استبعد عقاريون أن تتجه شركات التطوير العقارى إلى تعديل التعاقدات مع المشترين بزيادة أسعار الوحدات السكنية بأثر رجعى، مؤكدين أن اللجوء للقضاء من شأنه حدوث أضرار بالغة تهدد استقرار السوق العقارية وخروج شريحة كبيرة من المشترين بغرض الاستثمار والحفاظ على قيمة الأموال. وصدر مؤخرا حكم قضائى يسمح لإحدى شركات التطوير العقارى بزيادة سعر المتر لإحدى الوحدات السكنية بأثر رجعى، ويأتى هذا الحكم فى ظل مشاورات تجريها شركات عقارية كبرى مع جهات حكومية لتعديل أسعار البيع للعملاء المتعاقدين أو زيادة سنوات التسليم بسبب ما وقع على المطور من أضرار خارج إرادته. إسماعيل الحبروك الرئيس التنفيذى لمكتب الحبروك للاستشارات الهندسية، قال إن اللجوء للقضاء من جانب المطورين لزيادة أسعار الوحدات المتعاقد عليها سيكون له مردود سلبى ليس فقط على السوق العقارية ولكن كل التعاقدات التى تضررت من القرارات الاقتصادية الأخيرة. أضاف الحبروك أن السوق العقارية فى مصر هى الأكثر نموا واستقرارا ولا يجب عرقلته بمثل هذه القرارات، مشيرا إلى ان الاستثمار العقارى دائما ما يتميز بحفظ القيمة للأموال هو ما جعله الملاذ الآمن للمستثمرين. تابع: تعديل أسعار الوحدات العقارية المتعاقد عليها بأثر رجعى سيؤدى إلى خروج شريحة كبيرة من المشترين بغرض الاستثمار، فالعميل لن يتعاقد على وحدة لا يعرف سعرها مستقبلا. «بالفعل طرأت حوادث وقرارات استثنائية فى السوق كان من الصعب التوقع بها ولكنها مخاطر الاستثمار التى تستطيع التعامل معها الشركات ذات الملاءة المالية» قال الحبروك، مشيرا إلى ان العميل الذى وثق فى القطاع العقارى وفى المطور للاستثمار والحفاظ على مدخراته يجب أن تكون مصلحته ورضاؤه هو الهدف. أشار الحبروك إلى ان مطالبة البعض بتعديل الأسعار للتعاقدات المبرمة قبل عامين غير مبررة لأن الشركات الجادة تقوم بالتعاقد مع المقاول وتحديد التسعير وتوريد الخامات ومدخلات البناء بكميات كافية لتخفيف فروق الأسعار، الأمر قد يكون مقبول للتعاقدات المتعلقة بمبيعات آخر 6 شهور. ومن جانب آخر قال الحبروك إن الحكم الصادر عن محكمة استئناف إسكندرية استند إلى تقرير خبير منتدب من المحكمة لتقييم حالة الشركة العقارية المتضررة، وبالتالى فإن صدور احكام مماثلة لكل حالة سيكون أكبر من طاقة القضاء لانتداب هذا الكم من الخبراء لدراسة كل حالة على حدة. النائب أمين مسعود عضو مجلس النواب وامين لجنة الإسكان، أشار إلى وجود تقصير من الحكومة اتجاه شركات التطوير العقارى خاصة المتوسطة والصغيرة الأكثر تضررا من الأزمة الاقتصادية. أضاف ان الدولة ساندت قطاعات السياحة والمقاولات والصناعة والزراعة بالعديد من المبادرات منذ أحداث كورونا وحتى الان، وعلى الرغم من الضرر الكبير الذى تعرض له المطور العقارى وتحمله تضاعف التكلفة لم تتدخل الدولة بالمساندة والدعم، مشيرا إلى أن تأخر العديد من المطورين فى التنفيذ يعود إلى تأخر الحكومة فى توصيل المرافق للأراضى وإصدار التراخيص الأمر الذى أصبح معه تكاليف التنفيذ أكبر من طاقة المطور بسبب قرارات التعويم وزيادة الأسعار. ورفض مسعود اتجاه المطورين إلى القضاء لتعديل أسعار العقود السابقة، مؤكدا أن الأزمة تحتاج إلى تدخل حكومى لتخفيف الأعباء المالية على الشركات العقارية ويساعدها على التنفيذ والوفاء بالتعاقدات مع المشترين. «يحتاج المطور إلى دعم حكومى يتمثل فى زيادة عدد الأدوار لتعويض الخسائر والسماح للبنوك بتمويل الوحدات نصف التشطيب، واستفادة المطورين من مبادرة دعم الصناعة ذات العائد المنخفض» قال أمين مشيرا إلى ان دعم المطورين من جانب الدولة يضمن استمرارية السوق العقارية وصناعة البناء التى تستوعب ما بين 3 4 عامل، وحماية لأموال المشترين من تعثر الشركات العقارية خاصة المتوسطة والصغيرة والتى لن تستطيع الدولة التعامل معها فى حالة الوصول إلى نقطة التعثر والتوقف عن العمل. أشرف دويدار الخبير العقارى قال إن مطالب المطورين بتعديل عقود الوحدات المباعة سيحدث بلبلة فى السوق العقارى على الرغم من كونه مطلب شرعى للشركات الجادة التى تاثرت بالفعل من القرارات الاقتصادية وانعكاساتها على الأسعار والتكاليف. تابع: يوجد مطورين غير جادين ولديهم مشاكل فى الالتزام بمواعيد التسليم وبالتالى فإن فتح الباب لزيادة أسعار أو تعديل عقود الحاجزين سيدفع هؤلاء غير الجادين إلى الأضرار بالعملاء وفسخ العقود للتهرب من الالتزامات أمام العميل. ويطالب دويدار بضرورة تدخل الدولة لحل هذه المشكلة التى تواجه الشركات الجادة، والعمل على تنظيم السوق العقارى، واحداث التوازن بين المطور والعميل وحماية المشترى من اتجاه بعض الشركات العقارية باجراء تعديل للقرارات الوزارية للمشروعات بما يحدث ضرر للمشترى بسبب هذه التعديلات التى قد تتناقض مع مواصفات الوحدة المتعاقد عليها. «لا يجب على الدولة أن تمنح أراضى بمساحات كبيرة لشركات عقارية لا تتمتع بملاءة مالية او سابقة اعمال، وبالتالى تتزايد مخاطر تعثرها وعدم القدرة على التنفيذ» قال دويدار مشيرا إلى ان تنظيم السوق يجب ان يمثل أولوية لدى الحكومة لحماية الاستثمارات الضخمة بالقطاع العقارى. ويرى دويدار ان الحكم القضائى يطبق فى حالات محددة وبموجب تقرير خبير منتدب من المحكمة لدراسة وفحص الشركة العقارية ولا يمكن ان يعمم على السوق العقارى، مؤكدا ان الاستثمار العقارى لدى المطور الملتزم مازال ملاذا آمنا واستثمارا طويل الأجل. طارق بهاء الرئيس التنفيذى لشركة مينا لاستشارات التطوير العقارى، قال ان سعر البيع للوحدات العقارية غير قابل للزيادة او النقصان، هذا ما استقرت عليه العقود بين المطور والعميل، والعقد شريعة المتعاقدين. أضاف أن الحكم القضائى لصالح إحدى شركات التطوير العقارى بزيادة سعر المتر بأثر رجعى لا يمكن أن يعمم على السوق العقارى، قائلا: «محاولات بعض الشركات ربط التسعير بسعر الصرف لم تنجح وبالتالى تعديل عقود سابقة أمر صعب حدوثه ومن شأنه الإضرار بالسوق ككل». وتساءل بهاء عن كيفية تقييم الضرر والزيادة فى الأسعار ما بين المشروع السكنى والتجارى والإدارى ومستوى التشطيبات. تابع: يجب على شركات التطوير العقارى الاستمرار والالتزام بالتعاقدات السابقة للحفاظ على استقرار وجاذبية السوق وتجاوز هذه الأزمة، ولكن المشكلة هنا تكمن فى المطور الصغير ضعيف الملاءة المالية والذى باع بأرقام كبيرة ولا يمتلك محفظة مشروعات قادرة على تعويض هذه الخسائر.