فهمها في أعماله باعتبارها خيار محتمل، أو تخيل فردي.
وغير بعيد عن حنيف قريشي، اختارت مونيكا علي، المشغولة هي الأخري بأسئلة الهوية وأعبائها أن يتم تصويرها وهي تطهو تحت إشراف الشيف خوسيه ماريا، ننظر إلي قدور الطعام ومقلاة الزيت فوق النار فتحضر في الحال أجواء روايتها "بريك لين" بصنوف الطعام البنغالي التي تحضّرها البطلة نازنين، ونتساءل هل ما تفكر مونيكا علي في طهوه بمريولها الأبيض ووجهها الجاد هو طعام إثني يمثل ثقافة أبيها البنغالي؟ أم يمثل ثقافة أمها البريطانية؟ أم ستنحاز لما هو كوزموبوليتاني؟
البريطاني إيان ماك إيوان اختار الاختباء شبه الكامل خلف مظلة مطر حمراء علي خلفية سوداء قاتمة كأنه يذّكر بمهارته في رسم الشخصيات الخجولة والمنعزلة والغوص في أعماقها.
أما إسماعيل كادرايه فركن إلي جلسة هادئة كاستراحة محارب، وواجه أورهان باموق عدسة موردثينسكي بابتسامة لعوب ممسكاً
بتفاحة الإغواء الحمراء، في حين وفضّل لويس سبولفيدا صاحب "العجوز الذي كان يقرأ الروايات الغرامية" الظهور ببرسونا الملاكم حين ارتدي قفازيّ الملاكمة، ورسم سمت الجدية المبالغ فيها علي وجهه، لكن سرعان ما تخبرنا نظارته الطبية أن ما يقوم به إنما هو محاكاة ساخرة لصورة الملاكم العنيفة.
تتعدد الصور وتتنوع، لكنها تشترك جميعاً في غوصها داخل شخصيات الكتاب وأعمالهم، كأنما يعرفهم المصور كما يعرف ظاهر يده، وهو ما يندهش له بيتر فلورنس في تقديمه للكتاب إذ يكتب: "ثمة أمر غريب يجري هنا. لقد عرفت كثير من هؤلاء الناس لفترة طويلة. قرأت كتبهم، طهوت من أجلهم، سافرت معهم، أدخلتهم في مشاكل وأخرجتهم من مشاكل، وتحدثت لليالٍ وليالٍ معهم في بعض المرات. دانيال، كما يبدو لي، يقابلهم مرة واحدة، ويفهمهم علي الفور. يفهمهم بدرجة جيدة تمكنه من خلق، ليس صورة لهم، ولكن رؤية لهم يتمكنون هم أنفسهم من ادراكها، رؤية تقودنا أيضا بشكل إعجازي لأعمالهم. وهؤلاء ليسوا أناسا يسهل القبض عليهم: كتاب يعملون ويلعبون في الفضاء المخاتل بين المظاهر والقصص. هؤلاء أناس موهبتهم الأعظم هي الاختراع، التخريب، والاختلاق. انظر إليهم عبر صفحات الكتاب. إنهم يسخرون، يتموضعون أمام الكاميرا، يرتدون أقنعة؛ ليسوا راضين عن صورة ثابتة عن أنفسهم فيتعاونون مع المصور لخلق "مشهد".
قليلون من تابعوا تطورات أدب أمريكا اللاتينية في الثلاثين عاما الأخيرة أكثر من دانيال موردثينسكي. إنه قارئ شغوف بالكتب المكتوبة في هذه المنطقة من العالم وقام بتصوير مؤلفيها. قام بهذا أحيانا في بلدانهم، ولكن غالبا في المكان الذي أطلق عليه أوكتابيو باث في مقال شهير "عاصمة أدب أمريكا اللاتينية" المسماة باريس. لكن أن نقول إن دانيال موردثينسكي "قام بتصوير مؤلفيها" ليس كافٍ. فالصور التي اقتنصتها كاميرا موردثينسكي من نهر الزمن وثبتتها في ال"كارت" الذي سيكون مألوفا لكل ناشر، مؤلف، وقارئ، هي في الحقيقة تفسير عميق وجدير بالاحترام لشخصية الكاتب، منعكسة في ملامح، وسيماء، وتعبيرات.
دانيال موردثينسكي لا يستخدم هؤلاء الذين يقفون أمام عدسته لاستعراض موهبته الخاصة أو ليحصل علي الرضا الشخصي بوقاحة استعراضية، مثل مصورين عديدين في مجلة فوج. بدلا من هذا، هو يخدم من يقوم بتصويرهم بالعمل علي القبض علي حقيقة عميقة عنهم، بطريقة يختفي فيها كمصور تماما خلف الكاميرا الخاصة به. لهذا السبب فإن أصالة بورتريهات دانيال موردثينسكي مكون مركزي من مكونات جمالها الفني.
المقدمة التي كتبها ماريو بارجاس يوسا للكتاب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.