بعد غلقه من أنصار مرشح.. الأمن يعيد فتح طريق قنا - قفط    أقل من 47.30 جنيها، سعر الدولار في البنوك المصرية ببداية تعاملات الأربعاء    تعرف على سعر الدولار في الشرقية الأربعاء 12112025    اسعار الحديد فى الشرقية اليوم الاربعاء 12 112025    أسعار الأسماك فى أسيوط اليوم الاربعاء 12-11-2025    أطباء بلا حدود: الوضع في قطاع غزة مريع رغم وقف إطلاق النار    وزير الخارجية: مستعدون لدعم المحكمة الدائمة للتحكيم وتيسير أداء مهامها في حل النزاعات الدولية بالطرق السلمية    وزير الخارجية يتوجه إلى تركيا    خبير لوائح يكشف مصير شكوى الزمالك في واقعة زيزو وهشام نصر    15 نوفمبر موعد محاكمة عصابة سرقة التكاتك بالزاوية الحمراء    عقب إخلائه بلحظات.. انهيار عقار من 8 طوابق بالجمرك غرب الإسكندرية    مباحث الجيزة تكتشف جريمة بشعة داخل شقة مهجورة فى بولاق الدكرور.. التفاصيل    "فاطمة رشدي.. سارة برنار الشرق" ندوة بدار الكتب اليوم    حمو بيكا يودع إسماعيل الليثي بكلمات مؤثرة: "يا وجع قلبي عليك يا أخويا"    جناح لجنة مصر للأفلام يجذب اهتماماً عالمياً في السوق الأمريكية للأفلام في لوس أنجلوس (صور)    ينطلق اليوم برعاية السيسي، 10 معلومات عن النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة    أسعار الفاكهة اليوم الأربعاء 12 نوفمبر في سوق العبور للجملة    زعمت أن أحدهم حاز طائرة لاسلكية .. أحكام قاسية على 9 معتقلين في قضية "اللجان الإعلامية للإخوان"    عباس: الإجراءات القانونية بشأن تسليم الفلسطيني هشام حرب لفرنسا في مراحلها النهائية    نقيب الإعلاميين: الإعلام الرقمى شريك أساسى فى التطوير والذكاء الاصطناعى فرصة    أخبار مصر: انهيار عقار من 8 طوابق بالإسكندرية، الحصر العددي لأصوات المرشحين بالمحافظات، قرار من النيابة ضد سائق إسماعيل الليثي    ياسمين صبري تهنئ مي عز الدين بعقد قرانها: «فرحانة ليكي من قلبي»    نتائج أولية بانتخابات النواب بديرمواس في المنيا: الإعادة بين علاء قدري ومحمد جمال    مصر تعزي تركيا في ضحايا حادث سقوط الطائرة العسكرية    حظك اليوم الأربعاء 12 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    استشهاد طفل فلسطيني متأثرا بإصابته جنوب نابلس    دعمًا لمرشحيه بمجلس النواب.. «مستقبل وطن» ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بدمياط    رسميًا.. موعد امتحانات شهر نوفمبر 2025 لصفوف النقل الجديدة بعد تعطيلها بسبب انتخابات مجلس النواب    انطلاق الدورة الأولى من مهرجان «توت توت» لكتب الأطفال في ديسمبر المقبل بالمعهد الفرنسي    خالد سليم يشعل ليالي الكويت بحفل ضخم ويحتفل ب«ليلة مِ اللى هيّا» مع جمهوره    طن الشعير اليوم.. أسعار الأرز والسلع الغذائية الأربعاء 12-11-2025 ب أسواق الشرقية    بكام الفراخ النهارده؟ أسعار الدواجن والبيض في أسواق وبورصة الشرقية الأربعاء 12-11-2025    «زى النهارده».. استخدام «البنج» لأول مرة في الجراحة 12 نوفمبر 1847    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    تحقيق عاجل من التعليم في واقعة احتجاز تلميذة داخل مدرسة خاصة بسبب المصروفات    ألمانيا تقدم 40 مليون يورو إضافية للمساعدات الشتوية لأوكرانيا    انقطاع التيار الكهربائي بشكل الكامل في جمهورية الدومينيكان    رسميًا.. موعد إعلان نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025 المرحلة الأولى    سبب استبعاد ناصر ماهر من منتخب حلمي طولان وحقيقة تدخل حسام حسن في إقصاء اللاعب    تسع ل10 آلاف فرد.. الجيش الأمريكي يدرس إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من غزة    لتجنب زيادة الدهون.. 6 نصائح ضرورية للحفاظ على وزنك في الشتاء    حبس المتهم بالتسبب في وفاة والدته بعيار ناري أثناء لعبه بالسلاح بشبرا الخيمة    الحسيني أمينا لصندوق اتحاد المهن الطبية وسالم وحمدي أعضاء بالمجلس    مواجهة قوية تنتظر منتخب مصر للناشئين ضد سويسرا في دور ال32 بكأس العالم تحت 17 سنة    النيابة تطلب تحريات سقوط شخص من الطابق ال17 بميامي في الإسكندرية    علشان تنام مرتاح.. 7 أعشاب طبيعية للتخلص من الكحة أثناء النوم    بيان رسمي من خوان بيزيرا بشأن تجاهل مصافحة وزير الرياضة بنهائي السوبر    المستشار بنداري يشيد بتغطية إكسترا نيوز وإكسترا لايف ووعي الناخبين بانتخابات النواب    منتخب مصر يستعد لأوزبكستان وديا بتدريبات مكثفة في استاد العين    كرة سلة - الأهلي يفوز على سبورتنج في ذهاب نهائي دوري المرتبط للسيدات    رياضة ½ الليل| الزمالك يشكو زيزو.. انتصار أهلاوي جديد.. اعتقال 1000 لاعب.. ومصر زعيمة العرب    انتخابات مجلس النواب 2025.. بدء عمليات الفرز في لجان محافظة الجيزة    «ستأخذ الطريق الخاطئ».. ميدو يحذر حسام عبد المجيد من الانتقال ل الأهلي    أخطاء تقع فيها الأمهات تُضعف العلاقة مع الأبناء دون وعي    أمين بدار الإفتاء يعلق على رسالة انفصال كريم محمود عبد العزيز: الكلام المكتوب ليس طلاقا صريحا    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ النسوية الأسود
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 02 - 2018

مازلت أحاول التأقلم مع حقيقة أنه من غير الضرورى أن يكون المدافع عن الحقوق والحريات مدافعا عن حقوق المرأة أيضا، أتفهم أن الخطاب الذكورى ضد النساء منتشر فى مجتمعنا وبين بعض المدافعين والمدافعات عن الحقوق؛ لأنهم جزء من المجتمع، أما ما لا أفهمه ولا أستسيغه هو أن يطل علينا أحدهم ليسأل «فين بتوع حقوق الستات من قضايا الستات؟».. لا أعلم إن كان ذلك جهلا حقيقيا أو محاولة لإظهار نفسه بأنه الذكر القوى صاحب الفكر المتفتح وفى نفس الوقت محافظا فى بيته ونسائه وحاكما لهم، وكأن الحقوق والحريات لابد أن نستثنى منها النساء كأنهم سبة أو مخلوقات أقل أو كما يستخدمه البعض مطالب فئوية للنساء.
أحد أسباب تقزم الحركات السياسية المصرية هو الادعاء المستمر بالمعرفة وكأن النضال ضد استبداد الدولة يكفى لصنع الأبطال. وهنا تكمن الأزمة. يعتقد الكثيرون أن حقوق النساء حقوق اجتماعية فقط وغير ذات أهمية، فالنساء قد حصلن على أكثر من حقهن كما يقولون وأنه حان الوقت للرجال لأخذ حقوقهم! ببجاحة منقطعة النظير وبسماجة غريبة يطل علينا بين الفينة والأخرى أحدهم على مواقع التواصل الاجتماعى أو على صفحات الجرائد ليكتب أن المؤسسات والحركات النسوية تتناسى الفتيات فى المناطق المهمشة والفقيرة ويركزن فقط على المجتمع الغربى وطلباته، فالنسويات الفيمنست المجانين على حد تعبيرهم كل ما يهتمون به هو حرية خلع الملابس أو عدم نتف شعر جسدهن. وبغض النظر عن أن هذه الأفعال جزء من الحريات شئنا أم أبينا، إلا أن اختصار العمل النسوى على ذلك ما هو إلا جهل واستهزاء بالنساء ككل أيا كانت توجهاتهن.
***
يطل الرفيق علينا ليصيح «التاريخ الأسود للنسوية»، فما هو ذلك التاريخ من وجهة نظره؟
هل مثلا يعتبر تاريخا أسود نضال النساء فى الخمسينيات من القرن الماضى للحصول على حق التصويت؟
هل عمل المنظمات النسوية على قضايا الاتجار بالنساء والإكراه على العمل بالجنس تاريخ أسود؟
هل يعتبر العمل على قضايا العنف الجنسى والتحرش والاغتصاب ونجاح النسويات فى الضغط على الدولة لإصدار قانون مناهض للتحرش تاريخا أسود؟ أم أن التشجيع على الإبلاغ عن هذه الجرائم وفضح المتحرشين والمغتصبين أيا كان هويتهم وعملهم هو التاريخ الأسود؟
لقد عملت المؤسسات على مناهضة زواج الصغيرات وزواج الصفقة منذ عقود، ذلك الزواج الذى تباع فيه الصغيرة للأجانب بعقود زواج صورية لإمتاعهم فترة زمنية قصيرة مقابل بعض الأموال وتحت سمع وبصر الدولة، وهو صورة من صور الاتجار بالفتيات ومع ذلك لم تجرمه الدولة حتى الآن، فهل يعتبر ذلك أيضا تاريخا أسود؟
وضعت النسويات أمورا تعتبر من التابوهات فى المجتمع على طاولة النقاش كاغتصاب وزنا المحارم وهو ظاهرة آخذة فى التفشى وسط إنكار مجتمعى وحكومى مستمر، ووضعت النسويات تعديلات الأحوال الشخصية للمسلمين والمسيحيين على حد سواء على عاتقهن إيمانا منهن أن الدولة لابد وأن تتعامل مع المواطن وأن الدولة ملزمة برعاية حقوق الأطفال ورعاية حقوق الآباء والأمهات، فمتى كان ذلك تاريخا أسود؟
تحارب النسويات فى العالم الإسلامى اليوم هيمنة الثقافة الذكورية على الخطاب الدينى، ويسعين للوصول لتفسيرات مستنيرة للشريعة الإسلامية تليق بها وتليق بانتصارها لحقوق النساء منذ ما يزيد على ألف عام، العودة لأفعال الرسول (صلى الله عليه وسلم) وقواعد اللغة العربية وتفسيرات النساء الصحابيات للسنة والقرآن مع خلق تفسيرات واجتهادات جديدة تتناسب مع متطلبات العصر، كيف يعتبر ذلك تاريخا أسود؟
تقولون إن الحركات الاجتماعية غير مهمة وغير مؤثرة وليست أولوية، هل تعرف شعور أن النزول من المنزل يتطلب شجاعة وحربا مستمرة؟ هل جربت التفكير المستمر فى احتماليات التحرش اليومى والمضايقات فقط لكونك من أنت؟ أن تكون امرأة فى مجتمع يعتبرك كائنا أقل أمر مرهق ومستنزف للأعصاب. هل جربت أن تكون الأكثر تأهيلا للوصول لمنصب ما ويتم رفض تعيينك فقط لأنك امرأة؟
كامرأة، أنت مطالب بأن تكون واعيا طول الوقت لكيف تجلس، تأكل، تشرب، تبتسم، تعبس، تمشى، تتكلم، واعيا لأطفالك وزوجك وأهلك والجيران وحارس العقار وكل فرد فى الشارع. هل جربت شعور أنك مستباح طوال الوقت فقط لأنك امرأة؟
***
أعلم انك لا تفرق بين النسوية والنسائية، فالأولى – لمعلوماتك – معنية بالحقوق والمساواة والعدالة للنساء والرجال والأطفال وذوى الإعاقة والعاملات وغيرهم، والنسوية مدارس مختلفة منها مثلا الإسلامية والاشتراكية والراديكالية والرأسمالية والمناصرة للحكومة والأناركية، فى حين أن النسائية تعنى المرأة والمرأة فقط.
قامت النسوية على محاربة السلطة بالأساس، مناهضة الظلم الواقع على المجتمع بأطيافه المختلفة بسبب المفاهيم الأبوية التى تلزم النساء والرجال على حد سواء بأفعال معينة، فالرجل دوما وأبدا لا يجب أن يعبر عن مشاعره لأنها تقلل من شأنه كرجل، وهو إن كنت لا تعلم عنف واقع على الرجال وكبت نفسى. ترى أنك «مربوط فى ساقية» طوال الوقت وأولادك لا يعرفونك لأنك بالنسبة لهم مصدر للمال فقط، ذلك أيضا بسبب السلطة الأبوية التى ترى أن دورك كجالب للمال أهم من دورك كأب ومعلم. تحارب النسويات تلك السلطة الواقعة على الجميع والظلم الذى يقبع داخل كل منزل وعلاقة ويحاولن تغيير المجتمع ليكون أكثر تفهما لاحتياجات البشر المختلفة، فمتى كانت آخر مرة حاربت فيها لأجل امرأة؟
أخطأت إن كنت ترى أن النسويات يحاربن للتقليل من امتيازاتك، وليس ذلك غايتنا، إنما الهدف أن ما تعتقده أنت، أنه حق لك سنصل أن يكون حقا آخر للنساء وأن ما تراه مميزات لك سيصبح أيضا مميزات لنا. سنمشى يوما فى شوارعنا دون تحفز وسنبلغ عن التحرش والتمييز ضدنا دون أن يتم التشهير بنا والإضرار بسمعتنا، وسنحصل على حقوق متساوية فى القانون والمجتمع، وسنقضى على العنف ضدنا بالقانون وبتدخل من الدولة وسنحاكم كل من يضطهد فردا بناء على جنسه أو دينه أو إعاقته. هو يوم قريب وسنصل له سواء فى جيلى أو جيل بعدى، وسنحكى يوما عن إنجازاتنا كجزء من التاريخ وسنحارب لتدريسه فى المدارس حتى لا يصيح شخصا آخر بما فعلته النسويات أو عن تاريخ النسوية الأسود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.