تنشر مجلة "الأهرام العربي" واقع ظاهرة التكفير السياسي في مصر، ما بين ميداني التحرير والعباسية، ومصطفى محمود والمنصة، حيث توجد مساحات شاسعة من الخلافات والتوتر، صاحبتها ظاهرة من العنف المادى واللفظى، صبغت المشهد السياسى المصرى بألوان التخوين والاتهام بالعمالة، بل وصل الأمر إلى درجة التكفير السياسى، واستباحة أعراض الخصوم، أحزاب إسلامية ضد قوى ليبرالية، وأخرى يسارية وعلمانية فى مقابل سلفية وإخوانية، وطغت المصالح الحزبية الضيقة على المصلحة العامة، وبات الوطن جسدا مستباحا ينهش الجميع فى لحمه ليل نهار. د. محمود حسين، الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين أكد أنه ضد التخوين والتكفير السياسى لأى فصيل فى المجتمع، مضيفا أنه مع حرية إبداء الرأى ومع المعارضة والنقد البناء، وليس مع الإسفاف والسباب والخوض فى أعراض الناس، وقال الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين : لم يثبت على الإطلاق أن أحدا من الإخوان كفّر أحد خصومه السياسيين، بل على العكس هناك بعض من التيارات اليسارية والليبرالية هى من تخون التيارات الإسلامية وتتهمها بالعمالة لدول عربية وأجنبية . وأضاف أن الخلاف شيء طبيعى ولا يمكن أن يتفق الجميع على شيء واحد، ولابد من احترام قواعد الديمقراطية العامة فى حسم أى خلاف، فإذا ما أقرت الأغلبية قرارا على الجميع أن يلتزم به، وتظل الأقلية فى صفوف المعارضة، ترقب وتنصح وتصوب، إلا أن تصبح الأقلية هى الأغلبية، والأغلبية هى الأقلية . أما أحمد خليل خير الله عضو الهيئة العليا لحزب النور فيرى أن ما يحدث بين فصائل الوطن الآن ليس تخوينا سياسيا، وإنما هو سياسة التخوين، فالأمر لم يعد تخويناً من أجل السياسة، ولكنه انقلب إلى سياسة معلومة ومدروسة لتخوين وتكفير المخالف سياسيا، وهذا يثبت أن الاتهامات التى وجهت للتيار الإسلامى بأنه يعانى من الطفولة السياسية، فها هى الأيام تثبت أن الجميع يعانى من هذه الطفولة السياسية، باتباع منهج التخوين والتكفير السياسى. ويضيف خير الله أن التخوين السياسى له ثلاثة مظاهر، أولها : التخوين من أجل الأشخاص لا من أجل المباديء، بمعنى أن اختيار نادر بكار للمجلس الأعلى للصحافة يثير مشكلة، أما اختيار عبد الغفار شكر فلا يمثل أدنى مشكلة، والمظهر الثانى يتمثل فى المبالغة الشديدة فى النقد والتخوين، والثالث يتعلق ب الإستمرار والديمومة على التجريح والتشويه . وحمل خير الله بعض وسائل الإعلام غير المهنية – على حد وصفه – المسئولية عن تأجيج الفتن بين القوى السياسية المختلفة، داعيا فى الوقت نفسه إلى تحكيم الضمير، وتفعيل ميثاق الشرف الصحفى من أجل مصر. أما المستشار حسين خليل، عضو مجلس الشعب المنحل عن حزب الوفد، ورئيس جمعية حقوق الإنسان يقول إن مصطلح التكفير السياسى ظهر بعد الثورة من بعض الجماعات الإسلامية المتناحرة بين بعضها البعض، وهذا لن يصل بنا إلى بر الأمان، لأنهم مختلفون أيديولوجيا، وجماعة الإخوان المسلمين، معتدلون سياسيا وفكريا ودينيا، أما الجماعات الإسلامية فكونت أحزابا جديدة مثل البناء والتنمية، مبنية على فكر عقائدى، ومن هنا يأتى الاختلاف، فالبعض من الإسلاميين أو الليبراليين يقول إن الإخوان يريدون أخونة الدولة، وهذه الجماعات لا يعجبها أى قرار سياسى أو وجهة نظر يتبناها حزب الحرية والعدالة ويعتبرونه خروجا على الحظيرة الإسلامية. أما الدكتور ناجح إبراهيم، عضو مجلس شورى الجماعة فيحذر من عودة العنف مرة ثانية بسبب هذا التناحر والتكفير فى الفكر السياسى ويرفض حالة الاستقطاب الحاد بين القوى الوطنية، متمنيا أن تعبر هذه الفترة لمصلحة البلد. محمد عبدالعليم داود، وكيل مجلس الشعب المنحل السابق، من جانبه يقول: إن كلمة تكفير كلمة كبيرة، وأعتقد أن كلمة الكفر ليس لها غير معنى واحد والعياذ بالله، وهو الكفر بالله، أما الكفر السياسى فأعتقد أنها كلمة خطيرة على المجتمع، ولابد أن يعلم القائمون على الدعوة أنها تتطلب فتح قلوبهم للجميع حتى لا ينفر أحد منهم، ولابد للقوى الوطنية والأحزاب سواء دينية أو كما يطلقون عليها إسلامية وليبرالية وشيوعية وغيرها أن تجتمع على كلمة سواء لمصلحة مصر.