تحت عنوان «رجال في العشرينات» أقاموا معرضهم المصور داخل ساقية الصاوي، ليؤكدوا في كل لقطة علي ملامح هوية خاصة بهؤلاء وأحلام تزرع جذورها في أرض مختلفة عن الأخري وكأنهم جميعا يتفقون علي مقولة أمل دنقل «علي قدر حلمك تتسع الأرض». جاءت قصص هؤلاء من كوبنهاجن، بيروت، القاهرة، الجزائر، حيث خرج المصورون الستة للبحث عن قصة شخصية لرجل في العشرينات من عمره لينطلق كل مصور من بلد مختلف ويوثق ويصور حياة وملامح مجموعة أشخاص منفردين يشتركون في نفس العمر. ليترك بين يدي من يشاهد تلك الصور رؤيته الخاصة وتساؤلاته التي يثيرها ذهنه، لتسرد الكاميرا قصصهم بشكل رائع وباستخدام كلمات قليلة يعبر المصور عن رؤيته، الأهم في هذا أن جنسية المصور تختلف بالطبع عن جنسية الشاب الذي تم تصويره مما يجعلك تري كل بلد بعيون مصور غريب عنها، فمثلا نجد المصور الدنماركي نيكولاي لينرس لارسن يقدم صورة عن عمال البناء المصريين العاملين في «القاهرةالجديدة» قائلا: إن حي «مركز دهب» داخل القاهرةالجديدة المنتظر أن يسكنه 4 ملايين شخص بحلول 2020 يعيش مجموعة من الشباب العاملين في البناء في بناية 117 بالطابق الأرضي يسكن بها 11 عاملا في شقة مكونة من 3 غرف، هم من بني سويف، يجني كل منهم من 50 - 80 جنيها في اليوم ولا يجرؤ هؤلاء في السكن أو حتي الحلم في أي من الشقق التي يبنوها مرددين «حلم غير واقعي» ليحصل المصور علي لقطات بعدسته أثناء إفطارهم ومرحهم وعملهم الشاق طوال اليوم. ليسطر أسفل إحدي الصور لأحد هؤلاء العمال وهو يقوم بتمشيط شعره ويتأنق فقط ليتحدث مع حبيبته عبر الهاتف ليعبر لها عن افتقاده لها وحلمه بأن يعيش في شقة بحديقة ومكان يتسع لطفلين». كوبنهاجن فيما يقدم المصور المصري أحمد هيمن رؤية خاصة بعدسته عن «كوبنهاجن» التي يصفها بأنها أغلي الأماكن وأكثرها سعادة وأمنا علي كوكب الأرض فهي مليئة بالفرح والوجوه المبتهجة لتكن رحلته الفوتوغرافية عبر «هانز كريستيان اندرسن» شاب يدرس العلوم الاجتماعية هناك بجامعة روسكيلد ليعيش معه عشرة أيام في بلد كل شيء فيها ممكن، فلا يحلم أهل البلد باحتياجات وحقوق الإنسان الأساسية فهي سهلة المنال ولكن حلمهم كما يقول «هانز» قارب للإبحار بعيدا «عالم رايقة» الأهم أن هيمن يرصد بعدسته تلك الحياة المرفهة لهؤلاء من خلال بطله الذي يلعب الرياضة والجري ويقضي عطلة الأسبوع ويحب فتاة لا تحبه ويكون صداقات اجتماعية في عشر ثوان فقط ويختتم صوره بالكتاب الذي يقرأه بعنوان «ليس المقياس بكونك جيدا ولكن إلي أي مدي تريد أن تصبح جيدا؟» أحلام هاراجا أما «كريستيان الي» الدانماركي فهو يقدم لنا عبر عدسته صورة عن «الجزائر» التي يصفها بأنها بلد يكثر دخله من النفط والغاز ويستخدم قدرا قليلا من هذا الدخل في إتاحة فرص عمل ومساعدة الفقراء في البلد فترتفع به معدلات البطالة بين الشباب لتقدر ب 30% مما يؤدي بهم إلي تعاطي المخدرات وشرب الخمور وانتظار أي فرصة مواتية للرحيل عن الجزائر للأبد!، ليؤكد كريستيان أنه علي امتداد ساحل المغرب لشمال أفريقيا ينتظر ملايين الشباب فرصة الهروب عبر خط الساحل الجنوبي لأوروبا، كركاب معصوبي الأعين في شاحنة أو قارب بمحرك في رحلة برية خطرة يقدمها مجموعة من تجار البشر ليراهم كريستيان بعيون أجنبية أنها أخطر أنواع الهجرة غير الشرعية ولكن لا بديل أمامهم. يرصد كريستيان بعدسته هؤلاء الشباب المنتظرين الفرصة للسفر في شوارع «الكسبة» «الضواحي العربية القديمة» وهم في حالة يرثي لها حيث اللامبالاة والانتظار القاتل، أحد هؤلاء الشباب تصوره الكاميرا وهو يكتب بإبرة علي معدته جملة «أريد أن أعيش ولكن أين ومع من؟» وتعبر ربطة يده عن نادي كرة قدم محلي قد يجلب له السعادة في حياته، فيما تقدم صورة أخري شابا وزوجته الحامل يعيشان فوق سطوح منزل والدته مما يشعرهما بالحرج من وضعهما ولكن العدسة تأتي بهما وهما ينظران للسماء ساعة الغروب.. فهل يحدثانها؟! قد يكون هؤلاء المصورون أجادوا التعبير عن الحياة اليومية لست قصص من خلال ستين «بورتريه» ولكن.. يبقي التأكيد علي أن الإبحار داخل الحياة يدهشنا دائما ويحزننا مرات ويأخذنا عادة لمناطق امتلاك القدرة علي الإحساس بالحياة النابضة في الأجساد عبر الصورة ولهذا قدمنا خلال عرضنا السابق ثلاث قصص فقط قد يربطهم شيء هو الحلم. وقد يبعدهم أشياء أخري مثل البلد فمن حاجات أساسية إلي حلم الإبحار حول العالم «يا قلبي لا تحزن».