ليس الخمسة عشر الذين تم القاء القبض عليهم او الذين ما زال مطلوبا القاء القبض عليهم ولا نعرف عددهم هم المتهمين في جريمة المنيا الفظيعة والشنيعة.. وحتي ليس المحافظ ومدير الامن ورئيس المباحث وعمدة القرية وحدهم طالهم الاتهام في هذه الجريمة بالادارة السيئة لمشكلة تحولت الي جريمة شنيعة او بمحاولة انكارها والتستر عليها لا كلنا متهمون بدرجة او اخري في هذه الجريمة. فنحن سكتنا علي تطرف ديني وتعصب طائفي لسنوات، بل تعايشنا معه ومنا من مارسه احيانا سرا، واحيانا اخري علنا، حتي تجذر في مجتمعنا وصار يشكل سلوكنا بعد ان اغتال قيما عزيزة علينا مثل قيمة التسامح وقيم المواطنة والعيش المشترك. وحتي عندما تذوقنا مرارة عنف هو حصاد هذا التطرف الديني والتعصب الطائفي بعد الثالث من يوليو ٢٠١٣، وانتفضنا ضد اصحاب الفكر التكفيري وأهل هذا التطرف الديني الذين قدموا لنا وحوشا آدمية انطلقت تقتل وتدمر وتخرب وتحرق سرعان ما فترت همتنا وفقدنا حماسنا في ان نمضي حتي آخر الشوط في حربنا ضد التطرف الديني والتعصب الطائفي لنقضي عليهم، ونقتلع هذا التطرف من جذوره في مجتمعنا ونحمي انفسنا من شروره ونصون بلدنا من آثامه وننقذ دولتنا الوطنية مما شاهدناه ونشاهده في دول اخري تحيط بنا صار اهلها مشردين يبحثون عن مأوي وملاذ آمن ويتعرضون للمطاردة علي حدود الدول سواء في منطقتنا او خارجها خاصة في اوروبا. لقد عدنا بعد حماس لم يدم وقتا طويلا ضد اهل التطرف والتعصب والتكفير الي سيرتنا الاولي.. عدنا الي السكوت وإغماض العين علي مظاهر تطرف عديدة واشكال تعصب مختلفة والوان تكفير متنوعة تعاملنا معها احيانا وكأنها لا تعنينا او كأنها تحدث في مجتمع آخر غير مجتمعنا او لا تمثل خطرا علينا وتعاملنا معها احيانا اخري كأنها نوع من القضاء والقدر الذي لا فكاك لنا منه او علينا التسليم به رغم انها من صنع عقول شريرة متخلفة بل شديدة التخلف تنشر الفتن في ربوع المجتمع. تجاهلنا ان التطرف الديني والتعصب الطائفي له جذور في مجتمعنا في ظل مظاهر محبة وتآخ وتعاون لم تتجاوز سطح المجتمع الا في القليل منها ونسينا ان الفكر التكفيري والتطرف الديني والتعصب الطائفي اخترق عقولا وسيطر علي نفوس عديدة خاصة في مناطق الاطراف مثل سيناء بالقرب من حدودنا الغربية بل وفي قري الصعيد ومعظم العشوائيات التي تحتضنها مدننا واغفلنا ان هناك من ما زالوا ينشرون التطرف الديني والتعصب الطائفي بيننا وفي مواقع شتي علنا احيانا وخلسة او سرا دوما وانهم نجحوا في غواية العديد من شبابنا وبالتالي قدموهم فريسة سهلة للتنظيمات والجماعات الارهابية لتقوم بتجنيدهم وتحويلهم الي وحوش آدمية يقتلون ابناءنا يوميا الآن في سيناء وخارج سيناء ويدمرون ويخربون منشآتنا ويحرقون بيوتنا علي نحو ما حدث في قرية الكرم بمحافظة المنيا مؤخرا. ما حدث في هذه القرية نحن كلنا مسئولون عنه كل منا بدرجة مختلفة ولكننا ساهمنا جميعا في هذا الحادث البشع الذي لم يقتصر هذه المرة علي مطاردة وعنف وحرق، وانما وصل الي درجة اهانة سيدة مسنة في قرية وهتك عرضها بطريقة غير آدمية نعم لقد مضينا في تعويض اصحاب البيوت والمنشآت التي خربت وحرقت بعد الثالث من يوليو ٢٠١٣ واعدنا بناء الكنائس التي حرقت ودمرت ايضا وصرنا نهتم اكثر بنشر قيم المواطنة والمساواة والتسامح والعيش المشترك في المجتمع ولكننا لم نحقق تقدما في حريتنا ضد التطرف الديني والتعصب الطائفي او لم نحقق نصرا فيها نجهز فيه علي اهل هذا التطرف الديني وهذا التعصب الطائفي. لذلك يجب ان نحاسب انفسنا جميعا ونفيق من غفلتنا ونتعامل مع التطرف الديني بوصفه عدوا شريرا آثما لنا يمثل خطرا شديدا علينا ونستعيد حماسنا وهمتنا في المضي قدما في محاربته ومحاصرة اهله ودعاته. دعوكم من حديث تجديد الخطاب الديني او حتي تصحيحه وتحدثوا صراحة عن مواجهة الفكر المتطرف والمتعصب والتكفيري معركتنا ضد هذا الفكر الذي يصنع لنا وحوشا آدمية هي معركة لا تعرف انصاف الحلول ولا ينفع فيها التوقف في منتصف الطريق.. فهي مثل السباحة ضد التيار مجرد التوقف فيها تراجع. معركتنا ضد الفكر المتطرف والمتعصب والتكفيري ليست فقط ضد من ينشرون ويروجون هذا الفكر وسط اهلنا البسطاء ولكنها ايضا معركة لاقتلاع هذا الفكر من عقول كثيرة ونفوس عديدة نجح اهل التطرف والتكفير والتعصب في تضليلها وغواية اصحابها. فاذا كنا نحتاج لمطاردة اهل التكفير والتعصب في كل ارجاء مجتمعنا حتي نحمي انفسنا من شرورهم فنحن نحتاج ايضا لتطهير عقول ونفوس كثير من اهلنا من التطرف والتعصب الذي اصابها واستولي علي بعضهم ويدفعهم لارتكاب اعمال عنف والتصرف مثل الوحوش. فلنحاسب انفسنا علي اخطائنا ولنعترف بهذه الاخطاء اولا فهذا هو طريق النصر علي العنف والارهاب.