الجبهة الوطنية تستعد ببرنامج تفصيلي لمرشحي الشيوخ والنواب لمدة 5 سنوات    7 مرشحين يتقدمون بأوراقهم في انتخابات مجلس الشيوخ بالأقصر حتى الآن    رئيس جامعة عين شمس يستقبل وفدًا من جامعة جنوب الصين الزراعية    انطلاق امتحانات التعليم المدمج بجامعة القاهرة بمشاركة 30 ألف طالب وطالبة    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025.. عيار 18 بدون مصنعية ب3977 جنيها    وزيرة التنمية المحلية تتابع جهود تحسين مستوى النظافة فى القاهرة والجيزة    رابط التقديم على قرض حسن من وزارة الأوقاف المصرية.. تخصيص 70 مليون من إدارة البر    وزير الخارجية يؤكد ضرورة تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل    الجيش الإسرائيلى يعلن قصف عضو بحماس فى منطقة طرابلس شمالى لبنان    تصاعد الضغوط الأوروبية على تل أبيب.. نائبة فى البرلمان الأوروبى تطالب بعقوبات حازمة.. أغلبية الإسبان يتهمون إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة.. و 5 خيارات قيد البحث تشمل تعليق الشراكة وحظر تصدير السلاح    الاحتلال الإسرائيلى يجبر المواطنين على النزوح قسرا من خان يونس بجنوب غزة    رعاية المصالح الإيرانية يعزي فى ضحايا حادث حريق سنترال رمسيس: قلوبنا مع مصر    عقب عودته من البرازيل.. رئيس الوزراء يعقد مؤتمرًا صحفيًا غدًا    ليبيا تطرد وزراء داخلية إيطاليا واليونان ومالطا ومسؤولا أوروبيا لمخالفتهم قوانين البلاد    وزارة الرياضة تعلن موافقة مجلس النواب على تعديلات قانون الرياضة    الزمالك يعلن ضم يوسف عمرو لاعب المقاولون في صفوف اليد    قياسات بدنية للاعبي الأهلي قبل معسكر تونس    الاتحاد السكندري ينهي إجراءات استعارة لاعب الزمالك    تقرير يكشف سبب الحادث الذي تسبب في وفاة جوتا    ملك إسماعيل وفريدة خليل تتوجان بذهبية تتابع السيدات ببطولة العالم للخماسي الحديث    ضبط المتهمين بسرقة لوحات إلكترونية من داخل كابينة اتصالات فى الجيزة    حصاد الوزارات.. وزارة النقل تغلق الدائرى الإقليمى فى هذه المناطق    «النار بدأت من الدور السابع».. شهود عيان يكشفون ل«المصري اليوم» تفاصيل حريق سنترال رمسيس    «الداخلية» تنفى شائعات إضراب نزلاء الإخوان.. وتؤكد: لا انتهاكات بمراكز الإصلاح والتأهيل    مروة عبدالمنعم تدافع عن مها الصغير: «الرحمة أولى من الهجوم»    بورسعيد تختتم فعاليات المهرجان القومى للمسرح ضمن جولاته بالمحافظات    فرص جديدة واستقرار مالي.. اعرف توقعات برج الحوت في الأسبوع الثاني من يوليو 2025    هدايا وكتب بسعر التكلفة بجناح الأزهر في معرض الإسكندريَّة للكتاب    أمينة الفتوى: «النار عدو لكم فلا تتركوا وسائل التدفئة مشتعلة أثناء النوم»    وكيل وزارة الصحة بسوهاج يبحث آليات توقيع الكشف الطبى على طلاب المدارس    «الصحة»: إطلاق المؤتمر العلمى السنوى لنظم الغذاء لمواجهة التحديات الصحية    بالصور.. حريق سنترال رمسيس| جهود مستمرة للتبريد وتحقيقات موسعة لكشف ملابسات الحادث    حنفي جبالي: رئيس الجمهورية اختار طريق العمل في صمت والإخلاص في أداء الواجب    مصر وروسيا توقعان بروتوكولاً مكملًا لاتفاقية التعاون فى بناء وتشغيل محطات الطاقة النووية    وفّر في استهلاكك وادفع أقل في فاتورة الكهرباء    الطيران المدني: عودة حركة التشغيل إلى طبيعتها بمطار القاهرة    الداخلية تكشف ملابسات فيديو هروب الربع نقل على دائري المقطم في القاهرة    افتتاح قبة «سيدي جوهر المدني» في شارع الركبية بحي الخليفة    فيلم ريستارت يقفز بإيراداته إلى رقم ضخم.. كم حقق في دور العرض الإثنين؟    فيلم المشروع x بطولة كريم عبد العزيز يتخطى ال131 مليون جنيه فى السينمات    وزير الإسكان يتفقد المنطقة الاستثمارية ومشروع الأرينا بحدائق "تلال الفسطاط"    بالصور.. رئيس جامعة دمياط يفتتح معرض مشروعات تخرج طلاب كلية الفنون التطبيقية    ندوة بالجامع الأزهر تُبرز أثر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في ترسيخ الوَحدة    وزير البترول: تنفيذ مشروعات مسح جوي وسيزمي لتحديد الإمكانات التعدينية فى مصر    سؤال برلماني حول حريق مبنى سنترال رمسيس    رئيس الرعاية الصحية: تطوير المنشآت الطبية بأسوان وربط إلكتروني فوري للطوارئ    وكيل وزارة الصحة يتابع انتظام العمل بوحدات إدارة إسنا الصحية.. صور    والد ماسك: ترامب وإبني فريق واحد.. وتصرفات إيلون تزيد اهتمام الجمهور    ننشر صورتي ضحيتي غرق سيارة سقطت من معدية نهر النيل بقنا    "بتكوين" تتراجع تحت ضغط الرسوم الأمريكية الجديدة وموجة حذر بالأسواق    وزيرة التنمية المحلية تتابع عمليات إخماد حريق سنترال رمسيس    حريق سنترال رمسيس.. وزير التموين: انتظام صرف الخبز المدعم في المحافظات بصورة طبيعية وبكفاءة تامة    موعد مباراة تشيلسي وفلومينينسي في كأس العالم للأندية والقناة الناقلة    هشام يكن: جون إدوارد و عبد الناصر محمد مش هينجحوا مع الزمالك    أهم طرق علاج دوالي الساقين في المنزل    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حالة شكر.""؟!    (( أصل السياسة))… بقلم : د / عمر عبد الجواد عبد العزيز    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر حول «حديث عيسى بن هشام»!
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 07 - 2022


1
ثمة «كتابة على كتابة» تعيدنا إلى نصوص مهما مر عليها من زمن فإنها تظل بفضل خصائصها التكوينية وجدّة طرحها الاجتماعى، ورؤيتها الفنية المتميزة، جديرة بأن نعود إليها من آن لآخر، وأن نتذكر حضورها الجمالى والإبداعى، ونعيد التذكير بها، ولفت انتباه الأجيال الجديدة إلى أهميتها وقيمتها.
منذ أسابيع أنهى كاتبنا القدير محمود الوردانى سلسلة مقالات رائعة، كان ينشرها على حلقات أسبوعيًّا فى (أخبار الأدب)، عن النص السردى المؤسس «حديث عيسى بن هشام» للرائد الكبير محمد المويلحى. كنت مستمتعا أيما استمتاع بالكتابة الجميلة، للمبدع الكبير وهو يجول بنا فى دهاليز وخبايا هذا النص المدهش فى تاريخنا الأدبى المعاصر.
وأعادتنى كتابة أستاذنا الوردانى إلى ذكريات جميلة وممتعة، أظنها لا تخصنى وحدى، بل تشمل أيضًا كل من درس الأدب العربى الحديث باهتمام، ودرس نشأة الأنواع الأدبية الحديثة فى الأدب العربى؛ كالرواية والقصة القصيرة والمسرحية، وتوقف تفصيلًا عند النصوص التأسيسية الأولى فى نشأة هذا الفن، والإشكالات المحيطة بهذه النشأة؛ زمنيًّا ونصيًّا!
2
قرأت «حديث عيسى بن هشام» لأول مرة فى طبعته الصادرة عن مكتبة الأسرة (1996) وكان الغلاف بريشة الفنان الراحل جمال قطب، وقد أحببتُ هذا الغلاف جدًّا لأنه جسَّد بصريا، وبألوان زاهية معجبة، الشخصيتين المحوريتين اللتين تدور من خلالهما أحداث السردية النصية؛ عيسى بن هشام «الراوى»، وأحمد باشا المنيكلى الشخصية الخيالية التى قامت من رمَسها «قبرها» لتصحبنا فى ربوع القاهرة، وترصد التغيرات الاجتماعية والثقافية التى طالتها وطالت أهلها فى هذه الفترة الحيوية من تاريخ مصر الحديث والمعاصر.
أذكر أن أول من حدثنا حديثًا مستفيضًا عن هذا النص التأسيسى المرحوم الدكتور سيد البحراوى، وقد أفاض فى تحليل جوانب الشكل القصصى والروائى فى «حديث عيسى بن هشام» ودلالاته الاجتماعية؛ وللأمانة فقد كان تحليل البحراوى مدهشًا ومثيرًا للإعجاب على مدى عدة محاضرات، ثم قرأت التحليل الوافى الذى قدَّمه البحراوى للنص فى كتابه المهم «محتوى الشكل فى الرواية العربية النصوص الأولى».
3
فى مرحلة تالية أدركت أهمية وقيمة هذا النص؛ حينما قرأت ما قاله نجيب محفوظ، وهو من هو عنه؛ يقول محفوظ فى حواراته مع محمد سلماوى:
«... يأتى ذكر «حديث عيسى بن هشام» التى أعتبرها فى الحقيقة مولد القصة المصرية الحديثة، وهى لم تأخذ حقها من البحث‏، ‏ إننى أرى أن «حديث عيسى بن هشام» هى رواية عظيمة جدًّا تقوم على أساس التراث فى الشكل؛ لأنها تعتمد على أسلوب المقامة، أما المضمون فهو ذلك الذى اتخذته الرواية الحديثة فى مصر بعد ذلك، وحتى يومنا هذا‏، ‏ وهو النقد الاجتماعي»، ‏ والحقيقة أن جيلنا بأكمله تأثر بهذه الرواية واقتفى أثرها بهذا المعنى‏».‏
وبالتالى، فقد قررت أن أقرأ ما كتب عن «حديث عيسى بن هشام» فى الكتب والدراسات التى بحثت موضوع نشأة الرواية العربية أو التى عكفت على تحليل النصوص الروائية الأولى، قرأت ما كتبه عبدالمحسن بدر، وعلى الراعى، وجابر عصفور، وأنجيل بطرس سمعان، وشكرى عياد، وروجر ألن، وأحمد الهوارى.. وغيرهم كثير.
وأدركت أن هذا النص تحديدًا يتجاوز بكثير كونه نصا أوليا أو نصا تأسيسيا فقط فى مسيرة نشأة الرواية العربية الحديثة، بل قد حمل أيضًا فى باطنه بذور تحديث وتجديد وإمكانات هائلة على مستوى الشكل كان يمكن حال تطورها أن تخلق شكلا روائيا ذا خصوصية عربية أصيلة.
4
و«حديث عيسى بن هشام»، فى أبسط تعريفٍ له، نص سردى يكشف عن النزوع الأخلاقى والاجتماعى لمؤلفه، من خلال استخدام السرد الذى يذكِّر بأساليب السرد فى التراث العربى القديم، وبخاصة «المقامة».
ويوظف محمد المويلحى شخصية عيسى بن هشام راوى «مقامات بديع الزمان الهمذانى» الشهيرة فى التراث العربى، بأسلوبٍ يشبه أسلوب المقامات ذاته من حيث اعتماد البديع والسجع والمحسنات اللفظية الأخرى المعروفة فى البلاغة الكلاسيكية العربية.
ورغم ذلك، يتميز النص بخفة الظل والمفارقة الطبيعية، ليحكى للناس حلمًا رآه فى نومه، متخذًا من حكاية المنام موضوعًا شيقًا وبناءً بسيطًا يستغله ليشرح من خلاله أخلاق الناس فى تلك الفترة، وعاداتهم وتقاليدهم، وما طرأ عليها من تغيرات وتحولات، تحت وطأة الاحتكاك بالثقافة الأوروبية الحديثة.
5
ويتجلى فى هذا السرد الذى عالج موضوعا اجتماعيا حداثيا، من خلال شكل قصصى عربى كلاسيكى، ما عاناه رواد الأدب العربى الحديث من معضلات فى تطويع اللغة العربية للتعبير عن مظاهر التغير التى طرأت على مجتمعٍ كان يبدأ أولى خطواته نحو الحداثة، ومن ثم لم تكن اللغة تواجه مشكلاتٍ فى تسمية الأشياء والمخترعات الحديثة فقط، بل فى التعبير عن مجمل الأخلاق والأفكار الجديدة.
وتتضح هذه المعاناة، كما يقول أحمد الهوارى، إذا قورنت لغة السرد والوصف الأقرب إلى موروث النثر، والبديع بما فيه من تنميقٍ، بلغة الحوار التى تحررت من قبضة هذا الموروث.
يصف المويلحى فى «حديث عيسى بن هشام» المجتمع المصرى بتفصيل كبير، وهو يستخدم فى سبيل ذلك وسيلة أدبية تتمثل فى الشخصية المتلهفة لرؤية كل جوانب الحياة المصرية المعاصرة، ومعها شخصية أخرى تأخذها فى جولة بالمجتمع القاهرى، وهذا هو السيناريو الكلاسيكى، كما يقول روجر آلن فى تقديمه للنص فى طبعته الصادرة عام 2002، لأدب الصعلكة أو التجوال، حب الاستطلاع والتحرى والاكتشاف والتعليق.
ويتبع المويلحى، باستخدامه لهذا الأسلوب، ما أرساه الهمذانى من تقاليد (فى القرن الرابع الهجري)، قبل قرون سبقت لكنه أيضًا يضع عمله فى إطار سلسلةٍ من الأعمال أُلِّفت خلال القرن التاسع عشر لتعلِّق على، وتنتقد المجتمعات الغربية والشرقية على حدٍّ سواء فى أطر حقيقية أو متخيلة... (وللحديث بقية).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.