رئيس «الوطنية للانتخابات»: أكثر من 60 منظمة و168 وسيلة إعلامية تتابع انتخابات النواب    انطلاق الدراسة بالفصل الدراسي الأول لبرامج الماجستير والدكتوراه المهنية بجامعة الأقصر    البابا تواضروس يفتتح مدرسة المحبة ويضع حجر أساس أول مستشفى كنسي في علاج أمراض القلب    محافظ دمياط: منسوب مياه النيل بالمحافظة آمن ونتابع الموقف بصفة دورية    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: الثغر تفوز بجائزة سيول للمدن الذكية.. وتكريم الفائزين ب «أنا الراقي بأخلاقي»    بدون مستندات.. تفاصيل تسجيل أصحاب الإيجار القديم للحصول على وحدات بديلة    رئيس الوزراء الجورجي يتهم سفير الاتحاد الأوروبي بدعم محاولة «قلب النظام الدستوري»    مصطفى محمد يشارك في تعادل بريست ضد نانت بالدوري الفرنسي    مرشحة لتكون أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في اليابان.. من هي ساناي تاكايتشي؟    نجم منتخب المغرب السابق يشيد ب الكارتي.. ويصدم أشرف بن شرقي    غياب لامين يامال ورافينيا.. فليك يعلن قائمة برشلونة ضد إشبيلية في الدوري الإسباني    ثنائي المنتخب السعودي جاهز لمواجهة إندونيسيا    إصابة 5 أشخاص بينهم سيدة في مشاجرة بقرية مشطا بسوهاج    أمطار وسحب منخفضة.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    داليا خليل تحذر: ألعاب الإنترنت تقود شبابنا للانتحار والجريمة    إصابة 5 أشخاص بينهم سيدتان في مشاجرة بقرية روافع العيساوية بسوهاج    بينهم محمود حميدة وداليا البحيري.. توافد الفنانين في حفل زفاف نجل هاني رمزي    رئيس قطاع الآثار: افتتاح مقبرة الملك أمنحتب الثالث فخر لمصر بعد 20 عامًا من الترميم    اللواء الدويرى: الجهاد الإسلامي حركة وطنية متوافقة مع الموقف المصري في المصالحة    موعد عرض مسلسل المؤسس أورهان الموسم الأول.. القنوات الناقلة وأبطال العمل    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    كيف نصل إلى الخشوع في الصلاة؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    ياسمين الخطيب تهاجم الساخرين من فارق العمر في زواج رانيا يوسف: الدين لم يحرّم ذلك    لمتابعة الأداء ومستوى الخدمات.. حملات مرور ميدانية على الوحدات الصحية في إهناسيا ببني سويف    «الصحة» تطلق النسخة الخامسة من مؤتمر «قلب زايد» بمشاركة نخبة من خبراء أمراض القلب في مصر    «مدبولي»: أراضي طرح النهر لا يجوز التعدي عليها بالزراعة أو البناء (تفاصيل)    بمشاركة مصطفى محمد.. نانت يتعادل سلبيا مع بريست    غدًا .. عرض 4 أفلام نادرة مرمَّمة توثّق لنصر أكتوبر المجيد    شريف العماري: الزواج السري يجعل الزوجة تعيش في حالة خوف واختباء من أبنائها ومعارفها    روسيا: إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن على إيران "خطأ فادح"    نائب محافظ المنيا يتفقد عددًا من المشروعات الخدمية    الحلو وثروت وهانى ب«الأوبرا»    هاني محمد يكتب: نصدق مين.. ساويرس ولا شكري؟!.. بين "رأسمالية الواقع" و"تفاؤل الغرف العقارية"    نزال: خطة ترامب تؤجل الاعتراف بدولة فلسطين رغم دعم دول كبرى لها    أمل الحناوي: ترحيب عربي ودولي واسع بموافقة حماس على خطة ترامب    مات والدها فحاولت الانتحار حزنا عليه بالشرقية    افتتاح فرع جديد للخط الساخن لمكافحة الإدمان لأول مرة بالسويس لعلاج المرضى مجانا    المدير الرياضى للأهلى ل «الأخبار»: احتراف الشحات مرفوض وعبدالقادر يرحب بالتجديد    الشوط الأول| بايرن ميونخ يضرب فرانكفورت في الدوري الألماني    بطلة مصر للسباحة بالزعانف: أحلم بحصد أكبر عدد من الميداليات ببطولة العالم    محافظ شمال سيناء يدعو المواطنين للاحتفال بذكرى انتصارات السادس من أكتوبر    محافظ المنيا: الدولة تولي اهتماماً كبيراً بصحة المرأة ضمن المبادرات الرئاسية    "وكيل صحة شمال سيناء" يتفقد القومسيون الطبي العام بالعريش استعداد لانتخابات مجلس الشعب (صور)    حزب السادات يدعو لإحياء ذكرى نصر أكتوبر أمام ضريح بطل الحرب والسلام بالمنصة    استقبل تردد قناة صدى البلد دراما 2025 الجديد على نايل سات    ضبط عدد من قضايا الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    أسعار البنزين والسولار السبت 4 أكتوبر 2025    مواقيت الصلاه اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    أبرز إنجازات خالد العنانى المرشح لمنصب مدير اليونسكو    وكيل صحة سوهاج يتابع أعمال لجنة الكشف الطبي للمرشحين المحتملين لمجلس النواب    السيسي يتابع توفير التغذية الكهربائية للمشروعات الزراعية الجديدة.. فيديو    المتحف المصري بالتحرير يبرز دور الكهنة في العصر الفرعوني    " سي إن بي سي": توقعات باستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي حتى 14 أكتوبر وسط تعثر المفاوضات    اليوم.. مستقبل وطن يستقبل الأحزاب المشاركة بالقائمة الوطنية استعدادا للانتخابات    وزير الزراعة يعلن تحقيق الصادرات الزراعية المصرية 7.5 مليون طن حتى الآن    قوافل طبية وغذائية لدعم الأسر المتضررة من ارتفاع منسوب مياه النيل بدلهمو بالمنوفية    بينهم طفلان.. 6 شهداء في قصف الاحتلال غزة وخان يونس    موعد انخفاض أسعار الطماطم في الأسواق.. الكيلو وصل 35 جنيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)
نشر في المصري اليوم يوم 31 - 07 - 2025

وطبيعة الحياة متجددة ومتغيرة، ويقتضى أن تكون قواعدها مرنة ومطاوعة، وأحكامها وقوانينها تتوافق مع ما يستجد على الناس من تطور وتحضر يفرض على الناس فرضًا ما لهم فيه من قرار، وتظل الأحكام تساير كل العصور وإلا جمدت مكانها وتحايل وتماكر الناس عليها.
وكنا فى المقال السابق قد استعرضنا «حد السرقة» وكيف كان الحكم يعامل فى زمن النبوة والصحابة معاملة القانون المدنى الوضعى، ليس ثابتا أو جامدا، بل أصبح وأمسى حسب الأحوال، وطبق ونفذ على قدر ما تفرضه سياسة الحكم والحاكم، فقد رأى الرسول عدم تنفيذ الحكم على من ينتهب (سرقة) أموال الغزوات (الغلول) حتى لا تهن عزيمة المقاتلين، ونفذ الحكم فى سرقة رداء (صفوان) الردىء المهلهل حين تفشت ظاهرة السرقة، وعفا عن المخزومية التى سرقت لمكانتها عند العرب لاستمالتهم واستقطابهم، ولتعلم عزيزى أن العدل المطلق ليس واقعا فى حياة الناس، بل هو العدل الممكن عند الأديان والقانون الوضعى على السواء.
والآن إلى أحكام الرق والعبودية: ولقد عرف العرب الرق كما عرفه غيرهم من الأمم المجاورة، وقد كان لضرورة اقتصادية، ولم يكن هذا الأمر مخجلا أو معيبا، وكان الغزو أهم مصادره، والمهزوم يسترق وتسرى عليه أحكام العبيد، وهناك مصدر آخر هو شراء العبيد من أسواق النخاسة، وقد أباحه الإسلام كما أباحته كل الأديان، والتى رأت من الحكمة ألا تتصادم مع الأعراف والتقاليد القائمة والضاربة فى أعماق التاريخ، والمتوافقة ومصالح الناس، وقد كان العرب يواجهون مشكلة هروب العبيد من الرق وفرارهم من تحت أيدى من استرقوهم، وكانت عقوبة العبد الآبق «الهارب» إما قطع يده كحكم السارق، أو إهدار دمه أو حبسه بلا طعام حتى لا يفكر فى تكرار فعلته، ولقد كان الإسلام مواكبا ومرافقا لهذا كله، حتى تظل «مؤسسة الرق» قائمة ومتوافقة معه، بل ويؤصل للعقوبات القائمة شرعا ويرسى ويثبت أركانها بأحاديث على النحو الآتى: (أيما عبد أبق «هرب» من مواليه فقد كفر حتى يرجع إليهم) وحديث (أيما عبد أبق فقد برئت منه الذمة)، أى أحلّ دمه، وحديث (إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة) وحديث (أيما عبد أبق إلى أرض الشرك فقد حلّ دمه)، ولقد حاول الإسلام فى المقابل أن يخفف من حدة البغض التى يحملها العبيد للسادة بآيات قرآنية تحث على حسن معاملتهم، وبحديث «إذا أدّى العبد حق الله وحق مواليه كان له أجران» وإلى هنا فقد توافقت مصالح السادة مع الوافد الجديد وبين السادة والعبيد، وإذا كان الإسلام قد فتح الباب للعتق، فإن العتق كان معروفا قبل الإسلام أيضاً تقربًا للآلهة، ولقد فتحت الغزوات مصادر للرق فاقت العتق بمراحل، فقد أغلق بابا وفتح مقابله أبوابا.
وكان الرسول يتعامل مع العبيد كما يتعامل أهل قبيلته، فتملّك من العبيد والإماء كما تملك غيره، أما عن أعدادهم فالكتب اختلفت حول هذا، المهم أن النبى تعامل مع مؤسسة الرق باعتراف وإقرار، بل تذكر الكتب أن أسرى وسبايا بنى قريظة قد تم بيعهم فى أسواق النخاسة بالشام، وبالمقابل تم شراء أسلحة ومعدات للحروب والغزوات.
ولنا فى الرق مثال نرى فيه إدارة الأزمات تحكمها سياسة التوازنات والمواءمات: فقد حدث تمرد وهروب لعدد كبير من العبيد والأرقاء فى العهد النبوى نتيجة إحساسهم بالغبن والظلم الواقع عليهم من أسيادهم، وفر وهرب منهم الكثير إلى (كنانة ومزينة) وشكلوا جماعات سلب ونهب فى جبل تهامة، يسطون ويغيرون منه على القوافل والقبائل، حتى أصبح وجودهم خطرًا على الدولة الجديدة، فما حاربهم الرسول ولا طالب بإقامة حد المفسدين فى الأرض «الحرابة»، ولا أعتبرهم آبقين أحلاء الدم، لكن فرضت السياسة قواعدها على الموقف برمته، واستجاب النبى لها، وأرخى بظلاله على الجميع أسيادًا وعبيدًا، وفرض عليهم المصالحة والمهادنة، فحررهم الرسول من العتق وأطلق حريتهم من أسيادهم، حتى يأمن شرهم، ويحمى مؤسسة الرق من الانهيار، وجاء فى كتابه (أن هؤلاء العتقاء «أعتقهم الرسول» إن أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فعبدهم حر، وما كان فيهم من دم أصابوه أو مال أخذوه فهو لهم، سامحهم فيما نهبوه ومن قتلوه، وما كان لهم من دين فى الناس رد إليهم، ولا ظلم عليهم ولاعدوان) هكذا تصنع السياسة فى الأحكام، وتميل لها ميلا شديدا.
ولو خرج فى دولة حديثة مجموعة من المطاريد واحتلوا جبلا من الجبال وأغاروا منه على الناس، لفزعت الدولة ودكت هذا الجبل دكا على رأس من فيه، حتى تعود للدولة هيبتها، فكانت أحكام القرآن أكثر نعومة ومدنية من أحكام الدولة المدنية ذاتها.
فإذا كانت أحكام الرق والعبيد والتى استحوذت على الكثير من آيات الله، قد بانت ومالت مع أحوال السياسة ومنطق الحكم، حتى ألغيت وعطلت كل أحكامه نتيجة الثورات التحررية دون نسخ إلهى، فماذا لو انسحب هذا الأمر إلى باقى الأحكام أو بعضها وحل محلها قانون وضعى يرتضيه الناس ويقبلونه وينتخبونه برضا واختيار، دون تحايل أو مراوغة أليست حقا تفرضه الظروف والمصالح؟.
(الدولة المدنية هى الحل)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.