يدخل العالم عام 2026 وهو يقف على أعتاب مرحلة جديدة فى مسار العلوم الطبية، حيث لم تعد الاكتشافات تقتصر على علاج الأعراض، بل باتت تستهدف جذور المرض نفسها، وبفضل التقدم المتسارع فى علم الجينات، والذكاء الاصطناعى، والتقنيات الحيوية، تتجه الرعاية الصحية نحو طب أكثر دقة، ووقاية أذكى، وعلاجات مصممة خصيصًا لكل مريض. ومع بداية العام بعد ساعات قليلة، نستعرض أبرز الاختراقات المتوقعة فى مجال العلوم والصحة، والتى قد تعيد رسم خريطة الطب كما نعرفه. أولًا: العلاج الجينى.. إصلاح الخلل من المصدر تشهد تقنيات العلاج الجينى تطورًا لافتًا، مع دخول أدوات تحرير الجينات مثل «كريسبر» مراحل أكثر تقدمًا من التجارب السريرية، وفى عام 2026، يُتوقع أن تتوسع استخدامات هذه العلاجات لتشمل أمراضًا وراثية معقدة كانت تُعد غير قابلة للعلاج، مثل بعض اضطرابات الدم، وأمراض العضلات، وحالات نادرة من العمى الوراثى. ولا يقتصر التحول على الجانب العلاجى فقط، بل يمتد إلى تقليل الآثار الجانبية، إذ تعمل الأبحاث على استهداف الخلايا المصابة بدقة عالية دون المساس بالخلايا السليمة، وهذا النهج قد يحول العلاج الجينى من استثناء طبى إلى خيار علاجى شائع خلال السنوات القليلة المقبلة. ثانيًا: الذكاء الاصطناعى فى التشخيص الطبى.. الطبيب الرقمى يواصل الذكاء الاصطناعى فرض حضوره فى غرف التشخيص، حيث بات قادرًا على تحليل الأشعة الطبية، ونتائج التحاليل، والسجلات الصحية بدقة تفوق فى بعض الأحيان التقديرات البشرية. وفى عام 2026، يُتوقع أن تعتمد المستشفيات بشكل أوسع على أنظمة ذكية تساعد الأطباء فى اكتشاف الأمراض فى مراحلها المبكرة. هذا التطور لا يعنى استبدال الطبيب، بل دعمه بأدوات قادرة على رصد أنماط خفية فى البيانات الطبية الضخمة، ما يسهم فى تقليل الأخطاء الطبية وتسريع اتخاذ القرار العلاجى، خاصة فى حالات السرطان وأمراض القلب والجهاز العصبى. ثالثًا: أعضاء بشرية مصنعة فى المختبر تقترب الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد من تحقيق اختراقات حاسمة فى مجال زراعة الأعضاء، فبحلول 2026، يتوقع الباحثون إحراز تقدم كبير فى تصنيع أنسجة وأعضاء وظيفية، مثل الكبد والجلد والغضاريف، باستخدام خلايا مأخوذة من المريض نفسه. هذا الإنجاز قد يُحدث ثورة فى قوائم انتظار زراعة الأعضاء، ويقلل من خطر رفض الجسم للعضو المزروع، كما يفتح الباب أمام اختبار الأدوية على أعضاء مصنعة معمليًا بدلًا من التجارب الحيوانية، ما يعزز دقة الأبحاث وسلامتها الأخلاقية. رابعًا: لقاحات الجيل الجديد.. حماية أوسع بجرعات أقل بعد الدروس التى فرضتها جائحة كوفيد-19، تتجه الأبحاث فى 2026 نحو تطوير لقاحات أكثر ذكاء ومرونة، وتشمل هذه اللقاحات منصات قادرة على توفير حماية ضد عدة أمراض فى حقنة واحدة، أو لقاحات يمكن تعديلها بسرعة لمواجهة طفرات فيروسية جديدة. كما يُتوقع أن تلعب تقنيات «الرنا مرسال» دورًا أكبر فى الوقاية من أمراض غير معدية، مثل بعض أنواع السرطان، عبر تدريب الجهاز المناعى على التعرف المبكر على الخلايا غير الطبيعية، ما يفتح أفقًا جديدًا للوقاية بدلًا من العلاج فقط. خامسًا: أبحاث الشيخوخة.. إطالة العمر الصحى لم يعد إطالة العمر هدفًا علميًا بحد ذاته، بل أصبح التركيز منصبًا على تحسين جودة الحياة مع التقدم فى السن، وفى عام 2026، تتقدم أبحاث الشيخوخة نحو تطوير أدوية تستهدف الخلايا الهرمة، التى يُعتقد أنها تلعب دورًا رئيسيًا فى أمراض الشيخوخة المزمنة. وتشير التوقعات إلى أن هذه الأبحاث قد تؤدى إلى علاجات تقلل من مخاطر أمراض مثل إلزهايمر، وهشاشة العظام، وأمراض القلب، ما يتيح للإنسان ليس فقط أن يعيش أطول، بل أن يعيش بصحة أفضل.