"السيسي.. حمدين.. الإخوان هيرشحوا مين ؟! الثوار خاينين.. وللا مأجورين.. وللا مظلومين ؟! الإرهاب.. تفجير وقتل والاسم جهاديين.. بين لميس وخيرى وباسم يوسف إحنا تايهين ! مصدقين اللى بتشوفوا العين.. واللا مكدبين ؟! والدم اللى سايل من شباب الشرطة في رقبة مين ؟! واللى مات من شباب الجامعة قتلوا مين ؟! بين القاتل والمقتول إحنا مدبوحين !! إحنا التعبانين المطحونين المخدوعين وبين طابور العيش وضنك العيش عايشين متهمشين لا فرحنا ولا عشنا ولا اتبدل حالنا بالثورتين دول ثوار ودول ثوار ودول ثوار وإحنا مأسورين مستنيين الواد أبو ضحكة سمرا اللى ضحى بروحه لجل نور العين بس.. إحنا مش عايشين والعجيب أننا مستنيين !! أكتب هذه المقدمة بلسان فقراء وحرافيش مصر بعد أن قرأت تلك الرسالة التي وصلتنى ضمن رسائل كثيرة جاءتنى هذا الأسبوع، والتي سأعرضها عليكم في السطور القادمة دون حذف أو إضافة: عزيزى الحرفوش الكبير تحية من قلب موجوع لعلها تصلك كما ينبغى وتتقبلها كما ينبغى فتقرأنى كما ينبغى.... أنا ياسيدى ترددت بعدد أحرف رسالتى هذه، قبل أن أكتب لك.. وتحاملت وتثاقلت كى أقنع نفسى بأن فائدة قد تعود علينا نحن الحرافيش من رسالتى هذه إذا ما حازت إعجابك وقمت بنشرها.. لكنى كتبت.. فاقرأ أو لاتقرأ.. لك ماشئت.. أحار أنا من أمر القائمين على شئون هذا البلد.. وأعلم أن حيرتى مبررة ومن ينكر ذلك، فليبرر إنكاره كما سأبرر حيرتى.. فحيرتى تكمن في كونى لا أعيش، فأنا ياسيدى كنت أعمل في بازار لبيع التحف والأنتيكات للسائحين من الأجانب المترددين على معبد كوم أمبو بمحافظة أسوان. وكنت أعيش أنا وأسرتى وكل المحيطين بى في يسر والحمد لله.. وكنت أمتلك سيارة وبعد أن كنت حاصلا على مؤهل متوسط والذي يطلق عليه لقب دبلوم، التحقت بمعهد سياحى خاص وتعلمت اللغة التي كنت أتحدثها بطريقة عشوائية.. وفى سنة التخرج كانت ثورة 25 يناير 2011 فتراجعت السياحة.. يوما بعد يوم بعد أسبوع وشهر حتى أخذت أنفق مما كنت أدخر.. ومع أول عام كنت قد أفنيت ما ادخرت أملا في عودة الحال على ما كان عليه إلا أنه لم يعد وبالتالى لم أعد أنا عن الإنفاق مما ادخرت فقمت ببيع سيارتى.. ويوما بعد يوم بعد أسبوع وشهر.. مضى عام آخر فأفنيت ثمن السيارة المتواضع وبدأت أقترض حتى ملت منى أسرتى فاتجهت لأصدقائى حتى أصبحت لا أعرف أحدا إلا وقد اقترضت منه مبلغا من المال دون جدوى من أمل رجوع الحال على ماكان عليه... ولأننى لا أقوى على مشهد التسول الذي تأخذنى إليه بلادى وأبناؤها من الثوار والإرهابيين ومقاومى الإرهابيين لجأت للعمل في سوبر ماركت براتب أقتات منه أنا وأبنائى ولكن يبقى "الدين" يكبل يدىّ ويطوق رقبتى ويؤرق نومى ويبعدنى رويدا رويدا حتى عن أهل بيتى الذين تعودوا منى المودة والوئام وسعة الصدر. لكن ما جعلنى أكتب لك ياسيدى هو تقاعس الحكومة ووزرائها عن أداء دورهم تجاه المطحونين من حرافيش وفقراء هذا الوطن. فأمثالنا ياسيدى قد يخرج من بينهم من تضحك له الدنيا فيعمل عملا يدر عليه دخلا يجعله ميسور الحال، وفى الغالب لن يكون وظيفة حكومية.. وبالتالى إذا ماحدثت انتكاسة مثل ما نحن فيه خلال الثلاثة أعوام الماضية سيعود إلى أصله حرفوشا فقيرا جائعا. تصور ياسيدى أن من استفاد من تلك الثورات هم موظفو الحكومة فقط الذين خرجوا يطالبون تارة بالكادر وتارة بالحد الأدنى وتارة بالحوافز، وتحت ضغطهم قامت الحكومة تلبى لهم مطالبهم على حسابنا نحن الذين كانت الحكومة نفسها والمسئولون يتغنون بكوننا لم ننتظر الوظيفة الميرى وشققنا طريقنا بحثا عن الرزق بأنفسنا. وهكذا حكومة تخلفها حكومة كى تحافظ كل منهما على مدة بقائها وسبحان من جعل الحكومات متعاقبة مثل الأعوام لا يمر أحدها حتى يبدل الثوب الذي لبسه سابقه لأظل أنا وأمثالى الذين يكتوون بغلاء الأسعار نتيجة ارتفاع المرتبات ممن لم يصبهم دور الوظيفة الميرى والذين يستجدون رزقهم هنا وهناك مختبئين، خلف كونهم يتكسبون من عرق جبينهم لأنهم ببساطة لا يعملون ما يحبون، وبالتالى لن يصلوا إلى ما يحبون.. ولن أطيل عليك ياسيدى لكن إن حازت رسالتى هذه على نيل شرف النشر في تلك المساحة فلتنشرها موجهة إلى الحكومة على لسان الحرافيش تحت عنوان "إحنا مش عايشين"... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته !