قالت الناشطة مزُن حسن، مديرة مؤسسة نظرة للدراسات النسوية، إن واقعة استهداف الناشطة عزة سليمان، يثبت أن الدولة باتت تخشى من الناشطات النسويات، باعتبارهن تهديدًا وجوديًا لها. وتساءلت مزن الحائزة على جائزة نوبل البديلة في مقال لها على موقع "قنطرة" الألماني، تحت عنوان " لماذا تخاف الدولة المصرية من ناشطة حقوقية نسوية؟"عن الشيئ الذي فعلته عزة سليمان مدير "مركز قضايا المرأة المصرية"، تستحق عليه التنكيل الذي لحق بها، لدرجة منعها من السفر والتحفُّظ على أمولها أو اعتقالها بشكل مؤقَّت. وكانت عزة سليمان يوم التاسع عشر من نوفمبر الماضي، في طريقها إلى الأردن، حيث كانت تريد المشاركة هناك في دورة تدريبية حول حقوق المرأة في الإسلام، ولكن تم إبلاغها في اليوم نفسه بأنَّ هناك قرارًا صادرًا من المحكمة بتاريخ السابع عشر من الشهر ذاته يمنعها من السفر، وفي اليوم التالي اكتشفت عزة سليمان أنَّه قد تم التحفُّظ على أملاكها الخاصة وكذلك على أموال مكتبها. وفي السابع من شهر ديسمبر، تم اعتقالها، وكانت تهمتها أنَّ منظمتها غير الحكومية قد حصلت على تبرُّعات أجنبية، وبعد يوم تم الإفراج عنها بكفالة مالية تبلغ نحو ألف دولار أمريكي. بدورها قالت مزن حسن، إنه منذ نحو عقدين من الزمن، تكافح سليمان وكذلك مؤسستها من دون كلل وملل من أجل حقوق المرأة القانونية في مصر، مضيفة أنها ساعدت على مدى سنين آلاف النساء، وقدَّمت لهن المساعدة القانونية والحماية من انتهاكات أزواجهن وأسرهن أو أقاربهن. وأشارت إلى أنه على الرغم من اختيار أعضائها خيار العمل الصعب على أساس شعبي في منطقة بولاق الدكرور الفقيرة في القاهرة، وتعبئة النساء في هذه المنطقة من أجل كفاحهن، إلا أنها وجدت إقبالاً كبيرًا، لم يشهد مثله سوى عدد قليل من المنظمات النسوية الأخرى في مصر. وقالت إن منظمات العمل النسوي، وما يتعلق بها من مسائل الزواج والطلاق، والمساواة القانونية في حالة الميراث، وكذلك العنف المنزلي والاغتصاب الزوجي - لا تعتبرها السلطة موضوعات سهلة، وبناءً على ذلك فإنَّ مجال عمل الحركة النسوية لا يمثِّل أيضًا للناشطات خيارًا آمنًا. وأضافت أن هذه المسائل تربك "هياكل السلطة" القائمة، سواء في شكلها المنتشر في المجتمع أو في شكلها داخل الدولة، وذلك بسبب التحدي الذي تمثِّله للنظام الذكوري. وأضافت أن الحركة النسوية كانت دائمًا بحسب مفهومها حركةً سياسيةً، لأنَّ السلطوية ليست هيكلاً محايدًا، بل هي هيكل قائم على نوع الجنس، ولأنَّ الدولة السلطوية تعتبر دائمًا وفي العادة أيضًا ذات طابع ذكوري. ولفتت إلى أن هذه المضايقات القانونية ضدَّ عزة سليمان - وكذلك اعتقالها المؤقَّت - تجري في بيئة تتعرَّض فيها الحركة النسوية في مجملها لحملة شديدة. وأشارت إلى أن من الأمثلة على ذلك الإجراءات ضدَّ "مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب"، الذي يُقدِّم منذ عدة أعوام في إطار برامجه الخاصة بالنساء الناجيات من أعمال العنف مساعدات طبية ونفسية، وكذلك الاستدعاءات الرسمية والحملات الأمنية ضدَّ منظمة "نظرة للدراسات النسوية. وتابعت: "على ما يبدو فإنَّ الناشطات النسويات سيكُنَّ دائمًا محاصرات في مفارقة اعتبارهن من ناحية بمثابة "تهديد"، ومن ناحية أخرى لأنَّنا نحن النساء لا يتم أخذنا على محمل الجد ولا نحظى سوى بقدر ضئيل جدًا من الاهتمام". وأشارت أنه: "علاوة على ذلك من الواضح أنَّنا سوف نكون دائمًا عرضة للعداء المجتمعي تجاه الخطاب النسوي وكذلك للإجراءات الحكومية، مما يُظهر فقط أنَّ الناشطات النسويات يتم اجتماعيًا وصمهن وصماً سلبياً، بدلاً من إثارة حوار مجتمعي حقيقي حول الموضوعات التي يطرحنها". وتابعت،: "في الواقع إنَّ الإجراءات القمعية الرسمية لم تعد تشعل سوى المزيد من التحيُّزات الاجتماعية ضدَّنا - والتي تقول إنَّنا من الأساس "نساء سيئات". وختمت: "على الرغم من أنَّه يجب علينا كمنظمات نسوية أن نتجاوز أوقاتًا صعبة، وأن نواجه مخاطرَ كبيرة كمدافعات عن حقوق الإنسان للنساء: فإذا كانت هناك امرأة قد علَّمتنا كيف نكافح ونقاوم، فهي بالتأكيد عزة سليمان. ومن أجل عزة سليمان - وبالتعاون معها - سنواصل عملنا طالما استطعنا ذلك من أجل حقوق الإنسان للنساء في مصر وفي جميع أنحاء العالم".