ارتفاع الحالات ل 46.. ننشر أسماء الطالبات المصابات بإغماء في تربية رياضية جامعة طنطا    صور| أكاديمية الشرطة تنظم ندوة "الترابط الأسري وتأثيره على الأمن المجتمعي"    عواقبه كارثية.. برلماني يهاجم اقتراح إلغاء وزارة الأوقاف لهذه الأسباب    رئيس جامعة أسوان يتفقد امتحانات كلية الزراعة ويشيد بالعملية الامتحانية داخل اللجان    محافظ الإسماعيلية: توريد أكثر من 34 ألف طن قمح محلي ضمن موسم 2025    للباحثين عن السيارات الكهربائية.. أسعار ومواصفات سمارت #3 الجديدة بمصر    القوات المسلحة تنظم لقاءً تعريفيًا للملحقين العسكريين استعدادًا ل "إيديكس 2025"    اتحاد الكرة يعلن تعديلاً بحكام مباراة المصري وسيراميكا قبل ساعات من انطلاقها    عضو الزمالك يثبت إغلاق قضية الجابوني أرون بوبيندزا    ليفربول يخشى من خطف ريال مدريد للاعب آخر في الفريق    "إجازة صغيرة".. محمود كهربا يعلن عودته للقاهرة بسبب الأحداث في ليبيا    بعد 6 أيام من البحث.. انتشال جثمان شاب غرق في النيل بالأقصر    الداخلية تضبط 7 ملايين جنيه من تجار العملة    قرارات عاجلة من جامعة طنطا بعد إغماء طالبات أثناء امتحان بكلية التربية الرياضية    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل سائق توك توك لسرقة مركبته بالخانكة ليونيو المقبل    "القومي للسينما" يقيم أمسية موسيقية بعرض فيلم "الطير المسافر: بليغ.. عاشق النغم"    نقيب الصحفيين العراقيين: القمة العربية فى بغداد تؤكد استعادة العراق لدوره القيادى    ب"فستان أنيق".. أمينة خليل تحضر فعالية لمهرجان البحر الأحمر في "كان" السينمائي    عيد ميلاده ال 85.. ماذا قال عادل إمام عن كونه مهندسا زراعيا وموقفا لصلاح السعدني؟    غدًا.. انتصار تبدأ تصوير أولى مشاهدها بفيلم "الست"    في اليوم العالمي لارتفاع ضغط الدم.. إليك هذه الطرق لخفضه    "الزراعة" تطلق حملات بيطرية وقائية لدعم المربين وتعزيز منظومة الإنتاج الداجنى    وزيرة التضامن تلتقي أعضاء البعثة الإشرافية لحج الجمعيات الأهلية    اللواء كدواني يشارك في الملتقى العلمي الخامس «المنيا الشاهد الحي لحضارة مصر»    أنشيلوتي: برشلونة استحق الدوري.. ومشكلة ريال مدريد تمثلت في الإصابات    الحرية المصري: كلمة الرئيس السيسي في القمة الطارئة تفضح جرائم الاحتلال وتدعو لتحرك دولي وعربي عاجل    بمنهجية جديدة ورؤية إصلاحية.. حزب الإصلاح يفتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية    قرار هام من التعليم ينهي الجدل حول «عهدة التابلت»    الأوقاف: الطبيب البيطري صاحب رسالة إنسانية.. ومن رحم الحيوان رحمه الرحمن    إطلاق قافلة بيطرية لتحسين صحة الثروة الحيوانية في الشيخ زويد ورفح    جدول مواعيد القطارات الإضافية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    وزير التعليم العالي: المترولوجيا أحد ركائز دعم قطاعي الصناعة والبحث العلمي لتحقيق التنمية المستدامة    ضبط متهم بالتعدي على حقوق الملكية الفكرية في القليوبية    عيد ميلاد الزعيم.. عادل إمام: عبد الحليم حافظ دخل قصة حب ولا أعتقد أنه تزوج    وفاة ابن شقيقة الفنان عبد الوهاب خليل.. وتشييع الجنازة بكفر الشيخ    باسل رحمي: جهاز تنمية المشروعات يحرص على إعداد جيل واعد من صغار رواد الأعمال و تشجيع المبتكرين منهم    «فتراحموا».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    أسامة نبيه: القدر أنصف منتخب مصر للشباب بتأهله لكأس العالم    فتح ترحب ببيان دول أوروبية وتدعو لإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل    مؤتمر قصر العيني لجراحة المسالك البولية يحتفي بتراث علمي ممتد منذ 80عامًا    تحرير 143 مخالفة للمحال غير الملتزمة بقرار مجلس الوزراء بالغلق    فص ملح وداب، هروب 10 مجرمين خطرين من السجن يصيب الأمريكان بالفزع    بدعوة رسمية.. باكستان تشارك في مراسم تنصيب البابا ليون الرابع عشر    يسري جبر: يوضح الحكمة من نداء النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة ب"يا ابنة أبي أمية"    «تغولت على حقوق الأندية».. هجوم جديد من «الزمالك» على الرابطة    الإسكان: غدًا.. غلق باب التظلمات بمبادرة سكن لكل المصريين 5    اليوم.. محاكمة المتهمين في قضية ضرب وسحل الطفل مؤمن    حكم من نسي قراءة الفاتحة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يوضح    السكك الحديدية: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تدريبات جوية ويدعو لتكثيف الاستعداد للحرب    الأرجنتين تعلق استيراد الدجاج البرازيلي بعد تفشي إنفلونزا الطيور    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية في شمال سيناء    حتى 22 مايو.. الحجز إلكترونيا للحصول علي مصانع جاهزة بالروبيكي    دار الإفتاء المصرية: الأضحية شعيرة ولا يمكن استبدالها بالصدقات    مسودة "إعلان بغداد" تشمل 8 بنود منها فلسطين والأمن العربي والمخدرات والمناخ    الأجهزة الأمنية الليبية تحبط محاولة اقتحام متظاهرين لمبنى رئاسة الوزراء بطرابلس    أستون فيلا يفوز بثنائية أمام توتنهام في الدوري الإنجليزي    جورج وسوف: أنا بخير وصحتى منيحة.. خفوا إشاعات عنى أرجوكم (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صائد اللحظة
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 01 - 2016

كانت الأنا أكبر من أن تختبئ خلف الابتسامات المتكررة والكلام المعسول وكثير من التلاطف والتذاكى.. لا يمكن للأنا المتضخمة أن تختبئ طويلا خلف كل ذاك الكم من اللطف المصطنع.. كثيرون هم بل أصبحوا الأكثر بين الوفود المتحلقة فوق الموت المتساقط مع حبات الثلج الأولى فى شتاءات العرب القاسية.. تبقى الأنا تختبئ أو تتوارى أحيانا إلا أنها لا تصغر ولا تضمحل أمام معاناة ومأسى الآخرين كما يعتقد البعض. بل إنها هى الأكثر وضوحا حتى على صفحات الألم.. كانوا يقولون فى الكتب الأولى أن زيادة العلم تبعث على التواضع ونكران الذات بل الحذر من الأنا المتضخمة.. إلا أن هذا هو زمن الأنا العالية وخاصة عند فئات بعينها حيث يبدو أحدهم وكأنه قد حرر عكا أو ربما القدس اليتيمة إلا من أطفالها وشبابها..
***
ينتشر هذا المرض المزمن الذى اسمه الأنا أحيانا بين النساء وكثيرا بين الرجال حتما لأنه مجتمع يرسم لهم ملامح الذكورة الحقة.. لأنه مجتمع قسم الأدوار ورسمها حتى أصبح الخروج عن النمط العام للذكر والأنثى شيئا من الشذوذ والتمسك بهم هو الأكثر طبيعية…تبرز الأنا عندما يتحول كل شىء إلى شخصى محض ويتقوقع الأمر ويتحور حول الذات نفسها بعيدا جدا عن الإطار العام للفعل نفسه. يقف الواحد منهم ليستعرض بطولات الزمن الأسواء حتما فى تاريخنا الحديث حيث طفح الزبد وجرف معه كل فضلات السفن العابرة فوق مياه البحر الراكدة. هم بل كثيرون منهم لا يمكن إلا أن يكونوا جزءا مكمل لمثل هذه المرحلة المتدنية فى سقوطها فى الذاتية المطلقة عندما يتحول الفعل، أى فعل، إلى شكل من أشكال العنتريات والبطولات الفردية المطلقة. هنا لا مساحة للجماعة إلا فى تكرار لفظ العائلة حتى على صفة المنظمة والمؤسسة وكأن فى ذلك رفع أى لبس يتلامس معها بحيث تسمو هى فوق كل الرواسب لأنها تحمل لفظ العائلة فى مجتمع لا يعترف سوى بالعائلة كرمز للصمود والبقاء والإرث السديد!!! فيما تحولت العائلة فى مجتمعات أخرى إلى أنماط تختلف جذريا عن المفهوم الضيق لارتباط الدم والسلالة بالولادة.
فمع بقاء كثير من المفاهيم والأنماط وسقوط العديد من القيم السامية فى مستنقع الانحطاط الذى وصلت إليه مجتمعاتنا لا يمكن إلا أن يكون هناك بروز ساطع للأنا البغيضة.. تلك التى تعيد أمجاد تراث كان أو تاريخ أو حدث لم يكن حتى بعضهم أصبح قادرا على لوى عنق الحدث ورسم صورة مغايرة فقط لإرضاء غرور وأنا متضخمة حد السقوط فى متاهات الكذب الأسود. فلا كذب سوى هو !!
***
يقف الواحد منهم ليسرد أحداثا ربما مع اختلاف تسلسلها أو حتى مع حذف أو إضافة الكثير، فقط ليستعرض الدور البطولى والأوحد له فى سرد يشبه الأساطير الرومانية أو العنترية العربية القح. ثم يردد الصورة ذاتها مرة واثنتين وثلاث دون تعب ودون ملل وحتى ربما دون خجل حتى يصدق هو نفسه أو يصدق بعض السذج أو المنافقين الباحثين عن كتف يتسلقون عليها إلى درجات المجد الوظيفى.
بؤس اللحظة التى يقف فيها الواحد منهم عند عتبات الموت الأول. نعم فهناك أنواع من الموت القديم منه ويبقى الأكثر قسوة هو الموت الأقدم.. الموت الأول.. وفيما يحس هو غصبا عنه أحيانا أو بإرادته، النفس الأخير وهو يتسلق الرئة ليلفظ سريعا فتتوقف الحركة ويعلن الموت على المسامع ليقوم هو صاحب الأنا المتضخمة، بفعل يبدو فى مظهره الأكثر تعاطفا وإنسانية إلا أنه لا يبعد كثيرا عن البحث الدائم عن موقف يعزز من تضخم الأنا نفسها. فيمسك باللحظة يكررها على الأسماع سواء فى المؤتمرات والاجتماعات أو بين قرع الكئوس التى ما إن تمتلئ حتى تفرغ..!!! هو لا يغدو أكثر من صائد للحظة التى تعزز من حكايات وقصص تسرد على مسامع جوقة المنافقين أو السذج الذين لا زالوا يصدقون أنه لا يزال هنا وفى هذا الزمن الساقط فى اللحظة، لا يزال هناك نبلاء يرفعون الصخر والحجر لتقديم العون لشخص جائع… لا يزال هناك من يجلس مشدوها بقصص صاحب الأنا المتضخمة رغم أنه قد يكون سمعها للمرة المائة بعد الألف وفى كل مرة يمثل دور الذى يسمعها للمرة الأولى!!!
***
مدهشون السذج والمنافقون، لأنه لولاهم لما بقى هناك جماهير غفيرة لأصحاب الأنا والبطولات الخرافية... هذا ليس سوى زمنهم فلينشدوا الأغانى المقيتة وليكرروا لعب دور البطل الأسطورى فى زمن السقوط المخزى.. ليسرقوا انتصارات وإنجازات غيرهم ليضعوها ضمن النياشين على صدورهم المليئة بالهواء الملوث هو الآخر بتضخم الأنا عندهم. لا يمكن إلا أن يكون صغيرا جدا ذاك الذى يحور ويحول ويصور كل الأحداث وكأنها به وله وبدونه، فلا أحد لا أحد.. كم هو لص صغير لا غير ذاك الذى لا يسرق المال بل يسرق الإنجازات حتى ولو كانت من صنع وجهد وتعب آخرين فضلوا الجلوس خلف النافذة ومراقبة سيول الأمطار وتساقط حبات الثلج وهم يفكرون كيف سيأتى الليل على ذاك الطفل القابع فى خيمته أو الجالس فى بيت تساقطت أحجاره إلا بعضها.. فيما هو يقبض على الحكايات الصغيرة ويعيد تكرارها وربما إضافة بعض الدمع والحركات المؤثرة ربما ويصور بطولات ربما كانت وربما لم تكن. يضيف لها بعض الزركشات اللغوية ويعيد رسم اللحظة حتى تبدو كفيلم هوليودى مثير أو كذاك القديم جدا عندما يستل عنترة العبسى سيفه ويمتطى جواده ويروح يطارد الأشرار!!!! لقد انتهى زمن عنترة ربما علينا أن نخبر ذاك المتقوقع فى أناته المتضخمة، حبيس أحداث كانت وجرفها سيل الأخبار المتسارعة وقد يكون نساها الكثيرون إلا هو الذى لا يملك سواها ليرسم لنفسه هالة متضخمة هى الأخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.