وخلق الله بريجيت باردو    نائب رئيس دولة فلسطين يرحب بالبيان الأوروبي الآسيوي حول الوضع الإنساني في غزة    محكمة تونسية تؤيد حكم سجن النائبة عبير موسى عامين    وزارة الرياضة تواصل نجاح تجربة التصويت الإلكتروني في الأندية الرياضية    بداية تحول حقيقي، تقرير صادم عن سعر الذهب والفضة عام 2026    ولفرهامبتون يحصد النقطة الثالثة من أرض مانشستر يونايتد    قوات التحالف تنشر مشاهد استهداف أسلحة وعربات قتالية في اليمن وتفند بيان الإمارات (فيديو)    مصرع طفل دهسه قطار الفيوم الواسطي أثناء عبوره مزلقان قرية العامرية    طقس رأس السنة.. «الأرصاد» تحذر من هذه الظواهر    ذخيرة حية وإنزال برمائي.. الصين توسع مناوراتها حول تايوان    "25يناير."كابوس السيسي الذي لا ينتهي .. طروحات عن معادلة للتغيير و إعلان مبادئ "الثوري المصري" يستبق ذكرى الثورة    زيلينسكي يناقش مع ترامب تواجد قوات أمريكية في أوكرانيا    محافظ القاهرة: معرض مستلزمات الأسرة مستمر لأسبوع للسيطرة على الأسعار    رئيس جامعة قنا يوضح أسباب حصر استقبال الحالات العادية في 3 أيام بالمستشفى الجامعي    د.حماد عبدالله يكتب: نافذة على الضمير !!    «مسار سلام» يجمع شباب المحافظات لنشر ثقافة السلام المجتمعي    «قاطعوهم يرحمكم الله».. رئيس تحرير اليوم السابع يدعو لتوسيع مقاطعة «شياطين السوشيال ميديا»    خالد الصاوي: لا يمكن أن أحكم على فيلم الست ولكن ثقتي كبيرة فيهم    مصدر بالزمالك: سداد مستحقات اللاعبين أولوية وليس فتح القيد    شادي محمد: توروب رفض التعاقد مع حامد حمدان    نتائج الجولة 19 من الدوري الإنجليزي الممتاز.. تعادلات مثيرة وسقوط مفاجئ    "البوابة نيوز" ينضم لمبادرة الشركة المتحدة لوقف تغطية مناسبات من يطلق عليهم مشاهير السوشيال ميديا والتيك توكرز    استشهاد فلسطيني إثر إطلاق الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على مركبة جنوب نابلس    الأمم المتحدة تحذر من أن أفغانستان ستظل من أكبر الأزمات الإنسانية خلال 2026    قيس سعيّد يمدد حالة الطوارئ في تونس حتى نهاية يناير 2026    نتنياهو يزعم بوجود قضايا لم تنجز بعد في الشرق الأوسط    من موقع الحادث.. هنا عند ترعة المريوطية بدأت الحكاية وانتهت ببطولة    دعم صحفي واسع لمبادرة المتحدة بوقف تغطية مشاهير السوشيال ميديا والتيك توك    تموين القاهرة: نتبنى مبادرات لتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار مخفضة    التنمية المحلية: تقليص إجراءات طلبات التصالح من 15 إلى 8 خطوات    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    رضوى الشربيني عن قرار المتحدة بمقاطعة مشاهير اللايفات: انتصار للمجتهدين ضد صناع الضجيج    طرح البرومو الأول للدراما الكورية "In Our Radiant Season" (فيديو)    الخميس.. صالون فضاءات أم الدنيا يناقش «دوائر التيه» للشاعر محمد سلامة زهر    لهذا السبب... إلهام الفضالة تتصدر تريند جوجل    ظهور نادر يحسم الشائعات... دي كابريو وفيتوريا في مشهد حب علني بلوس أنجلوس    بسبب الفكة، هل يتم زيادة أسعار تذاكر المترو؟ رئيس الهيئة يجيب (فيديو)    د هاني أبو العلا يكتب: .. وهل المرجو من البعثات العلمية هو تعلم التوقيع بالانجليزية    غدًا.. محاكمة 3 طالبات في الاعتداء على الطالبة كارما داخل مدرسة    حلويات منزلية بسيطة بدون مجهود تناسب احتفالات رأس السنة    أمين البحوث الإسلامية يلتقي نائب محافظ المنوفية لبحث تعزيز التعاون الدعوي والمجتمعي    الحالة «ج» للتأمين توفيق: تواجد ميدانى للقيادات ومتابعة تنفيذ الخطط الأمنية    ملامح الثورة الصحية فى 2026    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    هل يجب خلع الساعة والخاتم أثناء الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة عين شمس تستضيف لجنة منبثقة من قطاع طب الأسنان بالمجلس الأعلى للجامعات    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    خالد الجندي: القبر مرحلة في الطريق لا نهاية الرحلة    حقيقة تبكير صرف معاشات يناير 2026 بسبب إجازة البنوك    الأهلي يواجه المقاولون العرب.. معركة حاسمة في كأس عاصمة مصر    السيطرة على انفجار خط المياه بطريق النصر بمدينة الشهداء فى المنوفية    رئيس جامعة قناة السويس يهنئ السيسي بالعام الميلادي الجديد    رئيس جامعة العريش يتابع سير امتحانات الفصل الدراسي الأول بمختلف الكليات    الصحة: تقديم 22.8 مليون خدمة طبية بالشرقية وإقامة وتطوير المنشآت بأكثر من ملياري جنيه خلال 2025    الزراعة: تحصين 1.35 مليون طائر خلال نوفمبر.. ورفع جاهزية القطعان مع بداية الشتاء    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    نسور قرطاج أمام اختبار لا يقبل الخطأ.. تفاصيل مواجهة تونس وتنزانيا الحاسمة في كأس أمم إفريقيا 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفيمينيزم .. الحياة بعيون (الستات)
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 07 - 2009

رغم أن لقب «نسوية» أو «فيمينيست» قد يرتبط بالكثير من السخرية والأفكار المسبقة فإن بعض الفتيات والسيدات اخترن بشدة أن يصنفن على أنهن هكذا.. «وصف» قد يتحول فى الكثير من الأحيان إلى «وصم».
فاطمة إمام ومزن حسن صديقتان تبدوان للوهلة الأولى على درجة كبيرة من الاختلاف، فبينما تبدو مزن فتاة ترتدى الملابس العصرية وتستخدم لغة جريئة فى الحوار، تحرص صديقتها فاطمة على ارتداء حجاب كامل واستخدام لغة أكثر تحفظا، هكذا تبدو الصورة إذا اعتمد الجالس أمامهما على الحكم بالمظهر الخارجى، لكن واقع الأمر أن ما يجمع بينهما بخلاف صداقتهما القديمة هو منظور واحد يطلان منه على الحياة، وكلمة السر هى «الفيمينزم» أو النسوية.
وهى الكلمة التى أصبحت ذات طابع مألوف داخل بعض الأوساط المتعلمة والمهتمة بقضايا المرأة، لكن ما يجمع مزن وصديقتها فاطمة أيضا هو أن كلا منهما لا تجد حرجا فى أن توصف بأنها «فيمينست» أو نسوية، وهو «الوصف» الذى قد يتحول أحيانا إلى «وصم»، فما الذى يجعل كلمة «فيمينزم» كلمة مثيرة للارتباك ما بين معتنق لها ورافض؟
الترجمة الأكثر شهرة لكلمة «فيمينزم Feminism» هى «النسوية» ويمكن التعبير عنها بأنها رؤية يمكن من خلالها إعادة قراءة الكثير من العلاقات التقليدية فى المجتمع التى تتسبب فى قهر المرأة أو الحط من شأنها ووضعها فى موقف التابع للرجل، وتتحول هذه الرؤية إلى أفعال تدفع معتنقيها إلى مقاومة عدم المساواة بين الجنسين أو التبعية للرجل... قد تبدو العبارات الشارحة للكلمة رنانة وصاخبة، إلا أن اعتناق هذه الرؤية يتحول مع الوقت إلى أسلوب حياة، تصفه مزن حسن: «هى طريقة حياة تجعلك تتوقف عند سبب إعطاء الشاب ميزة أو أفضلية، كأن تجد حساب طاولة الطعام فى المطعم يقدم دون تفكير إلى الشاب دون الفتاة، وكأنها تابعة له بالضرورة».
هذه الملاحظات التى تراها مزن حسن الآن بصورة أعمق، كانت تدور برأسها منذ أن كانت طفلة صغيرة، جعلتها تفكر فى سبب إعطاء الأخ هذه السلطات غير المبررة فى العائلة المصرية، وذلك رغم نشأتها فى أسرة متفتحة حسب قولها، لكن رؤيتها لهذه الملاحظات ازدادت عمقا بعد قراءة مذكرات رائدات الحركة النسوية المصرية.
لم تتوقف مزن عند هذه القراءات، فقد وجدت عالما فسيحا يفسر لها العلاقات الاجتماعية وصورة المرأة فى المجتمع، وتطورت دراساتها من كلية الآداب إلى التخصص فى الدراسات النسوية لفهم وضع المرأة بصورة أكبر، وحملت أعباء جديدة بسبب وجود أصوات معارضة للنسوية، بعضها من نساء فى مواقع عليا وبعضهن فى مناصب أكاديمية.
تقول مزن «أتذكر وقت إعداد رسالة الماجستير أن بعض العاملات فى مجال المرأة كن ينكرن بشدة أنهن نسويات ويفضلن استخدام وصف عاملات فى مجال حقوق المرأة فقط». لكن المشكلة التى قد تواجهها مزن أو أى نسوية أن الأمور لا تتوقف عند رفض اعتناق البعض لهذا المنظور، بل تمتد إلى وصم من تعتنقه فى بعض الحالات.
تضيف مزن حسن: «فتاة فى الثلاثين، ومديرة ناجحة، ومستقلة ماليا وسكنيا، كل هذا يجعلها فى مرمى البصر، والبعض يربط الاستقلال أو الإحساس بالتحرر بسوء الأخلاق».
تتذكر أحد المشاهد من فيلم ملك وكتابة حين تحدثت بطلة الفيلم «هند صبرى» عن أزمة فتيات يقمن فى سكن مستقل وكيف يتيح المجتمع لبواب العمارة حق التدخل فى حياة الفتاة لمجرد أنه رجل، وواجب عليه أن يراعيهن رغم الفارق التعليمى بين الطرفين.
فى حديث مزن مرارة.. خاصة حين تحدثت عن ربط الفتاة النسوية بغرابة الأطوار وتقول عن ذلك «ما من شك أن بعض العاملات والكاتبات فى مجال المرأة قد أسهمن فى تقديم صورة استفزازية للمدافعات عن المرأة، فغاب عن الناس أن منظور النسوية هدفه التعبير عن صوت المرأة فى قضايا المجتمع».
«جمعية المرأة المتوحشة»
مجرد نظرة على العناوين التى تتناول النسوية تكشف لنا عن عداء لا يخفى تجاه هذه الرؤية، وذلك رغم التطور الذى طرأ على الدراسات والقراءات النسوية التى بدأت فى مراجعة المفهوم من جديد، لكن النظرة القديمة التى صورتها شاشات السينما عن المهتمات بصورة المرأة فى المجتمع ما زالت مستقرة فى بعض الأذهان.
مزن وصديقتها فاطمة نطقا بنفس التعبير الدارج الذى يستخدم أحيانا عن «جمعية المرأة المتوحشة»، وهو ما يمثل إساءة لما تؤمنان به. لكن هناك نيرانا صديقة أخرى قد تأتى من كاتبات أو مؤمنات بالنسوية يطرحن أفكارا قد تبدو غريبة أو طريفة لدى البعض، مثل أن تحمل المرأة اسم الأم بدلا من الأب.. وترى الدكتورة هدى زكريا أستاذة علم الاجتماع فى جامعة الزقازيق والمهتمة بدراسات المرأة أن الهدف من النسوية هو إطلاق صوت المرأة والأنثى فى التاريخ والفقه وحتى داخل البرلمان، لكن الواقع ممزق بين نساء يستعرن صوت الذكر فى التعبير عن المرأة، ونسويات مشغولات عن قضايا المجتمع بأمور غير مفيدة. ثم توضح: «بعض النماذج النسوية بعيدة عن المجتمع، والأسوأ أن بعض الكاتبات والناشطات يتبنين موقفا متطرفا يضع الرجل فى موقع العدو، فى حين أن الأصح هو نقد المجتمع كله، وليس الرجل فقط، لأن الرجل أيضا مكبل بأعباء وفروض مجتمعية، فالهدف هو سعادة الجنسين معا».
لكن ما هو موقف الرجل من النسوية؟ هل يمكنه اعتناق هذه الرؤية؟
الدكتورة هدى زكريا أجابت دون تردد «طبعا.. الاتجاه النسوى شارك فى تأسيسه رجال كثيرون، يكفى أن نتذكر مسرحية الكاتب العالمى هنريك أبسن فى نهاية القرن التاسع عشر وهو يعبر عن صوت المرأة الغائب فى الحياة آنذاك». أما مزن وفاطمة فقد عددتا أسماء مفكرين على رأسهم نصر حامد أبوزيد، لكنهما توقفتا أمام أصدقائهما الشباب الذين تبنوا بالفعل هذه الرؤية، ما يجعل الفروق بينهم تكاد تكون متلاشية تقريبا، حتى إن بعض أصدقائهما الذكور لا يستنكف أن يقول إنه «فيمينست» وإن كانت فاطمة قد رأت فى تعبير «نصير المرأة» أكثر ملاءمة.
وربما يدفعنا هذا التعبير لا إراديا إلى تذكر الرجل الأشهر فى هذا المجال وهو قاسم أمين صاحب كتاب المرأة الجديدة، الذى ما زال طلاب المدارس يتعلمون أنه أشهر من طالب بتحرير المرأة، لكن المفارقة الحقيقية أن الرؤية النسوية الحديثة قد أعادت قراءة قاسم أمين مرة أخرى، وهو ما يوضح بشدة طريقة تعامل الفيمينزم مع ما هو سائد من أفكار.. على سبيل المثال كتبت الدكتورة شيرين أبوالنجا إحدى الناقدات المهتمات بالنسوية عن كتاب «تحرير المرأة» لقاسم أمين أن دعوته لم تكن لتحرير المرأة بقدر ما كانت «لتنظيم سلطة الذكور». إذن مثل هذه الاجتهادات التى تنطبق على قراءة النصوص وقراءة القوانين والتشريعات وإدارة العلاقات الاجتماعية..
بإمكانها أن تعيد تشكيل العديد من الصور التقليدية التى اعتادها المجتمع.
وقد يكون هذا هو ما جمع مزن بصديقتها فاطمة، وأصدقائهما الشباب.. حين اتفقوا على نبذ مظاهر الرجعية فى المجتمع، إلا أن فاطمة إمام اختارت أن تركز على مدرسة محددة هى النسوية الإسلامية Islamic feminism التى ترى فيها نافذة تطل منها على الدين الإسلامى.
نسوية إسلامية
فى أثناء دراستها فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية لفتت انتباهها تلك الضغوط التقليدية على الفتاة المصرية وتمييز الشاب على البنت فى كثير من الحالات، كأن تظهر سمعة تربط بين العمل فى قطاع ما لخريجات كليتها والعنوسة، ورأت كيف أن الفتيات يشاركن بأنفسهن فى إحكام هذه الحلقة الخانقة حول أعناقهن، فرأت كيف استهجنت زميلاتها فكرة سفرها لاستكمال تعليمها فى الخارج.
وأمام هذه الملاحظات.. ومع الاطلاع على بعض الكتابات التى تحاول إعادة قراءة التاريخ والفقه.. توقفت فاطمة كفتاة متدينة أمام النسوية الإسلامية، واختارتها موضوعا لرسالتها من أجل الحصول على درجة الماجستير، إلا أن نفس هذا التيار وجد أيضا من يستهجنه من النسويات التقليديات كما تشرح فاطمة: «فى أحد المؤتمرات فوجئت بهجوم حاد من النسويات المتحررات وهو ما عبر عن وجهة نظر ربطت النسوية الإسلامية بالتيار الإسلامى، فى حين أن الإسلاميين التقليديين أنفسهم يرفضون النسوية من جذورها كفكرة، وأغفل الجميع أن النسوية ستفيد فى إعادة قراءة الفقه والشريعة وأحوال المجتمع، خاصة أننا الآن لا يمكن أن نقبل خطاب دينى لا يزال يعتبر السيدات سيئات على حد تعبير أحد شيوخ الفضائيات..!».
معتنقو النسوية الإسلامية حول العالم يرون فى السيدة عائشة، زوج الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، نموذجا للمرأة الواعية بحقوقها، فهى الفقيهة التى وقفت ضد بعض الآراء الدينية التى تحط من شأن المرأة، وهى التى قادت معركة «الجمل» كأى قائد فى المعركة، لتقدم نموذجا تاريخيا للتعايش بين الدين وإحساس المرأة بالمساواة مع الرجل.
وسواء كانت النسوية تقليدية أو إسلامية فكلاهما يحمل رؤية واحدة للعالم، وهو الذى جمع الصديقتين فاطمة ومزن منذ البداية ودفعهما إلى الاشتراك سويا فى تأسيس مؤسسة مهتمة بالدراسات النسوية، إلا أنهما يدركان الآن جيدا أن العمل فى مثل هذه المؤسسات لا يشترط على العاملين بها أن يكونوا من «الفيمينست».
فريال عادل باحثة فى مجال المرأة، تعمل فى نفس المحيط الذى تعمل فيه كل من مزن وفاطمة، رسالتها فى درجة الماجستير تحمل عنوان «المرأة فى خطاب الحياة اليومية» وتحتك يوميا بعشرات النساء بحكم دراستها التى فرضت عليها كما كبيرا من القراءات فى هذا المجال، لكن أول عبارة أكدت عليها بإصرار هى «أنا مش فيمينست»، وهو ما يعيد إلى الأذهان الصورة الأولى التى تحدثت عنها كل من مزن وفاطمة عن الوصم الذى تحمله هذه الكلمة أحيانا.
تعترف فريال أنها لا تستطيع إعلان هذا التصنيف عن نفسها لعدة أسباب، تقول «النسوية أعطتنى منظورا أدرك به كم التمييز الذى يقع على المرأة أحيانا وتشترك فيه المرأة بنفسها دون وعى.. وتأثرت ببعض الكتابات مثل كتابات الفرنسية سيمون دى بوفوار إحدى رائدات هذا الاتجاه فى العالم، لكنى لا أريد أن أصنف كنسوية، فأنا مكتفية بهذا الوعى الذى حصلت عليه من هذه القراءات».
تعرضت فريال للحديث عن نقطة حساسة تناولتها كل من فاطمة ومزن عن اتهامات المجتمع مؤيدات النسوية بأنهن خارجات على التقاليد، كما ترى أن وعى المرأة بكيانها لم ينتشر بين الطبقات البسيطة ومنحصر فى طبقة رقيقة من المجتمع.
تتفق الدكتورة هدى زكريا مع فريال عادل فى أن الوعى ما زال محصورا فى نخبة قليلة هى التى تدرك أن المرأة ما زالت نقطة ضعف المجتمع، لكن الغالبية لم يصلها هذا الوعى، وتستدرك بعدها «رغم كل هذا فبعض السيدات البسيطات غير المتعلمات لديهن وعى بحقوقهن وتقدير للذات بدرجة أكبر من بعض الأكاديميات..!».
الحديث مع مزن وفاطمة وفريال والدكتورة هدى قد يبدو للوهلة الأولى وكأنه مشتبك ضد بعضه لكن يجمعه خيط واحد هو «الفيمينزم» أو الرؤية النسوية التى ترفض ما ورثناه عن مكانة المرأة كتابع وعبء على الرجل، قد ترفض الدكتورة هدى نخبوية العمل النسوى وتجمعاته، وقد ترفض فريال أن توصف «بالفيمينست» خوفا من الصورة النمطية لهذه الكلمة.. لكن الصديقتين مزن وفاطمة قد اتفقتا مبكرا على إعلان هذا المنظور واضحا دون خشية، واشتركتا مع أصدقائهما فى تأسيس مركز للدراسات النسوية على أمل أن تكون هناك موجة شابة أكثر نضجا تزيل الصورة النمطية عن الذين اختاروا رؤية الحياة بعيون نسوية.
معارك مبكرة
ازداد وعى المرأة المصرية بأهمية نيل حقوقها منذ النصف الثانى من القرن التاسع عشر نتيجة الموجة الإصلاحية آنذاك، ثم ارتبط بعدها بحقبة النضال الوطنى فكانت معركة مزدوجة من أجل انتزاع حقوق المرأة فى زمن الاحتلال ومواجهة التقاليد التى تعوق مشاركة المرأة فى أنشطة الحياة.
وكانت كتابات قاسم أمين فى عامى 1899 و1900 من أهم الكتابات التى اتخذت حقوق المرأة محورا لها، ليبدأ الوعى النسوى فى الظهور وبرزت أسماء مهمة مثل هدى شعراوى التى قادت معارك مبكرة من أجل تخصيص قاعات لمحاضرات النساء فى الجامعة، والدعوة إلى رفع سن الزواج كما أسهمت فى تأسيس الاتحاد النسائى المصرى عام 1923، والتحقت الطالبات المصريات لأول مرة بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليا ) عام 1928، ثم حصلت المرأة المصرية على حق التصويت فى الانتخابات بعد ثورة يوليو وتحديدا فى عام 1956 كأول دولة عربية تعطى هذا الحق.
وفى مرحلة لاحقة ظهرت موجات فى الستينيات على المستوى العالمى تدعو إلى الفكر النسوى. (تعبر كلمة نسائى عن أى نشاط أو تجمع تشكله النساء، بينما تعبر كلمة نسوى عن رؤية قد يشترك فيها الرجل والمرأة تهدف إلى تأكيد فكرة المساواة والتعبير عن صوت المرأة).
وكان لدعوة الأمم المتحدة إلى العقد العالمى للمرأة من 1975 إلى 1985 تأثير كبير على صدور بعض القوانين، بينما ازداد عدد المنظمات النسوية فى مصر بصورة واضحة فى منتصف التسعينيات كنوع من الاستجابة للتوجه العالمى نحو تمكين المرأة وما شابه ذلك.
ويصعب تحديد أعداد المهتمين بالفكر النسوى لقلة الدراسات فى هذا المجال، خاصة أن العمل داخل جمعيات ومؤسسات المرأة أحيانا ما يكون من منطلق مهنى بحت وليس نتيجة اعتناق النسوية. أما عن أعداد الجمعيات والمنظمات التى تستهدف المرأة المصرية فيقدر المتخصصون عددها بين 200 إلى 250 جمعية أعلنت نفسها كجمعية أو منظمة نسائية، فى حين أن عدد الجمعيات الأهلية فى مصر قد اقترب من 25 ألف.
البعض ما زال يرى القرارات الأخيرة الخاصة بنصرة المرأة على أنها فوقية ولم تعبر عن تغيير فى تفكير المجتمع وقناعته، رغم إنشاء المجلس القومى للمرأة فى عام 2000 وصدور قرارات بتعيين أول امرأة قاضية فى يناير 2003، وتعيين الدكتورة هند حنفى مؤخرا كأول سيدة تتولى رئاسة جامعة حكومية مصرية، وتخصيص 64 مقعدا للمرأة فى مجلس الشعب، وهى المطالب التى دعت إليها بعض المنظمات النسوية.
قالوا:
«لا يولد الإنسان امرأة بل يصبح كذلك» سيمون دى بوفوار
«من تتنازل عن حقها لا تستحق أن تكون إنسانة» د. نوال السعداوى
«النسوية.. بضاعة فاسدة» د.هبة رءوف عزت
«قَدْ شَبَّهْتُمُونَا بِالْحَمِيرِ وَالْكِلاَبِ» السيدة عائشة أم المؤمنين
«وهل يسعد رجل لا يكون بجانبه امرأة يهبها حياته؟» قاسم أمين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.