«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قنوات الوصول للجنة ب "حرق الأوطان"!
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 10 - 2010

تحقيق : محمد عبد الخالق : لأخذ بيد الناس إلى الجنة ، الموضوعية ، والحيادية ، وتبصير الناس بأمور دينهم وغيرها من الشعارات ، كانت حصان طروادة التي حاولت القنوات الدينية التي تجاوز عددها 200 قناة فضائية دينية. وفقا لما جاء في دراسة حديثة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة يسهم الكثير منها في بث دعوى الفتنة الطائفية والتناحر المذهبي - التربح من ورائه بعد أن تحولت إلى" سبوبة " تخبئ وراءها نزعات تأجيج الفتنة الطائفية وحرق الأوطان.
وكانت ساحة الإعلام الديني خلال الأسابيع الماضية على موعد مع الكثير من الجدل بسبب ما شهدته من فتاوى متضاربة وتصريحات مسيئة للدين الإسلامي والمسيحي،وما بثته من موضوعات وبرامج تسب الصحابة تارة وتسيئ للدين للدين الإسلامي تارة أخرى ، وتنتقص من قدر شركاء الوطن وتشعل نار الفتنة الطائفية تارة أخرى ، دفعت مجلس الشورى ووزارتي الإعلام والإستثمارإلى تشكيل لجنة من خبراء الإعلام،ووزارتي الاستثمار والإعلام لمراجعة تراخيص القنوات الفضائية الدينية التي يتم بثها علي القمر الصناعي المصري "نايل سات" من وداخل المنطقة الإعلامية الحرة بعد إثارتها للعديد من الحوادث الطائفية والدينية وعدم التزامها بميثاق الشرف الإعلامي،وتعرضها للقضايا الدينية دون علم وبث كل ما يؤثر بالسلب في الوحدة الوطنية وروح التسامح بين المسلمين والمسيحيين، وبدأت وزارة الإعلام في مواجهة الفضائيات التي تنفخ في نار الفتنة الطائفية تحت دعوى الحرية الإعلامية،وفى خطوة تعد بداية لمواجهة الفتنة الطائفية فى وسائل الإعلام،قررت الشركة المصرية للأقمار الصناعية "نايل سات" وقف بث قناة "البدر" لمخالفتها الضوابط والشروط المرخص لها للعمل.
توحيد جهات الفتوى ضرورة شرعية والمنع حل مؤقت للأزمة :
علماء الأزهر : لا تأخذوا دينكم من الفضائيات!
تحقيق : محمد عبد الخالق
على الرغم من تكرار تحذيرات علماء الدين من اختلاط الحابل بالنابل في ساحة إعلامنا الديني ومطالباتهم بتطبيق الآية القرآنية الكريمة " فأسالوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " ، ومناشدتهم بقصر الإفتاء في أمور الدين على أهل الاختصاص أملا في وضع حد لهذا الجدل الفقهي والطائفي الذي تشيعه تلك القنوات ليل نهار ، إلا أن سيل الفتاوى المتضاربة والمتشددة والمثيرة للجدل والفتنة التي تتجاهل سماحة ووسطية الدين الإسلامي الحنيف لا ينتهي ولا يتوقف ، رغم مخالفته لآيات قرآنية وقواعد فقهية متعارف عليها منذ قرون عديدة !!
فهل يمكن ضبط تضارب الفتاوى ؟! وهل يجوز شرعا قصر الإفتاء في الأمور العامة على المجامع الفقهية ودور الإفتاء في عالمنا الإسلامي لمواجهة تلك البلبلة والتصدي لسيل الفتاوى المثيرة للجدل والفتنة التي تبثها القنوات الفضائية الدينية ؟! وما هو دور المؤسسات الدينية في مواجهة تلك الظاهرة والحد من مخاطرها ؟!
علماء الأزهر يؤكدون أن الاجتهاد الجماعي بات ضرورة شرعية لإنهاء حالة البلبلة التي انتشرت بين الناس بسبب الفتاوى المتشددة والغريبة والعجيبة التي تتجاهل واقع الناس وسماحة ووسطية الدين الإسلامي الحنيف ، ويطالبون بدور اكبر للمؤسسات الدينية في ابراز سماحة ووسطية الدين ، ولكنهم في كل الأحوال يرون ان " الحل هو المنع " لكل الفضائيات المثيرة للفتنة !
ومن جانبه طالب الدكتور محمود حمدي زقزوق ، وزير الأوقاف بسرعة إصدار قانون لردع من يصدرون فتاوى تثير الفتنة وتصرف المسلمين عن قضاياهم الأساسية، وتأخذهم للانشغال بقضايا تافهة وفرعية ، كما طالب وزير الأوقاف بوقفة جادة تضع ضوابط صارمة لمن يتصدى للفتوى وقاية للمجتمعات من البلبلة الفكرية والدينية التي يتسبب فيها من لا يصلحون لهذه المهمة الخطيرة.
أما الدكتور أحمد عمر هاشم ، رئيس جامعة الأزهر السابق ورئيس لجنة الشئون الدينية بمجلس الشعب المصري ، فيطالب المؤسسات الإسلامية بالإسراع بوضع آليات جادة لمواجهة فوضى الفتاوى عبر الفضائيات الخاصة التي يملكها أشخاص يأتون بأي شخص ليقول ما شاء ، معتبرا أنه من أكبر الأخطاء التي نتجت عنها بلبلة بين الناس فيما هو حلال وما هو حرام،وأحدثت بلبلة بين الناس بسبب تضارب هذه الفتاوى بين المتخصصين وغير المتخصصين ، وبين أهل العلم ومن ليسوا بأهل للعلم ، فالمطلوب الآن هو قانون ينظم ذلك ، وميثاق شرف بين هذه القنوات وإيجاد سقف يلتقي تحته أهل العلم ولا تصدر الفتاوى إلا منهم.
من جانبه يؤكد الدكتور محمد الشحات الجندي الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية أن تضارب الفتاوى عبر الفضائيات مسألة فاقت كل الحدود وأثارت البلبلة بين من يتطلعون إلى الحفاظ على دينهم ومعرفة حكم الشرع فيما يستجد من أمور في حياتهم ، ولم يعد الناس على دراية بأي الفتاوى يلتزمون.
وحول إمكانية توحيد الفتاوى بين المجامع الفقهية ودور الإفتاء في الدول الإسلامية يقول الدكتور محمد الشحات الجندي : الفتاوى اليومية التي تتعلق بالعبادات والصيام وما شابه ذلك لا تحتاج إلى فتاوى جماعية لأنها نمطية يتكفل بها دور إفتاء ومن تتوافر فيهم تلك الشروط ، أما الفتاوى التي تتعلق بمصالح الأمة أو المستجدة في حياتهم فينبغي أن تعرض على المجامع الفقهية وألا يستقل بها احد لأن ذلك هو الطريق الآمن والمضمون لإصدار مثل الفتاوى ، وأن يكون ذلك بالتنسيق بين المجامع الفقهية ودور الإفتاء في العالم الإسلامي في هذا الشأن حتى تكون الفتوى ملزمة وأن يكون هناك تنسيقا وتعاونا تاما في هذا الشأن حتى تصدر الفتوى بإجماع العلماء وتكون ملزمة وأوجب بالإتباع.
ويؤكد الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية ، الأمة الإسلامية تعاني من أزمة حادة تتمثل في نزيف الفتاوى الغريبة التي انتشرت بشكل عشوائي بسبب انتشار الفضائيات ، التي تعرض البرامج الدينية وتروج للفتاوى الشاذة والغريبة من باب لفت الأنظار للقناة لجذب المشاهدين والقراء ، مما يحتم علينا جميعاً ضرورة العمل من أجل ضبط مجال الفتوى خاصة في مسألة الفتاوى المباشرة التي يسمع فيها المفتي السؤال ويجيب في نفس اللحظة بحثا عن الإثارة وجذب المشاهدين والقراء،فانتشار هذه الفتاوى يضر بالمجتمع ويهدد أمنه وسلامته ، ويجب أن نعود إلى الفتاوى المكتوبة الصادرة عن المجامع الفقهية ودور الإفتاء وجهات الاختصاص .
مواجهة دينية وقانونية
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يمكن مواجهة تلك الفضائيات الدينية المثيرة للجدل ؟ وما هو دور المؤسسة الدينية الرسمية ؟ يعود الدكتور محمد الشحات الجندي الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ليؤكد أن تلك القنوات الفضائية باتت تمثل نقطة تحول بالغة في تفكير العديد من عامة الناس والشباب والناشئة الذين يقضون أوقاتا طويلة أمام شاشات التليفزيون،إلى حد أن الأفكار المستقاة من القنوات باتت تساهم في تشكيل عقلية الجيل الجديد ، وهنا مكمن الخطورة لأن هناك العديد من الأمور التي تبث تناهض وتتناقض مع ثوابت الدين وتصل في بعض الاحيان الى إثارة الخلافات الفقهية والمذهبية والدينية والتشكيك في النبوة والألوهية ، ويصدق بعض الناشئة الذين لم يتحصنوا بثوابت الدين ونظامه العام ونظامه في الشريعه والعقيدة والأخلاق تلك الأفكار،وتسويق أفكارها وإلغاء الخصوصية والتنوع الذي خلق الله عليه البشر .
فمعلوم أن الله خلق الناس مختلفين ، قال تعالي " ولا يزالون مختلفين " لكن في إطار هذا التوجه الذي تبثه العديد من الفضائيات نجد أنها تلغي فكرة التنوع والخصوصية لكل دين من هذه الاديان ، وهو بلا شك يعد تيارا مدمرا على صحة الأديان والأبدان ، وهو أخطر ما يواجه الجيل الجديد من أمتنا في عالم اليوم أمام هذه القضية الخطيرة .
ومن واجب العلماء أن تتضافر جهودهم نحو الوقوف في مواجهة الفكر المتطرف والهدام الذي تبثه هذه القنوات ، وتوجيه الناس نحو الاستفادة منها فيما ينفع وفيما تحويه من فكر إيجابي ومعلومات تثري العقل وليس العكس ، وهذا الدور لا يقع فقط على المؤسسة الدينية والمجامع الفقهية ، وإنما هو دور أشمل من ذلك إذ ينبغي أن يقوم عليه كذلك علماء الاجتماع وخبراء الاعلام ومنظمات المجتمع المدني والأسرة والمدرسة والجامعة كل في موقعه وفي نطاق اختصاصه ، وهو ما يعني أن الدور هنا يمثل عملا جمعيا يحتاج الى جهود فريق متكامل يعم كل مؤسسة على مستوى كل وطن وعلى مستوى العالم الإسلامي كله .
وللمؤسسة الدينية الإسلامية دور ينبغي عليها أن تقوم به تجاه بعض الأفكار السلفية التي تعارض فكر الإسلام الوسطي ذلك الفكر الذي أصله القرآن الكريم بقول الله تعالي : " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس " وهو ما يعني أن هذه الأمة تسلك طريقا معتدلا ونهجا لا ترفض فيه الآخر ولا تبث من الأفكار والدعوات ما يخاصم المخالفين للمسلمين في العقيدة أو في الشريعة أو في النظام أوالهوية ، لأن الإسلام يسمح بالاختلاف بين الناس وهو سنة كونية وفطرة بشرية خلق الله الناس عليها وأثبتها في القرآن الكريم في اكثر من موضع .
الحل .. هو المنع
أما الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق فيرى أن الحل هو المنع ، وحظر تلك القنوات المتشددة من قبل الجهات المعنية ، ومواجهة ما تثيره من نعرات مذهبية وغلو وتطرف من خلال تلك الفتاوى والبرامج التي ترفض قيم الحوار وتدعو إلي العنف والإرهاب وتصدير الخطاب التحريضي،وبعض هذه القنوات سلاح خطير يجب علي المجتمعات الانتباه إلي شرورها ومحاولة تحجيم دورها وفعلها الإعلامي المخرب بالملاحقة القانونية ، فالمؤسسة الدينية لا تستطيع وحدها المواجهة ، ودعا الأزهر والكنيسة إلى تبني خطاب مؤسسي رسمي وتجديد الخطاب الديني الذي بات ضرورة شرعية ، مشيرا إلى أن الفتن الطائفية أساسها الاختلاف الديني وأن المشاكل المثارة حاليا لا تمت للدين بصلة .
وحذر الشيخ محمود عاشور من خطورة اعتبار القنوات الفضائية الدينية مرجعا للفتوى الشرعية وحكم الدين في القضايا والمسائل التي تهم الإنسان وأضاف قائلا : يجب علينا الحذر عند مشاهدتها لان معظم الذين يفتون فيها غير متخصصين ومجهولون ويصدرون فتاوى مغلوطة وتتضمن أفكاراً منحرفة وتروج لقصص خرافية وأساطير مكذوبة يستغلون فيها ضعف الثقافة الدينية وقلة التحصيل العلمي لدي المشاهدين وحبهم الجارف لدينهم من خلال تقديم نصوص مبتورة وموظفة في غير سياقها الشرعي الصحيح .
فضائيات خارج السيطرة
بينما يرى الدكتور عبد المعطي بيومي عميد كلية أصول الدين السابق واستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر ، صعوبة ملاحقة القنوات الفضائية التي تبث من خارج مصر ويقول : هؤلاء لاسيطرة عليهم لأنهم ليسوا في مصر والتطرف موجود في كل مكان،هذه فتنة ويجب أن نبث نحن ما نرشد به هذه الفتنة وما يرشد العقول ، وأن نحذر من هذه القنوات ، وأن نعطي المساحة اللازمة للفكر الإسلامي الصحيح والفكر المسيحي الراشد ليرد على ما تبثه هذه المواقع ، هذا هو كل ما نملكه،ودائما الفتنة واطرافها لا يملكون الحجة ، وهنا ستكون حجتنا اقوى ان شاء الله ، ونحن مطمئنون الى ان اقاويل اهل الفتنة لا تثبت امام عقل سليم وامام مناقشة سليمة وجادة ، وانا أظن ان الخطر سيكون محدودا اذا ما قامت المؤسسات الدينية بهذا الدور ، كما أن حماية شبابنا من السموم التي تقدمها بعض الفضائيات المتطرفة مسئولية مجتمعية مشتركة تتحملها الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام والمؤسسات الدينية والمجتمع المدني ، فالمواجهة القانونية والأمنية وإن كانت مهمة ومطلوبة إلا أنها تظل محدودة الأثر في حماية مجتمعاتنا من أخطار الفتنة والفكر المتشدد والمتطرف وأصحاب المخططات الإرهابية ، خاصة ونحن نعيش عصر السماوات المفتوحة والمواجهة الناجحة التي تقتلع التطرف من جذوره يجب ان تكون متعددة الأبعاد وممتدة وعلي جميع الأصعدة الإعلامية والدينية والثقافية والسياسية والاقتصادية والأمنية وتشترك فيها كافة التيارات والنشطاء والمؤسسات الموجودة علي الساحة من خلال عمل مؤسسي يتبنى منهجا علميا موثوقا يستهدف ترسيخ قيم العقلانية والتسامح والحوار وأدب الاختلاف واحترام الرأي والمواطنة والانتماء.
الأنبا بسنتى :
إعلام الفتنة .. يخالف وصية المسيح
أكد الأنبا بسنتى أسقف حلوان والمعصرة والتبين وعضو المجمع المقدس بالكنيسة الأرثوذكسية براءة الأديان السماوية من دعاة الفتنة ، مشيرا إلى أن الفضائيات الدينية التي تبث الفتنة وتتطاول على الأديان تخالف تعاليم المسيح ورسالة المحبة التي جاءت بها المسيحية للبشرية جمعاء ، وأن الديانة المسيحية تلعن من يبغض أخاه في الإنسانية أو يتطاول على اتباع دين آخر،ويطالب الشباب بالالتزام برأي القيادات الدينية ممثلة في الأزهر والكنيسة ، معتبرا أنهما المرجعية والقدوة لدى الشباب .
وأضاف الأنبا بسنتي قائلا : من يفعلون ذلك يظنون أنهم يخدمون دينهم، لكن من يريد خدمة أي دين سواء كان مسيحي أو إسلامي أو يهودي، ليس أمامه سوى الحكمة والموعظة الحسنة ، فأنا اتحدث عن المحبة والتسامح والعفو عند المقدرة ، ولو تعرضت لدين إخواني فإنني يجب أن أتعرض لهم بكلمة طيبية ، لأن الديانه المسيحية ليس فيها عنف فكري وتبتعد عن هذه الأمور تماما ، ولا يوجد إلا المحبة : " ولا تقاوموا الشر بالشر " هكذا جاءت تعاليم السيد المسيح الذي يحب في الله ، ونهى عن البغض وقال : " من يبغض أخاه في الانسانية فهو قاتل نفس " .
وهؤلاء الذين يروجون للفتنة عبر الفضائيات أعمت الكراهية والبغض أعينهم ، وأنا أؤكد لك أن كل هذه الأشياء محرمة في المسيحية ، فالسيد المسيح كان عليه السلام ووقت ميلاده هتفت الملائكة : " المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة " وعلم السيد المسيح الناس وقال : " طوبى لصانعي السلام إنهم أبناء الله يدعون " ونصوص المسيحية كلها حب وود وسلام وإخاء إنساني ومن هنا فإنني أقول أن من يسلك غير هذا المسلك فقد خرج عن الإطار المسيحي .
ويجب أن أشرح ما عندي وأحبب الناس فيه دون أن أمس بغيري أي مساس يسئ إليه ويحسن الكلام مع اتباع الديانات الأخرى ، ومن يعرف دينه جيدا حتى ولو كان الآخر درس وتعمق في هذا الدين ، فالسلام والمحبة والإخاء وكل القيم الدينية لن تختلف ، وهذا ما أكد عليه الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق والشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر الحالي حيث أصدر فضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وأخيه البابا شنودة الثالث،بيانا لجميع المصريين للحفاظ على وحدتهم الوطنية، ورفض محاولات إثارة الفتنة بين المسلمين والأقباط ، سواء بالإساءة للمقدسات أو بالانتقاص من حقوق المواطنة التي يستوي فيها المصريون جميعا بغير تفرقة أو تمييز، وأن المصريين شعبا واحدا في وطن واحد،وأن الدين والعقيدة خط أحمر لا يجوز لأحد تجاوزه ، وهذا البيان يعبر عن فكر البابا شنودة والدكتور الطيب، وكل من يخافون على مستقبل هذا البلد ، فما نتفق فيه كثير وما نختلف فيه هو القليل ، وإن تكلمنا فيها فلن نجد وقت فيما نختلف عليه ، وهذا هو الإطار العام الذي على الجميع الالتزام به إذا أردنا أن نعيش حياة ترضي ربنا وأن نعيش في سلام دون تناحر أوتطاحن ، ويكفي ما يسمح به ربنا من كوارث إنسانية ومشكلات اجتماعية واقتصادية يجب علينا جميعا أن نتحد لنتصدى لها .
وما هو دور المؤسسات الدينية الرسمية في هذا الشأن ؟
بنشر القيم المعتدلة والوسطية وتحبيب الناس فيها لأنها هي السبيل الوحيد للتعايش البشري الإنساني الذي يتعاون فيه الناس كما جاء بالقرآن " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " . وإن أردنا كلاما جيدا سنجد هنا وهناك ، وهذا رأي الكبار شيخ الأزهر والشيخ الشعراوي والبابا شنودة وهؤلاء هم الرموز الكبيرة في جيلنا وهذا هو وجهة نظرهم ان نجتمع فيما اتفقنا عليه وان نبتعد عن ما نختلف فيه لأن كل واحد منا يعتز بعقيدته.
وبماذا تنصح الشباب من ينساقون وراء دعاوى الفتنة والتطرف التي تبثها القنوات الفضائية الدينية ؟
أقول لهم هذا هو كلام رموزنا الاسلامية والمسيحية فلابد أن يقتنع وأن يلتزم الشباب قلبيا وفكريا وأن نسير في خطوات هؤلاء الرموز لأنهم أكثر الناس دراية بالديانتين الإسلامية والمسيحية ، ولو التزم كل شخص بهذه القواعد والمبادئ التي تحدثنا عنها لتجنب الناس الكثير من المتاعب التي تحدث في الفترات الاخيرة ، ومن اخطأ فلدينا القضاء ويجب ألا نلجأ الى اساليب غير حضارية لا تتناسب مع مصر العظيمة في القرن الحادي والعشرين ، فالعالم كله يرانا ونحن نعتز بمصريتنا مسلمين ومسيحيين ، نحن حضارة 7 آلاف سنة ويجب أن نعتز بذلك ونحافظ على هذا الإرث التاريخي ، وقد عاشت مصر منذ فجر التاريخ في ظل تعدد الأديان، واختارت العائلة المقدسة مصر لأنها بلد الأمن والأمان.
لكن في المقابل هناك بعض الفضائيات الدينية المسيحية تسئ لعقائد المسلمين؟
نرفض هذا تماماً لأنه ضد السلوك المسيحي وضد حب الآخر وضد وصية المحبة وضد ما قاله أمير الشعراء أحمد شوقي:"فعلي تعاليم المسيح لأجلهم يوقرون لأجلنا الإسلام .. الدين للديان جل جلاله لو شاء ربك وحد الأقوام".
وتلك الدعوة ضد وصية السيد المسيح له المجد:"كل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم أيضاً بهم" وأنا لا أحب أن يسيء أحد للكتاب المقدس وبالتالي لا أحب الإساءة للدين المسيحي أو أي دين إبراهيمي آخر .
ومن يفكرون في مثل هذه الدعوات لا يفكرون في الأقليات المسيحية التي تعيش وسط مسلمين وتربطهم علاقة المودةوالحب، فهذه الدعوات ستؤثر في العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في الشرق الأوسط والعالم العربي وكذلك في الدول الإسلامية.
وينبغي على الجميع احترام الرموز الدينية المتمثلة في البابا شنودة والدكتور أحمد الطيب، ويجب أن ننظر لهما بنوع من الوقار والاحترام . ويجب على القنوات الفضائية تبني الخطاب الدينى الناجح الذى يدعو إلى حب الله وحب البشرية.
خبراء الإعلام :
الفضائيات المذهبية ستختفي دون رجعة .. بشروط
رحب خبراء الإعلام بالمواجهة الحكومية لقنوات الفتنة ، مطالبين بتفعيل ميثاق الشرف الإعلامى ، ومعالجة الخطاب الدينى سواء كان فى المسجد أو فى الكنيسة وقال الخبير الإعلامي صفوت العالم، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة : الخطاب الدينى الفضائي تجاوز كافة الخطوط الحمراء ، بما تقدمه القنوات الفضائية من برامج يتحدث خلالها حيث أشخاصا يتسمون بالتعصب الأعمى سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين من الذين يصدرون تصريحات تتقاطع مع مصلحة الوطن، وتؤجج من الفتنة بين عنصرى الأمة، وبالتالى فإن مثل هذه الفضائيات تفتح المجال لهذه المناظرات وتحاول بث الفرقة والخلافات بين الجانبين.
وطالب صفوت العالم بتفعيل ميثاق الشرف الإعلامى ، ومعالجة الخطاب الدينى سواء كان فى المسجد أو فى الكنيسة ولابد أن يدرك الخطيب مهارات الاتصال وطبيعة من يتصل بهم والجمهور المستهدف من عملية الاتصال وثقافة الجمهور وذلك لرفع المستوى الفكرى المستنير الذى لا يقوم على المبالغة والتدمير ولابد من الاهتمام بالفتاوى لان لتلك الفتاوى تأثيرها وتؤثر على جمهور كبير فلابد من تنشئة ثقافية واجتماعية لكل داعية فلابد أن يكون مدركا جيدا لهذه الابعاد .
أما الدكتور محي الدين عبد الحليم مستشار وزير الأوقاف المصري لشؤون الإعلام فيؤكد أن القنوات الفضائية الدينية تخدع المشاهد المسلم البسيط بكل السبل خاصة لو كان من ذوى المعلومات السطحية عن الدين وللأسف أيضا فإن كثير من القنوات الدينية التي أخذت على عاتقها زرع الفتنة المذهبية بين المسلمين وضرب كل محاولات الوحدة بين المسلمين والأقباط في مقتل ونجحت في امتلاك مساحات لا بأس بها من الإعلام الفضائي لنشر أفكارهم المسمومة ويمتد بهم الأمر في كثير من الأحيان إلى نواح سياسية لإثارة الفتن المذهبية . وتفعيل مواثيق الشرف الإعلامية التي تمنع استخدام الإعلام في بث الفتن المذهبية أو الدينية ولو نجحنا في إجبار كل الفضائيات دينية كانت أو غير دينية على الالتزام بميثاق الشرف الإعلامي الذي وضعته منظمة المؤتمر الإسلامي فإن ظاهرة الفضائيات المذهبية والطائفية ستختفي دون رجعة ، وان يحرص القائمين على تلك القنوات على تقديم المزيد من الوعي والتسامح‏‏ وشرح حقيقة الدين الإسلامي السمح‏ وتعميق قيم احترام الآخر‏.‏
وطالب بضرورة التصدي لأصحاب هذا الفكر الإعلامي الهدام واستخدام كفة القوانين الرادعة عملا بالقاعدة الفقهية " أن الله يذع بالسلطان مالا يذع بالقرآن "
من جانبها حذرت الدكتورة ماجي الحلواني العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة من الأجندة الخفية للكثير من الفضائيات الدينية التي ترى أنها تمارس عملها لهدف مخفي ولصالح جماعات وسياسات معينة بعيدة كل البعد عن الهدف الديني الحقيقي وهو تبسيط العلوم الدينية وتثقيف المواطن المسلم أو المسيحي بثقافة إسلامية أو مسيحية سمحة ، وطالبت القائمين على الإعلام العربي العمل بتحكيم ضمائرهم وعدم الهرولة وراء التسخين بحثا عن توسيع دائرة المشاهدين حتى لو جاء ذلك على حساب مصلحة الوطن والأمة العربية والإسلامية .
تجارة الإفتاء مرتجلة !
هل يجوز لعلماء الدين تقاضي مبالغ مالية من القنوات الفضائية مقابل الإفتاء في أمور الدين ؟ يقول الدكتور صبري عبد الرءوف الأستاذ بجامعة الأزهر : الإفتاء في أمور الدين يعد واجبا شرعيا على كل من تتوافر فيه شروط الفتوى ، وأن حصولهم على مقابل مادي عن مشاركتهم في تلك البرامج مباح شرعا ، والقنوات الفضائية التي انتشرت في زماننا هذا تستضيف المتخصص وغير المتخصص فكل إنسان وجد نفسه فاشلاً في تخصصه لا يجد أرضاً خصبة سوي هذه الفضائية ليتكلم فيها باسم الدين.
ونري هذه القنوات تعطي مبالغ خيالية لغير المتخصصين وهم يشترطون عليها شروطاً معينة ويحددون أجورهم العالية للغاية ويستجاب لهم ، أما العلماء المتخصصون فلا تعطيهم حقهم وتدعي أن عملهم هذا لوجه الله تعالي رغم أن الوقت الذي يقضونه في هذه البرامج يعتبر مضيعة لوقتهم وضياع لنفقات تكبدونها في الذهاب والعودة وتساءل د.صبري: لماذا إعطاء غير المتخصصين بلا حدود وحجب المال عن العلماء الأجلاء فكيف يعيش العلماء ويواجهون متطلبات الحياة التي تشتعل يوماً بعد آخر.
وأضاف:أن هذه الفضائيات كانت في باديء أمرها تؤدي رسالة صادقة أما الآن فقد جعلت من الإعلانات شغلها الشاغل وأصبحت هذه الإعلانات تدر عليهم أموالا طائلة فلو أنهم احتسبوا عملهم حقاً لوجه الله تعالي لكان الأمر مقبولا لكن التفرقة بين العلماء وأنصاف العلماء هي التي جعلت المتخصصين ينأون بأنفسهم علي الذهاب لهذه الفضائيات بسبب الظلم الواقع عليهم ومجاملة غير المتخصصين وإهدار حق العلماء واستغلال وقتهم ومالهم ومنحهم الفتات وللأسف الشديد هذه القنوات تقدم غير المتخصصين علي أنه أستاذ دكتور أوداعية إسلامي كبير أو مفكر إسلامي مشهور وكل هذا كذب وافتراء علي الدين لكن الناس لا يميزون بين المتخصص وغير المتخصص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.