ليس لدى مشكلة فى أن يتولى الإخوان المسلمين السلطة فى مصر، وليس لدى مشكلة أيضا فى أن يتولاها السلفيون أو أى تيار اسلامى، ففى النهاية هذه التيارات هى جزء من المجتمع وقد تفلح فى فعل ما لم يفعله النظام السابق، طالما جاءت بشكل ديمقراطى، ولكن ليست هذه المشكلة، المشكلة تكمن فى كم الفتاوى التى تقضى بتكفير الناس ممن يختلف معهم الإسلاميين. أحدث تقليعة سمعتها بنفسى من شيخ سلفى فى خطبة الجمعة الماضية أن مليونية الجمعة 9 سبتمبر هى تجمع لأحزاب الشياطين.. هكذا بكل بساطة أطلق على كل القوى السياسية والائتلافات التى تطالب بالإصلاح.. أحزاب الشيطان.. لم ننته من الدعاء على الليبراليين والعلمانيين باعتبارهم كفرة، حتى يطلق على معظم القوى السياسية هذا اللقب والذى يقضى بتكفيرهم بالطبع فما مصير من يتبع الشيطان إلا جهنم والعياذ بالله. وبغض النظر عن الآراء المتعددة حول مليونية 9/9 إلا أن من حق كل تيار أو قوى السياسية أى يعبر عن رأيه وأن يخرج سلميا ليقول هذا الرأى.. وليس من حق أى إنسان على الأرض أن يكفر أصحاب هذا التيار أو ذلك الاتجاه لمجرد أنهم يعبرون عن رأى، ثم لماذا اللجوء للتكفير بمجرد أن نختلف فى الرأى ولماذا وصف من يختلف معنا مباشرة بالكفر أو أنهم أتباع الشيطان ومثل هذه الصفات القوية التى لا يجب أن نستخدمها بهذا الشكل السهل.
ولكن إذا كان الإخوة السلفيون أو بعض ممن يمثلهم يكفرون الآن كل من يختلف معهم، فماذا سيفعلون إذا تولوا الحكم، فمن سيسلم من التكفير إذن، وما مصير من يتم تكفيره. إن الإخوة السلفيون كانوا ينادون بعدم شرعية الخروج عن الحاكم، ورفضوا الثورة فى بدايتها، وكانت كل ميكرفونات مساجدهم تطالب بعد الخروج يوم 25 أو 28 يناير وتحذر من ذلك، ثم بعد نجاح الثورة تعالت الأصوات السلفية بضرورة التواصل من أجل التخلص من الفساد، وكانت المفاجأة بتكوين حزب النور السلفى، رغم أن السلفيين دائما كانوا يقولون أن مهمتهم دعوية وليست سياسية، والآن أصبحت السياسة هى الأساس ويقومون بتسخير المساجد من أجل الدعاية لهذه السياسة. هذا غير التصريحات الغربية والمستفزة من شيوخ السلفيين بداية من غزوة الصناديق والمطالبة بإخراج المسيحيين من البلد وانتهاء بالمطالبة بإحراق الكنائس، والغريب أنه كلما يخرج علينا شيخ من السلفيين بفتوى غريبة أو تصريح أغرب يسارع السلفيين ويقولون أنه لا يمثلهم، وأنه يقول رأيه فقط، رغم أنهم لا ينفون الفتوى أو التصريح رسميا، إذن ما هو رأى السلفية كجماعة. ويبدأ البعض فى شرح معنى السلفية وأنها كلمة جاءت من السلف الصالح، وهو معنى جميل ورائع أن يتبع المسلمون السلف الصالح، والأصل أننا كلنا سلفيون، ولكننا بالطبع نتحدث عن السلفيين كجماعة مجتمعية تقوم بممارسة السياسة وتنخرط فى المجتمع باسم الدين، وهناك فرق كبير بين الاثنين. ومن حقنا هنا أن ننتقد السلفيين بهذا المنطق، لا أن ننتقد السلفية بمعناها الأصلى الجميل. ولست ضد أن يدخل السلفيين لعبة السياسة فهذا حقهم، وحق أى شريحة بالمجتمع ولكن بشرط ألا يخلطوا ذلك بالدين، وألا يأسلموا السياسة أو يسيسوا الدين. وأنا أعلم أن هناك اختلافات واسعة وكبيرة داخل الجماعة السلفية وأن هناك فرق داخل هذه الجماعة وقد تكون هذه الخلافات هى السبب وراء التصريحات والفتاوى الغريبة التى تخرج بين الحين والآخر، خاصة أن هناك شرائح سلفية شاركت فى جمعة 9 سبتمبر، فهل كان هؤلاء أيضا ضمن أحزاب الشيطان. ورجوعا للقوى السياسية التى خرجت يوم 9 سبتمبر، فقد خرجت من أجل مصر، من أجل الإصلاح وتصحيح المسار، وليس معنى خروج كل هذه القوى السياسية إلى الميدان من جديد هو تخوين للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، فيجب أيضا ألا نستخدم هذه المصطلحات القوية بنفس المنطق لأن التخوين أمر غير سهل على الإطلاق وليس معنى انتقاد المجلس الأعلى للقوات المسلحة أننا نخونه، ويجب أن يعى الجميع أن هناك فرق كبير بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى يدير البلاد ويقوم بأفعال تخضع للنقد، وبين جهاز القوات المسلحة الذى يحمى مصر ويدافع عن ترابها وكل المصريين بكل طوائفهم وانتماءاتهم وميولهم السياسية يقفون ورائه على طول الأمد مستعدين لأى تضحية فى سبيل الوطن.