بينما كانت الهيئة القبطية الإنجيلية تستعد لإقامة حفل افتتاح السفينة التي أهدتها لها القوات المسلحة، بدلا من سفينتها «الذهبية» التي حرقها المتطرفون والإرهابيون بعد 30 يونيو، وقعت تلك الحادثة المخجلة التي آلمت كل وطنى مستنير غيور على وطنه، بغض النظر عن اللون والعرق والجنس والانتماء الدينى والاجتماعى والعرقى والجغرافى. وبغض النظر عن تفاصيل تلك الحادثة الشنيعة التي يحاول البعض عمدا أو عن غفلة إغراقنا بها، فإن هذه الحادثة تنطق بحقيقة مخزية وصادمة لبعض الواهمين، وهى حقيقة أن التطرف الدينى متجذر في نفوس كثيرة، والتسامح مفقود، والمواطنة غائبة في أرجاء متعددة من مجتمعنا. بعض مؤسسات الدولة تسير على هدى المواطنة والمساواة والتعايش المشترك.. بينما هناك كثير من الأفراد يتصرفون عكس ذلك وعلى النقيض منه.. ودون الاستغراق في التفاصيل فإن حادث الاعتداء على سيدة المنيا وتعريتها لم يرتكبه شخص أو عدد محدود من الأشخاص، وإنما اشترك فيه عشرات من المواطنين.. وهذا يذكرنا بتلك الاعتداءات الجمعية التي شاركت فيها جموع على منشآت وضباط شرطة في كرداسة وقتل رجل شيعى بعد تعذيبه. هذه هي المشكلة الحقيقية التي جاء حادث الاعتداء على سيدة المنيا. لذلك بدلا من أن تبدد بعض الجهات والهيئات الحكومية والدينية والشرطية جهودها في إتمام مصالحات عرفية لا جدوى منها وسوف يتم خرق اتفاقاتها مستقبلا، عليها أن تشارك في نزع التطرف من النفوس أو اقتلاعه من جذوره، وإلا سوف نواجه بمزيد من هذه الحوادث الجمعية البشعة، والتي كانت حوادث التحرش الجماعى من الصبية في الأعياد للفتيات والسيدات إنذارا مبكرا لنا لم نستوعبه. يا سادة.. على مدى عدة عقود لم يعد التسامح موجودا في مجتمعنا، بسبب هذا التطرف والتعصب الدينى الذي فرض سطوته علينا، والذي أخرج لنا وحوشا آدمية انطلقت تقتل وتدمر وتخرب وتحرق.. فكيف نندهش إذن من قيام عشرات من المواطنين بالاعتداء على سيدة مسنة وتعريتها بهذا الشكل المتعمد والرامى لإشعارها بالذل.. أليس هذا قتلا معنويا لا يختلف عن القتل المادي؟.. حسنا أن الشرطة وجهات التحقيق تسعى الآن لتطبيق القانون، لمحاسبة كل من تورط في هذا الحادث البشع، لكن ذلك لا يكفى ولن يحمينا من تكراره.. نحن نحتاج خوض حرب ضارية ضد التطرف والتعصب في مجتمعنا كل أشكال وألوان التطرف والتعصب وليس الدينى فقط حماية لأنفسنا.