لا يجب فصل حادثة نجع حمادي عن الحالة العامة في مصر ولا يصح تكييف كل جريمة ضد مسيحيين بأنها حالة احتقان ديني وطائفي، فيخرج علينا أرزقية حقوق الإنسان بالموال الممل المتكرر من المطالب القبطية. ثلاثة بلطجية أو أكثر حسبما ستكشف التحقيقات، وجهوا رصاصهم لتجمع من المواطنين المسيحيين أثناء إحتفالهم بعيدهم. الدوافع غير معروفة حتى الآن، وإن كان أهالي المنطقة يربطونها بواقعة شرف أقدم عليها منذ شهور سائق "تك تك" مسيحي ضد طفلة مسلمة، ومعروف في هذه الحالة رد الفعل في الصعيد. ممدوح نخلة ونجاد البرعي سارعا بتلبيس الحادث الإجرامي البشع المرفوض على جميع المستويات الشرعية والإجتماعية، رداء الطائفية وتقصير الدولة في حق فئة من مواطنيها والمادة الثانية من الدستور التي تقول إن الدين الرسمي هو الإسلام! منتهى اللعب غير المسئول في ملعب الطائفية. البرعي وصديقه خرجا في قناة "الحرة" قبل أن يجف دم الضحايا ويأخذ التحقيق مجراه ليهددا ويتوعدا برد مسيحي عنيف قد يصل لحمل السلاح للدفاع عن أنفسهم إذا لم تقم الدولة بدورها، وزلة لسان نخلة التي كشفت مدخول نفسه ملوحا بالاستعانة بآخرين، وهو يقصد التدخل الخارجي، لولا أنه لحق نفسه سريعا عندما استفسر منه مذيع الحلقة "ميشيل" عن هؤلاء الآخرين، فقال إنهم كمسيحيين سيجندون بلطجية أيضا سواء من أهل دينهم أو من المسلمين المستعدين لذلك مقابل أجر! إذا كان البرعي طالب في تلك الحلقة بتطبيق قانون الطوارئ على مثيري الفتنة، فهو وصديقه أول من يفترض تطبيقه عليهما، لأن أقوالا مرسلة تهدد بتوسيع جريمة فردية إلى فتنة طائفية وتدخل خارجي وحرب أهلية بين المصريين لا يجب أن تمر مرور الكرام والسماحة بدون عقاب رادع وقوي وعنيف. يعلم الاثنان أنه لا علاقة للخط الهمايوني لبناء الكنائس الذي يعود للدولة العثمانية بما قام به المجرمون الثلاثة أو بسقوط ضحايا أبرياء من المسيحيين يحتفلون بعيدهم أمام كنيستهم في جو طبيعي. لا توجد أي علاقة للمادة الثانية للدستور أو ما يقولانه عن حرمان المسيحيين من الوظائف المهمة في الدولة ومزاعم اضطهادهم! الكنائس تبنى يا سيد نخلة وسيد برعي بدون أي عوائق. القانون الدولي حدد بناء كنيسة أو دار عبادة لأهل ديانة يصل تعدادهم في تجمع واحد مائة ألف نسمة، في حين أن كنائس مصر تبنى لعدة أشخاص، وبشكل متجاور بين كنيسة وأخرى ربما في حيز صغير، فيجعلها مهجورة على الدوام، لا يظهر منها إلا الصليب بأنواره بشكل مبالغ فيه ومقصود، كما هو حادث على الطريق الدائري. الخط الهمايوني انضم "للمراحيم" منذ سنوات طويلة، فالمسيحيون يبنون ما يريدون من كنائس بدون معارضة من الدولة، بل على أراضي الدولة نفسها، ولا يستطيع أحد مراجعتهم أو معارضتهم، وإلا فالابتزاز جاهز من دكاكين حقوق الإنسان والتخويف بأقباط المهجر من أمثال مايكل منير الذي تكلم في حلقة "الحرة" أيضا. الخطأ الكبير الذي تقع فيه القيادات الكنسية ومواطنونا من المسيحيين بالتبعية هو الاستفزاز المستمر للأغلبية والتلويح بعصى الخارج. الدولة قد تخاف وتستجيب للابتزاز كما هو حادث منذ سنوات، لكن مشاعر الناس لا تخاف إذا تم اغضابها، خصوصا إذا تعلق الأمر بدينهم واستشعروا حصارا أمنيا لمساجدهم وعبادتهم، وأخذ الأمر انتشارا غير عادي للكنائس بدون حاجة لها لمجرد ارضاء نفوس البعض واضفاء الطابع المسيحي على مصر. الحقيقة أن القيود كلها مفروضة على المساجد. الكنائس تطلق أجراسها بحرية تامة، فيما يتعرض الأذان للاختناق. على نخلة والبرعي وأمثالهما فهم دروس التاريخ والمجتمعات الأخرى، فالدولة قد تخشى وتسلم للابتزاز خوفا من الضغوط الأمريكية، لكن الناس لا يخشون أي قوة لحماية دينهم. تدخل الخارج سيكون نقمة عظيمة على مواطنينا الأقباط، والتهديد به عمال على بطال ومع كل حادثة سواء كانت فردية أو طائفية، ستشعر الأغلبية المسلمة بأن مواطنين لهم من دين آخر يقعون في جريمة الخيانة للوطن ووحدته، وستعاملهم في حالة كتلك ككتيبة أمريكية داخل مصر! لابد من هذه الصراحة الموجعة، لأن حاضر ومستقبل بلدنا يجب أن يكون الهم الأول والضرورة الأهم لنا جميعا كمسلمين ومسيحيين. عزل السادات البابا شنودة صونا لهذا الهم والضرورة، ولم يعطله عن ذلك صداقته للولايات المتحدة أو خوف منها. ارتكب قتلة مسيحيي نجع حمادي جريمتهم التي لم تفرق بينهم وبين حارس الكنيسة المسلم، بتفكير بعيد تماما عن الطائفية والدين والمادة الثانية للدستور التي لم يسمعوا بها طبعا، وفي منطقة كثيرا ما كنا نسمع في الماضي عن البلطجية الذين يسكنون الجبل في الغرب منها، وينزلون ليقتلوا أو يفرضوا اتاوات بدوافع إجرامية بقيادة "الخط". تأجير مجرمين للانتقام بالوكالة، شئ معروف في الصعيد ولا ينذر بأي جديد كما قال الدكتور عمرو الشوبكي الذي يبدو أنه لا يفهم البيئة العشائرية والقبلية هناك. الثأر لا يتم في حالة القتل فقط، فالانتقام من الاعتداء على العرض قد يحرق قرية كاملة دون تمييز ديني، وهو الذي لم يعالجة الأمن مكتفيا باسباغ الحماية على الفاعل في مجتمع يتميز بروح القبيلة، ويضع فيه ولي المنهكة شرفها طرحة سوداء على رأسه إلى أن ينتقم لعرضه! لم يفسر الاثنان اللذان يهددان بحرب طائفية أهلية، ما حدث قبل سنتين عندما قام مجرم مؤجر تقاعس الأمن عن معرفة هويته حتى الآن، بقتل عدة عائلات في بيوت مجاورة باحدى قرى محافظة المنيا. هل هناك سبب ديني لقتل تلك العائلات المسلمة والتمثيل بجثثها؟! الأمن توصل للفاعلين في جريمة نجع حمادي خلال ساعات قليلة بينما سجلت تلك الجريمة البشعة ضد مجهول بعد تضييع الوقت في القبض على شاب متخلف عقليا، برأته المحكمة بعد ذلك. أرجوكما لا تشعلا نارا ستحرقكما أولا..!