في هذا الزمن الغث، فلا عجب أن نري هذا اللغوي والجهل بالدين الذي يقدم عبر فضائيات مأجورة للجهل والتخلف.. فضائيات شغلت نفسها لفترات طويلة بمحاولة الخوض في أعراض النساء وليس أدل علي هذا ما فعله أحدهم مع إلهام شاهين والمطالبة بتحجب باسم يوسف لأنه جميل وقد يفتن! هذا اللواط الفكري استكمل بالمناداة بالقتل.. إننا أمام مهزلة وهراء للعديد من المتأسلمين الذين يضعون السم في العسل من خلال سلسلة من التصريحات ظاهرها العقل وباطنها الإرهاب والتطرف، وإلا بما تفسر ما يقوله صفوت بركات، القيادي بحزب الراية السلفي، وأحد قيادات حركة «تجرد» من أنه كان من أشد الناس فرحا بهلاك الشيخ حسن شحاتة القيادي الشيعي مشيرا الي تدبير الحادث من قبل جهاز أمن الدولة لإجبار الطوائف الصوفية للمشاركة في مظاهرات 30 يونية المقبل. الذين يتشدقون بقول إن هناك أيادي خفية تلعب خلف الستار لضرب وحدة الشعب المصري هم أنفسهم المحرضون مع فصيلهم من المتأخونين ولابسي رداء الدين وهو منهم براء الي يوم يبعثون وللأسف أن المرحلة التي وصل اليها الخطاب الديني في بعض الفضائيات الدينية وتجاوزها كافة الخطوط الحمراء برجال دين يحفزون التعصب الأعمي ويخرجون بتصريحات تتعارض ومصلحة الوطن، وتؤجج الفتنة وتفتح المجال لبث الفرقة والخلافات بين المسلمين وللأسف أن الفضائيات الدينية تمارس عملها لأسباب خفية ولصالح جماعات وأهداف محددة بعيدة تماما عن الهدف الديني الحقيقي وبدون تحكيم ضمائرهم وخطورة فضائيات الفتنة الطائفية أن مشاهديها نسبة كبيرة من الأميين الذين يصبحون بمثابة الأرض الخصبة لنمو التطرف وترعرعه وهذا ما حدث في قرية أبومسلم في النمرس، من شحن طائفي ضد الشيعة أدي الي مجزرة. وللأسف فإن بعض الفضائيات الدينية خلفت حالة من الاحتقان والمتاجرة بالدين وهدفها الأول والأخير سياسي ومثير للفتن ومعتمد علي التحريض علي الآخر.. قنوات لا تعترف بحقوق الإنسان ولا بتغيرات العصر، إننا أمام حالة من التعصب الفكري والمتخفي تحت ستار الدين، فتلك القنوات تقدم أشخاصا لا يملكون من العلم والدين ما يجعلهم أصحاب رأي، فهم جهلاء بالدين، إننا أمام خطاب ديني متشدد ومتشف علي الفضائيات الدينية، في البداية كانوا يتذرعون بأنهم المنادون بتطبيق الشريعة الإسلامية ثم ثبت مع الأيام أنهم لا يطبقون الشرع ولكن الإرهاب والتطرف. إن هذا الحراك المتشدد المعتمد علي الهتافات والشعارات التي تنقلنا مباشرة الي جو مشحون بالتشدد والطائفية لترتفع راية التعصب خفاقة فوق جثة مصر بمساعدة تلك القنوات التي تحتفي بهذا الخطاب وتروج له، وتنقله الي دور العبادة والمنابر وإلي البسطاء في البيوت الذين يتلقفون رأي هؤلاء الدعاة المتشددين وكأنه صحيح الإسلام وهو في الحقيقة أبعد ما يكون عن الإسلام، مستكملة حالة الاستقطاب السياسي، والتي تمددت بمرور الوقت لتصل الي حالة من الانقسام، السياسي والديني أيضا تلك التصرفات كانت كفيلة بنزع فتيلة «البارود» الذي ينفجر بالطائفية هنا وهناك الي سحل البشر بعد أن كان في الماضي «حرق الكنائس» ورغم أن تلك التصرفات لم تصل الي حد الظاهرة لكنها ولاتزال حوادث فردية ومساحة التعايش والتقارب أكبر بكثير من مساحات الصراع. ولكن ما حدث من الشيوخ أمام أعين ومباركة رئيس الجمهورية في الاستاد وبجاحة رجال جماعة الإخوان المسلمين في الفضائيات يسارع الي خلق حالة من الانقسام السياسي والديني وبدلا من أن الاستقرار وإعادة رسم العلاقة بين الناس والدولة علي أسس سليمة إذا الرئيس وقنواته المتشددة تقذف بنا خطوة للخلف ويزيد من حالة الاحتقان السياسي والديني فى المجتمع، في ذروة هذا المشهد وفي ظل حالة من الانهيار للمجتمع واشتباكات طائفية دون اعتبار لحرمة الإنسان والعزف بقوة علي وتر الطائفية وساهموا في تحويل حياتنا الي مشهد طائفي بامتياز وذلك من أجل تحقيق بعض المكاسب السياسية. ولكن ما يحدث من الفضائيات الدينية جعلتنا إزاء حالة طائفية يمكن أن تنهار معها الدولة والمجتمع أنهم يريدون للمجتمع المتمدن الانبطاح واللجوء الي الآخر ابتغاء مرضاته وتجنبا لسطوته من خلال «الدعاة» المتقولبين والموظفين لتطويع هذا الخطاب الذي تدسه الفضائيات التي أصبحت هي الأخرى محور ابتزاز للوعي لتقديم الإسلام البديل بخطاب يحيد عما أراده الله، مغذيا أفكاره من السياسات العنصرية وعلي رأسها التنظيمات الصهيونية، ومسترشدا بدعم ديني متطرف خاصة مع افتقادهم منهجا يرتكزون عليه حتي لا يصبح الإرهاب والإسلام وجهين لعملة واحدة، فما ذكر الإرهاب إلا وقفز معه الإسلام مع نكبة ابتزاز الوعي المستمر الذي مورس عليها لتوفيق خطابها مع معطيات الآخر صارت في حالة إدمان للإرهاب الفكري فالقنوات الفضائية الإسلامية برامجها سطحية ومتكررة وقائمة الإرهاب وتكفير المخالفين للرأي، إننا أمام نوع من البزنسة الدعوية يقدمها هؤلاء الدعاة غير المؤهلين في حمي الفضائيات وتحويل الخطاب الي حالة بيزنس و«سبوبة» وتسطيح الخطاب الإسلامي الذي من شأنه التحريض علي الاعتداء والضرب وإزهاق الأرواح ولعل ذلك الأمر يفسر الأحداث الدموية وقواعد الخطاب العنصري وجرائم الكراهية.