[email protected] دائرة جهنمية..تلك التى ألقى بنا فى أتونها ذلك الحراك السياسى المضطرب والملتهب،الصاعد بنا بسرعة الصاروخ نحو نقطة اللاعودة،نقطة الفوضى المدمرة. لعلِّى لا أبالغ لو قلت إن كل حواراتي مع شرائح شتى،مازالت تكشف عن مساحة قنوط مرعب دَبَّ فى النفوس،وأيقنت إنها نتيجة حتمية للتأثير السلبى للتناحر السياسى والفكرى بين فصائل يزعم كل منها أنه صاحب الثورة ومفجرها، وذلك ماحدا بالأغلبية الساحقة إلى الكفر،ليس بالثوار فقط بل وبالثورة ذاتها..ومن ثم لم تصبنى الدهشة حين اكتشفت أن هناك تياراً شعبياً جارفاً يؤيد ويدعم المجلس العسكرى فيما يتخذه من قرارات،ومايقوم بتنفيذه على الأرض،وينظر فى نفس الوقت بعين الرفض والاستخفاف لفعاليات وتصرفات الفصائل السياسية المتناحرة..هذا التيار لم يصل إلى تلك القناعة الراسخة إلا لسببين رئيسين.. الأول هو الاشتياق الجارف لعودة الشعوربالأمن والأمان واستعادة هيبة الدولة وسيادتها واسترداد عافية الاقتصاد..السبب الثانى هو المزاج العام الرافض للوصاية الفكرية والسياسية سيما من النخب المنعزلة عملياً عن الجماهير. ويبقى السؤال المتكررو المُلِحُّ..وما الحل؟..وضعت بين يدي جُلَّ ما كُتِب وقيل بأقلام وألسنة رموز السياسة والفكر (قبيل صدور حكم المحكمة الدستورية وفى أعقابه)،لعلى أخرج منه بقَبَس،أو أجد فيه الهُدَى..وللحق وبضمير مستريح أقول لم أعثر على ما يمكن أن أطلق عليه"طوق النجاة" سوى فيما قاله نجيب ساويرس لقناة العربية..الحكم على ما قاله الرجل أتركه للقارئ،أما سبب اختيارى فربما لأننى كثيراً ما انتقدته،لكنى شعرت ثم رأيت ومرة أخرى بضمير مستريح أن كلماته كانت صدى للحظة نادرة من لحظات التجليات الوطنية لمن يرى وطناً على شفا الانهيار. قال ساويرس: علينا أن نطوى صفحات الماضى،وأن نمضى قُدُماً نحو البناء وتحقيق الاستقرار،ونبذ الخلافات بين مختلف التيارات،وإلا سينتهى شأن هذا البلد إذا ما استمر مسلسل الانتقام بين التيارات المختلفة،كما ينبغى أن نحترم طابور الانتخابات الذى ساهم فيه ملايين المصريين ووقوف العواجيز لساعات..قال أيضاً إن الاعتراض على الحكم الصادر ضد الرئيس السابق حسنى مبارك مكانه المحاكم وليس الشارع،وينبغى عدم استغلال ذلك فى دعاية سياسية لتيار ضد آخر،وأعلن أنه ضد المجلس الرئاسى فى الوقت الحالى،خاصة أن من يروجون له خسروا معركة انتخابات الرئاسة. أعتقد أنها تجليات وطنية صادقة حددت بوضوح سبيل الخروج من الدائرة الجهنمية،وقالت إن الحل باختصار هو التطلع إلى المستقبل،واحترام إرادة الشعب،والتعاطى الراقى مع أحكام القضاء..إما هذا، وإما الأحكام العرفية،وصدقونى الناس مهيَّأة للقبول بها!.