يعنى إيه أقول له: صباح الخير، فيقولى: وعليكم السلام؟! دا على أساس إن كلمة صباح الخير كلمة قليلة الأدب، أو مخالفة للدين؟! والله اللى أنا شايفه إن كلمة «وعليكم السلام» -فى مكانها اللى فى غير موضعه دا- هيا دى بعينها قلة الأدب وقلة الدين كمان! ماتستغربش! اهدى كدا وأنا هوضحلك.. لمَّا أقولك: صباح الخير، فتقولى: وعليكم السلام، يبقى حضرتك كدا بتقولى: إيه صباح الخير دى؟! إسمها السلام عليكم!.. وكدا يبقى حضرتك بتحرجني! وطبعا دا منافٍ لأدب الحوار (قلة أدب يعنى!)، وبالتالى فهى مخالفة للدين، لأن الدين بينهى عن قلة الأدب! مش بس كدا.. دا إنت كمان بتخالف صريح القرآن: [وإذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بأِحْسَنَ مِنْها أوْ رُدُّوها] النساء: 86 ... ودا معناه إن لما حد يقولك: السلام عليكم، تردها: وعليكم السلام.. والأحسن منها: وعليكم السلام ورحمة الله.. بس دا إمتى؟ لما يقولك أصلا: السلام عليكم.. وإلَّا ينفع لما تقولى: السلام عليكم، أردها: صباح النور؟! فلو أنت فاهم الدين صح، هترد على التحية بما يناسبها، وبما جرى عليه العرف السليم المهذب، الذى لا يتنافى مع آداب الدين الجميل!.. وبكدا يبقى إنت بتضع الشىء فى موضعه، فى ما يعرف ب(الحكمة)، أما إنك تقولى: طب ما الأحسن منها: وعليكم السلام، يبقى إنت كدا بتضع الشىء فى غير موضعه، فى ما يعرف ب(السفاهة)، عافانا الله منها! ثم خلِّينى أسأل حضرتك: كلمة صباح الخير فيها إيه كفى الله الشر؟! كلمة أبيحة ولا مؤاخذة؟! كلمة مخالفة للدين لا سمح الله؟! «أبْسِيلُوتْلِى نُوت»! على العكس تماما، دى كلمة يُقِرُّها الدين ويحُضُّ على أمثالها! آه والله! يا سيدى اسْتَنَّى بس.. ماقولتلك: اتقل وأنا هوضحلك! هوا مش النبى عليه الصلاة والسلام قال: (الكلمة الطيبة صدقة)؟.. يا ترى تقدر تقولى: (صباح الخير) دى كلمة طيبة ولا كلمة لا مؤاخذة؟! أظن إنها كلمة طيبة، تدعو إلى الخير والاستبشار: (بَشِّرُوا ولا تُنَفِّرُوا)! مش دا كلام النَّبى؟! ولو حضرتك سألت أساتذة اللغة العربية هيقولولك: كلمة صباح الخير معناها: (يا رب اجعل صباحنا خيرا!) شُفت المفاجأة دى؟! دى كمان طلعت دعاء! لأ وشوف ردها: صباح النور: (يا رب اجعل صباحنا نورا!).. ولَّا انت عايز تخَلِّيها ضَلْمَة؟! وخد بقى عندك: نهارك سعيد، وفرصة سعيدة، وتصبح على خير، إلى آخر هذا الكلام الطيب الجميل، سواء كان الكلام ده أصله عربى إسلامى، أم أجنبى غير إسلامى.. ماتفرقش، لأنه فى النهاية كلام طيب وجميل، والإسلام يأمرنا بكل ما هو جميل بغض النظر عن موطنه، فالجمال لا وطن له، لأنه من صنع الله سبحانه وتعالى، فحيثما وجدته أطلبه! فجأة سألنى سؤالا خبيثا، وهو يلمز بعينه ويهمز بلسانه وكأنه جاب التايهة: طب والسلام عليكم يا مولانا؟! تحية الإسلام؟! نِبَطَّل نقولها بقى ونفضل نقول: بنجور مدام.. بنجور مِسْيِيه؟! وِرَدِّى السريع والصريح: هو بلا شك وبلا جدال أحسن من كل اللى فات، وهو أطيب وأجمل وأجمع التحيات الطيبات، بس لما تكون فى موضعها.. مش بس لأنها تحية الإسلام، ولكن لأنها تحية تجمع بداخلها كل التحيات الجميلة والحسنة!.. تأمَّل معى وتدبَّر.. (السلام عليكم): السلام لا الحرب، يعنى: «الأمان لا الخوف، الحب لا البغض، المودة لا العداوة، الابتسامة مش التكشيرة»!... وهى بهذا تحقق الخير فى الصباح والمساء: «صباح الخير ومساء الخير»!.. والسعادة فى النهار والليل: «نهارك سعيد وليلتك سعيدة»! دا فى الدنيا.. طب وفى الآخرة؟! السلام يؤدى إلى الجنة! مش مصدقنى؟! طب اسمع كلام سيدك صلى الله عليه وسلم: (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا.. أَوَلا أدُلُّكُم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم؟! أفْشُوا السلام بينكم)!.. شُفت إزَّاى إفشاء ونشر السلام بالقول وبالفعل يؤدى إلى المحبة، اللى بتؤدى إلى الإيمان، واللى بيؤدى فى النهاية إلى الجنة؟! دى بس كلمة السلام عليكم، طب كمِّل كده باقى السلام.. (ورحمة الله)! الرحمة تعنى: «لا قسوة.. لا غلظة.. لا عذاب»! كل دا فى التحية الصغيرة دى؟! أليست هى بذلك تحية جامعة مانعة ماتعة؟! وعشان كدا لما ربنا سبحانه وتعالى خلق آدم، ماذا قال له، فى ما أخبرنا به النبى؟: (لمَّا خلق الله تعالى آدم قال: اذهب فَسَلِّم على أولئك -نفرٌ من الملائكة جُلوس- فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك.. فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله).. شُفت بقى إزاى من جمال وكمال التحية دى، ربنا جعلها تحية آدم وتحية كل ذريته من بعده! دا حتى بُص اسمها إيه؟ تَحِيَّة.. جاية من الحياة والإحياء! يعنى لما تحيى حد وتسلم عليه كأنك بتقوله: إن إنت حى! وتدعو له بالحياة!.. لكن لما تتجاهله وما تحييهوش، كأنك بتقوله: إنت عدم ومالكش وجود!.. خَلَّصْت كلامى ومعرفتش اقتنع ولا لأ، فقولت له: أنا بس بقولك وجهة نظرى، ومش بجبرك إنك تقتنع بيها.. وعموما دى فرصة سعيدة والسلام عليكم ورحمة الله.