رئيس جامعة عين شمس: «الأهلية الجديدة» تستهدف تخريج كوادر مؤهلة بمواصفات دولية    مصطفى الفقي: كنت أشعر بعبء كبير مع خطابات عيد العمال    إدارة الأزمات ب «الجبهة»: التحديات التي تواجه الدولة تتطلب حلولاً مبتكرة    صندوق النقد يعلن استكمال المراجعة الخامسة لقرض مصر ويرحب بالجهود الإصلاحية    رسميًا.. آخر موعد لصرف زيادة التموين الجديدة 2025 بعد قرار مد المهلة (تفاصيل)    عيد الأضحى المبارك.. تعرف على أسعار الأضاحي 2025 العجول والأبقار والأغنام    حماس: آلية توزيع المساعدات التي فرضها الاحتلال فاشلة ومشبوهة    إما الولاية 51 لأمريكا أو دفع 61 مليار دولار، ترامب يبتز كندا بعد عرض انضمامها إلى القبة الذهبية    طاقم حكام مباراة بيراميدز وسيراميكا كليوباترا    الزمالك ينهي اتفاقه مع كليمان مزيزي.. وينتظر رد يانج أفريكانز    موعد مباراة تشيلسي وريال بيتيس في نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    أحمد الكاس: نحاول الوصول إلى أبعد نقطة ممكنة في كأس العالم للشباب    «يقدر يكون زي محمد صلاح».. ضياء السيد يتغنى بنجم الأهلي    مجلس الأهلي يستعرض ترتيبات معسكر إعداد فريق الكرة في أمريكا    إصابة 18 شخص في تصادم سيارة نقل بأتوبيس عمال بالعاشر من رمضان| صور    «الطقس× أسبوع».. ربيعي «معتدل إلى شديد الحرارة» و«الأرصاد» تحذر من الرياح النشطة    كانوا أسرة واحدة حتى 2021.. محامي نوال الدجوي يكشف تفاصيل الخلافات وموقف الحفيدتين من الوفاة    اعتراف وقرار من النقابة، آخر تطورات التحقيق مع آية سماحة بعد إساءتها إلى مشيرة إسماعيل    ظافر العابدين يتحدث عن تعاونه مع طارق العريان وعمرو يوسف للمرة الثانية بعد 17 سنة (فيديو)    العيد الكبير 2025 .. «الإفتاء» توضح ما يستحب للمضحّي بعد النحر    ما حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟ الإفتاء تحسم الجدل    رئيس مجلس النواب الليبي يدعو إلى دعم دولى ومحلى لتشكيل الحكومة الجديدة    حقيقة ظهور صور ل«روبورت المرور» في شوارع مصر    تنبيه هام من محافظة الإسكندرية للمواطنين بشأن رائحة الغاز    ولاء صلاح الدين: "المرأة تقود" خطوة جادة نحو تمكين المرأة في المحافظات    مدرب مالي: ديانج يمكنه الانضمام ل الأهلي عقب مواجهة الكونغو    البلشي يدعو النواب الصحفيين لجلسة نقاشية في إطار حملة تعديل المادة (12) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام    فشل سياسي يتجدد.. تحذير مصري وسط تجاهل إثيوبي لقَسم آبي أحمد للسيسي    إعلام عبري: 1200 ضابط يطالبون بوقف الحرب السياسية بغزة    السيطرة على حريق شب داخل مطعم بمنطقة مصر الجديدة    إسعاف 4 أشخاص أصيبوا بتسمم في العمرانية    إصابة 8 بينهم رضيعان أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص ببني سويف    مصطفى الفقي: السوشيال ميديا لا ترحم في «عصر فاضح»    سعر الفراخ البيضاء وكرتونة البيض الأبيض والأحمر في الأسواق اليوم الأربعاء 28 مايو 2025    سلاف فواخرجي تعلن مشاركة فيلم «سلمى» في مهرجان روتردام للفيلم العربي    هناك من يحاول إعاقة تقدمك المهني.. برج العقرب اليوم 28 مايو    بعد شائعة وفاته... جورج وسوف يحيي حفلاً في السويد ويطمئن جمهوره: محبتكم بقلبي    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الأربعاء 28 مايو 2025    محافظ البنك المركزي يترأس وفد مصر في الاجتماعات السنوية لمجموعة بنك التنمية الإفريقي    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    وكيل صحة سوهاج يبحث تزويد مستشفى طهطا العام بجهاز رنين مغناطيسى جديد    «الرعاية الصحية»: التشغيل الرسمي للتأمين الشامل بأسوان في يوليو 2025    تنتهي بفقدان البصر.. علامات تحذيرية من مرض خطير يصيب العين    الاحتراق النفسي.. مؤشرات أن شغلك يستنزفك نفسيًا وصحيًا    لا علاج لها.. ما مرض ال «Popcorn Lung» وما علاقته بال «Vape»    4 سيارات إطفاء تتصدى لحريق مخزن فراشة أفراح بكرداسة    جورجينيو يعلن رحيله عن أرسنال عبر رسالة "إنستجرام"    بن جفير يتهم سياسيًا إسرائيليًا بالخيانة لقوله إن قتل الأطفال أصبح هواية لجنود الاحتلال    "هآرتس": أميركا تضغط على إسرائيل وحماس للتوصل لاتفاق    حزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء يبحث خطة العمل بأمانة التعليم (صور)    أخبار × 24 ساعة.. بيان دار الإفتاء حول رؤية هلال ذى الحجة لعام 1446 ه    سلمى الشماع: تكريمي كان "مظاهرة حب" و"زووم" له مكانه خاصة بالنسبة لي    حدث بالفن | وفاة والدة مخرج وتامر عاشور يخضع لعملية جراحية وبيان من زينة    حصاد رحلة رامى ربيعة مع الأهلي قبل انتقاله للعين الإماراتى    الشركة المتحدة تفوز بجائزة أفضل شركة إنتاج بحفل جوائز قمة الإبداع    رسميًا.. دار الإفتاء تعلن نتيجة استطلاع هلال ذي الحجة والجمعة أول أيام العيد (بيان)    هل يأثم من ترك صيام يوم عرفة؟.. أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    قيادة قوات الدفاع الشعبي والعسكري توقع بروتوكول تعاون مع وزارة الرياضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متعصب واحد قد يودي بحياة ملايين الضحايا
نشر في القاهرة يوم 28 - 08 - 2012


المتعصب فاقد لحب الآخرين بطبيعة الحال، جاهل بطبيعة منشأ البشرية لأب وأم واحدة، مغرور بما يركن لديه من تعداد أو تاريخ أو قوة بالية، وهو أمر للأسف موجود منذ قدم البشرية، ربما كان من وجهة نظر قابيل قاتل هابيل تعصبه لجمال شكله الخارجي متناسياً أمامه نفسه الداخلية، فكان حريصاً علي انتزاع حق أخيه في زوجة جميلة متناسياً ما اقدره الله له، ولو أن كلا منا سعي فيما قدر له لتنامي الكون ولما حدثت كل صراعات البشرية. لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن ننسي أحداثا جساما من تاريخ البشرية البغيض، حينما أدعي فرعون مصر لنفسه الألوهية، ظناً أن قوته وأمواله وجنده يغنونه عن إرادة الوجود والعدم، وربما أيضاً ساعده في ذلك جهل حاشيته أو نفاقهم وتضليلهم مع المناخ المناسب في جهله هو نفسه وعدم تأمله وإدراكه حكمة الفناء، هو الأمر ذاته لكل متعصب يرفض الآخر، ويبغض التسامح ويكره السلام، وينشر الكره والبغض. تعصب شخص = ملايين الضحايا والمؤسف حقاً أن تعصب شخص واحد يكون مردوده آلاف أو ملايين من الضحايا الأبرياء، وربما يكون هو آخرهم أو لا يكون بينهم، لربما هي حكمة إلهية جزاء أنانيتنا وعدم مشاركتنا منع القهر عن المقهورين، فتكون العاقبة التي تأتي دوائرها أن يكون كل سلبي دون رغبته في دائرة الأحداث بعد حين، والتاريخ مليء بالوقائع البشعة من نيرون الذي أحرق روما، إلي لينين الروسي الذي تسببت أيديولوجيته العنصرية بمقتل 10 ملايين، واستكملها جوزيف ستالين بالتسبب في مقتل 55 مليون آخرين، أما أدولف هتلر الألماني فهو الآخر تسبب في مقتل 70 مليون هم ضحايا الحرب العالمية الثانية التي يرجع إليه جراء تفجيرها أمام مطامعه وظنه رقيه وعظمته التي تؤهله لحكم الكون. رغم كل هذه الضحايا، وبهتان أفكار التعصب للأيديولوجيات السياسية العنصرية كالأبار تهيد في جنوب أفريقيا والنازية الألمانية والفاشية الإيطالية، إلا أنه بات واضحاً نمو أنواع أخري من التعصب الغبي للفرق الرياضية مازلنا نتجرع كئوس معاناتها، كما التعصب للأعراق كما في حوادث بورما والصين، وتعصب أخر بالغ الخطورة وهو للانتماء العقائدي أي الأديان التي يعتنقها الأفراد، وربما لأن الفكر الديني يرتبط بما هو بعد الحياة فهو أشد قسوة وعناد، وفي ذلك رأينا عبر التاريخ كيف أمر الأمبراطور كارل شارلمان في عام 782م بقطع رأس 4500 شخص لأنهم رفضوا اعتناق المسيحية، وفي عام 1234 كيف تم ذبح 11 ألف رجل وامرأة وطفل في ستيدينج الألمانية لعدم قدرتهم علي دفع الضرائب المجحفة المفروضة علي الفلاحين من الكنيسة، وكيف قتل الإنجليز من خلال القائد العسكري همفري جلبرت في القرن السابع عشرات الآلاف من الإيرلنديين لعدم إيمانهم بالمسيحية، ثم عرفنا في القرن الثاني عشر الحروب الصليبية علي بلاد العرب باسم التعصب الديني أيضاً. وفي الإسلام نعرف جميعاً الحرب الضروس غير الإنسانية باسم الدين، وأشهرها ما تم بين معاوية بن أبي سفيان وبشكل أبشع علي يد نجله يزيد ضد شيعة علي وآل البيت النبوي وكانت للأسف وكذباً باسم الأحقية الدينية للحكم برغم أن حقيقتها المطامع السياسية في الحكم، وشهد خلالها بداية التجني علي قيم الإسلام ومعانيه فذبح للمرة الأولي في تاريخ الإسلام الأطفال والنساء، وكن من أبناء الصحابة وأسرهم، وشمل ذلك العديد من البلدان العربية. ولم تقف حدود التعصب عند ذلك، وبنظرة لآلات التعذيب في العصر العباسي والمملوكي والعثماني يمكننا أن نعرف كم تم التجرؤ علي الدين، ومازال الأمر كذلك حتي تاريخنا المعاصر، وكلانا يتذكر الحوادث البشعة التي أحدثها المتعصبون دينياً في مصر خلال حقبة التسعينيات ممن يطلقون علي أنفسهم الجماعات الإسلامية، ممن نصبوا أنفسهم حكاما باسم الإله بغير حق، فقتلوا من لا يحمل السلاح عليهم في خلاف مع أبسط قواعد الدين الإسلامي والتعليمات النبوية لرسول الإسلام، ومن أبشع تلك الحوادث كانت مذبحة الأقصر في 17 نوفمبر 1997م التي تمت علي أرض الدير البحري (معبد حتشبسوت) بمحافظة الأقصر وجرائها قتل 58 سائحاً بشكل بشع للغاية في خلال مدة 45 دقيقة يخالف كل الشرائع السماوية والإنسانية، خلالها قام المسلحون بقتل ضحاياهم بالأسلحة النارية ثم مثلوا بجثثهم واستخدموا الآلآت الحادة (السكاكين) لفتح بطون السائحين ووضع منشوراتهم بداخلها، وتم ذلك علي أرض الملكة الفرعونية حتشبسوت (1503 - 1482 قبل الميلاد)، وكأنها مفارقة تاريخية غريبة أن يكون هذا الفكر الرجعي المتعصب علي أرض البناء والنهضة غير المتعصبة في الانفتاح علي بلدان العالم والتقدم التجاري والاقتصادي والعسكري، بل والاجتماعي أيضاً أن تكون حاكمة مصر أنثي صنعت نهضة عظيمة ضمن أقدم حضارات التاريخ، ولكن التاريخ في كثير من الأحيان لا يعيد نفسه. القاعدة و11 سبتمبر ويمكننا أن نصنف حادثة 11 سبتمبر 2001م ضمن حوادث التعصب لفكر القاعدة المتطرف بقيادة أسامه بن لادن ضد المسيحية، وهو الحال نفسه لحروب أمريكا ضد العراق وإبادتها الأطفال والنساء تعصباً لفكر أصولي مسيحي متشدد ضد شعوب الشرق المسلم ويعرف أن بوش كان من أتباع ذلك وأطلق علي الحرب تحفيزاً لجنوده (المجد للعذراء)، ومن الطبيعي أن حوادث التعصب تأتي بمزيد من النهايات الأكثر سوداوية، فلا يمكنني الجزم بكم تعداد من أصبحوا في عداء نفسي مع العرب وحضارتهم، ولا يمكنني الجزم بتعداد من أصبحوا في كراهية أمريكا وربما الغرب وحضارتهم أيضاً، فأي حديث يمكن للمرء تخيله لنتائج هذه الحروب البشعة، حروب قتل الأبرياء العزل دون سبب أو ذنب أو جريمة؟ في سيناء ومؤخراً منذ أيام شهدنا وجود قوي للتيارات المتطرفة في منطقة سيناء، وهي تعتنق أفكار التكفير للمسلمين الوسطيين والمسيحيين علي حد سواء، وبالتالي مزيد من كراهية وقتل المجتمع كيفما سولت لهم أنفسهم قتل 16 بريئًا قبل تناولهم لإفطار صيام رمضان المبارك، وهو أمر شديد الخطورة خاصة مع وجود مثل هذا الفكر بوضوح في مختلف المحافظات أيضاً بشكل أو آخر وبنسب متنوعة ساهم فيها نشاط هذه المجموعات عبر الانترنت لحشد مزيد من الشباب غير الواعي لأهدافها المشبوهة، ويظنون في أنفسهم أنهم ينقذون الإسلام وهم يشوهونه للأسف الشديد، ويظنون نفسهم يفهمونه وهم يجهلونه للأسف أيضاً. وخلال الأعوام الثلاثة الأخيرة في مصر، ظهرت في مصر 11 حادثة كبري من حوادث التعصب الديني، وبرغم نجاح تداركها المبكر بفضل المفكرين الوطنيين إلا أن إجمالي ضحاياها بلغ عشرات القتلي وآلاف المصابين، والأخطر أنها علي مدار خريطة جغرافية متسعة شملت عدة محافظات وعدة مناطق منها العاصمة القاهرة التي شهدت أحداث ماسبيرو وإمبابة، وكذلك تضمنت الأحداث محافظات أخري منها محافظة أسوان في الحدود الجنوبية لمصر إلي محافظة قنا ومحافظة سوهاج ومحافظة أسيوط في وسط مصر، ومحافظة الجيزة ومحافظة بني سويف شمالاً، ومحافظة الفيوم غرباً، ومحافظة كفر الشيخ ومحافظة الإسكندرية في حدودها الشمالية، ربما هذا التعداد وبهذا الشكل المتسع يؤكد أن تنامي الأفكار المتطرفة المتعصبة لدي كثير من أبناء المصريين من أتباع الديانتين المسيحية والإسلامية، خاصة مع قياس الفترة الزمنية لعام ونصف العام فقط، فمن المعروف أنه بإضافة تلك الأحداث لسنوات مبارك يصبح لدينا 17 محافظة من إجمالي 29 محافظة شهدت أحداثا طائفية، أي ومع هذا المناخ الشديد التوتر إلا أن هناك 11 مدينة هادئة ومعظمها ساحلية (مثل البحر الأحمر ومطروح وبورسعيد والسويس وجنوب سيناء وشمال سيناء ودمياط) ربما يمكن تفسير ذلك لطبيعة المناخ والرفاهية الغالبة علي أهلها، ونمو الاختلاط بالحضارات الأخري بما يشكل اتساع أفق رحب لأهلها في تفهم طبيعة قبول الآخر والتعايش السلمي مع الجميع حتي ولو كان دون دين من الأساس. التنشئة الأسرية ولعلني أختلف فيما يسنده الخبراء من أن أسباب الفتن الطائفية ترجع للأمية التي تبلغ 40% وكذلك ضعف التعليم، وذلك لأن بلادنا كانت تعيش أضعاف تلك النسبة طوال القرون الثامن والتاسع عشر وبدايات القرن العشرين ولم نشهد حوادث فتن طوالها، وبلغ فهم واستيعاب الآخر، لدرجة أن حادثة رجل مصري مسيحي الديانة يدعي يعقوب المعلم رغم خيانته وتعاونه مع الاحتلال الفرنسي (1798 - 1801م) وتأليبه بعض المسيحيين بالصعيد للوقوف مع الفرنسيين لقتال المصريين، إلا أنه تم إدراك أنه خائن مثلما يمكننا أن نستوعب وجود خونة من المسلمين، وأن الخيانة لا تعرف دينا أو وطنا، وبالتالي فقد عفت عنه الدولة العثمانية وأتباعه، كما تناسي الناس ذلك إدراكاً منهم أن ضعاف النفوس فقط من يتواطئون وهناك من المسيحيين من رفضوا وأثبتوا جدارة وطنيتهم وفهمهم حقيقة المحتل المخادع والمتلاعب باسم الدين لتحقيق أغراض الاحتلال. واعتقد أن سبب التعصب الديني، يرجع بشكل رئيسي للتنشئة الأسرية، وكذلك ما يبث من بعض المتعصبين في الكنيسة والمسجد، وربما يساهم فيها أيضاً قدوة سيئة جراء ذلك في المدرسة والعمل وكل موقع خدمي وترفيهي كالمنشآت الحكومية والنوادي، فضلاً عما يمكن إدراجه ضمن عدم عدالة الفرص كجزء من الفساد وعلاقات المصالح المشبوهة التي تصب في ذات الغرض، وتنتشر من القطاع الحكومي إلي القطاع الخاص الذي يمكنك أن تجد بعض شركاته ومؤسساته ذات طابع طائفي أي كل العاملين بها أو النسبة الغالبة أتباع دين معين، فضلاً عن تراجع دور المؤسسات الثقافية بما فيها الإعلام والمجتمع المدني، وفوق كل ذلك نمو التيارات الأصولية المتشددة ذات الأهداف المشبوهة لاعتمادها فتاوي قتل وتكفير مخالفة للشرع الإسلامي، وكأنها تعمل لصالح أعدائه بعمدها تشويه رسالته السمحة. ولكن ونحن نشهد هذه التوترات المتزايدة يجب أن نلتفت أيضاً لسبب آخر لتنامي هذه الطائفيات، وهو عدم حسم الأجهزة الشرطية لتدخل عادل وفعال وسريع في أي خلافات بسيطة تنشأ بين المواطنين، وبالتالي يعزف كثير من المواطنين من اللجوء لأقسام الشرطة في المشكلات البسيطة ليقينه باستهزاء رجل الشرطة أو اتباعه أساليب سخيفة من أوراق بالية، وعدم تحرك فعال لمنع إهدار الكرامة التي لا تعترف بها الشرطة من أساسه، وبالتالي ينتشر شعور الضعف لدي المغلوب وربما يدعي كذباً أنه فريسة كراهية دينية، وليس خطأ بشريا، حتي يمكنه أن يجمع أنصاره بهذه الحجة للتغلب علي الإهانة المعتقدة لشخصه وليس لدينه، وربما أيضاً يكون العكس ويكون بالفعل إهانة أو فعل متعمد للكراهية الدينية فهو أمر وارد لما تم ذكره من أسباب، لكن من المؤكد أن القوانين لو كانت حاسمة وقوية وسريعة التطبيق لما لجأ شخص لهذه المجازفة والمخاطرة والتي لا تقابل في الوقت ذاته بالحسم الكافي. ورغم كل شيء، فإن مصر لن تصبح لبنان بمشيئة الله، لأن الأوضاع مختلفة، كما أن الآمال مازالت معقودة علي إنشاء التعليم المعرفي في المدرسة والجامعة والذي يجب ألا يقف عند حد العلم بل يتسع ليشمل تنمية الحس المعرفي والوعي لدي التلاميذ بالمفاهيم الإنسانية للحضارات والتعايش السلمي وحقائق الأديان السماوية وربما بعض من فلسفات الوجودية أيضاً، وفي الوقت ذاته ينبغي أن يكون ذلك أيضاً لأولياء أمورهم ومعلميهم وإعلاميهم ووعاظ المسجد والكنيسة، حتي لا تفسد مؤسسة ما تزرعه أخري، ولا يخلع شخص زرع أشخاص آخرين. وقانا الله شر شخص متعصب يزرع الكراهية بين آلاف وملايين من البشر، وينشر بذور الحقد والغل في كل مكان، يعيش علي دماء الأبرياء وينتعش باللون الأحمر الداكن بدلاً من اللون الأخضر الجميل، إنهم بشر من عجينة الشيطان.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.